الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كبوة المالكي في أمتحان صابرين

محمد محبوب

2007 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


جاءت فضيحة صابرين لتكشف مدى هشاشة مايسمى حكومة الوحدة الوطنية التي تسير شؤون البلاد اليوم فضلا عن حدة الأنقسام الطائفي في بنية المجتمع العراقي الأمر الذي يجعل من هاجس الحرب الأهلية الواسعة وتقسيم البلاد حاضرا بأستمرار.

ويستطيع المراقب أن يلاحظ أنقسام العراقيين أزاء فضيحة صابرين بصورة جلية من خلال وسائل الأعلام وعبر أراء المواطنين ، ففي الوقت الذي ظل فيه الطرف السني يهاجم الحكومة متهما أياها بأرتكاب جريمة أغتصاب على خلفية طائفية ، فأن الطرف الشيعي وقف الى جانب حكومة المالكي وجهودها في أنجاح خطة أمن بغداد ، بينما ألتزم الطرفين الكردي والأمريكي الصمت أو الحياد.

السني وجد في هذه القضية فرصة ثمينة لتقويض خطة أمن بغداد التي تسببت في أختراق محميات سنية مثل مناطق العامل والعدل والجهاد وشارع حيفا كانت تمثل منطلقا للقيام بأعمال أرهابية في العاصمة بغداد بهدف تحويل بغداد الى مستنقع دم وبالتالي أفشال حكومة المالكي وخلق معطيات جديدة في العراق وبغداد بصورة خاصة قد تفضي الى تغيير قناعة الأدارة الأميريكية أزاء المعادلة السياسية الحالية في العراق ، ذلك أن الزعامات السياسية السنية وكذلك الجماعات المسلحة باتت متيقنة من خسارتها في حالة أندلاع حرب أهلية في بغداد لذلك فهي أحرص اليوم على بقاء القوات الأميركية في العراق بسبب أنعدام ثقتها بالقوات الحكومية.

الشيعي وتحت ضغط من طائفية الزعامات السنية وتصاعد عمليات تفجير المفخخات وسائر الأعمال الأرهابية وجد نفسه يصطف مع حكومة المالكي بما في ذلك العلمانيين والليبراليين الذين يختلفون مع هذه الحكومة ومع كتلة الأتلاف الشيعي ، بالطبع فأن حكومة المالكي تحظى بتأييد شعبي واسع من الشارع الشيعي التي تهيمن عليه الأحزاب الدينية ودعم من المرجعية الشيعية في النجف.

هنا لا أريد مناقشة الموقف المتشنج الذي ظهرت فيه الزعامات السنية المنخرطة بالعملية السياسية لأني متيقن أن هذه الأطراف لاتؤمن بالعملية السياسية أصلا وقد دخلتها رغبة في تدميرها من الداخل أو تقليل الضرر على أهل السنة كما برروا لجماهيرهم مشاركتهم في هذه العملية ، لكن مايهمني هنا هو موقف المالكي والأتلاف وطريقة تعامله مع هذه الأزمة حيث أنهما تعاملا بحساسية عالية جدا مع عرض فضيحة صابرين من قناة الجزيرة التي قادتهما الى معالجة متسرعة وأنفعالية برفض الأتهامات وتكريم الضباط المتهمين !! وكان أحرى بالمالكي أن يتعامل بهدوء ويؤكد عزمه على تقديم المتهمين والمدعوة صابرين الى القضاء ليقول كلمته الفصل في هذه القضية القانونية ويمضي قدما في تنفيذ خطة أمن بغداد ، وهو ما أنتهت أليه تطورات الأحداث فعلا بعد أن هدأت النفوس حيث شكلت رئاسة الجمهورية فريق تحقيق ودعا الرئيس الطالباني الى أحالة الموضوع الى القضاء برمته.

لست في موضوع المطلع عن قرب حتى يمكنني التأكيد أو النفي في قضية أغتصاب المدعوة صابرين كما فعل الكثير من الكتاب ، لكن لنفترض جدلا أن هذه الفتاة متورطة بالعمل مع الأرهابيين كما تؤكد مصادر وزارة الداخلية ، لماذا أطلقوا سراحها أذن ، لماذا لم يتم أحالة أوراقها الى قاضي التحقيق ، الحكومة تقول أنه جرى أستجوابها لمدة خمسة عشر دقائق ثم تم أطلاق سراحها ، قاموا بهذه العمل وهم يعرفون حساسية أعتقال النساء ولاسيما وسط حساسية طائفية حادة للغاية والجميع يعلم طبيعة العسكر ولاسيما الضباط في أستغلال النساء داخل غرف التحقيق المغلقة ، لا أحد يجرؤ على الزعم أن ضباط قوات حفظ النظام العراقية هم ملائكة أو من معدن أخر يختلف عن شرطة العالم.

حكومة المالكي ومؤيدوها أستندوا في دحضهم لهذه الأتهامات على تقرير المستشفى الأمريكي الذي يؤكد عدم وجود أثار في مهبل صابرين تدل على واقعة الأغتصاب لكنهم أغمضوا عيونهم عن جزء أخر من التقرير يؤيد وجود كدمات على جسد المعنية مما يفتح الأبواب أمام تفسيرات عديدة منها تحويل التهمة من أغتصاب الى أنتهاك عرض كما زعم السامرائي رئيس الوقف السني الذي أقاله المالكي من منصبه في أطار القضية نفسها.

أن الخوض في السيرة الشخصية للمدعوة صابرين التي قيل فيها ماقيل ، ولنفرض جدلا أنها بنت شارع وساقطة أخلاقيا ، فهل يبرر ذلك أغتصابها أو أنتهاك عرضها ، كنا نأمل من المالكي أن يتصرف أزاء الفقاعات الأعلامية التي أطلقتها الفضائيات كرجل دولة يريد أن يفرض القانون كما يقول هو ، فلا ينتحل دور دكتاتور يبرأ هذأ ويكرم ذاك في خطوة لاتبتعد كثيرا عن ممارسات صدام حسين ، من هنا يتعين على الجميع أن يخضع لسلطة القانون وعلى قاعدة المتهم بريء حتى تثبت أدانته.

كما أن للمدعوة صابرين ومن يقف وراءها الحق الكامل في رفع دعوى قضائية ضد الضباط المتهمين ، فأن بأمكان الحكومة جمع الأدلة الثبوتية ضدها وبالتالي أعتقالها وتقديمها للمحاكمة ، وماكان ينبغي للحكومة وللسيد المالكي أن ينزلق الى أجراءات أنفعالية لاتخدم أحدا.

بالأمس حصلت جرائم أغتصاب من قبل القوات الأميركية والعراقية في المحمودية وفي تلعفر واليوم في حي العامل وغدا ستحصل في مناطق أخرى ، من هنا نتمنى على الحكومة أن لا تمثل دور المحامي المدافع عن هذا الضابط أو ذاك الجندي حيث أن الأحتكاك بين العسكر والسكان المدنيين ينتج مثل هذه الجرائم سواء في العراق أو في اي بلد أخر وأن تترك لأجهزة التحقيق والقضاء أن تقوم بعملها المهني البعيد عن أية صبغة سياسية.

ونحن على وشك الأنتهاء من كتابة هذا المقال فوجئنا بأعلان وكيل وزير الداخلية ورئيس فريق التحقيق المكلف من خلال راديو سوا أعلانه عن الهوية الحقيقية للمدعوة صابرين حيث تبين أنها فتاة شيعية وليست سنية كما أشيع في وسائل الأعلام ، نعم فتاة شيعية من الجنوب تدعى زينب عباس حسن الشمري ، وهو الأمر الذي أكده عمر الجبوري مساعد طارق الهاشمي.

الا يكشف ذلك لنا مدى أستعجال الجميع في الحكم على هذه القضية التي كادت أن تقوض خطة أمن بغداد وتشعل حرب القسطنطينية الجديدة ونداءات ومعتصماه ، بما في ذلك رئيس الوزراء المالكي الذي أطلق حكمه ببراءة وتكريم الضباط المتهمين دون تحقق كاف حيث لم يتمكنوا من أستجواب الفتاة لأنها كانت في عهدة طارق الهاشمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد الحالة الرابعة لنزع حجاب المتظاهرات.. هل تتعمده الشرطة ا


.. استشهاد طفلين وإصابة آخرين إثر غارة إسرائيلية استهدفت منزلا




.. طلاب جامعة بيرزيت يطردون السفير الألماني من المتحف الفلسطيني


.. نتنياهو: سنواصل الحرب حتى تحقيق أهدافها كافة بما في ذلك تنفي




.. باتيل: إذا لزم الأمر سنحاسب مرتكبي الجرائم بقطاع غزة