الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاقة الثقافي – السياسي

فيصل لعيبي صاحي

2007 / 2 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


هناك خطاب ثقافي جديد يعتمد على : -

1- مقولة النظام العالمي الجديد .
2- . الإنفتاح
وهو يحاول أن يوهمنا بعبارات عامة مثل : العالم قرية صغيرة ، موت الأيديولوجيا ،نهاية التأريخ ، صراع الحضارات ، وغيرها من الجمل الكبيرة ، حيث يغلب عليها الفهم الريكاردوي ( الكمي الثابت جوهرياً ) وليس المادي العلمي المتغير والتاريخي ، أي إلغاءالمفاهيم المعروفة مثل : التناقضات ، اللامساواة ، الإختلاف ، الآيديولوجيا ،، ليرغمنا على قبول مفاهيمه الخاصة ، انه يلغي الآيديولوجيات السابقة ليثبت آيديولوجيا النظام الجديد ، مع أن العالم قد شهد بروز آيديولوجيات ، كانت الى وقت ٍ قريب تعتبر من الدوارس ، مثل الطائفية والعنصريةالعرقية والقبليات أيضاً .
إنه خطاب آيديولوجيا السوق والتسليع والتشيؤ . وهو يفترض كوعي مزيف نهاية التاريخ وبمعنى آخر ، ثبات الفكر المثالي ونهاية الفكر المادي والعلمي .
هذا الوعي الذي يتسرب تدريجياً الى المثقفين والسياسيين، يعني ضمناً الإقرار بالقطب الواحد أو هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية على مقدرات العالم .
لقد كانت الثقافة الوطنية سابقاً مشاركة فعالة في النضال ضد الإستعمار ومن أجل التحرر والإستقلال ولها خصائص محلية وهي تمّيز بين التقدم والتبعية وهو ما جعلها قريبة من النضال السياسي الرفيع المستوى ، مما ساهم في خلق العلاقة الطبيعية بين ما هو ثقافي وما هو سياسي مع إستقلالية كل منهماعن الآخر ، فكان المجتمع حاضراً دائماً عند الطرفين .
لكن ثقافة الإنفتاح ، تطالبنا بالخضوع لمركز واحد وحيد وتزّيف المعنى الحقيقي للعالمية أو العولمة الإنسانية ،محولة التاريخ الى زمن ثابت محدد باللحظة الرأسمالية فقط . إنها ثقافة (النعجة دولي ) ، إذا أحسنا التعبير ، ثقافة الإستنساخ والأرباح والسيطرة ، حيث تنعدم مفاهيم مثل : التضامن ، الحرية ، المساواة بمعانيها العميقة .
في هذه الظروف أصبح حتى النضال خاضع " ٌ للشرعية الدولية " والتي تعني عمليا ًالخضوع لأمريكا ووفق مصالحها أيضاً .
فالمثقف الحالي عموماً أصبح في حاجة الى مرجعية وهو مثقف مرجعيات بالذات ، ويعتمد على جهة ، حزب ، دين ، قومية ، دولة ، عشيرة ، ثقافة الآخر الخ ..
نادراً ما نجد في مجتمعاتنا العربية ، المثقف المستقل والحر والعضوي في نفس الوقت ، إن المثقف عندنا هو (موظف – تابع ) ٌ، يوظف الثقافة لجهة ما أو مرجعية ما وبهذا فهو يتنازل طوعاً على الأغلب عن الثقافة لصالح سلطةٍ ما ،وتتحول الثقافة هنا الى وعيٍ زائف وأداة غير مباشرة لتلك السلطة ٍ.
منذ الستينات بات على المثقف أن يثبت ولاءه للسلطة وصار الولاء قيمة معرفية ودليلاً على الوطنية والإخلاص وعكسه نجد تهمة الخيانة والعمالة للأجنبي وإذا أضفنا السلطة الدينية كسلطة إضافية أو مرجعية أخرى فإن الكفر والألحاد هو من نصيب المارقين طبعاً.
يأتي بعد إرهاب الدولة العربية المنفلت وعادات التخلف والجمود والأنغلاق ، إرهاب سلطة المال كشكل ٍ مستتر ضد الثقافة والمثقفين ، ومنذ الستينات أيضاً لاحظنا جميعا ًكيف أصبح شراء المثقف من خلال التوظيف في المؤسسات الإعلامية البترولية قد قيد تحركه وأغلق فمه بسبب إعتماده في رزقه على مثل هذه المؤسسات ، مثال العراق في عهد صدام وليبيا حاليا ٍوغيرهما ومعظم دول الخليج التي تنعدم فيها حرية الرأي والتعبير عنه
إن ثقافة البترودولار ، حقيقة موضوعية لاتحتاج الى براهين لمعرفتها ،إذ أصبح المثقف العربي في هذه الأماكن عبارة عن كاتب ,غير قادر على قول الحقيقة بعد أن طوحت به انظمته القمعية وأرعبته وأقدمت حتى على إغتياله وتعذيبه ورميه في معتقلاتها الوحشية ومرغت كرامته بالوحل وقضت على على ذاته المستقلة وجوهرها الإنساني - التقدمي والتنويري .
ولكي ينهض المثقف والسياسي من هذا المستنقع ، أي نهوض الثقافة والسياسة معاً من إنحطاطهما على أسس جديدة ،أجد أن طرح بعض المقترحات ذات فائدة هنا مثل : -
1- محاربة الهزيمة بمعناها العام ( ثقافياً ، سياسياً ) وذلك بجعل الثقافة قادرة على إستخدام أدواتها الخاصة بها وشروطها المميزة لها ، أي فصلها عن السلطة ( أي سلطة ) وعدم حصرها بتكنوقرطيي الثقافة فقط ،أو عزلها عن محيطها التي تتنفس منه أي المجتمع .
2- مواجهة التخلف العام يتطلب منا مواجهة تخلفنا الخاص بالدرجة الأولى .
3- محاربة ثقافة السوق بمعناها اللاإنساني ، يفرض علينا أيضاً محاربة الثقافة الظلامية القادمة لنا من كهوف الماضي السحيق ، لأن الموقف المعرفي لايقبل التقسيم
4- لامعنى للثقافة إذا لم تملك مشروعها الخاص ، الذي ينتمي الى مجتمعها ويحمل في نفس الوقت نقداً جذريا ًلمعوقات التقدم والتجديد ،وهي ثقافة ناقدة للسياسة والأخلاق والتقاليد البائدة والمتخلفة والمعادية لما هو إنساني ، إن الثقافة من هذا المنظور تعني مرجع المرجعيات جميعها ، وهو الموقع الحقيقي لكل ثقافة ٍ أصيلة
5- الإبتعاد عن الفكر الوثوقي والحتمي بمعناه الرياضي والأنتباه الى ثقافة الدحض أو النفي والنظر الى مبدأ الإحتمال كمبدأ هام من مباديء النظرة الجديدة للثقافة والتقدم البشري أو الإرتداد ربما ، والتخلص من الشعارات والأماني البعيدة عن الواقع المعاش ووضع أفكار قابلة للتطبيق .
6- ممارسة الثقافة والسياسة ممارسة نظرية وعملية معاً، وجعل الثقافة والسياسة كنشاط مدني وحضاري يتميز بالإبداع , أي النظر الى الثقافة كنشاط سياسي والنظر للسياسة كنشاط ثقافي ، بسبب من حاجةالأثنين لبعضهما لأن الثقافة في حاجة الى الحرية كما أن السياسة في حاجة الى ما هو جديد في عالم المعرفة و موقف واعي من الأحداث
7- أن الدولة العربية الحديثة لدينا هي التي خلقت المجتمع وهي دولة شمولية مهيمنة على مقدرات المجتمع وبالتالي فهي في غنى عنه ، حيث المجتمع عالة على الدولة، وعلينا كمثقفين إعادة العلاقة الى شكلها الطبيعي أي جعل الدولة خاضعة للمجتمع ومسيرة من قبله، وإعادة مقدرات البلاد الى المجتمع نفسه ، بحيث يصبح قادراً على تحديد شكل الدولة وطبيعتها أيضاً .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو