الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إتفاق مكة -صفقة تقسيم الغنائم-

سلامة كيلة

2007 / 2 / 22
القضية الفلسطينية


لم يكن لحركة حماس أن تخرج عن تأثير الموقف السعودي ، ولهذا تقدمت خطوة مهمة في سياق التكيف مع "منطق التسوية" وبالتالي الاتفاقات التي وقعتها قيادة حركة فتح، سواء باسم منظمة التحرير الفلسطينية، أو باسم السلطة الفلسطينية .


لقد كانت المشكلة "الهائلة" هي إيراد تعبير الالتزام في الاتفاقات الموقعة وبقرارات الشرعية الدولية، أو احترام هذه الاتفاقات والقرارات . وهي المشكلة التي عقدت التوصل إلى تشكيل "حكومة الوحدة الوطنية" لأشهر، وفتحت أفق الاقتتال ، الذي أودى بعشرات الأشخاص الأعضاء في كل من حركة فتح وحماس ، وبعدد من المواطنين.


ولهذا أتى نص الاتفاق ،ليقول بالالتزام بالمبادرات العربية وقرارات مؤتمر القمة، واحترام الاتفاقات الموقعة بين السلطة والدولة الصهيونية ، وكذلك قرارات الأمم المتحدة . لتقول حركة حماس أنها لم تلتزم بتلك الاتفاقات بل هي تحترمها فقط، متجاهلة، أو ملقية بظلال من التعمية، على أن المبادرة العربية وقرارات دورات القمم العربية كلها أكدت على الالتزام بقرارات الشرعية الدولية ، ودعمت اتفاقات السلطة الفلسطينية(الفتحاوية) مع الدولة الصهيونية. وحماس هنا تلتزم بالاتفاقات لكن بشكل مموّه ، لان الاعتقاد هنا بأن الشعب نسي ما ورد في المبادرة العربية (السعودية الأصل) ، وفي قرارات مؤتمرات القمم العربية، وبالتالي فحماس تلتزم بكل ذلك.


لكن، ما الفرق بين الاحترام والالتزام؟ المسألة هنا ليست ذات بعد شخصي يجعل الاحترام غير الالتزام، بمعنى أن احترام الرأي لا يعني الالتزام به، ففي السياسة ، وفي عمل الحكومات، يعني احترام الاتفاقات الموقعة مع بلدان أخرى، التزام تنفيذها. وبالتالي حين يشتمل برنامج الحكومة، أو خطاب التكليف تعبير احترام الاتفاقات، يكون على الحكومة التزام تنفيذها. واتفاق مكة الذي سوف يكون أساس تشكيل الحكومة،وبرنامجها، يتضمن التزام تنفيذ الاتفاق بشكل ملتوٍ كما أوضحت،واحترام تنفيذها،أي التزام تنفيذها.


حركة حماس إذاًُ عادت لتتكيف مع اتفاق أوسلو، من أجل أن تستمر في رئاسة الحكومة. وهي هنا تسير بخطوات أسرع من تلك التي سارت بها حركة فتح حينما انقلبت من حركة تسعى لتحرير فلسطين، إلى حركة تسعى للاعتراف بالدولة الصهيونية من أجل الحصول على"دولة مستقلة" في الضفة الغربية وقطاع غزة، ومن ثم من أجل سلطة إدارة مدنية. حيث أن حركة حماس قفزت إلى قبول سلطة الادارة المدنية مباشرة ، تحت وهم أنها تؤدي إلى دولة مستقلة.


إذاً، المصالح، والقيمة الرمزية لاستلام حركة حماس "السلطة" (أي الحكومة) لدعم الاسلمة، وإعطاء "نموذج" للبلدان العربية الأخرى، هما اللذان يقودان حركة حماس لتقديم التنازلات الوطنية، وإلى "تفليش" الصورة التي رسمتها لذاتها طيلة السنوات الماضية، صورة القوة المعنية بتحرير كل فلسطين عبر المقاومة. وهو ما يجعلها تتقارب مع حركة فتح،وتسعى للوصول إلى "صفقة" تعبرّ عن تقاسم المصالح.


وبالتالي فإن حركة حماس تغذ الخطى نحو التكيف مع اتفاقات أوسلو، رغم أن المطلب الصهيوني الأمريكي هو التنازل أكثر من ذلك، عبر خارطة الطريق (أي تجريد المقاومة من السلاح قبل بدء المفاوضات مع الطرف الصهيوني ) ، وصولاً لقبول "خطة الفصل الأحادي"، التي تفرض الاستيلاء على 60% من الضفة الغربية، وحصر الفلسطينيين في ثلاث كانتونات غير قابلة للحياة. وبالتالي قبول صيغة اتفاقات أوسلو حول السلطة كصيغة نهائية. أي القبول بأن تكون السلطة هي سلطة إدارة مدنية، تدير شؤون الفلسطينيين المدنية، وممارسة القمع والضبط عليهم بديلاً عن الجيش الصهيوني.


لهذا رفضت الدولة الصهيونية، وكذلك الإدارة الأمريكية، اتفاق مكة، وترفض التعامل مع الحكومة التي تتشكل على أساسها . وبالتالي فرغم تنازلات حركة حماس يجري الضغط من أجل تنازلات أعلى، وربما يفرض ذلك تخريب "حكومة الوحدة الوطنية" ، وتفشيل الاتفاق ، والدفع نحو الاقتتال الداخلي، لأنه وحده الذي يقود إلى إنهاك القوى، وتبرير قبولها بالحل الصهيوني.


فهل تحتاج حركة حماس إلى مجزرة جديدة من أجل تبرير تنازلاتها؟


نعتقد بإن الخيارات باتت واضحة، دون لبس أو تزويق، ولا يفيد فيها غضّ النظر، أو "اللف والدوران" فأما القبول بالحل الصهيوني المشار إليه للتو، والمدعوم بالقرار الأمريكي، وميزان القوى الدولي، بما في ذلك دعم النظم العربية التي هي ملحقة بالسياسة الأمريكية، وتتهيأ للالتحاق بالقرار الصهيوني. أو العودة إلى المقاومة، وتفعيل الانتفاضة، وبالتالي حل السلطة، وتأسيس قيادة نضالية موحدة. لا خيار خارج ذلك. حيث باتت المسألة خارج إطار اللعب بالكلمات، والتعمية والتزويق. فالدولة الصهيونية تقول صراحة أن حلّها هو الحل الذي يجعلها تقبل بكل من يوافق عليه من الفلسطينيين، وتتعامل مع الآخرين كإرهابيين. ولهذا تدفع في الاتجاه الذي يجعل هؤلاء هم السلطة، وبالتالي تميل إلى تصعيد الاقتتال، ودعم "عملائها" للسيطرة، كونهم "ممثلي" الشعب الفلسطيني.


مَنْ يقبل أن يصبح من "عملاء" الدولة الصهيونية؟


إذاً، مَنْ يريد المقاومة عليه أن يخرج من لعبة السلطة، ومن تقديم التنازلات، والتفكير الجدي في إعادة بناء المقاومة، وتفعيل الانتفاضة، قبل أن يفرض الحل الصهيوني، ويوضع الفلسطيني في ظرف بالغ السوء، ويفرض" الهجرة الاختيارية" من أجل العيش.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ثلاثة قتلى إثر أعمال شغب في جنوب موريتانيا • فرانس 24


.. الجزائر: مرشحون للرئاسة يشكون من عراقيل لجمع التوقيعات




.. إيطاليا تصادر طائرتين مسيرتين صنعتهما الصين في الطريق إلى لي


.. تعازي الرئيس تبون لملك المغرب: هل تعيد الدفء إلى العلاقات بي




.. إيران .. العين على إسرائيل من جبهة لبنان.|#غرفة_الأخبار