الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفوضوية ... استثنائية جديدة في متناقضات السياسة الدولية

محمد بن سعيد الفطيسي

2007 / 2 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


يعج التاريخ السياسي المعاصر بعدد هائل من النظريات والفرضيات السياسية التي شكلت الوجه السياسي لهذا التاريخ. فالتاريخ السياسي في مجمله ما هو إلا وليد تلك النظريات والحركات السياسية التي شكلت الصور التي شاهدناها سابقا للتاريخ من أحداث وتغيرات وتحولات في الفكر والتطبيق على صعيد الحركة السياسية الدولية، ونشهد اليوم بروز وتطبيق عدد منها على واقعنا السياسي في جميع أنحاء العالم، وسنشهد غدا ما تبقى من تلك الافكار والنظريات، بحيث ان التاريخ كما بدأ بها سينتهي بها، الفرق الوحيد الذي نستطيع ان نذكره للفصل بين فترة زمنية سياسية وأخرى هو نوعية تلك الافكار ومدى تأثيرها على البشرية أكان ذلك الى الاحسن أم الى الاسوأ، وقد شهدت الانسانية في فتراتها الماضية أثر تطبيق تلك النظريات عليها بحيث ان اغلب النزاعات العرقية والحركات السياسية والحروب العالمية والموت الجماعي وغيرها من الكوارث لم تكن سوى الصورة العملية للوجه الآخر للعملة التي أنتجتها تلك الافكار والنظريات السياسية، مع عدم تجاهل عدد من الافكار والنظريات التي كان لها دور ايجابي في تشكيل الصورة الحسنة للتاريخ السياسي الحديث.
وها نحن اليوم نشهد تقييم الحركة التاريخية السياسية للقرن العشرين وما خلفه لنا من أفكار ونظريات سياسية شكلت صورته التاريخية بحيث أننا نستطيع ان نقول بأنه لم يشهد العالم من قبل ذلك الكم الهائل من الافكار والنظريات السياسية التي شكلت مجمل الحركة السياسية للتاريخ السياسي المعاصر على صعيد السياسة الدولية في قرن واحد، ونستطيع هنا ان نجزئ تلك الافكار السياسية التي يتشكل منها التاريخ السياسي في مجمل صوره المستقبلية وبجميع أشكالها الحسنة والسيئة الى فكر فردي يتناول فيه صاحبه نظرته المستقبلية الى حركة التاريخ متناولا فكرة ما يعتقد بأنها ستشكل الصورة المستقبلية للتاريخ في الفترة القادمة وقد لا تتعدى تلك الفكرة المرحلة النظرية في وقتها فأما ان تتحقق بعد ذلك علي يد من سيتبناها كالدول او الشعوب وبذلك تتعدى المرحلة النظرية الى مرحلة التطبيق على الواقع السياسي وبذلك نشهد ما قد تشكله تلك النظرية على ذلك الواقع من حركة سياسية نحو التغيير الايجابي او السلبي على العالم على صعيده السياسي كفكرة صدام الحضارات لصاموئيل هنتينغتون ونهاية التاريخ لفرانسيس فوكوياما وغيرها وإما ان تموت وتتلاشى لعدم وجود من يتبناها من الناحية العملية والتطبيقية، أما الجزء الآخر من تلك النظريات فهي النظريات السياسية العامة التي تتبناها الدول كفكر سياسي لتسيير الحركة السياسية بها او لتغيير الواقع السياسي القائم على الصعيد المحلي او الدولي كفكرة محاربة الارهاب التي تبناها العالم بقيادة الولايات المتحدة الاميركية، او فكرة العولمة الدولية والديموقواطية العالمية وغيرها من الافكار السياسية العامة والنظريات السياسية المعاصرة او نظريات تتبناها الشعوب والجماعات كالحركات السياسية المراد من خلالها تغيير الفكر القائم في تلك الفترة الزمنية من التاريخ السياسي.
أما فكرة الفوضوية كنظرية سياسية دولية، فهي فكرة تتركز على نشر الفوضى السياسية في أرجاء مختلفة من العالم، بهدف الاستفادة من استمرار حالة عدم الاستقرار السياسي والامني، مما يترتب على ذلك مزيد من الانفلات على المستويين السابقين، وبالتالي مزيد من الارهاب والموت والدماء في كل أرجاء الارض، وبالطبع فهناك الكثير من المستفيدين من وراء تطبيق وتبنى هذه النظرية التي نشاهد ولادتها مع بداية القرن الحادي والعشرين، واكبر المستفيدين من وراء كل ذلك هم تجار الموت والسلاح والارهابيون في جميع أنحاء الارض من دول وجماعات وافراد، وقد استفادت هذه النظرية كثيرا في تغذيتها واستفحالها من عدد من التحولات السياسية التي استجدت على مجرى الأحداث الدولية مع بداية هذه القرن كان أهمها على الاطلاق أحداث الحادي عشر من سبتمبر، وما ترتب على ذلك من توابع كغزو العراق والاعمال الارهابية في انحاء متفرقة من العالم كمصر ولبنان والسعودية وسوريا وأسبانيا وبريطانيا وغيرها، كل تلك الاحداث التي هزت البشرية وحولت العالم الى كائن مريض يحاول التخلص من نفسه بقتلها بمزيد من الموت والدماء.
ان الفوضوية كظاهرة استثنائية من مجمل العديد من المتناقضات السياسية الدولية، قد تكون فكرة ليست بجديدة تماما على الساحة السياسية الدولية، ولكن ما يقلق ويخيف كثيرا هو ان تظهر بهذا الشكل السرطاني وتستشري في مختلف أرجاء الارض وبطريقة قد تدفع العالم لفكرة صدام عالمي جديد وحرب عالمية رابعة تهدد البشرية بالفناء والانقراض، فالمستصغر الشرر يولد نارا قد يعجز العالم عن إطفائها بعد ذلك، وفي (اعتقادي) ان تحالف العالم على فكرة الحرب على الارهاب ما هو سوى الشرارة الام التي ستحيط الارض بالخوف والرعب والجنون.
ومن الواضع ان الوضع السياسي الراهن بما يحتويه من ظواهر سياسية خطيرة، وعلى رأسها ظاهرة الفوضى السياسية المفتعلة او الخارجة عننطاق السيطرة بسبب العديد من الاطراف الدولية، وبغض النظر عن الاهداف السياسية او الاقتصادية المرجوة من وراء ذلك، فأن هذا الوضع سيظل مستمرا كما ونوعا خلال السنوات المقبلة، ونظر لعدم وجود الحلول المنطقية لتلك المشاكل واتساع الهوة بين المشكلة والحل واكتساب الارهاب لمناعة طبيعية بسبب الفترة الزمنية التي استطاع البقاء فيها بحالة قوية فانه من المنطقي ان تتفاقم قوته مع التقادم الزمني في ظل هزال وعجز الحلول السياسية والامنية المطروحة لاقتلاع جذوره من الارض، وبالتالي فلابد ان نطلق صيحة تحذير ونداء لكل العالم على أمل ان يستفيق من هذه الغفلة وينتبه الى هذا الشبح المرعب الذي يلف البشرية بثوبه الاسود المخيف.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح


.. الرئيسان الروسي والصيني يعقدان جولة محادثات ثانائية في بيجين




.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط