الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاحتلال والفقر والجهل والسلاح ؟؟؟

محمد أبو مهادي

2007 / 2 / 23
القضية الفلسطينية


الطريق إلي مكة كانت معبدة بالدماء، طبعاً دماء الأبرياء لأنها لم تكن دماءاً قيادية، ولم تكن مفروشة بالنوايا الحسنة لان ما أعلن في وسائل الإعلام قبل الذهاب إلي مكة دلل علي سوء النوايا من قبل حركتي فتح وحماس، وبات الجميع يتنتظر ما في جعبة هؤلاء "الدمويين والانقلابيين" من أوراق؟ فقد ذهبوا إلي هناك مطمئنين بأنهم لن يعودوا إلاّ باتفاق بعدما حسّنوا من شروط تفاوضهم في غزة قبل الذهاب إلي مكة!!
ذهبوا إلي مكة ولم يساورهم شعور بالخوف أو الشك بان أبواب القضاء والمحاكم ستكون مفتوحة لاستضافتهم ومحاسبتهم علي جرائمهم، فقد أغلقوها لان قلوبهم عامرة بقضاء الله وقدره.

اتفقت حماس وفتح ولم نعرف بعد إذا ما كان اتفاقهم جاء تلبية لمصالح الشعب الفلسطيني وخجلاً وخوفاً من الجماهير الفلسطينية الرافضة لهذا للصراع المقيت المرفوض علي الوهم الذي يسمي بالسلطة الوطنية الفلسطينية، أم جاء تلبية واحتراماً لعيون الأشقاء الكبار، الذين لا يجوز الخروج عن طوعهم ومخالفة رأيهم أو خط سيرهم، فان لذلك ثمن؟
المهم أنهم اتفقوا ولا بأس في الاتفاق، وأمنيات الجميع أن يتواصل منهج الحوار والاتفاق فهو يعدّ مسلكاً صحيحاً ينبغي تثبيته والتمسك به كبديل عن لغة السلاح لان ثمن طلقات الرصاص بالتأكيد هو أغلي بكثير من ثمن الورق.

لن أدخل في تفاصيل ما اتفقوا عليه ولن اهتم كثيراً في وصف الحكومة القادمة أو السابقة أو التي ستأتي بعد حين، لأنها بنظري ونظر الكثيرين جميعها حكومات علي ورق ولا معني لها في ظل احتلال يجثم علي صدرها وعلي صدر الشعب الفلسطيني، فهي محاصرة مالياً وسياسياً كما هو واقع حصارها خلف جدار وأسلاك شائكة وخلف معابر مفاتيحها بيد إسرائيل.

ألفت نظر السادة القادة المتحاورين والمتفرجين والمنتظرين المستوزرين، بأن أي إطار قيادي تحت أي اسم أو لون أو حتى خلطة من الألوان لن يستطيع السير بالشعب الفلسطيني نحو الأمن الاستقرار طالما بقي نهجكم وأداؤكم قائم دون تغيير، فلا زلتم حتى الآن تجيدون فن صناعة الأوهام وتحويل الإخفاقات إلي إنجازات والهزائم إلي انتصارات، والأزمة الشاملة إلي أزمة وزارات.

ستفشل أي قيادة قادمة إذا لم تستطع نقل الملف الفلسطيني السياسي إلي عمقه الإقليمي والدولي وتقوم بمبادرات سياسية حقيقية تستند إلي كفاح الشعب الفلسطيني العادل ضد الاحتلال والي التضامن العالمي والي الشرعية الدولية، وإذا بقيت هذه القيادة رهينة الابتزاز والعروض الأمريكية التي ثبت انحيازها كقوة احتلال في العراق لصالح قوة الاحتلال في فلسطين.

وستفشل أي قيادة فلسطينية قادمة إذا لم تستطع ملامسة احتياجات وهموم الناس الذين ضاق بهم الفقر والبطالة ذرعاً ولم تعالج قضاياهم الحياتية اليومية علي أساس عادل يبتعد عن نهج المحسوبيات وغياب الاولويات وخطط التنمية المقاومة وتدعيم القطاعات المنتجة .

ستفشل أي قيادة فلسطينية قادمة إذا لم تتمسك بالقانون والقضاء المستقل الفاعل كأساس ضامن للحقوق ورقيب علي أداء الواجبات، وحامي وناظم للعلاقات، وبديل عن العشيرة بمستوييها السياسي والاجتماعي، وإذا لم تقم هذه القيادة بقرار جرئ لجمع السلاح من أيدي المواطنين الفلسطينيين بغض النظر عن كل الذرائع التي تعطي فرصة لبقاء هذا السلاح في متناول يد الجميع، إن السلاح الذي يقتل من الشعب الفلسطيني أكثر مما قتل من جنود الاحتلال لا مبرر لوجوده في الشارع الفلسطيني، ولا مبرر لوجوده في ظل وجود قوي أمنية فلسطينية تستنزف من موازنة السلطة أكثر من ثلثها، وإذا لم ترفع شعار بدل الطلقة لتغرس شجرة أو تبني مدرسة أو مشفي، لقد سئم الجميع مشاهد نزف الدماء ويتمني الجميع أن تأتي اللحظة التي تمر بها ساعة من الزمن دون سماع أزيز رصاصة أو دوي انفجار.

ستفشل أي قيادة فلسطينية إن لم تقم بوضع خطة إعلامية وثقافية كاملة لتعزيز الثقافة الوطنية وترسّخ ثقافة التسامح والإخاء بين الناس وتحافظ علي النسيج الاجتماعي بديلاً عن أجواء التحريض المسموم الذي شهدناه بمرارة، والذي جسد بما لا يدع مجالا للشك أخطر ظاهرة ظلامية وجهل في تاريخ الشعب الفلسطيني، أدت إلي أن يجافي الأخ أخاه وان ترتكب الفظائع بحق وبين الأهل والجيران والأصدقاء.

إذا كان التوجه الحالي لغالبية الأحزاب والقوي الفلسطينية نحو المشاركة في الحكومة المتوقعة، فان ذلك يعدّ مؤشراً خطيراً علي النظام السياسي الفلسطيني الذي يعاني أصلاً من خلل سابق، حيث ستغيب أي قوة معارضة جدية تسهر علي مراقبة أداء وتقييم وتقويم عمل الحكومة الفلسطينية، خصوصاً إذا ترافق ذلك مع غياب أي دور حقيقي يذكر للمجلس التشريعي الفلسطيني، الذي أصبح منذ نشأته مؤسسة حزبية تنفذ سياسات الحزب الحاكم فقط، وتبتعد عن رغبة الجماهير وحماية مصالحها.

إن أي حكومة أو قيادة فلسطينية إن لم تعالج بشكل حقيقي جذور الأزمة الفلسطينية السياسية والاقتصادية والاجتماعية وتنزع عوامل التفجير والصراع في المجتمع الفلسطيني وفق سياسات وخطط منظمة تحي الأمل في نفوس مواطنيها، وتشعرهم بأنهم بين أيدي أمينة وفيّة لتضحياتهم وتطلعاتهم، وتصون كرامتهم وتقودهم إلي الخلاص من الاحتلال والفقر والجهل والسلاح، هي قيادة فاشلة حتى وإن كانت تسمي نفسها حكومة وحدة وطنية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد 100 عاما من الجدل حول نفرتيتي..هل تعود ضيفة برلين الدائم


.. هجمات الحوثيين تقيد القوات الأميركية في البحر الأحمر | #الظه




.. القائم بأعمال وزير الخارجية الإيراني: على واشنطن الكف عن تقد


.. سوليفان: حماس اقترحت تغييرات طفيفة على اقتراح وقف إطلاق النا




.. جنود إسرائيليون يقتحمون بلدة تل جنوب غربي مدينة نابلس بالضفة