الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


معارك وهمية في انتخابات نقابة الصحفيين - هل يمكن قيام الديمقراطية في العراق بهذه الصورة؟

سردار عبدالله

2003 / 8 / 3
اخر الاخبار, المقالات والبيانات



أيا كانت اسباب عدم مشاركة صحفيي كردستان في انتخابات الصحفيين المقامة في بغداد مؤخرا، فان الموقف في حد ذاته يشكل مدخلا مهما للوقوف والتأمل في المخاض الديمقراطي العسير الذي يمر به العراق، بل ومجمل العملية الديمقراطية في المنطقة كلها. ولابد لنا بعد هذه التجربة القاسية مما دأبنا علي تسميته بالانتخابات، ان نتوقف للحظات ونتساءل بصدق: هل هذه الممارسات ديمقراطية حقا؟ وهل هي الخطوة الأولي التي تبدأ بها رحلة الألف ميل الديمقراطية في العراق؟ وهل ستؤدي في النهاية الي ولادة طبيعية لممارسة ديمقراطية حقيقية؟ ثم هل هذه الممارسات شرعية من الناحية القانونية؟ أن هذه التساؤلات وغيرها تفرض نفسها علينا الآن بالحاح شديد وذلك بعد ان تجاهلناها كلنا طيلة الأشهر التي تلت سقوط النظام حتي الآن، ولكن قد آن الأوان وبات من العيب علينا ان نغض الطرف عنها وندفن رؤوسنا في التراب مفضلين مصالحنا الخاصة علي مصلحة البلاد ومصير العملية الديمقراطية ككل. لايمكن ان نسمي كل عملية اقتراع تجري امام صندوق عديم الروح، عملية ديمقراطية، والا لكانت المهازل التي كان صدام يديرها ويعلن عن نتائج تكاد تتجاوز نسبة (100%) من اصوات المقترعين، ممارسة ديمقراطية. اذن فالعبرة ليست في وضع صندوق نرمي في جوفه اوراقا، متوهمين بأنها تعبر عن ارادتنا في الاختيار. والمخاض الديمقراطي في العراق أكبر وأعقد بكثير من اختزاله بهذا الشكل، وهو قبل ان يكون التراكض من اجل الفوز بهذا الكرسي او ذاك، وقبل ان يكون الجواب علي أي من الأحزاب قد فاز وأيها خسر، هو امتحان عسير لابد لنا من الخوض فيه بشجاعة واستعداد تام، وليس امامنا من طريق الا ان ننجح، والا فاذا رسبنا في هذا الامتحان فأننا سنخسر كل شيء. ان معركتنا الديمقراطية بالأساس قبل ان تكون مجموعة معارك انتخابية نخوضها ضد بعضنا البعض، هي معركتنا المصيرية ضد الديكتاتورية التي رحلت كقالب وبقيت معشعشة في بيوتنا، ولا يمكن ان نتقدم خطوة واحدة في الاتجاه الصحيح لبناء بلد مزدهر يتمتع فيه المواطن بكامل حقوقه، الا اذا كسبنا هذه المعركة وهي معركتنا كلنا. ولكي ننتصر في هذه المعركة لابد لنا قبل ان نخطو خطوة واحدة ان نحاول فهم ما يجري في البلد، وان نتوصل الي فهم واضح وحقيقي لا لبس فيه لمفهوم الديمقراطية وكيفية ممارستها. لا يمكن فهم ما يدور الآن في العراق وكان الأحري بالكل التريث الي ان ينجلي كل هذا الدخان والغبار الذي يغطي سماء العراق ويمنع الرؤية بصورة كاملة، فالبدء بالعملية الديمقراطية مسؤولية اخلاقية جسيمة قبل كل شيء آخر وعلينا ان نكون بمستوي هذه المسؤولية، والا فأننا نقترف خطيئة كبري بحق البلد وناسها ثم بحق العملية الديمقراطية. ثم كيف يمكن ان نفتح الباب للبدء بعمليات انتخابية والبعثيون ما زالوا يرتعون في البلاد فسادا، أليس من العار علي صحفيي العراق ان يحضر انتخاباتهم شخص كـ(داود الفرحان) كممثل لاتحاد الصحفيين العرب، كان الأحري بهم قبل البدء في الدخول الي معارك وهمية جانبية في سبيل الاستحواذ علي بعض الكراسي العمل علي اجتثاث آثار البعث من الدولة والمجتمع، ان الانتصار في المعركة الديمقراطية لا يمكن الا ان يمر من خلال تطهير العراق من آثار البعث، ومن يعتقد ان داود الفرحان كان يمثل اتحاد الصحفيين العرب فهو اما واهم واما يخدع نفسه، فداود الفرحان وأمثاله في كافة مجالات العمل في العراق لا يمكن الا ان يمثلوا شبح النظام الديكتاتوري وشبح ما كانت تسمي بنقابة الصحفيين العراقيين ونقيبه المقبور (الأستاذ عدي). كان علي الصحفيين العراقيين ان لا يسمحوا حتي لشخص غير عراقي يمثل الاتحاد العربي الا اذا كان شخصا نزيها ومعروفا بمواقفه المشرفة تجاه العراق ومعاناة شعبه علي يد جلاوزة النظام السابق واعوانهم المتحايلين المتخفين في ثياب الاتحادات العربية، ثم ليأتي احد ويجيبنا علي التساؤل الهام: ما أهمية، بل واسباب مشاركة شخص باسم اتحاد الصحفيين العرب؟ اما الآن فان علي الاتحاد المذكور ان يقدم اعتذاره للعراقيين عن مواقفه المعادية للعراق وشعبه والمؤيدة بصورة عمياء لصدام ونظامه. وبعد كل هذا لابد للمناضلين من الصحفيين في كردستان من حتي مقاطعة مثل هذه الألاعيب التي تمارس باسم الديمقراطية، ان صحفيي العراق بتجربتهم هذه سجلوا هزيمة نكراء للديمقراطية، فاذا كانت الديمقراطية ممكنة في ظل رعاية أشخاص كداود الفرحان، اذن فلماذا هدرنا كل هذا الكم الهائل من الدماء والجهود في اسقاط نظام صدام، صحيح ان صدام قد رحل لكن اللحظة التي يرعي فيها داود الفرحان انتخابات نقابة الصحفيين العراقيين هي لحظة حاسمة في عودة البعثية للسيطرة علي كل شيء في العراق مرة اخري. من هنا اذا كان هذا حال الوسط الصحفي الذي من المفروض انه يتمتع بوعي متقدم وشعور عال بالمسؤولية، اذن فكيف يمكن ان يكون حال بقية النقابات والجمعيات، لذلك يجب ايقاف كل هذه الممارسات الي ان ينجلي كل هذا الدخان والغبار وتتضح الرؤية ويمكن ان نري الطريق امامنا، ثم بعد ذلك فلنبدأ بخطوات واسعة. ثم لنكن صريحين قليلا، فهذه الانتخابات تفتقر الي مقومات الشرعية القانونية، فلا يحضرها ممثلون عن السلطة القضائية، وكذلك آليات الاعداد لها بما فيها آليات الاعلان عن الموعد وابلاغ الأعضاء وما الي ذلك كلها اجراءات ارتجالية وتفتقر الي الحد الأدني من الشرعية القانونية. وهناك قضية اخري مهمة وهي قضية النصاب الذي يحضر عمليات التصويت. كل هذه الأسباب كافية لكي تسحب الشرعية عن كل الانتخابات التي جرت في الفترة الأخيرة. ان علينا ان نتعامل مع قضية الديمقراطية بمستوي ارقي من حيث الفهم والممارسة، فهي كما قلنا اولا وقبل كل شيء مسؤولية أخلاقية لا يمكن التصدي لها الا بعد تطهير العراق من البعثية، وكذلك تطهير ارواحنا وانفسنا من الأنانية. بالمقابل فان علينا ان نبدأ بسرعة بالبدء بعقد ندوات ومؤتمرات عن المجتمع المدني وكل المفاهيم الخاصة بالديمقراطية، لكي نحاول توضيح الرؤية، ونكون بموازاة تلك العملية قد انجزنا مهمة تطهير المجتمع العراقي من آثار وبقايا البعث، عندها ستغدو مسألة من يفوز ومن يخسر مسألة ثانوية، ولا ننسي بأن العملية الديمقراطية لعبة مستمرة في التناوب علي الفوز والخسارة...

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الإصابة بالتوحد؟ • فرانس 24


.. مدير مكتب الجزيرة في غزة وائل الدحدوح: هناك تعمد باستهدافي و




.. الشرطة الفرنسية تدخل جامعة -سيانس بو- بباريس لفض اعتصام مؤيد


.. موت أسيرين فلسطينيين اثنين في سجون إسرائيل أحدهما طبيب بارز




.. رغم نفي إسرائيل.. خبير أسلحة يبت رأيه بنوع الذخيرة المستخدمة