الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لعبة الطفل الفقير

محمد الإحسايني

2007 / 3 / 3
الادب والفن



ش. بودلير
ترجمة : محمد الإحسايني

أود أن أعطي فكرة عن التسلية البريئة. يوجد عدد قليل من التسلية التي قد تكون بريئة. عندما تخرج في الصباح بنية مصممة على التسكع في الطرقات الكبيرة، فاملأ جيوبك بجملة من أدوات اللعب والتسلية بسعر صول واحد، ـ بأمثال الطبق المتذبذب المتحرك بواسطة خيط واحد،ودمى الحدادين الذين يضربون على السندان، ولعبة الفارس وحصانه الذي ذيلـُه عبارة عن صفارة ـ واجعل من ذلك،هدية تقدمها إلى الأطفـــــــــــــــــــــــال المجهولين،والأطفال الفقراء الذين ستلقاهم طيلة المماتع المسلية،تحت الأشجار.فسترى تلك اللعب تتعاظم في عيونهم تعاظماً فائق الحد. فهم أولاً لايتجرؤون على أخذهاً فوراً؛بل سيرتابون من سعادتهم. ثم إن أيديهم ستختطف الهدية برغبة عنيفة، كما تفعل القطط التي تريد أن تأكل القطعة من الطعام التي أعطيتها لها، فقد عرفت كيف تحترس من الإنسان.
ويظل طفل بهيّ،طريّ العود،يرتدي لباس أهل الجبل،مغموراً بالدلال، وراء حديقة فسيحة الأرجاء،على طريق في الطرف الأقصى الذي كان يظهر فيه بياض قصر جميل تنعكس عليه الشمس.
يجعل الترف واللامبالاة والمشهد العادي للثروة أولئك الأطفال من هذا النوع جميلين جداً، ولو أن المرء قد يظنهم خُلقوا من طينة أخرى غير طينة أطفال الطبقة دون المتوسط أو الطبقة الفقيرة.
بجانبه، كانت تضطجع على العشب لعبة أطفال من البهاء بمكان،غضة الإهاب كصاحبها أيضاً،مبرنقة،مذهبة الشكل،مكسوة بفستان أرجواني، ومغطاة بالريش والعقائق. إلا أن الطفل لم ينشغل بلعبته المفضلة، وهاهو المشهد الذي كان ينظر إليه:

كان هناك من الجانب المقابل لسياج الحديقة، على الطريق بين الأشواك، ونباتات الحريق، طفل آخر،وسخ الهيئة،هزيل الجسم،قاتم اللون،وهو واحد من أولئك الصبية المنبوذين، فإحدى عينيه المنصفة قد تكتشف الجمال، وإن كان يغسلها من أكسيد البؤس المنفر للأذواق،كما تكتشف عين العارف الحاذق صباغة مثلى في تمويه بريق صانع العربات الفاخرة.
وعبر تلك الحواجز الرمزية، التي تفصل بين عالمين: عالم الطريق الكبير،وعالم القصر، كان الطفل الفقير يُري للطفل الغني لعبته الخاصة التي ظل هذا الأخير يختبرها بتلهف كشيء نادرالوجود وغير معروف.إلا أن تلك اللعبة التي كان الخادم الصغير المتسخ ينكد
عليها، كانت تتحرك وتهتز في علبتها المسيجة، لقد كانت جرذاً حياً! وبلا شك، كان أهله قد أخرجوا اللعبة من الحياة ذاتها.
وأخذ الطفلان يضاحك أحدهما الآخر بأخوة وصفاء ناجذ متساو في دلالته.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى