الحوار المتمدن
- موبايل
الموقع
الرئيسي
استئصال البروستات بواسطة الإنسان الآلي
بهجت عباس
2007 / 3 / 2الطب , والعلوم
مقدمة
تعتبر البروستاتة غدة جهاز التناسل في الرجل ، وهي تشبه الكستناء أو الجوزة شكلاً وحجماً ، وتقع مباشرة تحت المثانة وأمام الشرج محيطة بالجزء الأول من مجرى البول . وموقعها هذا معقد جداً مما يجعل التخلص منها صعباً جداً إذا أصابها السرطان مثلاً . البروستاتة ليست غدة ضروريةgland nonessential ، أي باستطاعة الرجل أن يحيا بدونها ، ولكنها ضرورة في التخصيب والتناسل ، فبدونها يكون العقم . فهي تتكون من منطقتين ؛ داخلية وهذه تفرز سوائل لترطيب البطانة الداخلية لمجرى البول وخارجية لتغذية الحيامن ولمنع تخثرها وجفافها .
تزن البروستاتة بضعة غرامات عند الولادة ، وتتضاعف عند البلوغ نتيجة إفرازات الهورمونات الذكرية ( الأندروجينات Androgens ) ، وتستمر في النمو فيصل وزنها 20 غراماً عند سن العشرين وتتضاعف عند الأربعين عاماً ، فيتوقف النمو فترة مؤقتة ، ثم يستمر بعد ذلك حتى نهاية عمر الرجل .
إن استمرار نمو البروستاتة بصورة دائمة يؤدي إلى تضخّمها ، أو ما يدعى بالورم الحميد BPH ، وهذا يعني زيادة خلاياها ، والذي بازديادها تزداد كمية البروتين PSA الذي تفرزه ، فيظهر جزء منه في الدم يكون قياسه علامة على نوع مرض البروستاتة ، سواء أكان تضخّماً حميداً ، إصابة جرثومية ، التهاباً مزمناً أو سرطاناً.
ولكنَّ هناك معياراً قد يكون تحذيراً للإصابة بالسرطان ، وذلك إذا كانت زيادة إفراز هذا البروتين متضاعفة خلال ستة أشهر أو سنة مثلاً ، ففي هذه الحال تُُؤخذ عينة من نسيج حيّ Biopsy من البروستاتة وتُفحص فيما إذا كان ثمة ورم بمعرفة الخلايا المتغيرة التي تقاس حسب ما يُسمّى بـ ( كليسن Gleason ) الذي يعتمد على درجة التغير الذي يأتي بنوعين ؛ تغيّر / تشوّه محتويات الخلية وترتيبها (موضعها ) مع الخلايا المجاورة السليمة . يكون كليسن برقمين ، فإذا كان 4 ( 2+2 ) تكون البروستاتة في حالة جيدة ، وإذا كان 6 (3+3 ) يكون هذا تشوّها اعتيادياً نذيراً ويجب مراقبته . أما إذا كان 7 ( 4+3 ) أو أكثر ، فيجب اتخاذ الإجراء اللازم . أما العلاج فيكون عادة بالجراحة العامة أو بزرع حبيبات إشعاعية Brachytherapy وهذه أخذت تُستعمل بنطاق واسع بديلاً عن الجراحة ولتفصيل أكثر عن هذه العلاجات يرجى مراجعة مقالي في الرابط التالي :
http://www.rezgar.com/debat/show.art.asp?aid=50116
يبلغ عدد المصابين بسرطان البروستاتة 232 ألف رجل في أمريكا سنوياً ، و20 ألف في كندا .
ويهمنا الآن في هذا الموضوع هو الجراحة التي تؤدي إلى استئصال البروستات .
الجراحة
تتلخص العملية الجراحية التقليدية بفتح جرح طوله 15 – 20 سم تقريباً في البطن تحت السّرّة ، ليعمل مبضع الجراح على الأنسجة التي تحيط بالبروستات وإزالة هذه الغدة . وبعد الانتهاء من العملية التي يفقد المريض بها ما يقارب لتراً من الدم يبقى في المستشفى نحو 4 أيام للشفاء مع بقاء الأنبوب ( الصوندة Catheter ) في مجرى البول عند ربطه بالمثانة حواليْ الأسبوعين . ولما كانت مضاعفات هذه العملية متعددة ، لذا فكّر الجراحون ببديل عنها ، حيث تكون معاناة المريض أقل ومدة الشفاء أقصر ، فكانت العملية المعروفة بـ Minimal Invasive Surgery (MIS) والتي يمكن ترجمتها بالجراحة الأصغر عدواناً أو توغلاً في جسم المريض التي أدخلت قبل عقدين تقريباً .
تتلخص هذه العملية بإحداث خمس فتحات صغيرة في البطن ، اثنتان صغيرتان جداً على كل جانب ، وفتحة أكبر منهن تحت السرّة مباشرة . يستعمل الجراح منظاراً صغيراً باطنياً Endoscope أو Laparoscope في داخله كاميرا صغيرة جداً إلى داخل المريض لتصوير البروستاتة وما يحيط بها ، والتي يراها الجراح خلال جهاز رصد أو شاشة Monitor بدلاً من أن ينظر إلى يديه ، ومن هنا جاءت تسمية هذه العملية الجراحية ( استئصال البروستاتة الكلي بواسطة المنظار الباطني Laparoscopic Radical Prostatectomy أو اختصاراً LRP . هذا الجهاز أو المنظار يسطِّح العمق الطبيعي للموضع الذي تُجرى عليه العملية ولكنه يواجه عقبات شتى ، منها تصلّب أو عدم تحرّك المعصم / الرسغ في هذا الجهاز ، وهذا ما يحدّ من مهارة الجراح ، وكذلك عدم رؤية الأبعاد الثلاثة للموضع الذي تقع عليه العملية الجراحية ، لأنها ذات بعدين ، فلذا تكون السيطرة الكاملة مفقودة .
يعتبر هذا الجهاز غير ملائم ، كما أنّه يحتاج إلى جراح ذي مهارة وخبرة كبيرتين جداً ، لتلافي المضاعفات الناجمة . لا تُستعمل هذه العملية في أميركا على نطاق واسع ربما لصعوبة السيطرة عليها ، ولكنها منتشرة في أوروبا . ففي اليد الخبيرة تكون العملية أسلم وأسرع وأكثر راحة للمريض بعد العملية. ومع هذا فلهذه التقنية حدود منها :
- الآلات والأجهزة متصلبة ( غير مطاوعة ) .
- حركات غير متوقعة .
- صور ذات بعدين .
- راحة محدودة للمريض .
ولكنّ هذه الحدود يُمكن التغلّب عليها بالممارسة ، كما ذُكر . ومع هذا أصبحت هذه العملية LRP البديل للجراحة المفتوحة (العامة) في سنة 2000 وقد حُسِّنتْ بإدخال الروبوت إليها .
عملية الروبوت Da Vinci System
هذه العملية تعتمد على كاميرا وأجهزة وآلات عدّة مرتبطة بذراع آليّ (روبوت) ، وقد صُمِّمتْ هذه الأجهزة لتُحاكي الأيدي البشريّة ، المعصم / الرّسْغ والأصابع . فبهذا يقلّد الجهاز حركاتِ يد الجرّاح . هذه الحركات البشريّة تُترجَمُ إلى حركات آليّـة تامّة دقيقة .
لجهاز دافنشي أذرع ثلاث (إضافية) للجراح الذي يجلس عند لوحة الحاسوب ويتحكم فيها مستعملاً المقاود . تُـثَـبَّتُ يدان تحملان آلاتٍ جراحية في اثنـتيْن من هذه الأذرع ( يد واحدة لكل ذراع ) ، والذراع الثالثة تحمل منظاراً يتيح للجراح رؤية مكبّرة للعملية . تدخل كل ذراع خلال فتحة صغيرة جداً في الجسم ، هذه الفتحة الصغيرة لا تسبب ألماً كبيراً للمريض . والجراح الجالس عند لوحة المفاتيح الموضوعة جنب طاولة العملية تكون له رؤية تامة ذات أبعاد ثلاثة للبروستاتة والورم.
فالرؤية المكبَّـرة ذات الأبعاد الثلاثة ، وليس البعديْـن ، تُمكِّن الجراح من إجراء عملية مضبوطة معقَّدة خلال فتحات صغيرة . هذه الأجهزة لا تتحرك تلقائيّـاً بل بأوامر الجراج . فعندما يحرّك الجراح المقود مثلاً نحو اليمين ، تتحرك يد الروبوت حَدْساً / بدهيّاً نحو اليمين . والنقطة الهامة في هذا الأمر هو أن يدَ أحسن الجراحين قد ترتعش / ترتجف أحياناً ، وهذا ما يؤثِّـر على نتيجة العملية كثيراً أو قليلاً ، ولكنَّ يدَ الروبوت ثابتة تماماً ممّـا تعطي نتائج مضبوطة . وهذا يعتمد طبعاً على مهارة الجراح في تحريك المقود والذي تكون عيناه ملتصقتين بجهاز الرصد الذي يُريه الصورة المُلتَقطةَ بالكاميرا مكبّرةً .
تُفتَح في البطن خمسُ فتحات صغيرة ( بحجم قطر القلم الرصاص ) ، فتحتان على كلّ من جانبيْ البطن ، وفتحة أكبر نوعاً ما تحت السرّة يتمّ منها إخراج البروستاتة بعد انتهاء العملية . على أنه ليس من الضرورة أن يكون هذا الجهاز أسرع من العمليات التقليدية ، ولكنّ الشفاء باستعمال الروبوت أسرع وأوفر حظاً .
أُستعمل الربوت أول مرة في العمل عام 1999 . وقد حَظِـيَ بمصادقة إدارة الغذاء والأدوية الأمريكية FDA في تموز سنة 2000 في مختلف أنواع الجراحة ، مثل استئصال الرحم Hysterectomy ، إصلاح الصمّام التاجي Mitral - Valve Repair وجراحة الشريان التاجي Coronary Bypass وأخيراً صودق عليه في عملية استئصال البروستاتة عام 2001 . وقد أُجريت حواليْ 36.600 بواسطته سنة 2005 وتضاعف العدد في سنة 2006 . أما ما يتعلق باستئصال البروستاتة ، فقد أجريت 1% من مجموع عمليات استئصال البروستاتة سنة 2001 بواسطته في أمريكا ، ولكن النسبة وصلت 20% في سنة 2005 وتضاعفتْ سنة 2006 .
أُجريت هذه العمليات في ولايات كثيرة في أمريكا بنسب متباينة . فمثلاً أجرى معهد
Vattikuti Urology Institute برئاسة الدكتور ماني مَنـن Dr. Mani Menon
في مستشفى هنري فورد في ديترويت أكثر من 3000 عملية استئصال بروستات (أكثر من أي مكان في العالم) باستعمال جهاز الروبوت دافنشي . والعملية الروبوتية التي طوّرها د. منن ورفاقه بتكبير موضع العملية 35 مرة تجعل الجراح ورفاقه قادرين على تشخيص مناطق قد يكون السرطان تسلّل إليها . وقد نشر د. منن أول دراسة واسعة للمقارنة بين الجراحة التقليدية وجراحة الروبوت في بريتش جورنال أوف يورولوجي British Journal of Urology 2003 ، وهنا يقارن د. منن بين العمليتين كما يلي :
- عملية فتح البطن تسبّب فقدان 910 مليلتر من الدم مقابل 150 مليلتر في عملية
الربوت مما تكون حاجة إعطاء الدم إلى المريض 67 % في الأولى مقابل 0% في
عملية الربوت .
- مكوث 3,5 يوم في المستشفى في الأولى مقابل 1,2 يوم في الثانية .
- بقاء الأنبوب ( الصوندة Catheter ) – عند إيصال مجرى البول بالمثانة –
مدة أسبوعين في الأولى مقابل أسبوع واحد في عملية الروبوت .
- استعادة السيطرة على التبول في مدة 44 يوماً في عملية الروبوت مقابل 160 يوماً
في عملية فتح البطن .
- المضاعفات بعد عملية فتح البطن هي 4 مرات عن عملية الروبوت (20 مقابل5 )
- استعادة الانتصاب في 180 يوماً في عملية الروبوت مقابل 440 يوماً في عملية
فتح البطن ، وإن أكثر من نصف المرضى في الأخيرة لا يستعيدون النشاط الجنسي
في أقلَّ من 700 يوم .
- استئصال السرطان أتمّ في عملية الروبوت ، فهو 14% أكثر في عملية الروبوت من
عملية فتح البطن .
فمن هذا يتضح أن عملية الروبوت هي :
- أقلّ تلفاً أو أذى للأنسجة .
- أقلّ عرضةً للإصابات الجرثومية .
- أكثر إسراعاً في النقاهة والرجوع إلى العمل اليومي العادي .
- أكثر إتقاناً في التخلّص من السرطان ، حيث توضع البروستاتة بعد انتهاء العملية
في كيس مطاط متصل بخيط وتُسحب من الجسم خلال فتحة صغيرة تحت السّرّة .
- الاحتفاظ بالأعصاب والأنسجة التي تُحيط بالبروستاتة سالمة .
- خياطة الجرح لإيصال مجرى البول بالمثانة أدقّ حيث تتمّ بعملية ماهرة يقارنها
أحد الجراحين بخياطة الماكنة وخياطة اليد .
أخذت عملية استئصال البروستاتة بمساعدة الروبوت تنتشر في العالم ، فقد استعملها الدكتور أوغدن Ogdon Dr. من مستشفى Princess Grace Hospital - London في آب 2005 وأجرى أكثر من 100 عملية استئصال بروستاتة بها . وفي ألمانيا أُدخلت في جامعة كولون في 15 أيلول 2006 ويستعملها بعض الأطباء الجراحين في معظم الأقطار الأوروبية كسويسرا والنمسا وفرنسا وبلجيكا وهولندا والسويد ورومانيا وفي أقطار أخرى من العالم كالصين واليابان وماليزيا وغيرها .
أما في كندا ، فيستعملها الدكتور ستيفن بوتلر Dr. Stephen Pautler من مركز سنتْ جوزف الصحّي St. Joseph’s Health Centre في لندن – أونتاريو بنجاح قائلاً " نستطيع أن نرى بتكبير بين 10 – 12 مرة باستعمال الروبوت – لذا يُتاح لنا أن نكون أكثرَ دقّةً من الجراحة العادية المفتوحة . كما أنّ الروبوت يتجنب قطع الأعصاب والعضلات المهمة للانتصاب وسلس البول ." العنّة وسلس البول هما عارضان عاديان في جراحة البروستاتة المفتوحة .
لكنّ الدكتور. لورنس كلوتز Dr. Laurence Klotz من مستشفى سني بروك في تورونتو يقول في حديث إلى سي بي سي في 8 ديسمبر 2006 " الروبوت لعبة هائلة يرغب كل الجراحين فيها ولكنْ إلى الآن لم تبيّن المعلومات اختلافات كثيرة في النتائج ." غير أنّ د. مايكل هوغارت Dr. Michael Hogart من مستشفى إدمونتون – ألبرتا يقول " إنَّها لصعوبة ٌعلى الجراحين أنْ يتعلّموا العملية MIS يأيديهم الخاصّة ." وهو ، كرئيس قسم المجاري البولية ، يجمع التبرعات لشراء الربوت الذي يكلّف حواليْ ثلاثة إلى أربعة مليون دولار كندي.
يتوقع الباحثون والجراحون أنْ يكون الروبوت الجهازَ السائدَ المساعد لإجراء معظم العمليات الجراحية في العالم في السنين العشر القادمة على أكثر الاحتمال .
|
التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي
.. الجزائر تقاطع جلسة تصويت في مجلس الأمن على قرار أمريكي بشأن
.. بواسطة تلسكوب منظمة العلوم الأوروبية.. صور ساحرة لـ ”سديم ال
.. في ظل انقطاع التيار الكهربائي والإنترنت.. كيف عرف العالم ما
.. تفاعلكم | حقيقة -قرن- في وجه معمرة صينية شغل الانترنت
.. الدكتور باسم الحلبي يكشف خبايا عالم التجميل