الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطب في العراق و وعكة الطالباني الصحية البسيطة

محمد أمين

2007 / 3 / 2
الطب , والعلوم


ثم جلست لمشاهدة الاخبار اليومية على أحدى الفضائيات المشهوره و اذا بخبر مفاده أن رئيس جمهورية العراق موجود الان في مدينة الحسين الطبية في الاردن ويتماثل للشفاء إثر "وعكة صحية بسيطة". لم تذكر مصادر الاخبار ماهية الوعكة الا انها شددت على كونها "بسيطة" و سهله

سألت العديد من الزملاء و من الاصدقاء عن كيفية "تلقيهم" للخبر و ما هي ردود أفعالهم؟ تفاوتت الاجابات مدفوعة بخلفيات سياسية و حزبية و طائفية و إثنية , فكل شخص يرى الامر من منظار معين قد يكون ضيقا جدا في بعض الاحيان , أيا كانت الردود, فإنها لم " تلتفت " الى اخطر زاوية في هذا الموضوع وهي
هل أن الطب في العراق عاجز عن "رعاية" رئيس جمهوريته المصاب "بوعكه صحية بسيطة؟

لا شك أن الخدمات الصحية في العراق قبل مارس 2003 كانت تعاني و بشدة نتيجة سياسات النظام السابق و العقوبات الدولية , الا انها أخذت منحى آخر من التدهور الخطير بعدها , و أصبحت أحدى الشماعات التي تعلق عليها المشاكل السياسية و تصفية الحسابات و مرت اداريا بأيدي أكثر من "جهة معينة" محاولة النهوض بهذه الخدمات , ثم أمست هدفا للتفجيرات و الاغتيالات السياسية . و كل هذا و المواطن العراقي البسيط المريض منذ "عقود" جالس ينتظر الفرج و لا ينبس ببنت شفة تذكر, فقد جفت الكلمات قبل الدموع و ماتت الامال قبل الجسد , و الصبر يقول لنفسه اصبر يا صبر فأن الفرج آت لا محالة! و لكن الى م و حتى م؟

لنغض النظر عن مستشفيات بغداد و مآسيها الواضحة للقاصي قبل الداني , و لنأخذ مستشفيات احدى الاقاليم في شمال العراق (لانها في مركز قوة رئيس الجمهورية) و الذي كان بعيدا سياسيا عن السلطة المركزية من عام 1991 و لم تتعرض هذه المشافي للسلب و النهب بعد "التحرير" و لم يتعرض أطباؤها للاقصاءات الطائفية أو التهديد بالقتل أو القتل فعلا و التهجير الاجباري من سكناهم

على أمتداد 16 سنة من شبه الاستقلال و الاستقرار الامني , تفتقر أحدى محافظات ذلك الاقليم الى مستشفى بكل معنى الكلمة , فهي عبارة عن ابنية صغيرة متفرقة في رقعة أرض كبيرة أستغلت أبشع و أقبح استغلال. فالمستشفى الرئيسي فيها هو مبنى كان قسما داخليا لطلبة الجامعة أصلا و لم تجر عليه أي تحويرات و لا يصح حتى اطلاق صفة "شبه" مستشفى عليه فأنه يفتقر الى ابسط المعايير الدولية لتصميم المستشفيات , و قام مسؤولوه حديثا بطلائه من الداخل فقط بالاصباغ و التشبث به بدل التفكير في بناء بديل له , لا بل المبكي المضحك أن ادارته قامت ببناء كافيتيريا عملاقه في وسط المجمع الطبي "لتسهيل حصول المرضى و مرافقيهم على المواد الغذائية" بدل الذهاب الى السوق الذي يبعد 50 مترا! علما أن دار الاطباء قد تعرض للحرق قبل خمسة أشهر و لم يتم اعماره الى الآن, فكيف ينام الطبيب الخافر أو الذي جاء من مكان بعيد؟

ثم تقرر بناء ردهة للاسعاف الفوري و لا أدري من الذي قام بتصميمه هندسيا , اذ من الوهلة الاولى يبدو أنك تشاهد "فندقا" أو "بناية شركة حاسبات" , أما عند الدخول اليه فإن المواطن البسيط سيلاحظ أن تصميم و توزيع الغرف مخز و ضائع في الهواء من دون أي استفادة, أما السلم المؤدي الى الطابق الاول فقد صمم بشكل "حلزوني" ضيق لا يستطيع اثنان الوقوف فيه جنبا الى جنب , عوضا عن عدم وجود مصعد كهربائي, اذن كيف يتم نقل المرضى الى الطابق العلوي؟ّ! هل تصدق يا سيدي القارئ أنه لا يوجود قسم للاشعة في ردهة الطوارئ ناهيك عن النقص الشديد في بعض الادوية المهمة جدا للاسعافات الاولية كمحلول تعقيم الجروح مثلا ؟ انها بحق كوميديا سوداء لا يمكن تصديقها ابدا

و بعدها تم انشاء بناية أخرى لامراض أحد الاعضاء الجسدية المهمة , و الحق يقال انها أفضل من سابقاتها من حيث التصميم و "النظافة" الا انها استغلت بشكل بشع من قبل بعض ضعاف النفوس من الاطباء لادخال مرضى العيادات الشخصية الى "مكان نظيف و هادىء" لاستعراض العضلات الراخية , علما أن العديد من هؤلاء المرضى لا يعاني من خلل في ذلك العضو المهم الذي اسست البناية من أجله فالغرض واضح , و سرعان ما فقدت هذه "البناية أو الفندق الوقتي للراحة" مصداقيتها الاخلاقية كسابقاتها مع الاسف الشديد

هذا يا سادتي الكرام هو غيض من فيض و ما خفي كان أعظم و لم أستطع ذكر العديد من الامور... أخلاقيا, و محاولة مني لإخفاء الغسيل القذر الذي ما "توسخ" بسببه الا المريض العراقي البسيط الذي لا يستطيع حتى مراجعة طبيب خاص في عيادته فكيف به السفر الى الخارج للعلاج؟

اذن, هل أن الطب في العراق بهيكله العام فشل في رعاية رئيسه المصاب "بوعكة صحية بسيطة" ؟
أن سفر رئيس جمهورية العراق للخارج لتلقي علاجات واهية... كانت القشة التي قصمت ظهر البعير (الطب في العراق) و النسمة التي أسقطت ورقة التوت عن اطبائه و أضحى بلد الحضارات العظيم ذو التأريخ المشرف المنتج لأذكى العقول الطبية في العالم عاجزا عن رعاية وعكة صحية بسيطة , فكيف بعلاج الاورام السرطانية المتفشية أكثر من الانفلونزا؟؟

اللهم احفظ العراق و اهد القلوب...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل هناك مهن ستتأثر سلبيا بالذكاء الاصطناعي؟ شاهد رد المهندس


.. شاهد| رفح بعدسة الأقمار الصناعية بعد التوغل الإسرائيلي فيها




.. المهندس محمد سعد خبير تكنولوجيا المعلومات لخالد أبو بكر: كل


.. د.خالد قاسم مساعد وزير التنمية المحلية: الوزير وجه المحافظين




.. مرض السكري.. قريبا حبوب الأنسولين ستعوض الحقن لمرضى السكري