الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حجاب الرأس كان وليد بيئة صحراوية وليس دينياً ..؟

مصطفى حقي

2007 / 3 / 8
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2007 -حجاب المرأة بين التقاليد الأجتماعية والبيئية والموروث الديني


شبه الجزيرة العربية و الحجاز خصوصاً يتميز بطقس شديد الحرارة وهبوب عواصف رملية ( الطوز) باستمرار وقلّة الأشجار إلاّ من واحات نادرة متناثرة هنا وهناك .. فالإنسان الموجود في مثل هذه البيئة ان كانت امرأة أو رجلا فلا بدّ له من تغطية رأسه ليحمي شعره من عبث الرياح وتغلغل الغبار فيه ، وخاصة يندر أن يغتسل الإعرابي لقلّة المياه أيضاً ، إذاً فالحجاب لم يأتي من عبث ولا عن أمرٍ ديني كان أم وضعي بل جاء للضرورة القصوى للاحتماء من ظروفٍ بيئية قاسية .. ولما تقدم فإن غطاء الرأس الحجاب كان موجوداً قبل الإسلام ولم يغب ذلك عن المشرّع الإسلامي ولذلك لم تأت أية آية صريحة لفرض الحجاب عموماً إلا بالنسبة لنساء النبي فقط ، ولكن الفقهاء والمفسرين اجتهدوا كما يريدون واخترعوا ( فرض الحجاب) واعتبروا مسألة الحجاب هي قضيتهم قبل الأولى وعلى رأس العقيدة وأولى الفروض الواجبة ووثيقة الدخول الأساسية إلى الجنة والسبب الأول في ذلك هو النظرية الدونية للمرأة في الإسلام . ولما كانت المفاهيم الإسلامية هي امتداد لمفاهيم وعادات العرب الأسلاف بما سُمّيَ بالجاهلية ، وهي تسمية أو صفة فيها الكثير من العنت ولا مجال لبحثها هنا ، وعليه فإن مفاهيم العرب قبل الإسلام بالنسبة للمرأة تقود إلى دونيتها وضعفها واعتبارها عبئاً وكان الكثير منهم يحبذ وأدها فور ولادتها والتخلص منها حتى لا يتحمل عارها مستقبلاً ، لأنه كان قد اعتاد انتهاك أعراض الأخرين في غاراته وغزواته على أبناء جلدته من العرب الجوار ، فالإغارات والغزوات كانت مستمرة لضرورة تأمين الحاجات الاقتصادية للقبيلة من ماشية وجوار وعبيد ولذلك اشتهر العربي بالكرم فهو يكرم دائماً من مال غيره ؟ ولما كانت المرأة غير مقاتلة ولا تشترك في الغزوات ودورها في ردّ الإغارة ثانوي أيضاً ، فالنظرة اليها انطبعت بالاستخفاف والضعف والجبن وبالنتيجة عورة يجب حمايتها ، ومع الآسف الإسلام سار على المفهوم ذاته تقريباً ولنستعرض صفات وحقوق المرأة في الإسلام .. نصف عقل ودين ، شهادتها في المحاكم نصف شهادة الرجل ، ميراثها نصف ميراث الذكر ، لم يؤهلها لتولي المناصب ( مافلح قوم ولّوا أمرهم امرأة ) واعتبرها آمة يتسرى بها الرجل حلالاً زلالاً أو جارية تباع في أسواق النخاسة ثم زوجة بائسة إن نشزت بسبب سوء تصرفات زوجها تعاقب بهجر المضجع وإن استمرت تضرب وتهان ، وانها لا تستطيع أن تعاقب زوجها بهجر مضجعه حتى لو اقترف كل آثام البشرية ومن واجبها المحتم أن تدور حول فراشه ليلاً وهي تردد :.. هل لك من حاجة يا بعلي الشهم وترضى أن يعتبرها وعاء شهوة فقط دون أن يراعي إنسانيتها وكرامتها وهو يدور على ثلاثة زوجات غيرها فقط يطعمها ويكسيها دون أي اعتراض أو احتجاج وتبقى حبيسة دار الزوجية حتى تنتقل إلى لحدها وحتى في الآخرة حرمها في الجنة من أي حوري سوى زوجها المنفلت على سبعين حورية باكر وباستمرار ، وجموع من الفتيان المرد . وأين زوجته التي ملّها في حياته ..؟
وبعد وفاة الرسول ، لعب المشرعون الفقهاء بالشريعة وفقاً لهواهم وتفسيراتهم للقرآن وحجّبوا المرأة حتى أخمص قدميها ، ثمّ فرضوا عليها النقاب كي تُغيّب وبشكل تام في ظلام المجتمع .
والمشكل أن المشرعين باختراعهم فرض الحجاب على المرأة كان من باب الحفاظ على شرف المرأة وسمعتها من شرّ الرجل وهوسه الجنسي .. حيث أن ديدن البدوي في الصحراء كان الغزو والجنس لذلك فإن ظلّ المرأة كان يوحي له بالشبق الجنسي ولا غير ، مما دفع بعض الفقهاء إلى اعتبار صوت المرأة من العورات أيضاً ومثيراً للجنس مما زاد في وضع المرأة سوءاً فهي حُجّبَت قماشياً واجتماعياً وسُلِبَ منها دورها الاجتماعي في الإسهام بالتربية الصحيحة المتكاملة في إنشاء أو تكوين شخصية الأبناء المستقبلية ذكوراً وأناثاً لأن فاقد الشيء لا يعطيه وبذلك ينشأ الأبناء في نقص ثقافي واجتماعي وفكري متحجرٍ وبشخصية مكبوتة لا تواكب التغيرات الزمانية وتقدم العلوم والأمم . كما كُبّلَت اقتصادياً بكونها تابعة للرجل مادياً ومعنوياً ، وبتعقد الحياة الاجتماعية والاقتصادية صارت المرأة وأولادها الذين أنجبتهم على التوكلية وبفوضوية وعبثية وغير عقلانية وبمعتقدات موروثة اعتباطياً وبحجة التكاثر مباهاة للأمم وذلك عندما كان الفرد يشكل سيفاً وبكثرة السيوف كانت تقدّر قوة الدول وعظمتها ، ولكن بتبدل الظروف والتقدم التكنولوجي صارت آلاف السيوف تحت رحمة ( كبسة زرٍ ) وانقلب التكاثر الاعتباطي عبئاً مادياً ثقيلاً على رب الأسرة إذا لم تساعده زوجته بعملها ودخلها لتأمين ضروريات الحياة العصرية وهذه الولادات العشوائية شكلت عبئاً على الدولة أيضاً التي لم تعد قادرة على استيعاب هذه الزيادات الجنونية لا اجتماعيا ولا اقتصادياً ولا ثقافياً وحتى صحياً مما حدا بالحكومات العصرية إلى توعية الأسر والحدّ من التكاثر الفوضوي وتشجيع النساء على العمل لمساعدة أسرتها مادياً ..
لقد غاب عن فقهاء الحجاب تلك الضرورات العصرية وانهم بتحجيبهم للمرأة وتجنيبها عن الاشتراك في بناء المجتمع اقتصادياً وتربوياً قد حجّبوا إنسانيتها بالدرجة الأولى كما حجّبوا عقلها بعد أن كانوا قد حجّبوا عقول الرجال بحرمانهم التفكير وبالإيمان المطلق تحت طائلة التكفير ..
وحجة فقهاء الحجاب من أن شعر المرأة من المفاتن لم يكن مصيباً البتة ... وكما قدّمنا فإن تغطية الرأس وما عليها من شعر كان ضرورة بيئية بالنسبة للرجل أيضاً للحيلولة دون تبعثر الشعر وتغلغل الغبار فيه ، ولم يكن لمنع الإثارة ، وان ما يغري الرجل هو وجه المرأة ، فأساس الحسن هو في الوجه ان كان رجلاً أو امرأة ، والمعلوم ان من الرجال من اشتهر بحسنه ( النبي يوسف) كانت النساء تفتن بوجهه المليح وكذلك الشاب الجميل من مكة ( الذي لم يحضرني اسمه ) وقد نفاه الخليفة عمر خارج الحجاز خشية على النساء من الافتتان بحسنه ، وبالنتيجة ان الشعر لا يمثل إلا نذراً يسيراً في مجال الحسن والافتتان
وقد ثبت أن اختلاط الرجال بالنساء في العمل لم يسبب فضائح أو مشاكل كبيرة بل بالعكس حيث تمت مشاريع زواج ناجحة بين العاملين ولما تقدم فإن السفور لن ولن يشكل الإثارة التي تغلغلت في نظر وعقلية الفقهاء ..
ومن المفارقات العصرية هو هجرة المرأة الشرقية مع زوجها إلى بلاد الغرب هروباً من الاستبداد المدني أو الديني ، وما أن تتخلص هذه الأسرة من أسر وظلم مجتمعها السابق ويستقبله مجتمع منفتح وحكومات تمجد الإنسان وحريته ، وبدلاً من أن تجاري هذه الأسرة الغرب بعاداتها وتقاليدها الحضارية ، فإذا بها منشدّة إلى تقاليد المنبت والسلفية المقيتة وإلى محاربة العصرنة الغربية ولا تنسجم مع عاداتها وتقاليدها بل انها تبدي المجافاة والعداوة وتتقوقع بشكل مثير للنفور مما يشكل خللاً في تواجد مثل هذه العقليات المتشككة والخائفة في مجتمع متمدن متحضر ..
كيف أثيرت ظاهرة الحجاب بعد أن كادت تنحسر وذلك بدءاً من أوائل خمسينات القرن المنصرم ، حيث استغل الأذكياء من الإسلاميين ظاهرة الديمقراطية الوافدة من الغرب كنظام حكم يحقق عدالة السلطة الحاكمة عن طريق انتخابات حرّة نزيهة ، فاستغل الإسلام السياسي بالدعوة إلى الحجاب واعتبره فريضة وذلك بكل الوسائل المتاحة من ترهيب وترغيب لتشكل كل امرأة محجّبة صوتاً انتخابياً في صندوق الاقتراع الديمقراطي وفي مقال السيد نضال نعيسه – العرب وخطر الديمقراطية الداهم –ويقول : الديمقراطية مفهوم مستحدث، ومستجلب على الواقع العربي والإسلامي، وليس لهم فيه أية تجربة وباع، وليس في التاريخ العربي والإسلامي، القديم منه والحديث، ما يشير إلى وجود موروث وممارسة ديمقراطية. وإن أية عملية ديمقراطية جدية وحقيقية ستأتي بقوى لا تؤمن بالديمقراطية أصلاً، وليس في برامجها وخطابها، ما يدعو إلى الاعتقاد بأنها ستكرس التقاليد الديمقراطية في أي بلد تتمكن منه. وستفرز أية عملية ديمقراطية تلك القوى التي ستمارس قمعاً، واستئصالاً، وتهميشاً لا يمكن تصور مداه، وهو بعض من خطابها "الخجول"، وهي تنتظر، الآن، في صفوف المعارضة، وعلى مقاعد "الاحتياط".
حصل هذا في فلسطين حماس، وعراق آيات الله، ومصر الإخوان، وجزائر الخلاص، والحبل على الجرار حيث اكتسحت القوى السلفية والأصولية مقاعد البرلمانات ..
وكما بين السيد نعيسه فإن إثارة قضية الحجاب يخفي غايات سياسية أكثر منها دينية وذلك للوصول إلى حكم إسلامي عن طريق الديمقراطية وعكسها من حيث واقع العدالة ، حيث لا تمثل فيه الفئات الأخرى من غير المسلمين وحتي من المسلمين من مذاهب أخرى غير مذهب السلطة الحاكمة بل تبخس حقوقهم كمواطنين من درجات دنيا ، وكان التطور السياسي العالمي قد نحى نحو علمانية الدول بمعنى حكم المواطنة المتعلقة بالأرض وإبعاد الدين عن السياسة أي فصل الدين عن الدولة والوطن هو معيار المواطنة ، فالدين لله والوطن للجميع وبالتالي فالدعوة إلى الحجاب بهذا الشكل العنيف هو مضيعة للوقت وظلم للمرأة وتخلف للمجتمع لأن عقارب الساعة لن تدور إلى الوراء ونضال المرأة لن يتوقف بوجود مثل الدكتورة وفاء سلطان وهي مصممة على المضي في نضالها المشرف لتحرير المرأة والعقل العربي بقولها في نهاية مقالها المؤرخ 23/2/2007
: للمنافقين الذين يدّعون صداقتي، والذين قالوا لي يوما، متظاهرين بالحكمة: ليس من الذكاء يا وفاء أن تقارعي جبلا من صخر، وأنت تدركين أنك لا تستطيعين أن تزيليه!
أريد أن أوجه لهؤلاء الأصدقاء "اللدودين" رسالة تقول: أنا لست خائفة على رأسي! اذا كان الجبل من صخر فرأسي من حديد. ليس شرطا أن أزيل ذلك الجبل، فإذا استطعت أن أحدث فيه خدشا صغيرا أكون قد حققت ما رميت اليه!
لقد فتحت الباب لغيري، والوفاءات اللاتي ستنجبهنّ الأجيال القادمة ملزمات بأن يكملن الطريق!










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أزمات إنسانية متفاقمة وسط منع وصول المساعدات في السودان


.. جدل في وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن الخلافات العلنية داخل




.. أهالي جنود إسرائيليين: الحكومة تعيد أبناءنا إلى نفس الأحياء


.. الصين وروسيا تتفقان على تعميق الشراكة الاستراتيجية




.. حصيلة يوم دام في كاليدونيا الجديدة مع تواصل العنف بين الكانا