الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


......والوقتُ كان رملاً

نور الدين بدران

2007 / 3 / 1
الادب والفن


كانت السماء تذرف رملاً، والأشجار مثقلة بثمار الرمل، في العيون أقرأ سيرة الرمل الذاتية، ومن رمل كان القفص الصدري للمكان، وطناً كان أو منفى.
كنت أفرك راحتي برداً أو شوقاً أو حيرةً، لم أكن أحظى بغير الرمل.
الخوف الذي يهز قلبي كزلزال، كان رملا أيضاً.
الليل النهار الدروب النجوم الحروف الانتظار الحقائب القبلات النبضات البشر..رمال في رمال في رمال...
***
لم أكن أسمع سوى الرمل ولم أر أو أذق أو ألمس أو أشم سوى الرمل.
في كوكب الرمل كنت إنسانا من رمل ، وكانت الغربة هي الألفة.
***
بغتة في ساحة غبراء حيث لم يعد من أمل في خلية ولا حياة في أمل ، لمعت ياقوتة بين الرمال، كلما حثثت الخطى نحوها كانت الريح تحملني كورقة خريف، تقطرني كحافلة صدئة نحو ذلك البريق، كلما دنوت أكثر كان الكون يتغير،كنت أقرأ سفرا جديدا للتكوين.
***
إنها المرأة التي لم أكن بها أحلم ، لكن حلمي الذي أدركته بعد عقود هو الذي كان يحلم بأطرافها الحرير ووجهها المضيء كشمس في أول أيام العام الجديد.
كان العام 1984 وجورج أورويل الذي كان في أوج لمعانه في ممالك الرمل العتيدة، راح يذبل ويختفي.
ذلك الزمن الذي كان في نظرنا هو الأسوأ في جميع العصور،كم كنا حمقى آنذاك.
***
تلك الياقوتة كانت امرأة من لحم ضئيل وضياء مديد.
كانت هي سين المستقبل ولم يكن للمستقبل بعد أو حرف أو أي من أشكال الحضور أو الوجود.
كان المستقبل كغيره في الواقع رملاً يابسا أو رملاً متخيلا في أحسن الأحوال،مشتقا من هذا الرمل الكوني أو الكون الرمل لا فرق، كان كل شيء لا يتعدى لعبة لفظية لزجة تتوزع تفاهتها في ثنائيات هشة كالرماد، تتفرق في السطح وتتحد في القاع.
***
كانت سلمى البداية،ثم صارت الحكاية.
في زمن الكبت والإرهاب والرعب والتشابه، كغيرها اتخذت الحبيبة اسما آخر من قاموس الرموز وإشارة من هيكل الإيماءات.
مرة ربّة من ربات الشعر العربي،ومرة سلوى من عوالم الجنان والخيال،
***
من ذلك الزمن نجت بعض أوراقي،تصفحت اليوم منها، نصا طويلا كمعلقة، يحمل عنوانا بطول قصيدة:" خذوني إليها ...من الرمل إلى الورد" ضحكت من نفسي، وكانت ضحكتي أكثر من هذه الدموع ..هذه الكلمات بعضها، لكني أثبت هنا بعض المقاطع بحرفيتها (المضحكة أو المبكية لا فرق) كما وردت في تلك الأوراق المؤرخة بحقبة تخيلها جورج أورويل، وكانت أفظع وأدهى.

خذني إليها أيها الأثير
زمان من حجر بيني وبينها
دروب من رصاص
ضد الكتب والعيون
سجون ودماء
في الوحل والرمل
يرمون جثة اللقاء
***
س البداية
س الحكاية
هي الرياح والجناح والفضاء والمساء والصباح
هي الاشتعال والتحول والانتقال
هي فصل انحسار الرمل الأخير وانطفاء النزيف
هي انسياب الورد والحرف والخيال.
هي البداية والحكاية وخاتم الأحلام.
***
اليوم وبعد نحو ثلاثة عقود من عمري أو ألفيتين من عمر العالم أقول بلا تحفظ:
إلى الجحيم كل الخطط والبرامج والمباحثات والأنظمة والمعارضات
لا دواء إلا الحب حتى يزهر الرماد.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صراحة مطلقة في أجوبة أحمد الخفاجي عن المغنيات والممثلات العر


.. بشار مراد يكسر التابوهات بالغناء • فرانس 24 / FRANCE 24




.. عوام في بحر الكلام-الشاعر جمال بخيت يحكي موقف للملك فاروق مع


.. عوام في بحر الكلام - د. أحمد رامي حفيد الشاعر أحمد راي يتحدث




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت يوضح محطة أم كلثوم وأح