الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجتمع مدني في العراق

صبيحة شبر

2007 / 3 / 2
الحوار المتمدن - الكتاب الشهري 2007 شباط : مستلزمات بناء مجتمع مدني علماني ديمقراطي في العراق


كل من يدرس حالة العراق الصعبة ، التي يمر بها هذه الأعوام ، والتي تشتد شراسة ، وتتزايد صعوبتها أمام العراقيين ، فيرغبون بالهروب السريع من تلك الحياة الصعبة ، والتي هي أشبه با لموت العبثي الفظيع ، والذي لا يتوقع احد متى يحل ، لتنقضي حياة حافلة بالنشاط ، زاخرة بالأمنيات الكثيرة ، والتي يتطلع إليها كل إنسان حي في هذه المعمورة
فكيف يمكن إنقاذ شعبنا الأبي والعريق ، من هذا الموت المجاني ؟ ، الذي بات خطرا يهدد باقتناص الأرواح ، وإيقاف القلوب النابضة ، بناء المجتمع المدني هو السبيل الناجع للقضاء ، على حالة الرعب التي تجتاح العراقيين اليوم ، فكيف يمكن ان يبنى المجتمع المدني ، في ظل هيمنة السلاح ، وسياسة التفخيخ ، والموت الذي يفغر فاه ، حين يرى الأرواح مطمئنة في الأسواق ، فيرغب بإزهاقها ، والعقول راغبة بالإطلاع على أنواع المعرفة ، فيحب إسكاتها والى الأبد
لقد عانى العراقيون من سياسة التسلح عقودا ، طويلة الأمد ، أشعل النظام السابق حربا ، استمرت مدة ثماني سنوات كاملة ، من اجل شط العرب ، وحين أسكتت تلك الحرب ، وأخمدت نارها ، تخلى النظام عن حق العراق ، في ذلك الشط ، ثم اجتاح الكويت بالضد من إرادة المجتمع الدولي ، مما جعل الولايات المتحدة تتعاون مع العديد من الدول ، من اجل إخراج الجيوش العراقية من الكويت ، وفرض على العراق ، نتيجة ذلك الانهزام أشرس حصار اقتصادي ، فعانى الإنسان العراقي ، من فقدان الغذاء والدواء ، مما سبب الكثير من الأمراض ، وموت العديد من الأطفال ، والنساء والشيوخ ، ورغم هذه الهزائم المتكررة ، فان النظام لم يكف عن تسليح الناس ، وتأسيس الجيوش المتعددة ، من فدائيي صدام الى جيش القدس بالإضافة إلى الجيش النظامي ، الذي قيل انه رابع جيش بالعالم ، ايام الاجتياح العراقي للكويت ، لكنه لم يستطع ان يدافع عن الوطن ، لان قيادة الفوات المسلحة كانت بيد أشخاص ، أميين لا يفقهون من العسكرية ،وقوانينها شيئا ، وكانوا يظنون ان البقاء بالحكم ، يمثل الانتصار المبين على أعدائهم ،
جاءت أمريكا لتحتل العراق ، وتسرح الجيش النظامي والشرطة والجيوش الأخرى ، مع كافة أسلحتها الثقيلة والخفيفة ، فأصبح هناك فئات عريضة من الناس ، تملك أنواعا من الأسلحة ، بالإضافة الى ان الحدود العراقية مع كل الدول كانت مفتوحة ، أمام كل أنواع الداخلين ، من المتطرفين الذين يظنون ان الجهاد هو تفجير الأبرياء وإرسالهم الى الموت السريع ، ومن عصابات كانت تقتل بناء على مبالغ كبيرة من النقود العراقية المسروقة ، من خزينة الدولة التي تعرضت للنهب والاحتلال ، بالإضافة الى الفئات التي وجدت نفسها متورطة بكل الجرائم التي ارتكبها النظام السابق ، وليس من مصلحتها ان يستقر العراق ، وان يعود الأمن الى ربوعه ، نخلص من هذا الكلام ان العراق كان متسلحا على الدوام وانه لم يعرف المدنية لان العسكر كانوا من يقرر الأمور ، رغم ان رئيس النظام السابق لم يعرف العسكرية ولم يدرس فنونها ، وكانوا يظنون ان التسلح فقط هو الذي يكسب الانتصار ، على الأعداء رغم تفوقهم العسكري علينا ،
سقط النظام وكان الكثيرون يعتقدون ، انه بامكانهم ان يتمتعوا بالحياة الحرة الكريمة ، وان الأيام سوف تبتسم في وجوههم ، بعد ان أراهم النظام السابق الوجه الكالح العابس ، مضت الأعوام وأوشك اليأس ان يستبد بالنفوس ،بان الوضع سوف يبقى ثابتا ، وان ليس بالا مكان أكثر مما كان ، وان العراق حلت عليه اللعنة وأصابه الخراب ، ولكن النظرة الواثقة بقدرات الشعب العراقي الأبي ، تثبت ان العراقيين ككل الشعوب الأخرى ، يمكن لهم ان يصنعوا الانتصار على قوى الهمجية والظلام ، التي أخذت تهدد الحياة ، وان بناء المجتمع المدني بالعراق كفيل بتحقيق الاستقرار المنشود ، والمساهمة في صنع حياة باسمة مشرقة ، وان القضاء على معالم التسلح في المجتمع العراقي ، كفيل بجعل هذا الحلم واقعا جميلا ، وهو الإسراع بنزع سلاح المليشيات ، التي تنتمي الى الأحزاب ، لان ذلك السلاح في أيد غير حكيمة ، يسبب الكثير من الاشتعالات المرهقة ، تجعل الناس يئنون منها ، وان الانتماء يجب ان يكون للوطن ، وليس للأحزاب المتصارعة ، وان على الحكومة ان تعلم أنها تمثل كل العراقيين ، وانه لا فرق بين غنيهم وفقيرهم وعربيهم وكرديهم وسنيهم وشيعيهم الا بالتقوى ، وان المواطنين جميعا سواء بالأمان والسلام والعدالة الاجتماعية ، والتعلم واختيار السكن ، وانه ليس من حق احد ان يهجر الآخرين من ديارهم ، وان الفرد العراقي يجب ان يدرك ، ومنذ الصغر ، بواسطة والديه ومعلميه ،ان العراق يتكون من عدة قوميات وان كانت أكبرها العربية ، وان مواطنيه يدينون بعدد من الاديان ، وان كان المؤمنون بالاسلام يشكلون الاغلبية ، وان الإنسان حر في الاعتقاد الديني ، والسياسي والمذهبي ، وانه ليس من حق احد ، مهما كان ان يسلبه هذا الحق ، وان يعرضه للمهانة لأي سبب كان ، بناء المجتمع المدني في العراق ، هو السبيل الناجح لخلق الأمان والاستقرار ، في ربوع جميلة ، عانت من الويلات ، وان لها اليوم ان تشهد الأمان

صبيحة شبر









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا


.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3




.. Saudi Arabia’s authorities must immediately and unconditiona


.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس




.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف