الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حكمة قداسة البابا

جورج غالي

2007 / 2 / 26
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


فكرت كثيراً قبل أن اكتب أول مقال لي ، فأنا فقط من هواة قراءة المقالات وليس كتابتها .
ولكن استفزني كثيراً ما قرأته من التصريحات الأخيرة لقداسة البابا الأنبا شنودة الثالث كما استفز الكثير ممن أعرفهم أقباطاً ومسلمين معتدلين ، فقد صرح قداسته رفضه تدخل الأقباط في مسألة التعديلات الدستورية، "باعتبارها من صلاحيات أولي الأمر"، في أعقاب دعوات أطلقها الأنبا مرقص المتحدث الرسمي باسم الكنيسة الشهر الماضي بإدخال تعديلات على هذه المادة الثانية التي تنص على أن "الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيس للتشريع"، ومطالبته بحذف "الألف واللام" من كلمتي "المصدر الرئيس" لتصبح "الشريعة الإسلامية هي مصدر رئيسي للتشريع" لضمان وجود "مصادر أخرى".
كما حذر أيضاً من مطالبة بعض الأقباط بإلغاء المادة الثانية من الدستور المتعلقة بالشريعة الإسلامية "حتى لا يتسبب ذلك في تهييج المسلمين".
وقال "ما نريده كأقباط في مصر يجب أن نحصل عليه بالتفاهم وليس بالكتابة في الصحف أو بالصوت العالي".
وقد أثارت هذه التصريحات حفيظة الكثير من الأقباط وخصوصاً أقباط المهجر الذين يتبنون قضية المادة الثانية ويريدون الغائها ، ولكن إن تأملنا هذه التصريحات بهدوء نجد حكمة قداسة البابا المعروفة عنه تتجلى واضحة كالآتي :
أولاً : لم يصرح قداسة البابا بذلك من نفسه ولكن بعد سؤال خبيث من أحد الحضور في الأمسية التي نظمها نادي روتاري إسكندرية سبورتنج تحت عنوان "فلسفة السلام بين الأديان" ، متمثلاً بالسيد المسيح حين سأله الكتبة والفريسيين عن الجزية فرد "أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلّهِ لِلّهِ" (مرقس 12:13-17).
ولو كان قداسة البابا بغير هذا الرد لأهاج كل المسلمين في مصر على اللأقباط .
ثانياً : في استطلاع للرأي في موقع الأقباط متحدون حول ما إذا كانت الحكومة سترضخ للمطالبين بتغيير المادة الثانية كانت النتائج كالتالي :
نعم 9.76 %
لا 78.81 %
ربما 11.43 %
وهو موقع يمثل شريحة كبيرة من معتدلي الشعب المصري أقباطاً ومسلمين ويرى غالبيتهم أن الحكومة لن تغير هذه المادة ، وهو ما استشفه قداسة البابا من قراءته للمجتمع في مصر ولو كان طالب بتغيير المادة أو الغائها لأعطى فرصة للحكومة والإخوان في مصر لزيادة اضطهاد الأقباط في مصر .
ثالثاً : أرى أنه لم يحدث وأن أخطأ قداسة البابا في قراءة الحالة السياسية في مصر ، ففي الإنتخابات الرئاسية السابقة نصح قداسته بالوقوف مع الرئيس مبارك رغم علمه بالإضطهاد من قبل الحكومة المصرية كلها على الأقباط وخصوصاً في بناء الكنائس ، ولكن من قراءته للحالة السياسية وقتها في مصر استطاع أن يعلم أن مبارك سيفوز في هذه الإنتخابات ( ولو بالتزوير ) ، ولو كان نصح أقباط مصر وقتها بالوقوف مع أي مرشح آخر فلكم أن تتخيلوا وضع قداسته أو شعبه الآن ...
رابعاً : الوضع السياسي حالياً في مصر هو وجود تيار إسلامي متمثل في جماعة الإخوان المسلمون "المحظوظة" أدي إلى خلل في الحياة السياسية وهو ما دعى الحزب الحاكم إلى اجراء التعديلات الدستورية وإلغاء جميع المواد الخاصة بالإشتراكية خوفاً من حزب إشتراكي ، وأيضاً عدم السماح بأحزاب دينية خوفاً من الجماعة "المحظوظة" ، وهو أيضاً ما قد يؤدي بالحكومة لاحقاً لتغيير المادة الثانية أو إلغائها من نفسها بدون عناء من الأقباط .
أخيراً : لم يطلب قداسة البابا في أي حديث له أن يكف الأقباط عن طلب حقوقهم ، ولم يصرح في أي مرة أن الأقباط يحصلون على حقوقهم كاملة غير منقوصة ، ولكن في كل تصريحاته يطالب بحقوق الأقباط ولكن بطريق غير مباشر ، فمثلا في هذا التصريح الذي نحن بصدده قال "ما نريده كأقباط في مصر يجب أن نحصل عليه بالتفاهم وليس بالكتابة في الصحف أو بالصوت العالي" ، والمفهوم من هذا التصريح أن هناك مطالب وحقوق منقوصة قد تكون المادة الثانية منها فيها تفاوض بين الكنيسة والحكومة ولكن ليست على الملأ وفي هدوء .
أنا لست ضد حملة الموقع لإلغاء المادة الثانية فهي مطلب عام ولا يضيع حق وراءه مُطالب ، ولكني واثق في حكمة البابا ، لذلك أطلب من موقع الأقباط متحدون الإستمرار في حملته لجمع توقيعات ضد المادة الثانية من الدستور http://www.copts-united.com/cpupetition/ كما هي وارسالها إلى قداسة البابا وأيضاً إلى مكتب رئيس الجمهورية ، فهذا هو واجبنا كأقباط ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار