الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رفع الوعي الوطني والاممي ضمان لوحدة الجماهير الشعبية وليس المصالحة

سعاد خيري

2007 / 2 / 28
الحوار المتمدن - الكتاب الشهري 2 : المصالحة والتعايش في مجتمعات الصراع العراق نموذجا


يعود بنا مصطلح المصالحة الذي اطلقته وسائل الاعلام التابعة لقوات الاحتلال وتلقفته ادواتها من اجهزة السلطة واحزابها السياسية: العلمانية منها والدينية، يعود بنا الى الوراء الى التقاليد الاقطاعية والعشائرية ، حيث ثقوم الصراعات بين كبار الاقطاعيين او بين رؤساء العشائر حول قطعة ارض او سرقة حلال او لجؤ امرأة . وتتم المصالحة بينهم "ببوس اللحى او تقديم الدية وكثيرا ما تكون عدد من النسوة". اما جماهير شعبنا فقد تطور وعيها من خلال افتضاح اهداف كبار الاقطاعين ورؤساء العشائر وخيانتهم لمصالح الشعب والوطن ، وتقديمهم قرابين لمصالحهم ومصالح اسيادهم الجدد ، المحتلين البريطانيين ، منذ ثورة العشرين. حيث تأجج الوعي الوطني وطغى على كل هذه المخلفات وهبت جماهير الشعب العراقي بما فيهم بعض رؤساء العشائر ورجال دين، من قمم كردستان الى اهوار الجنوب. واصبحت دور العبادة لكل الاديان والطوئف مقرات لتجمع الجماهير لوضع الاهداف ورسم الخطط لتنفيذها . ورغم كل وسائل الامبريالية البريطانية لحماية التقاليد الاقطاعية والعشائرية وتأجيجها عند الحاجة ، كانت تلجأ الى المصالحة بين ادواتها السياسية من خلال تقسيم المناصب او بين روساء الطوائف والاديان والقوميات او مناطق النفوذ . ففي فترة اعطت السلطة لطائفة ، واعطت الهيمنة التجارية لفئة اخرى فضلا عن الهيمنة على رئاسة الطوائف والمراقد الدينية. وللمصالحة بين الاحزاب السياسية والقوات العسكرية، التابعة، بتبادل السلطة من خلال انقلابات عسكرية او مشاركة العسكرين للمدنيين في السلطة. والشرط الاساسي على كل هؤلاء حماية مصالحها، وخلق كل الوسائل لترويض الجماهيروتضليلها . ولكن رغم كل ذلك استمرت جماهير شعبنا تفاجئ ، بوحدة صفوفها وتصديها الشجاع لقواته وقوات ادواته: النظام الملكي الرجعي وكل اجهزته في وثباته المتعددة واروعها وثبة كانون عام 1948 والاروع كان في ثورة 14/تموز/1958. وبهذه الوحدة الجبارة استطاع شعبنا ان يحقق انجازات رائعة في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية . اثارت جنون الامبريالية العالمية وفي مقدمتها الامبريالية الامريكية التي بدأت السيطرة على جميع مواقع الامبريالية البريطانية. وعملت بكل الوسائل والاساليب لارجاع الحصان الجامح كما كانت تطلق على عراق الثورة، الى حضيرة التبعية. ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا لم تترك الامبريالية الامريكية وسيلة قديمة او جديدة، لتركيع شعبنا والهيمنة على وطننا وثرواتنا، الا واستعملها مهما بلغت تكاليفها وتضحياتها . فالغنيمة من ذلك تفوق كل التضحيات والتكاليف. وبعد نصف قرن من الانقلابات العسكرية والانظمة الدكتاتورية بكل ما استخدمته من ارهاب دموي وافقار ثقافي وحصار اعلامي، وحروب عدوانية مفتعلة، وحصار اقتصادي ظالم، وتحويل العراق وشعبه ساحة اختبار لاحدث اسلحتها الفتاكة تهيأ لها انها احكمت تركيع الشعب العراقي وآن الاوان لادخال الحصان الجامح الى حضيرة التبعية بابشع اشكالها ، الاحتلال..
ولم يتخل الشعب العراقي رغم كل ذلك عن مفاجأته لاعدائه، واعلن مقاومته لقوات احتلال اقوى دول العالم واوحشها. منقذا شعبنا واجياله من عار هزيمة بدون مقاومة فضلا عن خسارة تجربة رائدة لشعوب العالم ولقوى شعبنا الوطنية. اثار ت مقاومة فرقة من الجيش العراقي التي كسائر فرق الجيش، تضم جنودا من كافة مكونات الشعب العراقي القومية والدينية والطائفية، اثارت جنون قطب العولمة الراسمالية الاكبر، فاشهر عن وجهه القبيح الذي حاول تستيرة بشعارات التحرير والديموقراطية وحقوق الانسان. وجرد جميع اسلحته وادواته القديمة والحديثة والمستحدثة ، لقتل حيوية شعبنا وذاكرته، وتحطيم كل منجزاته التاريخية والحديثة وكل ما يذكره بتجاربه، وابادة اكثر ما يمكن من شبيبته واطفاله واستخدام كل الوسائل لتفرقة صفوفه ولاسيما الطائفية، وشل نصف المجتمع ،عن النضال بتكبيل المرأة بقيود القرون الوسطى، بل والى تقسيمه الى كانتونات متصارعة. لان العراق بقي الشبح الذي يؤرقه!!
فاستخدم سلاح المحاصصة الطائفية في تشكيل الحكومات والبرلمان والقوات المسلحة بعد ان حل الجيش العراقي الذي كان يضم جميع فكونات الشعب العراقي. وجميع وظائف الدولة كمنطلق للحرب الاهلية التي خطط لها منذ اول يوم احتلاله، لتبرير بقاء قواته تحت شعار حماية الشعب العراقي من الحرب الاهلية وكمقدمة لتقسيم العراق وانهائه. فتطورت في ظل هذه المحاصصة المنافسة بين الاحزاب المتسترة بالدين والطائفية لتحقيق مصالحها الحزبية وحتى الشخصية، الى صراع مسلح بين مليشيات طائفية. واردفتها قوات الاحتلال بتوجيه فرق مسلحة مدربة للقيام بالخطف والقتل والاغتصاب ونسف المراكز الدينية والاضرحة بشكل يثير المشاعر الطائفية ويؤلب على الاقتتال، فضلا عن اطلاق يد مختلف اشكال الارهاب من سيارات مفخخة وتفجيرات في الاسواق والجامعات واماكن تجمع العمال طلبا للعمل.، لا بادة اكبر عدد ممكن من الجماهير الفعالة في المجتمع بدون تمييز بينهم على اساس ديني او قومي اوطائفي. ومع ذلك يجري الاعلان عنها كجزء من الحرب الاهلية، لتضليل الراي العام العراقي والامريكي والعالمي. ولتستير دورها كموجه وممول ومدرب لجميع هذه النشاطات الارهابية اطلقت شعار المصالحة الوطنية. وتبنته فورا جميع ادواتها السياسية العلمانية والمتسترة بالدين، باعتبار المصالحة الحل الوحيد لاحلال الامن واعادة البناء واقامة دولة القانون!! واخذت تعقد المؤتمرات لرؤساء العشائر ولقادة الطوائف والاديان تحت شعار المصالحة داخل الوطن وخارجه، الى جانب تشكيل مختلف التكتلات والجبهات لتقوية مواقعها في الحكم ونيل رضى المحتلين. واختيار أي من ادوات الاحتلال لتبرئة الاحتلال من كل تلك الجرائم. فتارة تعتبر الارهاب واخرى الطائفية ومن ثم المحاصصة العدو الرئيس وليس الاحتلال.
ولكن جماهير شعبنا التي تحملت من الكوارث والتضحيات والخسائر في اربع سنوات من الاحتلال الامريكي، يفوق ما تحملته خلال قرن مضى واكتسبت من الخبر والتجارب ما تضيفه الى تجاربها السابقة، لايمكن ان يخدعها شعار المصالحة. ففي كل يوم يتأكد لها دور قوات الاحتلال في تنظيم كل هذه الكوارث وتنفيذها، ودور كل اداة من ادواتها بما فيها الاحزاب المتسترة بالدين والطائفية ، فقد افتضح خداع كل شعاراتها وبرامجها الانتخابية وتصاعد نضال الجماهير من اجل حقوقها حتى في مناطق نفوذها. كما اكتشفت الجماهير محاولات كل من السعودية وايران على تأجيج الطائفية خدمة لمصالحهما و ترضية او اشغالا لقطب العولمة الراسمالية الاكبر . فمتى واين تمت مصالحة بين قوات الاحتلال والشعب المحتل ؟؟ :وبين شعب واي من ادوات الاحتلال السياسية والاقتصادية والعسكرية والايديولوجية : كالارهاب وقوات مسلحة على شكل مليشيات او فرق موت او احزاب علمانية او متسترة بالدين وكل ادواتهم الاعلامية من مراكز دينية وصحافة وحتى قنوات فضائية؟؟.
ان هذا الوعي الوطني باتساعه وتصعيده فقط يمكن ضمان وحدة جماهير شعبناوليس المصالحة. وتصاعد الوعي الوطني هو الضمان الوحيد، لتطوير جميع اشكال مقاومة شعبنا للاحتلال وكل ادواته و لتحرير وطننا واسعاد شعبنا والمساهمة في تحرير البشرية واسعادها.
سعاد خيري في 27/2/2007










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا