الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صابرين بين الحقيقة والتضليل

فرات المحسن

2007 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


تظهر قضية اغتصاب صابرين الجنابي بشكل جلي حقيقة فقدان الثقة بالكامل ليس بين من يشاركون في العملية السياسية من الأحزاب والقوى السياسية من مختلف الاتجاهات وإنما أيضا بين الحكومة والشعب المبتلى بتلك السياسات العمياء الحمقاء وذاك الصراع المتمترس والمبيت الذي جعل العملية السياسية تبدوا كثوب مهلهل مرقع لا تستطيع قوى الاحتلال ومعها ما يسمى حكومة التوافق تغطية ثقوبه وسد عورات الجسد الفاضحة.
تضاربت الأنباء والتصريحات حول قضية الاغتصاب للسيدة صابرين الجنابي أو زينب عباس الجميلي حسب تصريح الناطق الرسمي للحملة الأمنية.وأوضح بيان الجهات الحكومية التي عرفت السيدة صابرين كونها مطلوبة سابقا حول قضايا جنائية وقد قبض عليها في أوضاع مشبوهة تدلل على علاقتها بالإرهاب، وأن ادعاءها بالحادث كان ضمن عملية سياسية أريد منها الطعن والتشويش على القضية الساخنة اليوم في الشارع العراقي وهي (خطة أمن بغداد) أو التسمية الأخرى (عملية فرض القانون). في حين سارعت أطراف من جبهة التوافق والحزب الإسلامي وهيئة علماء المسلمين بإصدار بيانات تؤكد الواقعة وتتهم الحكومة بالتضليل.وأكدت الأوساط الأخيرة على أن الفحص الطبي للسيدة صابرين من قبل الأطباء الأمريكان أثبت واقعة الاغتصاب،مما دفع حكومة المالكي لعرض تقرير طبي باللغة الإنكليزية صادر عن جهات طبية في مستشفى أبن سينا، أشرفت على فحص المجني عليها ينفي ذلك الادعاء بشكل قاطع.إذ يؤكد التقرير عدم حصول الواقعة وعدم تعرض مهبل السيدة صابرين لأي نوع من المواقعة والمخاشنة.
في هذه المسالة لم تكن إجراءات السلطة بقدر ما تذهب أليه وتسعى من أجله محاور الصراع السياسي التي دفعت بعملية الاغتصاب الى الواجهة الإعلامية للطعن بأداء السلطة وإثبات مقدار الإيذاء الذي يطال المواطنين من قبل رجالها الممثلين برجال الجيش والحرس والوطني.
البيانات والتصريحات على سرعتها ومن قبل جميع الأطراف المناهضة والمؤيدة شكلت عامل تمويه لا بل سببت اضطراب شديد لدى المواطن العراقي وسارعت شخصيات وأطراف عديدة للتشيع بين طرفي الخصومة وتوجيه أقسى وأقذع الشتائم لبعضهم البعض عبر محاولات لتحليل الواقعة وتوجيه الاتهامات والطعون لهذا الطرف أو ذاك، دون أن يجد المحايد ملمسا أو ملمحا قانونيا يسد الثغرات الحاصلة في الواقعة، ولا يستطيع الوقوف على نوع من الوعي القانوني الذي ممكن أن يحل مثل هذه الطلاسم وإنما راح الجميع يدفع لرفع درجة الضبابية لتبدوا في نهاية الأمر شكل من أشكال لعبة حدائق الحلزونات أو الستغماية.وصمت الجانب الأمريكي الذي أدعت الحكومة مشاركته في الفحص الطبي زاد من نوعية الشكوك والاعتراضات وكذلك يمكن التشكيك بسهولة حول ما جاء بالتقرير الصادر عن مستشفى ابن سينا لو عرفنا الإجراءات المتبعة فيه وخضوع بعض الأطباء لضغط المحاصصات السياسية.
حادثة صابرين الجنابي ليست الأولى التي تؤشر بشكل جلي على أن هناك نوايا مبيته بأغراض سياسية باتت تمثل لملمة لأوراق تقدم للمكاشفة على طاولة المحاصصة والعداء المستديم.فقبلها حادث معتقل الجادرية ومقتل السيد باقر الحكيم والصحفية أطياف بهجت وتفجير مرقدي أئمة الشيعة في سامراء وغيرها الكثير من الطلاسم التي يبدوا أنها سوف تكون أحجية في تأريخ العراق تختفي مع كثرة الأهوال القادمة.
على السيد المالكي الذي كرم رجال شرطته ودفعهم لإقامة الدعوى ضد السيدة صابرين ومن شاركها الترويج لتلك الحادثة وبعد أن حصل على المعلومة التي أكدت عدم ضلوعهم أو اقترافهم جريمة الاغتصاب أن يتوقف بشكل جدي لتقييم الحدث قبل أن يتخذ أي إجراء وأن يتأمل موقعه السياسي والسلطوي. وقبل هذا وذاك يتوقف وبالتحديد عند قدراته على التنفيذ.فالعملية تحتاج منه أن يثبت أن قواه الأمنية ورجال شرطته قد ((قد ثوبها من قبل أم قد من دبر )) وهذه بدورها لا تستدعي غير العمل وفق الدستور الذي شاركت يداه وحزبه بصياغته وأيضا أن يصحح ويؤكد ادعاءاته عن قانون مكافحة الإرهاب وكيفية تطبيقه.
فالإجراءات القانونية هي الباب الواسع والمطمئن لجميع المشككين والساعين أيضا للوصول الى الحقيقة.وأعتقد أن إجراءات السيد المالكي كانت وما زالت ضعيفة لا بل تبدوا في حكم العدم.التهمة الموجهة من خصوم المالكي واضحة وضوح الشمس وصريحة الغايات والأهداف مثلما هي التصريحات التي نطقت بها السيدة صابرين.أما ما قامت به سلطة السيد المالكي فهي أساليب قانونية ضعيفة لا بل شحيحة وتساعد الآخرين على الطعن بها فهي تشكل وجه نظر حكومية للحدث دون أن نجد ما يقدم الدليل المحايد والقانوني للواقعة.
على السيد المالكي أن يستغل الحادثة أن كانت ادعاءاته صائبة وعلى جانب كبير من الصدق.وأن يبني عليها قواعد واستحكامات تساعد على تسيد لغة القانون وأعراف الديمقراطية وأن يقدم للناس ما يساعدهم للوصول الى الحقيقة وليس هذا وحده هو الغاية النهائية وإنما الأهم أن تكون هذه الواقعة في سلبها أو إيجابها نقطة تحول في السلوك العام والخاص وتقدم الإسناد الفعلي لخطته الأمنية أن أراد لها النجاح.فعرض الحقائق بشفافية والمكاشفة قانونيا تشكل نقطة الحسم في هذه القضية وغيرها.ولازال عرض القضية وتوضيحها من قبل سلطة السيد المالكي لا يعني الوجه أو المنحى الكافي لسد الثغرات أو نهاية للقضية دون أن يأخذ الأمر أبعاده القانونية بإجراءات كفيلة أن تردع الكثيرين وتعطي المصداقية للطرف الذي يملك الحقيقة والحقيقة وحدها ويعرضها دون تمويه وادعاءات.
هذه الحادثة بحد ذاتها يجب أن تكون اختبارا فعليا لسلطة السيد المالكي وجزء من مهمات البرلمان الطارئة.لذا على السيد المالكي إصدار أمر سريع بالتحفظ على رجال الشرطة المشتبه بهم بالقيام بمثل هذا العمل وأيضا عليه أن يتحفظ أيضا على السيدة صابرين ويعرضها على لجان طبية عديدة من عراقية وأمريكية وأيضا محايدة.وفي مثل هذا العمل على السيد المالكي ورجال سلطته جمع الوثائق والأدلة التي قدمها خصومه وتوثيق تصريحاتهم بالصوت والصورة والأوراق الثبوتية وعليه أن يعرض تلك الوثائق ضمن شكوى قانونية من قبله تقدم الى المحاكم للفصل بها وأن لا يقتصر الأمر على تقديم الشكوى من قبل رجال الشرطة الذين وجه لهم الاتهام. وعلى السيد المالكي نقل القضية الى البرلمان لجعلها قضية فاصلة بين القوى المتخاصمة داخل البرلمان الذي تتنازعه تصريحات وحقائق وأكاذيب وتلفيقات أبطالها كتل برلمانية لا تحيد عن مطامع ورغبات طائفتها وقوميتها بالقدر الذي تهمل به وتزدريه من حال مؤلم وانطفاء وانكفاء لوطن أسمه العراق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ويكيليكس يعلن أن جوليان أسانج -حر- وغادر بريطانيا بعد إبرامه


.. الاتحاد الأوروبي يوافق على فرض عقوبات جديدة على روسيا بسبب ا




.. عاجل|10 شهداء بينهم شقيقة رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل


.. اللواء فايز الدويري: إذا توفرت أعداد من سلاح القسام الجديد ف




.. العربية تحصل على فيديو حصري لمحاولة قتل طفلة برميها في مياه