الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العنف يبني مجده بالعنف.

أحمد شهاب
باحث كويتي في شؤون التنمية السياسية .

(Ahmad Shehab)

2003 / 8 / 2
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 


ثلاث نظريات لمواجهة العنف الذي يغلف حاضر المسلمين ومستقبلهم القريب بالسواد والضبابية الشديدة، الأولى تعتمد «الضربة القاسية» والثانية تعتقد بـ «تبادل العنف» والثالثة تذهب إلى ضرورة تجفيف منابع التطرف.


النظرية الأولى: «الضربة القاضية» وهي سياسة الردع التي تمارسها الولايات المتحدة في محاربة الإرهاب كما عملت في أفغانستان والعراق أخيرا، وتبدو هذه النظرية سيدة الاختيارات في مواجهة التطرف، ورغم أنها اختيار يوجع ويؤلم المنظمات الإرهابية إلا أنه لم يثبت فاعليته أو قدرته على استئصال الإرهاب من جذوره. ورغم أن النظامين الأفغاني والعراقي تم إسقاطهما بالضربة القاضية وبالصدمة والترويع، إلا أن العنف بصورة عامة لا يزال يحتفظ بحيويته ونشاطه، بل وربما يصح القول إنه يشهد رسوخا أكثر وتفننا في استحداث طرق التخريب والتدمير والمواجهة.


النظرية الثانية: «العنف المتبادل» وهي نظرية تعتمد مواجهة الجماعات العنيفة برد فعل عنيف مواز، ويظهر من التتبع السريع لنشوئها بأنها نظرية ولدت في أحشاء المخابرات العربية، واعتمدتها غالبية الأنظمة العربية والدول الإسلامية.


ويبدو لي أن نظرية العنف المتبادل ليست أسلوبا محبذا عند أجهزة المخابرات والبوليس السري العربي فقط، بل أيضا محبذة عند الجماعات المتشددة، التي تشعر بأنها تعيش مرحلة جهاد حقيقي وعملية « كر وفر» ومقاومة وصمود وتحد، كما أنها تتيح لقيادة هذه الجماعات فرصة توجيه خطاب تحريضي تعبوي جيد لأفرادها.


ومن ناحية أخرى يستمر أعضاء الجماعات المتطرفة أسارى للقيادة المتشددة رغما عنهم، إذ لن يكون بمقدور أي فرد التراجع عن موقفه المؤيد والمتضامن مع الجماعة، فهو من جهة يخضع للملاحقة من الجهات الأمنية، ومن جهة أخرى يشعر بأنه منبوذ من المجتمع، وهو الشعور الذي تستثمره قيادة الجماعة للحفاظ على وحدة صفوفها واستمرار أعضائها واستغلالهم في أحيان كثيرة.


ولو درسنا ظروف انعزال الكثير من جماعات العنف التي أضحت منبوذة من قبل مجتمعاتها وشعوبها، وتبنت الآراء الشاذة رغم ضررها وإساءتها للواقع الاجتماعي والثقافي، لوجدناها قد وقعت تحت تأثير ظروف شبيهة بظروف الجماعات المتشددة اليوم، ومن أبرزها شعور الأفراد بانغلاق خط العودة أمامهم، وضياع فرص إعادة التأهيل وفقدان القدرة على التعايش مع غيرهم.


أما النظرية الثالثة: «تجفيف منابع العنف» فتتم عن طريق إيجاد قنوات تنفس من خلالها التيارات المتشددة من غضبها، ومحاولة تفهم احتياجات ومطالب هذه الجماعات حتى تنعدم مبررات العنف، وتنغلق أسبابه، وأظنها النظرية الأنسب للحد من ظاهرة التطرف المتنامية.
على أن تفعيل هذه النظرية لا يقع على عاتق أجهزة الأمن والشرطة والقوات المسلحة والبوليس السري، بقدر ما تقع على عاتق المثقفين وأصحاب الرأي وعلماء الدين والوجهاء والجهات التربوية والتعليمية، وعلى الدولة أن تفتح كافة المنابر الإعلامية ليتمكن هؤلاء من إيصال رسالتهم الثقافية والتوجيهية لأكبر قدر ممكن من الجمهور.


هناك دور أكبر يقع على عاتق هذه القوى يتمثل في أهمية تشييد المجتمع المدني، وتقوية أركان المؤسسات الأهلية التي تتكفل بالحفاظ على تماسك المجتمع وتعيد له عافيته المنشودة.
فالمجتمع الحي هو وحده الكفيل بالقضاء على بؤر التوتر ومنابع التطرف، ومقاومة الأفكار السلبية والانعزالية التي تتضخم وتظهر بعد فترة زمنية على هيئة «جماعات عنف» و«فرق تكفير»، وتوفر قابلية واستعداداً لدى شريحة كبيرة من الشبيبة للموت فنفقدهم ويفقد المجتمع استقراره.

* كاتب كويتي

 

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيطاليا: تعاون استراتيجي إقليمي مع تونس وليبيا والجزائر في م


.. رئاسيات موريتانيا: لماذا رشّح حزب تواصل رئيسه؟




.. تونس: وقفة تضامن مع الصحفيين شذى الحاج مبارك ومحمد بوغلاب


.. تونس: علامَ يحتجَ المحامون؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بعد لقاء محمد بن سلمان وبلينكن.. مسؤول أمريكي: نقترب من التو