الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فرق تكسر الصورة النمطية عن أطفال الحجارة ... الراب الفلسطيني ضد الاحتلال والمخدرات

وليد ياسين

2007 / 2 / 20
الادب والفن


ترتبط الاغنية الفلسطينية إلى حد بعيد بالهم الوطني الجماعي للشعب المكافح من أجل تحرره، لكنها ليست متخلفة عن الركب الموسيقي بكل مكوناته. وعلى مدار سنوات طويلة كانت الاغنية الفلسطينية لحناً يساند الثورة وصوتاً يعكس هموم الناس وأوجاعهم. حتى عندما يغني الفلسطيني للحبيبة يغني ايضاً للأم والأرض والشجر والعصافير والبحر.

وشهدت فلسطين شتى الالوان الموسيقية التي عرفها العالم، فهناك الأغاني الشعبية المنوعة في مضامينها وأشكالها الفنية، كالعتابا والميجانا والشروقيات والزجل والتهاليل، وهناك اغاني الحب والافراح والعمل والأطفال، وهناك الاغاني السياسية الملتزمة. ومن جيل إلى جيل يتوارث الفلسطينيون اغانيهم وموسيقاهم، خصوصاً الشعبي منها، فيحافظ بعضهم على المضمون واللحن، فيما يجدد البعض الآخر ويطور، بحسب الظروف. وشهدت الأراضي الفلسطينية في العقود الثلاثة الأخيرة نهضة غنائية تمثلت بظهور عشرات المغنين والملحنين والفرق الفنية التي كانت بغالبيتها ملتزمة الخط الوطني، نذكر منهم، على سبيل المثال لا الحصر فرقة «يعاد» من بلدة الرامة التي ظهرت في الثمانينات من القرن الماضي وسارت على خطى فرقة «العاشقين»، وفرقة «صابرين» التي جمعت في صفوفها شباناً من أراضي 1948 والاراضي المحتلة عام 1967، وفرقة «سرية رام الله» التي امتازت بالجمع بين الاغنية والرقص الشعبي، وأمل مرقس التي امتازت بأداء أغاني فيروز ومن ثم اغانيها الخاصة ذات النكهة الرحبانية، وريم بنا التي امتازت في شكل خاص بالتهاليل والاغاني الشعبية. وكانت هناك، أيضاً، فرق الغناء الخاصة باحياء حفلات الأعراس، لكن هذه الفرق أدت اغاني المطربين والمغنين العرب بقديمهم وحديثهم، ولم تضف إلى اللحن الفلسطيني أي جديد. ومع انتشار ظاهرة الـ «دي.جي»، الأقل تكلفة، خفت نجم الكثير من هذه الفرق، فاختفى بعضها عن الساحة، وبقي البعض الآخر يظهر بين الحين والآخر، خصوصاً في مواسم الأفراح وحفلات رأس السنة.

والمتتبع لمسيرة الأغنية الفلسطينية، يجد أن الشباب الفلسطيني يواكب آخر صرعات الموسيقى ويطوعها في خدمة هموم شعبه وآلامه. وآخر هذه الصرعات التي انتشرت في العقد الأخير، تمثلت بظهور عشرات فرق الراب. ولدت موسيقى الراب من رحم الغضب في حي برونكس في مدينة نيويورك، عام 1974، وكانت إلى ما قبل قرابة عشر سنوات مجهولة أو مستهجنة بالنسبة إلى الشباب الفلسطيني، ربما لما يرافقها من صخب موسيقي لم يعتد شباب فلسطين سماعه.

ويقول مغني الراب الفلسطيني تامر النفار، الذي يعتبر اول من شكل فرقة لهذا اللون الغنائي في منطقة 1948، وتحديداً في مدينة اللد، انه كان يكره موسيقى «الهب هوب» لكنه عندما سمعها شعر بأنها تحكي عن مدينته اللد التي تحولت إلى احياء معزولة تعجّ بالفقر وتجار المخدرات. فرقة DAM التي يقودها تامر تأسست عام 1998، وتسعى إلى التعبير عن الكثير من القضايا التي يواجهها الشباب الفلسطيني، وتعكس في كثير من اغانيها الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي والوضع الاجتماعي الذي يعيشه الفلسطينيون داخل منطقتي 1948 و 1967.

وتعتبر أغنية «مين الإرهابي» بمثابة الصرخة التي اطلقها هذا الثلاثي باسم كل الشعوب العربية التي تتعرض للارهاب المنظم وتُتهم هي به. ويمكن القول ان هذه الاغنية لا تجسد معاناة الفلسطينيين في منطقة 1948 والضفة الغربية وقطاع غزة فحسب، بل تعتبر سوطاً يرفع في وجه الجلاد الاميركي - الاسرائيلي. ومن كلماتها: «مين ارهابي؟! مين ارهابي؟! كيف ارهابي وأنا عايش في بلادي؟؟!! مين ارهابي؟! انت ارهابي! ماكلني وانا عايش في بلادي، قاتلني زي ما قتلت جدادي. أتجه للقانون؟! عالفاضي، مانت ياعدو بتلعب دور الشاهد المحامي والقاضي، علي قاضي بنهايتي بادي»!

وقدمت فرقة «DAM» عشرات الحفلات في فلسطين وأوروبا والولايات المتحدة، وأنتجت البومات عدة، كان اولها عام 1998 بعنوان «أوقفوا بيع المخدرات»، ثم البوم «مين ارهابي» عام 2001 والبوم «ولدت هنا» العام 2004 و»اهداء» في 2006، وهو اول البوم يصدر للفرقة من جانب شركة دولية هي EMI ومن انتاج شركة «ريد سيركل» البريطانية. قررت مؤسسة عبدالمحسن القطَّان أخيراً، تكريم فرقة DAM عن البومها «اهداء» بمنحها «جائزة القطَّان التقديرية لعمل ثقافي مميز»، وذلك «تقديراً لما يمثله هذا الألبوم من ريادة فنية على الساحة الموسيقية الفلسطينية ولقدرته على التجاوب مع هموم الشباب الفلسطيني بطريقة خلاقة، وبأسلوب تعبر فيه الفرقة بأصالة عن مضامين اجتماعية وسياسية جريئة وملتصقة بهموم الشباب العربي».

مع انتشار أغاني فرقة DAM، ظهرت على الساحة الفلسطينية فرق راب أخرى، في عكا والقدس والناصرة وجنين ورام الله وغزة وشفاعمرو وسخنين وكفر ياسيف وحيفا وغيرها.

ومن هذه الفرق فرقة G-Town وفرقة MWR و «صباياز»، و «طعم الالم»، و «FreeDoms» و «شخصية» و «الجيش الأسود» والـ «S.B.R» و D.R و «دز ستريك» و «اولاد بلدنا» و «ويذ أوت مـاسك» و P. R. Palestinian Rappers ، و «عربيات»، وفرقة «إر إف إم» التي فازت بجائزة مونت كارلو الشرق الأوسط للموسيقى عام 2006. وهناك الكثير من المغنين المنفردين الذين ظهروا على الساحة أخيراً أمثال DoMaN، ملحم شامي، حسن الشيخ يحيى وغيرهم.

ويمكن القول ان الشبان الفلسطينيين أجادوا جيداً لعبة الراب والغضب الكامن في موسيقاها وولجوا عالمها من أوسع أبوابه. وربما كانت اغنية «الراب سلاحنا» لفرقة P.R التي انطلقت من داخل مدينة غزة المحاصرة، خير ما يعبر عن نجاح الشبان الفلسطينيين بتحويل هذا الفن إلى سلاح آخر، في معركة طويلة ومتواصلة نحو الحرية. يقول مطلع الاغنية: «قاومنا قاومنا واخترنا الراب سلاحنا، الم حاضر مستقبل حامل بكفه كلامنا، ليوصل لأمتنا العربية كمان يجمعنا، كله بيوقف لما يسمع الإحساس من قلوبنا نزعنا». وفي مقطع آخر: «عاصفة نازفة رجال أسود عطاءٌ ولاءٌ كفاح بلا حدود، بالراب العربي جاي أمحي صراع موجود».

لقد استخدمت هذه الفرق بغالبيتها، اسماء أجنبية، بعضها غريب عن المجتمع الفلسطيني، لكنها قدمت اغاني تعكس في كثير من كلماتها اسلوباً ربما يبدو مغايراً لأسلوب الاغاني الثورية الفلسطينية المعهودة، فتعبر، بقالب نثري وسردي، عن هموم الفلسطيني وتطلعاته ايما تعبير، بل انها اجادت استخدام سلاح لا يقل تأثيراً عن حجارة اطفال الانتفاضة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-


.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر




.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب


.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند




.. فيديو يُظهر اعتداء مغني الراب شون كومز جسديًا على صديقته في