الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تعود الحرب الباردة؟!

عزيز الحاج

2007 / 2 / 27
مواضيع وابحاث سياسية


أثار خطاب بوتين في ميونيخ موجة من التعليقات الصحفية والعديد من ردود الفعل وخصوصا في الغرب.
في ذلك الخطاب هاجم الرئيس الروسي بكل عنف الولايات المتحدة بمناسبة عزمها على وضع دروع مضادة للصواريخ في تشيكيا وبولونيا، واصفا القرار بتهديد الأمن الروسي وناعتا السياسة الأمريكية بوحدانية القرارات. وقد هاجم أيضا حلف شمال الأطلسي لانضمام دول من الدول الشرقية للحلف.
إن عناوين بعض الصحف الفرنسية الهامة قد كررت مفردة "الحرب الباردة". إن صحيفة لوموند الفرنسية اليسارية مثلا عنونت تعليقها ليوم 21 فبراير الجاري [ 2007 ] كما يلي:
" الحنين للحرب الباردة"، وجريدة لوفيجارو خصصت صفحة كاملة للموضوع في عدد يوم 23 منه وكان العنوان كما يلي: "حرب باردة حول الدرع المضاد للصواريخ."
ترى هل يمكن عودة الحرب الباردة بين الدولتين؟
لا نعتقد، حيث أن مرتكزات وظروف قيام الحرب الباردة قد تركت محلها لوفاق وتعاون حول العديد من القضايا وإن كلا من الدولتين في حاجة للأخرى.
إن مما يجمع الدولتين خطر الإرهاب المتأسلم، وهل ينسى الروس مذبحة مدرسة بيسلان؟؟ والولايات المتحدة تحتاج لاتفاقات روسية - أمريكية حول قضايا ساخنة، كالنووي الإيراني والنووي الكوري الشمالي. في الموضوع الكوري كان التعاون حسنا وذا نتائج لا بأس بها كخطوة أولى؛ أما في الموضوع الإيراني، فإن هناك خلافات كبرى حيث أن روسيا هي التي تمون إيران نوويا، ولها مصالح تجارية ونفطية وغيرها هناك. لقد وقفت روسيا بحزم ضد معاقبة حازمة لنظام ولاية الفقيه برغم التصريحات المتكررة لأحمدي نجاد في تحدي المجتمع الدولي؛ غير أنه، برغم ذلك، تحقق أخيرا حد أدنى من الاتفاق كما تجلى في قرار مجلس الأمن الذي يفرض بعض العقوبات الجزئية على إيران. إن الموقف الروسي من إيران يعيد للأذهان موقف روسيا من نظام صدام ولكن هنا اليوم بعض الاتفاق على النووي الإيراني برغم عدم كفايته، وإذا اتخذ مجلس الأمن قرارا جديدا كما هو متوقع، فسيكون ذلك خطوة جديدة في تطوير الاتفاق الروسي مع الدول الغربية حول النووي الإيراني.
إن بوتين يعرف قبل غيره أن الولايات المتحدة لا تهدد ولا يمكن أن تهدد الأمن الروسي حيث أن العدو والخطر الرئيسيين اليوم لواشنطن والغرب يتمثلان في الإرهاب "الإسلاموي"، الذي تجاوز حدود الدول والقارات والهادف لتصفية الحضارة والديمقراطية، وهذا إرهاب يهدد روسيا نفسها في عقر دارها.
إن الجواب الأمريكي كان متزنا، فقد أكدت الولايات المتحدة على لسان متحدث باسم وزارة الخارجية بأن مشروعها للدرع المضاد للصواريخ مخصص " لحماية الولايات المتحدة وأصدقائها وحلفائها من صواريخ قد تطلقها دول مارقة كإيران"؛ مضيفا " لقد عرضنا في الواقع على روسيا التعاون معنا حول هذا البرنامج.. ونحن نواجه الخطر نفسه الذي يخرج من الشرق الأوسط ومناطق أخرى. كما دعت وزيرة الخارجية الأمريكية لحل المشكلة بهدوء و"بلا هستيريا." وكان وزير الدفاع الروسي قد هدد بالانسحاب من معاهدة 1987 حول إزالة الصواريخ قصيرة ومتوسطة المدى.
وأمس الأول عاد وزير الخارجية الروسي لتهدئة الأمور ونفى نية العودة للحرب الباردة.
إن الحرب الباردة نشبت بين معسكرين قويين عسكريا وسياسيا برغم التفاوت الاقتصادي، وكان للاتحاد السوفيتي حلفاء في الدول الشرقية، وكان اتحاد الجمهوريات السوفيتية غير متزعزع. أما اليوم، فإن روسيا فقد انفكت لا الدول الشرقية وحدها بل وكذلك عدد من جمهورياتها السابقة الهامة وثمة خلافات متأججة معها، ولاسيما مع أوكرانيا وروسيا البيضاء. وتستخدم روسيا سلاح الغاز والنفط للضغط على هذه الدول.
إن ما تتحدث عنه صحيفة لوموند عن "الحنين" تقصد به الحنين الروسي للعهد السوفيتي عندما كان قويا، وذا دور كبير في المسرح الدولي. إن الروس يشعرون بمرارة قاتمة وبجرح عميق لانهيار ذلك الصرح والمنظومة الاشتراكية معه، وهذا ما عبر عنه بوتين حين قال إن انهيار الاتحاد السوفيتي "كان أكبر كارثة في تاريخ روسيا."
إن الروس لا يمكن ألا يغضبوا لتفكك الاتحاد و ابتعاد الدول الشرقية نحو الاتحاد الأوروبي وحتى نحو حلف شمال الأطلسي. كما يحمل الروس دول الغرب كل المسؤولية عن ذلك من خلال الدعايات والضغوط السياسية وتبني المعارضين، وهناك بالطبع الغضب من التأكيد الغربي المستمر على حالة حقوق الإنسان في روسيا، والضجة التي انفجرت بعد حادث اغتيال معارض روسي في لندن بالسم وبطريقة هددت حياة آخرين.
هنا لابد من إعادة التذكير بأنه مهما كان دور العامل الخارجي كبيرا فيما حصل، فإن الاتحاد السوفيتي ما كان لينهار لولا أمراضه المزمنة اقتصاديا وسياسيا وبنيويا، وكان الاتحاد ينفق الأموال الهائلة على التسلح والصناعة الثقيلة على حساب الصناعات التي تخدم الحاجات الضرورية للمواطنين، وإن تلك النفقات هي التي أنهكت الاقتصاد الروسي وجعلته خلف دول الغرب اقتصاديا.
نعم، لا نعتقد بإمكان عودة الحرب الباردة؛ أما "حرب المصالح بين الدولتين، على حد تعبير لوموند، فهي القائمة، مع حاجة كل منهما للطرف الآخر، خصوصا في مواجهة الإرهاب العالمي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سيلين ديون تكشف عن صراعها من أجل الحياة في وثائقي مؤثر


.. -هراء عبثي-.. شاهد رد فعل مؤرخ أمريكي على الديمقراطيين الذين




.. نيويورك تايمز: تجاهل البيت الأبيض لعمر الرئيس بايدن أثار الج


.. انتخابات الرئاسة الإيرانية.. مسعود بزشكيان




.. بزشكيان يحصل على 42 % من أصوات الناخبين بينما حصل جليلي على