الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خطة الهدف ( الحملة الشعبية لأنهاء الاحتلال) أم حملة مع الاحتلال لأنهاء الشعب؟

عادل سمارة

2003 / 8 / 4
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


 


رام الله المحتلة

صدرت على هامش خريطة الطريق خريطة أخرى هي "خطة الهدف" التي يمكننا تسميتها إحدى ولادات خريطة الطريق. أما والامر على هذا النحو، فلسنا بصدد عقد المقارنة بين الاثنتين. ما سنناقشه بإيجاز هو بعض مرتكزات هذه الخطة.

ان تسميتها خطة هو مدخل صحيح لأنها اتخذت شكلاً تآمرياً. فالخطة بشكل عام نتاج تخطيط سري في وقت معين. وعندما تُطرح كخطة، وليس كافكار او مقترحات أو نظريات، فإنها تكون مطروحة للتنفيذ وليس للتفكير والاختيار، ومن هنا طابعها التآمري. لم تُطرح اذن على شكل أفكار كي يناقشها الناس وبعد ذلك يبلوروا معاً خطة للتنفيذ.

لقد بدأت هذه الخطة من أفكار د. سري نسيبة ومدير المخابرات الصهيوني السابق، لا بأس، ومع ذلك أطلق نسيبة على خطته تسمية "الحملة الشعبية للسلام والديمقراطية"!

لاحظوا اذن، "الحملة الشعبية"، وكأن الشعب هو الذي صاغ هذه الخطة التي هي نتاج تهويمات وأحلام فرد محلي وفرد معادي. قد يقول البعض: ربما ليسا مجرد فردين، فقد يكون لكل واحد منهما ارتباطات ومقربين ومعلمين ومريدين...الخ. لا شك ان للسيد نسيبة معلمين علموه كل هذا الخطاب "البليغ"، ولكن كل من هم وراء السيد نسيبة، ليسوا جماهيراً كما انهم ليسوا من الشعب، ومن ليس من الشعب، فبالكاد يُحترم!

"خطة الهدف"، أي هدف؟ هل هدف الشعب الفلسطيني هو "السلام والديمقراطية" فقط؟ لا شك أننا بحاجة الى السلام، بل نحن احوج الشعوب للسلام، فلسنا شعباً يتطلع الى حرب مطلقة وابدية. نحن شعب لم يفعل في الحقيقة شيئاً يوجب كل هذا العدوان وكل هؤلاء الاعداء. لماذا يتجاهل نسيبة حقيقة اننا كنا نعيش في وطننا، بغض النظر كيفما كنا نعيش، فقراء أوأغنياء، متطورين، متخلفين، ليس هذا بيت القصيد، فالمهم اننا أُبتلينا بالاستعمار الرأسمالي الانجلو-فرنسي، مدعوما من كافة الانظمة والطبقات الحاكمة في الغرب الراسمالي ومن الحركة الصهيونية لاحتلال بلادنا، فاحتل الوطن العربي عسكريا واقتصادياً واحتلت فلسطين استيطانياً. وهكذا أُدخلنا في حرب مديدة دون أية خطيئة او عدوان ارتكبناهما! ومنذ ذلك الحين وحتى اللحظة، وحتى زمن طويل مقبل سيبقى هؤلاء الاعداء مهاجمين لنا وللامة العربية. وقد اتسع نطاق العدوان الانجلو-فرنسي لاحقاً بدخول الولايات المتحدة هذه الجبهة المعادية، وعلى ما يبدو، فإن أوروبا الشرقية بما فيها روسيا، بعد تفكك النظام الاشتراكي فيها، قد اصبحت على ابواب المشاركة في هذا العدوان.

هذه حقيقة الامر يا استاذ الفلسفة، وليست الحقيقة ان تُكتب الحقائق بعبارات تآمرية كما ورد في ورقتك "...في حل القضايا العالقة في الصراع الفلسطيني الاسرائيلي". فالامر ليس مجرد قضايا صغيرة عالقة بل انه صراع في الجوهر، صراع على وطن ومشردين بالملايين. وليس الصراع مجرد صراع فلسطيني اسرائيلي، بل هو عدوان صهيوني راسمالي غربي شامل ضد الامة العربية.  إن وصف الصراع بأنه صراع فلسطيني اسرائيلي هو سلوك تآمري، وهو استخفاف مكشوف بعقول الناس وبذاكرة الامة، ومع ذلك يسمي الاستاذ خطته بأنها حملة شعبية!

وللتوضيح، لا ينحصر التآمر في إنقلاب عسكري كما حصل كثيراً في وطننا، أو بوثوب "أمير"  صغير على عرش والده الذي هو "أمير" معين من الغرب الرأسمالي. هناك تآمر في اللغة والثقافة والكتابة عامة وفي التأليف وفي الحديث الشفاهي...الخ. وهذا ما قصدناه بكون خطة الهدف تآمرية.

أما عبارة "الثورية في المنهج والواقعية في عرض الشعارات...الخ- ص 1"، فلا شك ان هذا قولاً صحيحاً. فلم تعد الثورية والثورة ولا سيما في حقبة العولمة بريئة عذراء كما كانت في عصر الثورات الانسانية الكبرى. لذلك صار ممكنا وصف اي إرتداد كبير وحاد بأنه "ثورة". هذا ناهيك عن ان الثورة وصف يمكن إطلاقه على كثير من القوى المغرقة في الرجعية والوحشية والارهاب طالما تقوم بتغيير حاد وحدَّْيْ في منهج العمل. من هنا، فالصهيونية وهي تجمع بين النازية والراسمالية والعنصرية والمركزانية الاوروبية   Eurocentricism البيضاء، هي حالة "ثورية" بمعنى انها حالة وحشية حادة ضد الانسانية. ولتقريب الصورة، فإن الخطة الاقتصادية الجديدة لبنيامين نتنياهو هي خطة ثورية من باب أنها تحاول إدارة الازمة الاقتصادية في الكيان الصهيوني بشكل حاد على حساب الفقراء ومتوسطي الدخل مما يخرق الاجماع المألوف لدى الكيان الصهيوني بأن الدولة هي للجميع وليست لطبقة محددة. فدولة شارون ونتنياهو هي دولة الأغنياء. أما لماذا أوردنا هذا المثال، فذلك اساساً لأنه مثال عن لغة الصهيونية وهو ما يسهل على استاذ الفلسفة فهمه.

تقول الخطة  " ثورية المنهج...بعيداً عن الارتجال والانجرار لردود الافعال التي يدفعنا العدو لها خاصة في ميدان العمل العسكري الموجه ضد المدنيين الاسرائيليين، حيث لحقت وتلحق بشعبنا خسائر فادحة في الارواح والاموال والممتلكات- ص1"

لقد نسي استاذ الفلسفة ان يضيف: "والخسائر في الارصدة بالعملة الاجنبية في الخارج" وربما لم ينسَ ولكنه يعلم ان الشعب لا يملك أرصدة لا في الداخل ولا في الخارج، وهو يعرف من يملكون!.

وبعيداً عن تأييدنا لكافة اشكال الدفاع الشعبي عن النفس، وبعيدا عن التأكيد بأن الدفاع عن النفس يمكن أن يكون بأن تدخل في عمق تجمعات العدو وليس الدفاع الثابت أمام عدو يملك طائرة ف 16 اميركية مقابل كل سكين فواكه بايدي شعبنا، نعم بعيداً عن كل هذا، نود تذكير استاذ الفلسفة ومن معه، بأنهم وأضرابهم وقفوا ضد مناهضة التطبيع وضد مقاطعة منتجات العدو في الانتفاضة الاولى معتبرين ذلك تطرفاً، علماً بأنه لم يكن آنذاك لا عمليات مسلحة ولا استشهادية. فما معنى هذا؟ ومن يريد مراجعاً لهذا فليقرأ الصحف المحلية حيث كتب كثيرون في هذا الامر، عندما كان أوسلو في شهر العسل، ولا نريد ذكر اسماء.

معناه ان الاستاذ واضرابه لا يريدون اية مقاومة حتى والعدو يضربنا بشكل متواصل. وهم في الحقيقة منطلقون من معادلة اساسية نقبل نصفها الأول ونرفض الثاني لأننا بشر، وهي:

أن العدو خُلق ليعتدي، وهذا صحيح، أما نحن فخلقنا كي نركع، وهذه جريمة. اذا كانت المقاومة مجرد ردود أفعال، فما الذي يقترحه علينا الاستاذ؟ يقترح الاستسلام، كما تستسلم الحيوانات الضعيفة أما الوحوش الكاسرة حتى حينما تبدأ بالتهامها أملاً في أن يتوقف الوحش!

تقول الخطة: " ... هو الباعث ...الى عقد  سلسلة من المشاورات والحوارات المكثفة التي امتدت  على مدى عام كامل...وبعد فقد اتفقت اكثر من (200) شخصية وكادر فلسطيني على تشكيل الحملة الشعبية للسلام والديمقراطية ص 2"

لا شك ان هناك مشاورات وحوارات، ولكنها ليست في العلن، وهذا هو الطابع التآمري. ولهذه المشاورات "اسوة حسنة- مع الاعتذار للآية الكريمة" في مشاورات مؤتمر مدريد، واتفاق أوسلو واتفاق باريس الاقتصادي ومؤخرا خريطة الطريق، وكل هذه كانت حوارات سرية، وذاق شعبنا نتائجها. اما عن الشخصيات والكوادر، فالله أعلم بالجوهر، ولكن ما نعلمه أن كثيرين قالوا ان اسمائهم وُضعت دون علمهم. لا ندري من منهم صادق ومن  منهم لا، ولكن البعض يقول ان صحفاً معينة رفضت نشر تكذيب من طرفهم!. أما العدد ( 200)، فيمكن للاستاذ تجنيدهم من مدراء منظمات غير حكومية واكاديميين ومثقفين الذين يعتاشون على الدعم الغربي الرسمي، لا بل لا يحتاج لتجنيدهم، فهم جاهزون لأن هذا جزء من وظيفتهم.

تقول الخطة: "انه لمن البديهي القول بأن الحل السياسي المطلوب –ممثلاً باقامة الدولة الفلسطينية الخالية من المستوطنين على حدود الرابع من حزيران وحل معضلة القدس والاتفاق على حل لمعضلة اللاجئين (بما يكفل لهم حياة حرة وكريمة)  بحيث يتم الاتفاق على عودة الفلسطينيين الى دولتهم الفلسطينية مع مراعاة عودة الحالات الانسانية التي يتفق عيها الطرفان- ضمن حل شامل وكامل لقضايا الصراع في إطار رزمة واحدة متكاملة يتطلب تباعاً، إطلاق سراح الاسرى والمعتقلين وإزالة الحواجز الاحتلالية والسماح للفلسطينيين بالعمل وانهاء ووقف اي اجتياح للمدن ووقف الاغتيالات وازالة الجدار الواقي وكل ما ترتب على الاحتلال الاسرائيلي كما تبقى من فلسطين عشية الرابع حزيران 1967م –ص 3".

لقد وصفنا هذه الخطة بأنها "وليدة" خريطة الطريق، ولكن لهذه الخطة أمهات كثيرات ايضا، هن كافة الخطط والآراء الفردية من صهاينة يهوداً وصهاينة فلسطينيين وعرب وأجانب التي صيغت للتسوية والتي تعترف بالكيان الصهيوني، والتي ملخصها امرين اثنين اساسيين:

الاول: شطب حق العودة، وتوسيع ما اغتصب عام 1948 لالتهام اجزاء واسعة من الضفة والقطاع قد تصل الى 60% منها.
والثاني: وهو نتيجة اساسية للأولى وهي عدم قيام دولة فلسطينية فعلية. إن شطب حق العودة والاعتراف بالكيان الصهيوني ينفي تماماً اية استقلالية للشعب الفلسطيني لأنه سيبقى شعباً مشرداً.

إن الدولة الفلسطينية هي على ارض فلسطين نفسها بكاملها، بمن عليها من البشر سواء نحن ام العنصريون الصهاينة. أما تفصيل دولة فلسطينية دون ان تحتوي على المحتل عام 1948، فليس سوى نموذج محلي خاص بالبانتوستان هو ما نسميه "اوسلوستان".

إن حل دولتين لشعبين (ص5)  هو في الحقيقة دولة واحدة في فلسطين هي دولة الكيان الصهيوني، وأما الزعم برسم حدود على الرابع من حزيران، فليس إلا رسم حدود على الورق وليس في الواقع. كما ان العبرة ليست في وجود حدود، حيث تقام في الحدود وفي الاسوار بوابات ومعابر، ان العبرة في ان هذه الخطة تنفي حق العودة أولاً، وثانياً هي تعتبر ان شعبنا دوني ، وبالتالي يصبح من الطبيعي ان يتنازل عن حقوقه للشعب "المميز"، وثالثاً، ان كياناً استعمارياً استيطانياً راسمالياً مرتبط بالعدو الراسمالي العالمي لن يسح باستقلال حقيقي ليس لكيان فلسطيني بل لمجمل الوطن العربي. فهل يعتقد الاستاذ الآن مثلاً، ان العراق مستقل، ومصر والسعودية...الخ!

وتستكمل خطة الهدف موقفها من حق العودة بفكرة ليست سوى توسيع لبطاقة المؤن، وهي تشكيل صندوق دولي للتعويض (ص6). والحقيقة ان التعويض لن يصل الى اللاجىء الفلسطيني، وخير من يعرف ذلك الاستاذ نفسه. فهناك على الاقل ثغرتين قاتلتين في هذا الصدد وهما:

أولاً: اذا توفرت اموالا للتعويض فإنها حسب آراء الانظمة الحاكمة في الولايات المتحدة واوروبا والكيان الصهيوني، سوف توضع بايدي الانظمة الحاكمة في المنطقة بحجة توفير اماكن عمل واقامة بنية تحتية في "الدولة الفلسطينية اي لن تقدم كتعويضات لللاجىء الفرد.

وثانياً: انه حتى لو حصل التعويض، فإن الاقتصاديين الذين سيقوموا بتقدير "قيمة" فلسطين سوف يحسبون قيمة املاك اليهود من الوطن العربي والعالم الاسلامي ويقدرونها بما يعادل او يزيد عن "قيمة" الوطن الفلسطيني! مثلا، قد يتم تقييم حانوت ليهودي في مركز بغداد او عيادة طبيب بقيمة قرية فلسطينية بأكملها.

اما عن عودة اللاجئين الفلسطينيين الى الضفة والقطاع، فمن يدري اين سيصل هذا الامر؟ فقد يبلور الاستاذ فريقاً في العام القادم يقول: "لا يوجد متسعاً في الضفة والقطاع لهؤلاء، وبالتالي، فإن الافضل أن يبقوا حيث هم" هذا ما قاله الكيان الصهيوني منذ عدة عقود. لا بل ان الاستاذ قد ألمح الى ذلك في (ص6)، بالقول: "...الذين يرغبون في البقاء في مواطن إقامتهم او الذين يرغبون بالهجرة الى دولة ثالثة".

ولا يتوقف التآمر السياسي في خطة الهدف التي أعدها الاستاذ، بل يصل الى التآمر الاقتصادي. ففي ص 7 يقول:
"هي دولة النمو الاقتصادي والتكنولوجي، دولة الفرص والكفاءات، دولة العدالة الاجتماعية والاقتصاد الحر".

باختصار في هذا الصدد، هل هناك مكانة او حتى فرصة للعدالة الاجتماعية الى جانب الاقتصاد الحر؟ هذا مجرد تخريف اثبته تدهور الوضع الاقتصادي في اكثر من مئة دولة في العالم الثالث تبنت الاقتصاد الحر بالمفهوم اللبرالي الجديد الذي وصفه لها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
تقول الخطة في ص 8: "فتح مركز للحملة في مختلف المحافظات والمواقع في الضفة والقطاع والقدس"

من الطبيعي لكل حركة سياسية ان تفعل هذا. ولكن، من اين لك هذا؟ هل لدى الاستاذ ما ينفق على هذه المكاتب؟ أم ان ميزانيات من العدو هي تحت تصرفه كما هو حال الكثير من المنظمات غير الحكومية؟.

هناك مبالغة في شأن القدس من قبل مختلف فرق التسوية مقصود بها التزلف للذاكرة والامة والثقافة والدين...الخ. ولكن المقصد الاخطر هو التآمري حيث يحاول هؤلاء تضخيم شأن القدس، لتسهيل التنازل عن فلسطين. فإذا كان الامر مقايضة فلسطين بالقدس، بل بجزء من القدس الشرقية "الوصاية على الحرم الشريف –ص 5" فماذا يُغني خمسة ملايين لاجىء عن ديارهم اذا ما وُضعت القدس الشرقية تحت إدارة فلسطينية؟ هل يوفر السماح لنا بالصلاة في القدس مسلمين ومسيحيين، هل يوفر لنا منازل بديلة عن منازلنا وممتلكاتنا؟ ثم لماذا نقبل بأن نضطر للاختيار بين امرين كلاهما حق لنا؟

ان القدس جزء من وطننا، ولكن كل شبر من فلسطين هو وطننا ايضاً، وعليه، لا يجوز التفريط بجزء لأنه ليس من القدس وبالتالي الاحتفاظ بالقدس في زعم بأن الوطن متركز او محصور فيها وحدها.


كنعان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو يُظهر ما فعلته الشرطة الأمريكية لفض اعتصام مؤيد للفلسط


.. النازحون يعبرون عن آمالهم بنجاح جهود وقف إطلاق النار كي يتسن




.. مسؤول عربي لسكاي نيوز عربية: نتنياهو ولأسبابه السياسية الخاص


.. ما آخر التطورات وتداعيات القصف الإسرائيلي على المنطقة الوسطى




.. ثالث أكبر جالية أجنبية في ألمانيا.. السوريون هم الأسرع في ال