الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهيمنة المطلقة...خواطر في اسلحة الدمار -الاشمل

مسعد عربيد

2003 / 8 / 2
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


الهيمنة المطلقة...
خواطر في اسلحة الدمار "الاشمل"

 

نشرت صحيفة الغارديان البريطانية (1  تمّوز/يوليو 2003) مقالة حول خطط التسلح الاميركية  المستقبلية مشيرة الى ان البنتاغون قد وضع برامج تسليح تقوم على تصنيع جيل جديد من الاسلحة. امّا عماد هذه التكنولوجيا المبتكرة فهو مركبات فضائية تدعى Hypersonic Cruise Vehicle (HCV) ، تبلغ حمولتها 12 الف باوند، وتنطلق بسرعة تفوق سرعة الصوت بعشرة مرّات. تقلع هذه المركبات الفضائية من قواعد عسكرية تقليدية وفي مقدورها اصابة اهداف تبعد تسعة الاف ميل خلال فترة لا تتجاوز الساعتين. ووفق برنامج زمني حددته وزارة الدفاع الاميركية فان هذا المشروع سيتم على عدة مراحل الى ان يكتمل حوالي عام 2025. اما خلال السنوات السبع القادمة فسيتم تطوير اسلحة "المدى الدولي" والتي ستكون اقل كلفة وتعتمد اساسا على قاذفات للصواريخ تسمىSmall Launch Vehicles (SLV)   بمقدورها ان تحمل رؤوسا حربيا تلقي بها من الفضاء على اهدافها. وستقوم وزارة الدافاع الاميركى في منتصف عام 2006 بجولات تجريبية اولية لهذه المركبات.
 
أما هدف المشروع المعلن فهو"تحرير الولايات المتحدة من الاعتماد على قواعدها العسكرية" المنتشرة في اكثر من 60 دولة و"الاكتفاء الذاتي" في الهيمنة المعولمة والاستغناء عن الاصدقاء والحلفاء والتحرر من "الاتكال على تعاون هؤلاء أو عدمه". فالهدف اذن هو تحرير الولايات المتحدة من الاعتماد على قواعد عسكرية كانت قد اقامتها مسبقا، حيث تملك هذه التكنولوجيا الجديدة القدرة على الرد الفوري والحاسم على اية "افعال تهدد استقرارها او امنها قد تقدم عليها دولة معادية او منظمات ارهابية". وهكذا يحقق برنامج التسلح هذا "رؤية الحكومة" في امتلاك قدرات تتيح لها احكام قبضتها وقدرتها على الوصول الى اية بقعة على وجه البسيطة وبالسرعة المتوخاة. واذا كان الهدف يتمثل في الهيمنة المطلقة فلا ضير، اذن، في مزاحمة الصديق والحليف!

ولسنا في صدد معالجة كافة اسباب هذه الخطوة غير المفاجئة على اهمية هذه الاسباب وثقل وطأتها على مستقبل الانسانية، الاّ ان التوقيت والسياق الذي جاء هذا المشروع من خلالهما يحملان من الدلالات ما لا يكمن التقليل منه.

فهل امتعض النظام الحاكم في المركز الراسمالي من "قلة" التعاون الذي ابدته بعض دول الاطلسي (التي عارضت الحرب ضد العراق)  وخاصة منها من يحتضن القواعد العسكرية على اراضيه (تركيا) وغيرها من انظمة "الاشقاء" العرب (السعودية وغيرها من دول الخليج)، فتنبه الى تعاظم المعارضة الشعبية والسياسية الكامنة في تلك البلاد (البرلمان التركي وبعض القوى السياسية العربية على سبيل المثال) وخشي فقدان السيطرة على القرارات العسكرية في تلك البلدان أو الانجرار الى "معارك جانبية" هو في غنى عنها؟ ثم ما زال هناك من يجرئ على مخالفة اوامر السيد الامبريالي؟

لقد اعلن راس المال، دون مواربة او مدعاة للشك، بانه قد ضاق ذرعا بتلك الدول التي تتواني عن الانسياق المتهرول  وراء نزواته وتلك التي تجرؤ على التردد على فتح ذراعيها لاستقباله اينما وطأت قدماهّ.

ام ان النظام اراد ان يحكم قبضته، في خطوة استباقية احترازية، على "المارد النائم" في اقاصي الشرق الاسيوي قبل ان تستيقظ الصين وتستقيم قامتها؟ والاّ فلم هذا الولع بالسرعة المذهلة وضمانة الوصول الى اقاصي الكرة الارضية في اقل من ساعتين؟

ترى هل ادرك هذا النظام، ولو ضمنيا، ان حروب الافغانستان والعراق ( 1991و2003 واثني عشر عاما من العقوبات الوحشية)، لم تحقق ما جاءت من اجله، او انها لم تحقق اهداف "ما بعد الحرب". فما زال الرئيس العراقي السابق، على ما تأتينا به الاخبار، "يسرح ويمرح" في العراق في حين اخذت مقاومة الشعب العراقي تشدد عودا. اما افغانستان فما زال مصير ابن لادن والملاّ عمر من طلاسم المرحلة؟ اي هل حققت "الحرب على الارهاب" مهمتها وهل جاءت للولايات المتحدة بالمزيد من "الطمأنينة" والحماية المنشود تين؟

وان كانت الاشتراكية قد هزمت وولت الى غير رجعة، وان كان الاتحاد السوفيتي قد انهار ومعه القطب الاخر باكمله، بل ان كنّا قد ولجنا "نهاية التاريخ" وفق ما تلقننا الايديولوجية الجديدة وبزغ النظام العالمي الاحادي القطب وغزت عولمته المتسارعة كالوباء كافة اصعدة الحياة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية، ان كانت كل هذه المصوغات صحيحة، افلا يعني ذلك زوال "شبح الشيوعية" وخطرها؟ فما يبرر، ترى، هذا القدر من التسلح الذي لم تشهد البشرية مثله لا في حروبها الامبريالية العالمية ولا في "الحرب الباردة" التي مكثت على صدورنا ما ينيف عن اربعة عقود؟

اين يقف مشروع التسلح هذا، مشروع الحرب المستدامة، من منظمة الامم المتحدة والشرعية الدولية وميثاقها ومؤتمرات جنيف ووظيفتها في المجتمع الدولي؟ فهل  اصبحت هذه عائقا غير مرغوب فيه ولا بد، بالتالي، من التخلص منه؟ بل هل كانت الامم المتحدة يوما قادرة على كبح المارد الامبريالي من ارتكاب حروبه وجرائمه؟ أم ان هذه المنظمة وشرعيتها الدولية لم تعدا قادرتين على خدمة الاهداف الامبريالية و"سرعة" تنفيذها دون تلكؤ وتلبية "رغبات" الامبراطورالذي لم يعد راغبا في "المجاملة" الدبلوماسية لتلك المنظمة؟ فقد نفذ صبر الامبراطور من تلكئها وبطيء سيرها. (انظر، على سبيل المثال، "بطء" مؤسسات الامم المتحدة في التفتيش عن اسلحة الدمار الشامل في العراق!).

واخيرا، اين دور المركّب الصناعي ـ العسكري في الولايات المتحدة وملياردات الدولارات الموعودة والارباح الهائلة التي سيجنيها من هذه المشاريع؟ وهل كان هذا المركّب الخفي في يوم بعيدا عن قرارات السياسة والاقتصاد في المركز الراسمالي؟

وفي الخاتمة، تظل بعض التساؤلات تحوم باحثة عن الجواب:

ـ اذا كان عدو الانسانية بهذا القدر من الدينامية والتعجل والاتقان في التخطيط لمشروعه، فمتى يحون الوقت للمشروع المضاد: مشروع المقاومة؟  والى متى تظل حرب راس المال معلنة على البشرية "من طرف واحد"؟

ـ اما التساؤل الآخر، فموجهه للشعب الاميركي وقواه الاجتماعية والسياسية ومسؤوليتها حيال هذا الخطر الداهم الذي يهدد مستقبل البشرية وللمدافعين عن مصداقية الديقراطية الغربية: أليست هذه اسلحة دمار شامل، بل "اشمل" وبسرعة تفوق سرعة الصوت؟

ـ اما انظمة القطرية العربية، فليس من الانصاف القول بانها قد خانت شعوبها وطموحاتها فحسب، بل لعلها قد شجت شريان حياتها، وجاء  سيدها وحاميها للعبث بمصير كياناتها وربما الاستغناء عن خدماتها!
    








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مصدر أمني: ضربة إسرائيلية أصابت مبنى تديره قوات الأمن السوري


.. طائفة -الحريديم- تغلق طريقًا احتجاجًا على قانون التجنيد قرب




.. في اليوم العالمي لحرية الصحافة.. صحفيون من غزة يتحدثون عن تج


.. جائزة -حرية الصحافة- لجميع الفلسطينيين في غزة




.. الجيش الإسرائيلي.. سلسلة تعيينات جديدة على مستوى القيادة