الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأنسحاب البريطاني والرؤيا الأمريكية

تقي الوزان

2007 / 2 / 25
الارهاب, الحرب والسلام


القرار البريطاني الأخير القاضي بسحب مجموعة من قواتهم , لم يتخذ كقرار منفرد دون الاتفاق مع قيادة قوات التحالف , وكون القرار سياسي اكثر مما هو عسكري , ولا يشكل سحب هذا العدد البسيط من الجنود ضغطا على قوة وفاعلية قوات الاحتلال البالغة اكثر من مئة وخمسين الف جندي . والتي لاتزال النقاشات مستمرة في الولايات المتحدة الامريكية بين معارض ومؤيد لارسال المزيد من هذه القوات , والتي وصلت طلائع زيادتها . ويتضح ان القرار البريطاني اشارة جادة للحكومة والقيادات السياسية العراقية , بأن قوات الاحتلال لن تبقى تتفرج على صراع العراقيين فيما بينهم الى ما لانهاية , وكما عبر عنها الامريكان " بأن صبر الولايات المتحدة الامريكية بدء ينفذ " .
ما من شك ان الوجود الامريكي في العراق نجح في الكثير من الجوانب . من بينها , جعل العراق الساحة الرئيسية للمواجهة مع " القاعدة" والسنة التكفيريين طيلة السنوات الاربعة الماضية , وقد كبد هذه القوى خسائر كبيرة , وسحب اهتمامها من تنفيذ هجماتها على المدن الغربية والامريكية الى الساحة العراقية , وبأقل الخسائر . والجانب الآخر , اوصل العراقيين بمن فيهم القوى السياسية التي تعتمد في قوة وجودها على دول الجوار الى حقيقة ان الانسحاب الامريكي ينهي وحدة العراق كشعب ودولة . وكذلك التمكن من ربط الاقتصاد العراقي بشكل وثيق بالشركات الامريكية والمتعددة الجنسية , من خلال اعادة تنظيم شبكة العلاقات الاقتصادية بقوانين تضمن اندماجها الكامل بهذه الشركات .
الصراع مع عصابات " القاعدة " والسنة التكفيريين يمكن السيطرة عليه , وتوجيهه في كثير من الاحيان . الا ان الصراع الطائفي بين السنة والشيعة في حالة تعمقه لايمكن السيطرة عليه , ويهدد المنطقة بالكامل , وهذا ما سعت اليه " القاعدة" والبعثيين من جهة , والايرانيين من جهة اخرى . مستغلين خطوات الاحتلال الاولى بتقسيم المكونات السياسية العراقية الى مكونات طائفية وقومية , كأساس هش يسّهل السيطرة وادارة المجتمع من قبل هذه القوات . واستمرئت اغلب القوى السياسية العراقية هذه اللعبة الامريكية , كونها الطريق الاسهل لتحقيق الكثير من الانجازات الطائفية والقومية والشخصية على حساب الطريق الصعب لتحقيق المشروع الوطني , الذي بين اولى ثناياه انهاء الاحتلال , وتنظيم العلاقة بين العراق ووجهة تطور الاقتصاد العالمي في "العولمة" وفق المصلحة الوطنية .
لقد انتبهت الادارة الامريكية بشكل متأخر – وبخوف الكثير من المراقبين – على عدم التمكن من السيطرة على التصدع الطائفي الذي اخذ يتوسع لصالح الذين تحاربهم من الاصولين السنة , والشيعة المتمثلين بايران . ويدرك الامريكان ان بأمكانهم ايقاف التدهور الحاصل من خلال اعادة توجيه بوصلة عملهم , والأبتعاد عن مكامن الخطر الذي يؤدي بمشروعهم والمنطقة الى التهلكة .
وفي تصريحات ل" ديفيد ساترفيلد" مستشار وزيرة الخارجية الامريكية والمنسق الامريكي الخاص بالعراق , والتي نشرت في موقع"الناس" يوم 20070201 نقلا عن صحيفة"الوطن"الكويتية , يوضح هذا الادراك الامريكي المتأخر ويقول : ان مقدرة القيادات في الحكومة العراقية على المساعدة في اعادة الامن والاستقرار يعتمد على كونهم يتولون ادارة حكومة العراق الوطنية وليست "حكومة طائفية " . ويقول : انه لايوجد تقسيم سلس في العراق بل ان ما يحدث هو انقسام وحشي وعنيف . وينفي مسؤولية بلاده عن هذا التدهور مؤكداً: ان بلاده لن يكون لها يد بذلك على الاطلاق . ويوضح حول تعديل الدستور العراقي الذي اسس لهذا التردي فيقول: ان هناك مشروعا للقيام بذلك , معربا عن امل بلاده بأن يتم التعديل بشكل مدروس وبحذر . واضاف : ان الولايات المتحدة الامريكية ترغب بتقاسم المسؤوليات بين الفرقاء كافة في العراق وان يتم التمثيل النسبي في الحكومة العراقية من خلال انتخابات حرة ونزيهة كما يجب ان تكون الحكومة العراقية شاملة وتضم جميع الفئات .
هذه الرؤيا الامريكية الجديدة وجهت انذار عملي للعراقيين بسحب جزء من القوات البريطانية . ان تقليل قوات الاحتلال او انسحابها الى معسكرات آمنة احدى هذه الخيارات , وعندها ستكون العواقب وخيمة على هذه الحكومة وعلى هذه القيادات ما لم تنهض بشكل جدي من الوحل الطائفي الذي تسربلت به . اذ لم يكن انهاء العملية السياسية بكاملهاوالمجئ بحكومة " انقاذ وطني " وبحجة عدم تمكن العراقيين من ادارة وحكم انفسهم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد زيارة بوتين للصين.. هل سيتحقق حلم عالم متعدد الأقطاب؟


.. كيربي: لن نؤيد عملية عسكرية إسرائيلية في رفح وما يحدث عمليات




.. طلاب جامعة كامبريدج يرفضون التحدث إلى وزيرة الداخلية البريطا


.. وزيرة بريطانية سابقة تحاول استفزاز الطلبة المتضامنين مع غزة




.. استمرار المظاهرات في جورجيا رفضا لقانون العملاء الأجانب