الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التحولات الإجتماعية للطبقة العاملة في ظل الرأسمالية الإمبريالية

امال الحسين
كاتب وباحث.

(Lahoucine Amal)

2007 / 2 / 27
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


إن نشأة الطبقة العاملة لم تحدث فجأة واحدة بل كانت حصيلة صراع مرير دام عدة قرون ، أولا عبر الحركة الإجتماعية للطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء ضد استبداد الأنظمة الإقطاعية ، ثانيا عبر الصراع بين مفاهيم البرجوازية و مصالح الإقطاع ، ثالثا عبر الصراع المرير بين العمل و الرأسمال ، بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية، بين المفاهيم الإشتراكية و المفاهيم البورجوازية ، و مازال الصراع قائما و سيبقى كذلك ما دامت التناقضات الطبقية و الإجتماعية قائمة بل وهي آخذة في التعمق ، نتيجة السيطرة البرجوازية على السلطة السياسية و الهيمنة الإيديولوجبة الرأسمالية على الأوضاع الإقتصادية و الإجتماعية ، و فرض سياسات الرأسمالية الإمبريالية على الشعوب بالقوة العسكرية من طرف الإمبريالية الأمريكية و حلفائها ، و تمرير السياسات الرأسمالية التبعية من طرف الأنظمة الرجعية الحاكمة في البلدان التي تم نهب خيراتها و تفقير شعوبها ، و تعيش الطبقة العاملة أوضاعا مزرية في الفترة الحالية التي تتسم بالتحولات الدولية المتسارعة في اتجاه ضرب ما تبقى من مكتسباتها التاريخية في ظل هجوم الرأسمالية الإمبريالية ، التي تشن حربا شرسة على الحركة الإجتماعية الإشتراكية و الحركة الفكرية الإشتراكية من أجل سيادة الفكر البورجوازي و سيطرة الطبقة البورجوازية على السلطة السياسية و الإقتصادية .

لقد مرت الطبقة العاملة بعدة مراحل اقتصادية و اجتماعية قبل أن تصبح فيما هي عليه اليوم بدءا بالعمل الحرفي اليدوي الذي استمر لعشرات القرون ، في الوقت الذي لا يمكن فيه التمييز بين العامل و صاحب ورشة العمل إلا في حصاد الربح ، حيث تنتفي بينهما الفوارق الطبقية و الإجتماعية أثناء العمل ، و كان ذلك طبيعيا في المجتمعات الإقطاعية التي سادت فيها العبودية و استغلال العمال و العاملات بالمزارع و الضيعات ، و لم يتم بروز الطبقة العاملة إلا عندما تراكمت الأرباح في يد أصحاب ورشات العمل ، الذين سعوا إلى الإرتقاء الطبقي عن طريق استغلال قوة عمل الطبقة العاملة إلى جانب استغلال الطبقة الإقطاعية للعاملات و العمال الزراعيين ، و ظهرت الإرهاسات الأولى للرأسمالية فيما يسمى بالمانيفكتورات في القرن 14 الميلادي ، و لم يتم بروز الطبقة العاملة كقوة اجتماعية إلا عندما طرأ تحول كمي في المجتمعات الإقطاعية مع بروز التقنية الصناعية التي أحدثت تحولا كيفيا في هذه المجتمعات ، عبر تطور وسائل الإنتاج التي أحدثت قفزة نوعية نتيجة التحوا الملموس في علاقات الإنتاج ، و برزت مفاهيم البرجوازية التي تدعو إلى تحرر الطبقة العاملة من قيود العبودية الإقطاعية ، و لم يتحقق ذلك التحول الكيفي إلا بعد إنجاز الثورات الإجتماعية البرجوازية الثلاث في إنجلترا و أمريكا و فرنسا ، ثم في باقي العالم الغربي فيما بعد ، و لعبت الطبقة العاملة دورا أساسيا في إنجاح هذه الثورات البورجوازية ضد مصالح الأنظمة الإقطاعية.

كان لانتصار مفاهيم البرجوازية على مصالح الإقطاع أثر كبير في بروز الصراع الطبقي بين الطبقة العاملة و الطبقة البورجوازية ، و كانت الطبقة العاملة في الصفوف الأولى للحركات الإجتماعية التي أطاحت بالأنظمة الإقطاعية التي حلت محلها الأنظمة الرأسمالية ، و لم تكن تعلم الطبقة العاملة أن الطبقة البورجوازية ستصبح نقيضها الأساسي الذي سيستفيد من نتائج هذه الثورات الثلاث و أن الطبقة العاملة هي التي ستؤدي الثمن ، و لم تكن تعلم أن الطبقة البرجوازية ستقودها إلى الحروب الإمبريالية و اللصوصية في المستعمرات بآسيا و أفريقيا لضرب مصالح شعوبها و استغلال ثرواتها ، و لم تكن تعلم أن النظام الرأسمالي سيصبح أكثر عدوانية ضد مصالحها و أكثر استعبادا لها بعد استغلال قوة عملها و نهب خيرات شعوبها ، فأصبحت الحشود الهائلة من العاملات و العمال داخل المعامل تكدح من أجل الإنتاج الوفير ، الذي يذر أرباحا طائلة في أيدي الطبقة البرجوازية التي تملك وسائل الإنتاج و تسيطر على الرساميل ، فأصبح بذلك العمل ذو صفة اجتماعية بما توفره الطبقة العاملة من حركة اجتماعية داخل المعامل من أجل ضمان وفرة الإنتاج و استمراريته ، بينما ظلت وسائل الإنتاج ذات الصفة الخاصة الرأسمالية في أيدي أقلية قليلة من الطبقة البورجوازية .

لقد تعرضت الطبقة العاملة لاستغلال الطبقة البرجوازية قبل بروز الحركة الماركسية و الفكر الماركسي ، الذي أبرزت التناقضات الأساسية بين الرأسمال و العمل ، بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية ، بين القوى المنتجة و علاقات الإنتاج ، بين قوة العمل ذات الصفة الإجتماعية و وسائل العمل ذات الصف الرأسمالية ، و كان لحلول النظام الرأسمالي مكان النظام الإقطاعي أثر كبير على المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة و على رأسها الحريات الفردية ، التي بدونها لا يمكن للرأسمالية أن تعرف الطريق إلى التطور و الإستمرارية ، حيث أن حاجة الرأسمالية إلى طبقة عاملة تملك مستوى من الثقافة و التقنية ضروري إستجابة للتحول الكمي و الكيفي لوسائل الإنتاج ، الذي أبرز التحول الكيفي و الكيفي في المجتمعات الرأسمالية لضمان تطور الأنظمة الرأسمالية و استمراريتها ، فكان لابد من التحرر من قيود العبودية الإقطاعية لفتح المجال أمام الإستغلال البشع للرأسمالية و نهب ثروات الشعوب من طرف الطبقة البرجوازية ، و هكذا عرف الرأسمال و العمل تناقضات أساسية لا يمكن حلها إلا بحل التناقض الأساسي بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية ، و بالتالي حل التناقض الأساسي بين صفة الملكية الخاصة الرأسمالية لوسائل الإنتاج و الصفة الإجتماعية للعمل ، فكان لابد من استمرار الصراع بين الطبقتين المتناقضتين في ظل النظام الرأسمالي باعتباره نظاما تناحريا ، تنتفي فيه المساواة في توزيع العمل و الثروات بين جماهير العاملات و العمال بالمعامل و الطبقة البرجوازية .

إن الحركة الإجتماعية العمالية ضد الإستغلال البشع الذي تتعرض له قد حققت مكتسبات تاريخية بممارسة حرية التنظيم عبر المنظمات النقابية الجماهيرية التي تدافع عن حقوقها الإقتصادية و الإجتماعية ، فبحلول النظام الرأسمالي فتح مجال الصراع الطبقي من أجل انتزاع ما يمكن انتزاعه من المكتسبات في أفق السيطرة المطلقة للطبقة العاملة على وسائل الإنتاج ، فكان لابد من الصراع بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية في ظل الأنظمة الرأسمالية ، فبعد الإعتراف بالحقوق المدنية و السياسية التي تشكل مجموع الحقوق الفردية باعتبارها تكريسا للممارسة البورجوازية ، حيث أن هذه الحقوق تتمتع بها الطبقة البورجوازية بينما الطبقة العاملة تظل تكدح بالمعامل من أجل تراكم الرأسمال في أيدي الطبقة البورجوازية ، و كان لا بد من الصراع ضد مصالح الأنظمة الرأسمالية و تضييق الخناق حولها من طرف الطبقة العاملة في ظل سيادة المفاهيم الماركسية ، و لم يكن أمام الطبقة البرجوازية الأوربية إلا اللجوء إلى استعمار بلدان أفريقيا و آسيا كحل ظرفي لأزمة الرأسمالية ، لتحقيق نسبة معينة من الرفاهية للطبقة البورجوازية و فئة من الأرستقراطية العمالية على حساب استغلال شعوب و ثروات المستعمرات ، لمواجهة تغلغل الحركة الإجتماعية و الفكرية الماركسية في أوساط الطبقة العاملة و نشوء مرحلة الرأسمالية الإمبريالية ، و أمام المد النضالي للحركة العمالية كان لابد للرأسمالية الإمبريالية من التنازل عن بعض الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية كحل ظرفي لتجاوز الصراع المباشر مع الطبقة العاملة بعد بروز الأنظمة الإشتراكية .

إن التحول الكمي و الكيفي لوسائل الإنتاج الذي يسير في تزايد مستمر بفضل جهود الطبقة العاملة و على حساب قوة عملها ، و توفير القيمة المضافة على شكل أرباح طائلة في أيدي الطبقة البرجوازية لم يضمن لوحده تطور الأنظمة الرأسمالية ، فأصبحت الرأسمالية الإمبريالية تعيش تناقضات مستمرة تلازمها و التي تبرز على شكل أزمات نتيجة تناقضاتها الأساسية مع الحركة العمالية ، و الطبقة البورجوازية في صراعها تحاول تصدير أزمات الرأسمالية الإمبرالية مستهدفا من خلال ذلك مصالح الطبقة العاملة كنقيض دائم لها ، ذلك ما سنراه في نشوء الأنظمة الرأسمالية الفاشية و اندلاع الحربين الإمبرياليتين الأولى و الثانية و حروبها اللصوصية التي أدت فيها الطبقة العاملة ثمنا باهظا ، و خلق صراعات ثانوية تزج بالطبقة العاملة في غياهبها للتخلص من مطالبها و تجميد نضالاتها بافتعال الحروب و النزاعات بين الشعوب في قطر واحد و بين مجموعة من الأقطار ، مستهدفة تفعيل التناحر في صفوف الطبقة العاملة الذي يحول دون إبراز التناقض الأساسي بينها و بين الطبقة البرجوازية و تحميلها النتائج الكارثية لأزمات الرأسمالية الإمبريالية ، و لولا هذه التناقضات المفتعلة بين الشعوب لما سنحت الفرصة للرأسمالية الإمبريالية لكي تعرف الطريق إلى التطور و الإستمرارية و بروز الرأسمالية الأمبريالية الأمريكية كمستفيد أول من هذه الأزمات ، و التي سرعان ما افتعلت أزمة ما يسمى بالحرب الباردة بين المنتظم الشرقي الأشتراكي و المنتظم الغربي الرأسمالي في محاولة لإقحام الرأسماليات الإمبريالية الأوربية في صراع دائم ضد الحركة الإجتماعية الإشتراكية و الحركة الفكرية الإشتراكية ، و بالتالي إقحام الأنظمة الرجعية بالدول التابعة لها لضرب الحركة الإجتماعية الأشتراكية كنقيض للرأسمالية الإمبريالية ، و استغلال خيرات البلدان الفقيرة للحفاظ على مكانتها كقائدة للمنتظم الرأسمالي الإمبريالي ، و العمل على تحميل أعباء أزماتها للطبقة العاملة بشكل مباشر بعد سقوط المنتظم الإشتراكي الشرقي ، و ذلك بترويج مفاهيم جديدة في محاولة لحل أزماتها كإعادة الهيكلة و الشراكة و النقابة المواطنة و المقاولة المواطنة و غيرها من المفاهيم البورجوازية .

و في كل مرحلة من مراحل الهيمنة الرأسمالية الإمبريالية يطرح مستوى من المطالب الملحة للطبقة العاملة ، و التي يجب وضعها في أولويات النضال من أجلها منذ استيلاء الطبقة البرجوازية على السلطة السياسية و الإقتصادية في القرنين 17 و 18 ، و كان لابد من النضال من أجل الحقوق الفردية / السياسية و المدنية التي تضمن لها حرية التنظيم النقابي ، من أجل الدفاع عن المكتسبات التاريخية للطبقة العاملة بعد الثورات البرجوازية التي ساهمت الطبقة العاملة في إنجاحها بشكل كبير ، و مع تنامي الرأسمالية الأحتكارية و استغلال الطبقة العاملة من أجل مزيد من الربح في أيدي الطبقة البرجوازية التي تنكرت لدور الطبقة العاملة في إسقاط الأنظمة الإقطاعية كان لابد من الضال من أجل الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية كأولويات ، فكان لميلاد الحركة الإجتماعية الإشتراكية و نشر مفاهيم الإشتراكية في القرن 19 دور هام في الصراع الطبقي ضد طغيان الرأسمالية ، و لم يتحقق ذلك إلا مع نجاح الثورة البولشيفية في القرن 20 و بروز التناقضات الأساسية بين الطبقة العاملة و الطبقة البرجوازية ، بين الرأسمال و العمل ، بين وسائل الإنتاج الرأسمالية و القوى المنتجة الإجتماعية ، بين الطبقات العاملة و الطبقة البورحوازية المسيطرة على السلطة السياسية و الإقتصادية ، و في ظل هذه التناقضات الأساسية يستمر تطور وسائل الإنتاج و تكديس الأموال في أيدي الطبقة البورجوازية و نهب خيرات الشعوب و تفقير الطبقات الشعبية و على رأسها الطبقة العاملة ،
و قد أطلعتنا الرأسمالية الإمبريالية الأمريكية باعتبارها قائدة الإمبرياليات الغربية على فظاعة النظام الرأسمالي الإمبريالي ، حيث تبين الإحصائيات اليوم أن % 1 من سكانها يستولي على خيرات البلاد بينما أكثر من ثلث سكانها يعيش فقرا مدقعا ، و بذلك يكون 2,7 مليون من السكان الذين يمثلون الطبقة البورجوازية يسيطرون على الموارد المالية و تبقى 100 مليون تحت عتبة الفقر و يمثلون الطبقات المسحوقة بينما 167 مليون يتأرجحون بين الطبقات الفقيرة و الطبقات الوسطى ، هكذا تدوس الرأسمالية الإمبريالية كل الحقوق الإقتصادية و الإجتماعية للطبقة العاملة.

إن استمرار استغلال الطبقة البرجوازية للطبقة العاملة لأزيد من خمسة قرون و فشل التجارب الإشتراكية الإتحاد السوفييتي و شرق أوربا ، بعد سقوط المنتظم الشرقي في أواخر الثمانينات فتح المجال أمام الأنظمة الرأسمالية الإمبريالية لمزيد من الإستغلال ، فخلال المراحل التي مرت بها الرأسمالية بعد مرحلة البناء منذ بروز المانيفكتورات مرورا بالرأسمالية التنافسية فالإحتكارية ثم الإمبريالية تم تكديس الأموال في أيدي الطبقة البرجوازية ، و عرفت وسائل الإنتاج تطورا هائلا عبر التقدم التيكنولوجي خاصة في مجال الإعلاميات التي أحدثت قفزة نوعية في أوساط المجتمعات الرأسمالية ، خاصة في ظل السيطرة الرأسمالية الإمبريالية الأمريكية الشيء الذي له أثر كبير في تطور مفهوم الطبقة العاملة عبر التحول الكمي و الكيفي في أوساطها ، و أصبح العمل اليوم يتخذ أشكالا متعددة و متنوعة حسب مستوى تطور وسائل الإنتاج كميا و كيفيا ، و ضرورات حاجيات الملحة للرأسمالية الإمبريالية إلى الخدمات الكمية و الكيفية للطبقة العاملة ، التي مرت بعدة مراحل منذ سقوط الأنظمة الإقطاعية التي ساد فيها استعباد العاملات و العمال الزراعيين بالمزارع و الضيعات بشكل مباشر ، مرورا بهروب العاملات و العمال الزراعيين من طغيان الإقطاع بالبوادي و سقوطهم في بطش الرأسمالية بالمدن الصناعية .
فكان لابد من القفزة النوعية للمجتمعات بالمدن من أجل تيسير استغلال الطبقة العاملة بتيسير الحياة المدنية في شبه رفاه نسبي في حدود استهلاك المنتوج الصناعي المتجاوز لدى الطبقة البرجوازية ، و منح الطبقة العاملة إمكانية الحصول إلى المستوى الثقافي المطلوب في التقنية الصناعية ، و كان لابد من ترقيتها حتى تكون في مستوى استغلال الرأسمالية الإمبريالية ، و تبقى الحشود الكبيرة من الجماهير التي لا حاجة للرأسمالية الإمبريالية بخدماتها في عطالة دائمة حتى الموت بما في ذلك المعطلون ذوي الشهادات ، و هكذا دواليك انطلاقا مما يتطلبه التطور الكمي و الكيفي للتكنولوجية في مستويات معينة من مراحل تطور الرأسمالية الإمبريالية و المحدد لتطور أساليب استمرار الإستغلال ، و في كل مرحلة من المراحل يتم التخلص من الحشود الكبيرة من الطبقة العاملة التي تجاوزتها متطلبات الرأسمالية الإمبريالية و تقنيات العمل و تعددت أشكالها بتعدد مستويات تطور القفزة النوعية لوسائل الإنتاج .
فإذا كانت الجرارات قد حطمت دور المحراث الخشبي و المنجل يالبوادي و بالتالي التخلص من العدد الهائل من العاملات و العمال الزراعيين ، الذين ليس للإقطاع حاجة بهم في العمل بالمزارع و الضيعات التي أقامها في أراضي الفلاحين الفقراء ، فإن الإنسان الآلي قد تخلص في مرحلة معينة من الحشود الكبيرة من العمال بالمعامل في المدن الصناعية ، كما يتخلص اليوم الحاسوب من عدد كبير من المأجورين الذين لعبوا يوما دورا هاما في التخلص من العمال التقنيين الذين لعبوا يوما دورا هاما في التخلص من العمال اليدويين ، و هكذا دواليك و الأموال تتراكم في أيدي الطبقة البورجوازية و الفقر ينتشر في أوساط الطبقة العاملة و الفلاحين الفقراء و الكادحين .

و هكذا فإن حاجة الطبقة البرجوازية للخدمات يخلق فئة معينة من الطبقة العاملة أكثر ترقية اجتماعية من الفئة التي سبقتها و أقل عددا و تكلفة منها، و ذلك نتيجة التحولات الكمية و الكيفية لوسائل الإنتاج و بالتالي القفزة النوعية بالمجتمعات الرأسمالية ، كما حدث عند التخلص من عدد هائل من العمال بالمناجم و المزارع و الموانيء و معامل الصلب و غيرها من الأعمال التي تتطلب الجهد العضلي الصرف ، و يتم اليوم التخلص من المأخورين بقطاع الخدمات خاصة منهم الأقل مستوى في التقنية مما تتطلبه القفزة النوعية لتكنولوحيا هذا العصر ، و على الرغم من تباين أوجه الإختلاف فيما بين هذه الفئات إلا أنها جميعها تتفق في تعرضها لاستغلال الرأسمال الإمبريالية ، خدمة لتكديس الأموال في أيدي الطبقة البرجوازية التي تسعى دائما إلى تحقيق الربح الوفير و توفير وسائل الرفاهية و الراحة و الترفيه ، و تبقى الطبقة العاملة تكدح جاهدة من أجل البقاء و يبقى الرأسمالية الإمبريالية يبحث عن الربح السريع و تنامت الفوارق الطبقية و الإجتماعية في ظل الأنظمة الرأسمالية الأمبريالية ، فكان لابد من التخلص من القطاع العام و تفويت المؤسسات الصناعية و الفلاحية و المالية للرأسماليين ، و طرد الحشود الهائلة من العاملات و العمال و التخلي عن الخدمات الإجتماعية المجانية ، و التخلص من قيود الدولة القومية و تحطيم الحدود الجمركية لفتح المجال أمام الإستغلال المباشر لثروات الشعوب بالبلدان الفقيرة بدون قيد و لا شرط .
و كان لتكديس الأموال في أيدي الطبقة البرجوازية و الطفرة التكنولوجية المتقدمة في مجال الإعلاميات و الإعلام أثر كبير في تشجيع اقتصاد الريع ، و بعد استنفاد اقتصاد المضاربات المالية و العقارية على مستوى بلد واحد أصبحت الرأسمالية الإمبريالية مسرحا لتنقل الرساميل عبر البلدان و القارات بدون قيود ، فبعد التجاوز النسبي للإعتماد على الطبقة العاملة اليدوية التي لا تملك مستوى معينا من التقنية و التي نبيع قوتها العضلية ، أصبح الإعتماد على الطبقة العاملة المثقفة التي تبيع قوتها الفكرية و العقلية بالإضافة إلى قوتها العضلية ، و بالتالي تجاوزت الرأسمالية الإمبريالية الإستثمارات ذات أهداف إنتاجية لترتكز الإستثمار المضارباتي في المجال المالي ، و التركيز على اقتصاد الريع الذي يعتمد على تنقل الرساميل عبر القارات بحثا عن الطبقة العاملة الرخيصة و التكلفة الإنتاجية الزهيدة ، و ذر مزيد من الأرباح من خلال المعاملات المالية خارج نطاق العملية الإنتاجية لتكديس الرساميل بدون تكلفة تذكر ، و هكذا تجاوزت الرأسمالية الإمبريالية استغلال الأفراد و الجماعات في المعامل و المزارع إلى استغلال الشعوب ، و ضربها في صميم عمق حياتها اليومية و استغلال خيراتها و تخريب اقتصادها.

و لم يكن في وسع الطبقة البرجوازية السيطرة على السلطة السياسية و الإقتصادية إلا في ظل الفراغ السياسي و التنظيمي اللذان تعاني منهما الطبقة العاملة منذ ميلادها إلى اليوم ، فعلى الرغم من الطفرة النوعية التي حققتها في ثورة أكتوبر و التي لم تستطع الصمود طويلا أمام هجوم الطبقة البرجوازية و تملص الطبقة البرجوازية الصغرى من مسؤولياتها، فإن الطبقة العاملة تعيش اليوم نكسات اقتصادية و اجتماعية بعد فقدان تنظيماتها النقابية التي كانت في مرحلة سابقة تعتبر الأداة الوحيدة التي تعتمد عليها في مواجهة الطبقة البرجوازية ، إن افتقاد الطبقة العاملة لحزبها الثوري يجعلها عرضة لمزيد من الإستغلال و فقدان مكتسباتها التاريخية التي أحرزتها في مراحل تاريخية سابقة ، و كان لنكسات الأحزاب الشيوعية الفاشلة في تنظيم الطبقة العاملة في صفوفها أثر كبير في فقدان قوتها ، خاصة و أن القيادات البرجوازية للنقابات الموالية للأحزاب التي تدعي قيادة الطبقة العاملة بقت بعيدة كل البعد عن الإلتحام بالطبقة ، فما كان على الرأسمالية الإمبريالية بعد احتواء الأحزاب الإشتراكية التي تحولت إلى تنظيمات سياسية اجتماعية تحاول تسيير أزمات الرأسمالية الإمبريالية و تدجين التنظيمات النقابية ، إلا المضي قدما في مزيد من الهجوم على مكتيبات الطبقة العاملة ، فبعد إسقاط المنتظم الشرقي الذي فشل في التعبير و الدفاع عن مصالح الطبقة العاملة بالممارسة العملية للحزب البروليتاري ، ما كان على الإمبريالية الرأسمالية الأمريكية التي تمثل أقصى مستويات تطور الرأسمالية الإمبريالية إلا أن تسارع إلى انتزاع ما تبقى من مكتسبات الطبقة العاملة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة خاصة مع رئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية السودا


.. ارتباك في فرنسا مع انطلاق الجولة الثانية للانتخابات.. واليسا




.. شرطة نيويورك تقمع بالضرب متظاهرين داعمين لغزة


.. الشرطة الإسرائيلية تستخدم مضخات الماء لتفريق متظاهرين طالبوا




.. بريطانيا.. الحكومة الجديدة تعقد أول اجتماع لها عقب الانتصار