الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة الدولية ومبدأ التدخل الإنساني

محمد بن سعيد الفطيسي

2007 / 3 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


تتفاخر الولايات المتحدة الاميركية والدول الأوروبية على أنها الدول التي أرست مبادئ حفظ السلام والديمقراطية في مختلف أرجاء المعمورة , لدرجة أنها ولأجل رعاية وحماية هذه المبادئ على المستوى الدولي وخارج نطاقها الإقليمي والسيادي أعادت إلى الساحة السياسية الدولية بعض القوانين والأنظمة الأخلاقية الدولية التي تبيح للأسرة الدولية التدخلات الخارجية في شؤون الدول والشعوب , وذلك فيما يعرف في السياسة الدولية بمبدأ التدخل الإنساني ويعرف هذا المبدأ على انه الحق الأخلاقي والقانوني لأعضاء الأسرة الدولية بالتدخل في شؤون بعض الدول بالطرق السلمية أولا واللجوء إلى القوة ( عند الضرورة ) لمنع أو تصويب انتهاكات واضحة لحقوق الإنسان , وهو مبدأ يلزم أعضاء الأسرة الدولية باسم الأخلاق والإنسانية بالمبادرة إلى مساعدة كل من تعرضت حقوقه الإنسانية - كحق الحياة والتعبير عن الرأي والحقوق السياسية والمدنية ...الخ - إلى القمع أو الانتهاك أو الإهمال من قبل الحكومة الممسكة بزمام الحكم والسلطة أو في حالة وقوع تلك الشعوب تحت سلطة الانتداب أو الاحتلال.
ولكن و - للأسف - فقد استغلته تلك الحكومات الكبرى كالولايات المتحدة الاميركية و بعض الدول الأوربية كوسيلة ( ذريعة ) لتدخلاتها المستمرة في الشئون الداخلية والسيادية للعديد من الدول في مختلف أرجاء العالم بشكل عام وشؤون الشرق الأوسط على وجه الخصوص , فعلى سبيل المثال التدخلات المستمرة وغير المبررة للولايات المتحدة الاميركية في السودان والصومال وغيرها من الدول , كذلك التدخلات الفرنسية في لبنان وسوريا ..الخ , وذلك تحت ذريعة نشر الديمقراطية وحقوق الإنسان وتحقيق العدالة والمساواة والديمقراطية للشعوب المقموعة والمضطهدة.
ولكن ما أن تصل تلك المطالبات والدعوات الحقوقية إلى الشعب الفلسطيني الأعزل والذي يرزح تحت وطأة الاحتلال الإسرائيلي منذ عدة عقود حتى يعتمد أسلوب آخر في الطرح ويسير في اتجاه معاكس لكل تلك الدعوات والأطروحات السابقة لتلك الدول التي تدعي الديمقراطية والعدالة ورعاية حقوق الإنسان وحفظ السلام , وإلا فماذا يعني أن يتخلى الاتحاد الأوربي في هذا الوقت الحساس والمهم عن دعمه المادي والمعنوي للحكومة الفلسطينية المنتخبة بعد سنوات من الدعم المتواصل للدولة الفلسطينية بمختلف حكوماتها السابقة وذلك بمجرد أن وصلت إلى سدة تلك الحكومة منظمة حماس والتي اختاره الشعب الفلسطيني في انتخابات حرة وديمقراطية مباشرة وأمام العالم بأسره وباعتراف العديد من المنظمات الإنسانية والقانونية الأوربية والدولية بنزاهة تلك الانتخابات ؟! - وطبعا - فالأسباب معروفة وعلى رأسها عدم اعترافها ـ أي ـ منظمة حماس ( بالدولة ) الإسرائيلية.
وهنا يتبادر إلى أذهاننا بعض الأسئلة المبررة للطرح وخصوصا أمام هذه التناقضات الواضحة في السياسة الدولية الخارجية وخصوصا الاميركية والأوروبية منها ما بين الطرح النظري لفكرة نشر الديمقراطية و آلية التدخل الإنساني لحماية تلك الحقوق وما يحدث على ارض الواقع من تطبيق عملي لتلك الأفكار , فالشعب الفلسطيني شعب اعزل وهو اليوم يواجه أنواع متعددة من الأسلحة الإسرائيلية المتطورة والحديثة والتي تقوم بما لا يمكن تخيله من أعمال القمع والقتل وتجريف المزارع وإحراقها, فأين يكمن إرهاب هذا الشعب الأعزل ( الضحية ) أمام ارتال الأسلحة الإسرائيلية المتنوعة ؟ وأين هي الديمقراطية الأوربية والأميركية الحديثة من أسلوب الضغط المادي والنفسي الواضح على الحكومة الفلسطينية بتقليص وتحجيم الإمدادات والمعونات الإنسانية أو قطعها إن لم تعترف هذه الحكومة الفلسطينية المنتخبة بما تشاءه تلك الدول وان كان ذلك مخالفا لكل مبادئ الديمقراطية والحقوق السيادية والإنسانية ؟ وأين هو مبدأ التدخل الإنساني الذي تعتز به تلك الدول بل وتمارسه كحق شرعي على من تشاء ووقتما تشاء من الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على الشعب الفلسطيني الأعزل؟ وأين هي المبادرة باسم هذا المبدأ إلى مساعدة كل من تعرضت حقوقه الإنسانية كحق الحياة والتعبيرعن الرأي والحقوق السياسية والمدنية ...الخ إلى القمع أو الانتهاك أو الإهمال من الشعب الفلسطيني ؟؟!!
نعم ... فلقد وجدنا أن جل تلك الدول التي تعلمنا الديمقراطية وتطالبنا بنشرها بل وتتدخل عنوة في شئوننا الداخلية والسيادية من اجل تحقيقها على ارض الواقع هي أول من يخترقها ويقوم بانتهاكها , بل وتميز في تطبيق الإجراءات القانونية والأخلاقية التي تدعوا إليها ما بين شعب وآخر, وأخيرا هي نفسها قامت بالتنصل منها بل و قامت بتعطيلها كما شاهدنا ذلك من دول الاتحاد الأوروبي والتي ساعدت بالضغط على الحكومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني من أجل اعترافه بالقوة بدولة أنهكت حقوقه الإنسانية منها والسيادية على انتهاك تلك الحقوق التي تدعوا إليها , وبالتدخلات الاميركية المستمرة في الأمم المتحدة من اجل تعطيل إصدار قرار أممي يدين تلك الإعمال الإسرائيلية أو حتى يشير إليها.
فأين الدول الكبرى ودعاة الديمقراطية والعدالة وحقوق الإنسان وقوانين الدنيا بأسرها من (الدولة) الإسرائيلية وهي تقوم بقمع وقتل الشعب الفلسطيني الأعزل و بكل برود وأمام أعين الجميع ؟! منتهكة كل المعاهدات والاتفاقيات الدولية الإنسانية منها والسيادية بداية من القرار الذي أصدرته الجمعية العامة للأمم المتحدة تحت رقم ( 96 د- 1 ) في عام 1946 والذي يعتبر إبادة الجنس البشري جريمة دولية يدينها العالم المتحضر ويوجب إنزال العقاب على كل مقترف لها , ومرورا بالمعاهدات الدولية الاقتصادية والسياسية وباتفاقيات جنيف وبتقرير اللجنة الخاصة بتعريف الإرهاب الدولي المنبثقة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 28 (ملحق 28 A/9028 ) وغيرها الكثير من الاتفاقيات التي لا تتسع لذكرها الأوراق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. روسيا والصين.. تحالف لإقامة -عدالة عالمية- والتصدي لهيمنة ال


.. مجلس النواب الأمريكي يصوت بالأغلبية على مشروع قانون يمنع تجم




.. وصول جندي إسرائيلي مصاب إلى أحد مستشفيات حيفا شمال إسرائيل


.. ماذا تعرف عن صاروخ -إس 5- الروسي الذي أطلقه حزب الله تجاه مس




.. إسرائيل تخطط لإرسال مزيد من الجنود إلى رفح