الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراقيون يعولون على نجاح العملية السياسية

ماجد لفته العبيدي

2007 / 2 / 19
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


شهدت الأيام القليلة الماضية نقاشات وحوارات وكتابات وتحقيقات صحفية ,تم تناولها عبر مختلف وسائل الأعلام العراقية والعربية والعالمية , من قبل الأوساط السياسية والشعبية ومنظمات المجتمع المدني في داخل الاروقه الخاصة والأماكن العامة , حول الخطة الأمنية الجديدة [ فرض القانون] ومدى أهميتها وتأثيرها للحد من الإرهاب والفوضى والفساد والانتهاكات الفضة لسيادة القانون في ظل الاحتلال الأمريكي _ البريطاني ,وتصاعد موجة الإرهاب والعنف ومواصلة الحكومة العراقية عجزها عن لجم المليشيات المنفلتة, وعدم قيامها بحزمة من الإجراءات على الصعيد السياسي والاجتماعي والاقتصادي لتخفيف من حدة ألازمة العراقية الشاملة .
وتحدث الكثيرون من المشاركين في الحكومة عن أهمية هذه الخطة الأمنية وإمكانيتها في تحقيق الكثير من الإنجازات التي عجزت عنها الخطط السابقة , واعتبرها البعض ورقة الرهان الأخيرة لحكومة المالكي للخروج من مأزق الحرب الأهلية الطائفية الغير معلنة , فيما عول الرئيس بوش وأدارته عليها للخروج من دائرة الفشل المريع , ولعبورهم إلى ضفة النجاة من المستنقع العراقي , كما اعتبرتها الإدارة الأمريكية المقدمة الصحيحة لإستراتجيتها الجديدة .
وأظهرت القوى السياسية العراقية العديد من ردود الأفعال مختلفة حول هذه الخطة الأمنية , فقد أبدى التيار الصدري وجماعة العلماء المسلمين والجماعات المسلحة والبعثين الصدامين والجماعات الإرهابية التكفيرية , شكوكهم بقدرة الخطة الأمنية الجديدة على إيجاد الحلول لقضية العنف والإرهاب والمليشيات , من دون جدولة انسحاب القوات المحتلة ورحيل المحتلين والبدا من نقطة( الصفر) عبر إلغاء العملية السياسية السابقة برمتها , وقد كانت مواقف ورؤى هذه القوى مختلفة ومتناقضة في التوجهات والمصالح ولكنها متطابقة في تأكيد فشل الخطة الأمنية واستمرار العنف وتهميش دور القانون والدولة , واستخدام قضية رحيل القوات المحتلة العادلة , شماعة لممارسة مساعيهم ونشاطاتهم للإعادة إنتاج الدكتاتورية وقيام نظام استبدادي جديد لا تختلف فيه الممارسات , بل المسميات التي يطلقونها على إشكال أنظمتهم الموعودة [ ولاية فقيه , إمارة إسلامية , دولة وطنية علمانية , دولة قومية ....ألخ ] فهذا ليس هو المهم , بقدر ماهو المهم ممارساتهم العملية على ارض الواقع , حيث التكفير والقتل على الهوية والتهجير وتدمير البنى التحتية وتبديد ثروات العراق ,والذي يتنافى مع ما تدعيه هذه القوى من الجهاد لا اجل استرجاع السيادة والاستقلال ورحيل المحتل وتحقيق العدالة الاجتماعية والوحدة الوطنية .
فقد اصبحت هذه القوى وغيرها مكشوفة بممارساتها المنافية للقوانين والأعراف , ولا يحتاج المواطن العراقي الى الأدلة والبراهين على أثبات تورطها في العنف الطائفي والإرهاب المنظم , وتأكيد ارتهانها للمخططات الإقليمية على حساب المصالح الوطنية , وقائمة جرائم هولاء بحق العراق تطول إذا فتحت ملفات الفساد الاجتماعي والاقتصادي والسياسي التي جرى أحاطتها بهالة مقدسة , لحماية المجرمين والقتلة وتبرير جرائمهم .
فيما ترواحت مواقف القوى الأخرى المشاركة في العملية السياسية بين الدعم لهذه الخطة والتوجس من بعض الإجراءات التي سبقتها وأعقبتها , وشدد البعض الأخر على عدم حصر هذه الخطة في الإطار الأمني وإعطائها بعدها الحقيقي السياسي والاجتماعي والاقتصادي , مع تنشيط عملية المصالحة الوطنية بكافة إبعادها لكي تكون عامل مساعد لتحقيق أهداف هذه الخطة الأمنية التي تعول عليها الحكومة كثيرا في التصدي للعنف والفساد والإرهاب , واستمرار العملية السياسية السلمية .
قد تشكل الخطة الأمنية بتفاصيلها خطوة جدية لمواجهة الإرهاب والعنف الطائفي والفساد والجريمة المنظمة , ولكنها لن تكون البديل عن العملية السياسية السلمية التي يعول عليها العراقيين من خلال تطوير عملية المصالحة الوطنية وتحسين أداء الحكومة وتخليصها من المحاصصة الطائفية والقومية والعمل عل تفعيل برنامج إعادة الأعمار , وحل المليشيات وإعادة المهجرين والمهاجرين إلى ديارهم ,حيث تظهر معلومات الأمم المتحدة ان 1.7 مليون عراقي قد نزحوا إلى مناطق مختلفة داخل البلاد،و نحو 500000 عراقي منهم تقريباً نزحوا منذ فبراير 2006، في وقت يفر فيه ما بين 40000 و50000 عراقي إضافي من ديارهم كل شهر, ويقدر عدد اللاجئين منذ سقوط الصنم بأكثر من 3 ملاين عراقي ,حيث تظهر هذه الأرقام عمق المأساة الاجتماعية والإنسانية والوطنية التي يتطلب وضع لها مخططات وبرامج حكومية لتجاوز أثارها وتعزيز اللحمة الاجتماعية العراقية .
إن العراقيين ينتظرون من حكومة المالكي القيام بحزمة من الإجراءات السياسية الاقتصادية والاجتماعية لتخفيف الأعباء الثقيلة عن كاهل الطبقات الاجتماعية المسحوقة التي تشكل البطالة في أوساطها اكثر من 57% , في الوقت الذي يتعاضم فيه نفوذ صندوق النقد الدولي أكثر فأكثر , ويزداد تدخله المباشر في رسم السياسية الاقتصادية العراقية الجديدة التي بانت بعض ملامحها من خلال المناقشات التي دارت في أروقة مجلس النواب العراقي ,حول ميزانية 2007 , والقوانين الأخرى التي يزعم البت بها ومناقشتها , والمتعلقة في قوانين الاستثمارالاجنبي وتسريع الخصخصة ,وقانون الاستثمار النفطي , التي تشكل بمجملها بالإضافة إلى القوانين والاجراءت الاقتصادية السابقة , السبب الرئيسي للارتفاع معدلات التضخم الاقتصادي .
إن هذه التشريعات الاقتصادية التي يجري دراستها والمصادقة عليها بعجالة مبالغ فيها ,هي التي ساهمت في توجيه ضربة قوية للصناعات الوطنية والمشاريع الاقتصادية , وشجعت الفوضى الاقتصادية العارمة وضاعفت من النشاطات الطفيلية على حساب القطاعات الشعبية والواسعة التي تعاني الفقر والعوز المادي .
ان هذه الأوضاع وما سوف يحدث في المستقبل القريب من تطورات جديدة تتعلق في رفع الدعم عن المحروقات والإلغاء الجزئي للبطاقة التموينية( تقليص محتويات البطاقة التموينية ), وتعويم العملة وفتح الأبواب على مصراعيها للاستثمارات الأجنبية والاحتكارات الوحشية, واستمرار الإصرار على بقاء القوات المحتلة دون جدولة واستمرار ضعف الدولة وقواتها المسلحة , وغيرها من الإشكالات المتعلقة في توزيع الثروات وتنظيم علاقات الحكومة المركزية بالإطراف بصورة عادلة , هو ما ينشده العراقيين وهو الأساس لنجاح العملية السياسية التي تشكل الخطة الأمنية جزء منها , هذا ما يعول عليه العراقيين وسوف لا يبخلون جهدا لتحقيقه من اجل استعادة حريتهم واستقلالهم وسيادتهم وسيطرتهم على ثرواتهم الاجتماعية والطبيعية واستثمارها بشكل عادل من قبل جميع العراقيين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب: ما الغاية من زيارة مساعدة وزير الدفاع الأمريكي تزامن


.. روسيا تنفي ما تردّد عن وجود طائرات مقاتلة روسية بمطار جربة ا




.. موريتانيا: 7 مرشحين يتنافسون في الرئاسيات والمجلس الدستوري ي


.. قلق أمريكي إيطالي من هبوط طائرات عسكرية روسية في جربة التونس




.. وفاة إبراهيم رئيسي تطلق العنان لنظريات المؤامرة • فرانس 24 /