الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جدوى ارتفاع رواتب الموظفين

طاهر فرج الله

2007 / 3 / 4
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تعايش الشعب العراقي ولعقود مضت مع هذا الأجراء ، وذلك ظنا للبعض من المختصين أنه الوسيلة الأمثل لمعالجة معضلة الاقتصاد العراقي الذي تلاعبت بكامل مقدراته وقواعده تقلبات السوق الهوجاء الناتجة جميعها من ظروف استثنائية فرضت قوانينها ومستجداتها عليه .
على إن الواقع الملموس أثبت فشل هذا الأجراء فجعل منه عقيما لا يغني ولا يذر ليكون بعد فترة قصيرة من الزمن عاملا مساعدا ومضاعفا للخلل الذي يعاني منه عموم الاقتصاد الوطني المصاب أصلاً بالعوق وربما بعاهة الشلل التام أو شبه التام .
فاستناداً للقاعدة التي تعتمد عليها النظريات الاقتصادية والمتمثلة بقانون (العرض والطلب) فان أي بضاعة تبخس قيمتها كلما زاد عرضها ويبهض ثمنها كلما ندر عرضها وهذه القاعدة الاقتصادية تشمل بها العملة أو الدينار أيضا هذا ما نلمسه بشكل واضح عند كل زيادة تضاف إلى رواتب الموظفين حيث يتدخل هذا القانون الاقتصادي بكل صولجانه وسلطانه في الأسواق التجارية ليصدر حكمه بارتفاع محتوياتها وبتخفيض قيمة صرف الدينار أمام عموم البضائع كافة ، لتتحول أفراح الموظفين الذين استلموا مبلغ الزيادة بعد أيام قليلة إلى صرخات تشكو عجزا أكثر ضراوة من العجز السابق .
لهذا كان لزاما على الجهات المعنية إن تدرس بإمعان النظريات الاقتصادية بوعي علمي يتميز بالدقة ليستنتجوا إن العبرة ليست بزيادة الرواتب فحسب ، بل إن العبرة في توفير الغطاء اللازم للأموال المدفوعة للموظفين والمقدرة بملايين الدنانير العراقية ، لأن فقدان الغطاء لها يفقدها القيمة النقدية ويحولها إلى أوراق تحمل شكل النقد لا قدرته ، ولهذه الأسباب يتحول الأجراء الذي يحمل في شكله الحل للمشاكل الاقتصادية إلى عقبه كأداء تقف متراصة كالبنيان المرصوص مع العقبات الأخرى التي تعيق نهوض الاقتصاد الوطني ، وذلك بسبب ما يحدثه من تضخم مالي يرهق كاهل المواطنين بشكل عام والموظفين بشكل خاص ، لذا فان خير وسيلة للقضاء على التضخم هو زيادة الإنتاج بنسبة تتناسب مع حجم الدمار الهائل الموجود في البلاد بسبب سلسلة الحروب التي وقعت عليه ، لذا يجب أن تكون مشاريع الأعمار فيه تفجيرية إستراتيجية عملاقة تشابه إلى حد بعيد (خطة مارشال) التي أعادت بناء أوربا المدمرة بعد الحرب العالمة الثانية لتستوعب مشاريعها العملاقة جيش البطالة الرابض على ساحة العمل .
إن المعاناة الحقيقية التي يعاني منها الشعب بسبب سوء الأوضاع الحالية كانت السبب الدافع للحكومة على ان تتريث كثيرا في رفعها لأسعار المشتقات النفطية، لأنه أجراء اثقل كثيرا كاهل الموظفين وبقية أفراد الشعب العراقي ولكن إن كان هذا الاجراء ضروريا لمنع تهريب هذه المشتقات الى الخارج مضافا اليه ممارسة بعض الضغوط من اوساط اجنبية ، فكان لزاما على الحكومة في هذه الحال ان تحسب مقدار الفرق في راتب الموظف قبل الزيادة وبعدها وتحولها الى اموال مضافة الى راتبه كي يتعادل الفرق بين السعرين وهذا ما كان يحدث في بعض الدول الاشتراكية، وعلى سبيل المثال فقد كانت الحكومة (المجريه) ترفع اسعار البضائع 100% في موسم الصيف لتجني ارباحا من المصطافين وفي ذات الوقت ترفع اجور عمالها وموظفيها بنفس النسبة المئوية ، وما أن ينتهي موسم الاصطياف حتى تصدر قرارا آجر برجع الاسعار والرواتب الى سابق عهدها ، دون إحداث أي ضرر للعمال والموظفين ، إلا أن حكومتنا أصدرت هذا القرار واضعة تبعاته وسلبياته على الموظفين فقط ، وفي الوقت الذي انتظر الموظفون بعض الاجراءات لتحسين رواتبهم من خلال السلم الوظيفي نرى أن الاجراء شمل فئة منهم دون أخرى لتقع سلبيات هذا القرار على الموظفين عامة باعتبار أن الزيادة الحاصلة تسبب إرتفاعا للاسعار استناداً الى قانون العرض والطلب في حين عانت الفئة ذات الدرجة الرابعة فما بعدها من التضخم مرة ثانية ، بمعنى ان الموظفين عموما تضررت رواتبهم من التضخم المالي وذلك لارتفاع اسعار المشتقات في المرة الأولى في حين عانى بعض الموظفين الغير مشمولين بتعديل رواتبهم الى التضخم مرة ثانية بسبب الزيادة التي حصلت ، إضافة الى هذا كله معاناة الموظفين من التضخم المالي المستمر الذي يعمل على تنشيطه الوضع الأمني المتدهور .
لهذه الاسباب مجتمعة ارى ان اجراء ارتفاع رواتب الموظفين لا يجدي نفعا في الظروف الراهنة وذلك لتوقف النشاط الاقتصادي العام ، اللهم إلا اذا احال الموظف نفسه على التقاعد وانتقل بكامل اسرته للعيش في احدى دول الجوار وذلك لثبات الاسعار فيها ، شرط ان يكون هناك ثبات في سعر صرف الدينار العراقي اما الدولار كي يكون له موردا ثابتا يعتاش عليه ، خصوصا وان حكومتنا اثبتت انها تملك من روح التسامح ما يجعلنا نفقد الامل في استتباب الوضع الامني في العراق وذلك لعدم قيامها بالردع المطلوب ضد الإرهابيين والعصابات الإجرامية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحذر من -صيف ساخن- في ظل التوتر على حدود لبنان | #غر


.. البيت الأبيض: إسرائيل وحماس وصلا إلى مرحلة متقدمة فى محادثات




.. تشاؤم إسرائيلي بشأن مفاوضات الهدنة وواشنطن تبدي تفاؤلا حذرا


.. هل يشهد لبنان صيفا ساخنا كما تحذر إسرائيل؟ أم تنجح الجهود ال




.. بسبب تهديد نتيناهو.. غزيون يفككون خيامهم استعدادا للنزوح من