الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تلاحم الحركة الكردية في سوريا ضرورة تاريخية؟ ام مجرد فنتازيا؟

بافي رامان

2007 / 3 / 4
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


ان البلاد يمر من خلال التطورات الجارية في المنطقة ، بمرحلة دقيقة و حساسة في تاريخها القريب و البعيد ، نتيجة لعوامل عديدة ، منها هبوب رياح التغيير و الاصلاح التي هبت على العالم ، اثر انتهاء الحرب الباردة و تحويل العالم الى قطب واحد ، و خاصة بعد احداث 11 سبتمبر ( ايلول ) و دخول الولايات المتحدة الامريكية كعامل خارجي على خط التغيير باتجاه احداث تطورات ديمقراطية انطلاقا من حشد كل الطاقات لمحاربة الارهاب ، و بسبب القراءة الخاطئة للنظام الاستبدادي السوري لتلك الاحداث و التطورات و نتائجها ، و عدم التمييز بين منطقة الشرق الاوسط الامس و اليوم و كيف ستكون عليها الغد ، دخلها في عزلة دولية و اقليمية و عربية و لم يبقى امامها الا التحالف مع النظام الملالي في ايران لخلط الاوراق في المنطقة و لتطويل عمرها الديكتاتوري الشمولي .
اما على صعيد الحركة الكردية في سوريا : فان سياسة حزب البعث العفلقي – الاسدي ، كان و مازال مستمرة في انكار الوجود الكردي رغم فشله الزريع ، بل فشل هذا الحزب على جميع الاصعدة حتى في رؤيته القومية العربية عندما رفع شعار (( امة عربية واحدة – ذات رسالة خالدة)) و شعار (( الوحدة – الحرية – الاشتراكية )) و تبين ان الفكر الميتافزيقي القومي العربي البعثي لا يمت الى الواقع السوري بصلة ، نتيجة تنوع المجتمع السوري من القوميات و المذاهب و الطوائف و تشكل الشعب الكردي ثاني قومية في البلاد ، و خصوصا التناقض البارز بين ارائه القومية و السياسيته و بين ممارساته العملية خلال نظام حكمه على الصعيد الخارجي و العربي و الداخلي ، لقد اتضح ان التفرد القومي على الصعيد السوري و التسلط و التفرد بالسلطة اوصل هذا الحزب الى نظام حكم ديكتاتوري شمولي استبدادي يعتمد على الدولة الامنية و البيروقراطية المشوهة و الفساد الاداري و هدر موارد البلاد الاقتصادية و الاجتماعية . وعدم تفكر هذا النظام الاستبدادي بفتح صفحة جديدة مع قوى المعارضة السورية العربية منها و الكردية و باقي فئات الشعب بل يستمر في سياسة القمع و الارهاب المنظم ضد الشعب السوري و لم يؤمن حتى الان ان رياح التغيير قادم لا محال ، لذلك فان الاحداث المتسارعة و المتلاحقة في المنطقة يحتم علينا التفكير جديا بالقضية الكردية في سوريا من خلال الحركة الكردية ، و ذلك كما قلنا منذ احداث 11 سبتمبر ، و ما طرح من مشاريع دولية بمحاربة الارهاب و الانظمة الداعمة لها و المتمثلة في الانظمة الاستبدادية الشمولية و من خلال طرح مشروع الشرق الاوسط الكبير ، و اسقاط النظام الفاشي البائد في العراق من قبل دول الحلفاء بقيادة الولايات المتحدة الامريكية و تواجد الامريكي المكثف في المنطقة ، و بعد هذه الاحداث فان المنطقة مقبلة على التغيير مؤكد ، من الناحية السياسية و الاقتصادية و ربما حتى على الناحية الجغرافية لان الدول الكبرى قد تعمل على تغيير خريطة المنطقة ووضع ترتيبات جديدة تلائم مصالحها الاقليمية و الدولية ، و من خلال هذه المشاريع لا توجد للانظمة الشمولية مكانة ضمن هذه الترتيبات ، فان الانظمة التي استوعبت هذه العملية عملت او قد تعمل على احداث التغييرات و الاصلاحات لحماية نفسها من الزوال ، اما الانظمة التي ما زالت تحاول المحافظة على وجودها و التمسك بزمام السلطة من خلال القبضة الحديدية ، على الرغم من تلاقيها الضغوط المختلفة لابد ان تدخل بلدانهم في نفق مظلم ، و ان النظام السوري الاستبدادي ضمن هذه الترتيبات ، و ما تعاني البلاد من الازمات السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية و حتى الثقافية ، و التمسك بعقلية الستينات من القرن الماضي من خلال فرض الاحكام العرفية و قانون الطوارىء منذ اكثر من اربع عقود و التمسك بالمادة الثامنة من الدستور التي تعتبر حزب البعث حزب قائد للدولة و المجتمع و منع انشاء الاحزاب و الجمعيات من ممارسة نشاطها السياسي ، و حتى منع منظمات حقوق الانسان و لجان المجتمع المدني ، الا بعض الاحزاب التي افرغت من مضمونها النضالي الوطني و اصبحوا ذيول للحزب البعث و المتمثلين في الجبهة الوطنية البعثية الشكلية التي ليست لها اي دور فعلي على الساحة الوطنية الا التصفيق للسلطة في المناسبات ؟
بعد هذه المقدمة هناك سؤال يطرح نفسه هل الحركة الكردية في سوريا بوضعها الحالي على مستوى المسؤولية التاريخية اتجاه الشعب الكردي ؟ ام لا بد من ايجاد اطار تلائم المرحلة التاريخية ؟ لذلك لا بد للحركة الكردية من الخروج من اطار خطاب سياسي تقليدي عقيم بين اطراف الحركة الكردية ، و التي لا تنسجم مع ظروف المرحلة الراهنة و الحالية و تطور القضية الكردية على الصعيد العالمي و الاقليمي ، و خاصة بعد التحولات المتسارعة في السياسة الدولية و الاقليمية و خاصة المتعلقة بقضايا حقوق الانسان و المجتمع المدني و المؤسساتي و مسألة الديمقراطية في دول الشرق الاوسط ، و ضرورة الانفتاح على المد العالمي مما يفترض ان تكون الحركة في وعيها و ادراكها و برامجها التكتيكية و الاستراتيجية متسجمة مع المفرزات الجيديدة في العالم و المنطقة و ايجاد اساليب نضالية تلائم المرحلة الحالية و الراهنة .و لكن فان الحركة الكردية في سوريا ما زالت تعمل حتى الآن على عقلية الستينات و السبعينات التي انشاءت انذاك و حافظت على ا رثه النظري و الفكري السابق سواء في تحديد وسائل النضال و المواقف السياسية او التعامل مع الجماهير الشعبية و مسالة وسائل الاعلام و التوعية ،رغم بعض التغييرات الطفيفة و الصغيرة في الاونة الاخيرة و محاولة بعض الاطراف كسب اساليب نضالية سلمية جديدة لتحريك الشارع الكردي و العربي و لكن ذلك يسد او انسد دائما بعوائق من السلطة الاستبدادية و هذا شيء طبيعي ، و لكن عندما يتم اجهاض هذه الاساليب و التجربة من قبل الاطراف الكردية و بعض الاطراف من المعارضة العربية فهذا يدعوا الى الغربة و الاستغراب ؟على الرغم ان الاساليب و الادوات المتوفرة بشكل عام ليست بالمستوى المسؤولية التاريخية و باقرار الجميع من داخل الجماهير الكردية و كذلك جميع اطراف الحركة الكردية في سوريا من خلال الحالة السائدة داخل الحركة من التشرذم و الانقسام السرطاني ، او على مستوى المسؤولية الوطنية السورية بشكل عام ،لذلك اتسعت الهوة و الفجوة بين الحركة الكردية و الجماهير الشعبية بسبب سياسات الاقصاء الاخر .و مما يجب عليه، بل باتت اكثر تخلفا و لا ديمقراطية حتى على مستوى الحزب الواحد . و حتى مجرد التفكير بان مجموعة او حزب واحد يمكن ان يحرك الشارع الكردي امر خيالي و مستحيل بسبب فقدان الثقة ، لذلك لابد من تفعيل الاساليب النضالية للحركة الكردية و فتح حوار جاد و جدي و عميق و ذلك من خلال طرح مشروع وطني قومي كردي يتجسد في الدعوة للحوار وطني شامل ، و عبر مؤتمر كردي عام و شامل و بحضور شخصيات وطنية و مثقفيين غيرون على مصلحة شعبهم لانشاء مجلس وطني شامل . و اي كانت الخلافات و التناقضات داخل الحركة و غالبيتها بدون مبرر يذكر و تعود لخلافات شخصية ، او نتيجة عوامل خارجية سواء كانت كردستانية او سلطوية امنية ، لان في الحقيقة فان غالبية الفصائل متفق على ان الشعب الكردي في سوريا يعيش على ارضه التاريخية و لابد من حل المسألة الكردية في سوريا عن طريق تحقيق الديمقراطية في البلاد و احقاق الحقوق القومية و الديمقراطية للشعب الكردي ، و ان نفاط الاتفاق بين اطراف الكردية اكثر بكثير من نقاط الخلاف ؟ ولابد من اخذ العبر و الدروس سواء من تجربة الشعب الكردي في سوريا او من تجربة الشعب الكردي في كردستان العراق او من التجارب العالمية والاقل
1- العبرة من انتفاضة القامشلو : حين بدأت الانتفاضة الكردية في مدينة القامشلو غربي كردستان كان هناك اكثر من 13 حزبا كرديا غير معنية بما جرى في الشارع ، فان الشعب انتفض بشكل عفوي يدافع عن نفسه بمعنى ان القرار لم يكن قرارا سياسيا صادر عن الاحزاب الكردية بالتحريك ، بالعكس فقد كانت هناك احزاب تفاوض السلطة و الاجهزة الامنية لاجهاض تجربة جماهير الشعب الكردي التي امتدت من اقصى شمال سوريا في كردستان سوريا الى قلب العاصمة السورية دمشق في اليوم الثاني ، و هذا ان دل على شيء يدل على تقاعس بعض الاطراف الحركة عن واجبها الاساسي ، لذلك لابد من ضرورة قيام هذه الاطراف بالتجديد و التغيير من الداخل و خاصة على مستوى القيادات و البرامج و اساليب النضال . لان الشعب الكردي اثناء الانتفاضة لم يميز بين اليمين و اليسار والوسط و كانوا يدا واحدا اتجاه وحشية الانظمة الامنية الاستبدادية ، و بالمقابل عندما اطلق المجرم سليم كبول النار في الملعب البلدي لم يميز بين هذا الطرف او ذاك و بين الطفل و الشيخ و انما وجه طلقته على الشعب الكردي بشكل عام ، لذلك فان الشعب الكردي متقدم اكثر على الاحزاب و استوعب اللعبة اكثر ، ووعي الجماهير اكثر ارتقاء من وعي اطراف الحركة رغم تضحيات الحركة و نضالها السلمي المستمر الا ان بقاءها على اسلوبها القديم و عدم قيامها باجراء التغييرات الضرورية و التجديد فانها ستبقى متخلفة عن ركب مسيرة الشعب ، اذن التغيير لابد منه و على اغلبية الاطراف الحركة الكردية في كردستان سوريا ان تبدأ بالتغيير و الاصلاح من الداخل و من ثم فتح حوار جدي بين الاحزاب للملمة الشمل و من ثم فتح حوار كردي – عربي من مصدر قوي و برؤية واضحة تنسجم مع طموحات الشعب الكردي في العيش الحر و الكريم و تلائم مع وجوده التاريخي على ارضه لتأمين حقه في الحقوق القومية و الديمقراطية بما فيه حقه في تقرير مصيره بما يلائم المصلحة الوطنية و القومية للشعب الكردي ضمن دستور و قانون البلاد عندما يقر بوجود الشعب الكردي كثاني قومية في البلاد .
2- العبرة من الاغتيال الارهابي بحق شهيد الشهداء الشيخ معشوق الخزنوي : يمكن ان نسال انفسنا قبل ان نسال الاخرين : هل تم قتل الشيخ معشوق الخزنوي كشخص ؟ ام قتله لانه كان يحمل فكرة انسانية و يدافع عن ارضه و شعبه من خلال رؤيته الاسلامية ؟ انهم قتلوا فكرته و نهجه المتنور ، لانهم اخافوا منه ومن فكره و نهجه الذي كان يدعي دائما ان الاسلام للجميع و لايقبل الظلم ابدا ومن حق اي شعب كان ان يقرر مصيره بنفسه و كان يدعو الى توحيد الصف الكردي و لملمة الشمل و لم يكن يفرق بين ابناء الشعب الكردي من اقصى اليمين الى اقصى اليسار ، و انه كان يرى في توحيد الصف الكردي وسيلة لتحقيق طموحات شعبنا في تحقيق حقوقه القومية والديمقراطية ضمن اطار الدستور و حتى من خلال رؤية الاسلام ، لذلك فان الشعب الكردي لم يتخلى عن هذا الشهيد من خلال مظاهرات و مسيرات للتضامن مع فكرته و ارائه ، لان شعبنا تواق لفكرة توحيد الصف ووخدة الكلمة و ايجاد اساليب نضالية جديدة تلائم المرحلة الراهنة .
3- الاعتقالات التعسفية بحق ابناء شعبنا و باقي ابناء الشعب السوري : ان النظام الاستبدادي ماضية في ممارسة القمع و الظلم بحق ابناء الشعب السوري عربا وكردا و باقي الاقليات القومية ، و لا يميز بين هذا الطرف او ذاك عندما يداهم البيوت و الاحياء السكنية و امام محكمة امن الدولة التهم جاهزة (( خطر على امن الدولة ))
4- العامل الكردستاني : في المرحلة السابقة و كما قلنا كان للعامل الكردستاني دور كبير في تشرذم الحركة الكردية في سوريا ، و خاصة تاثير اطراف الحركة الكردية في كردستان العراق على حركنتا ، من سلبيات و ايجابيات ، فما جرى في السابق في كردستان العراق من تخبطات و انشقاقات و تشرذم كانت لها تاثير كبير على تشرذم و انشقاق داخل الحركة الكردية في سوريا ايضا ، و لكن الذي نتعجب منه في هذه المرحلة بعد ان تم لملمة الشمل و توحيد الصف الكردي هناك و لولا اتفاقهم و تضامنهم لم يكن لهم هذا التاثير على الساحة العراقية بشكل عام و الساحة الكردستانية بشكل خاص و كذلك دورهم الكبير على الساحة الدولية و الاقليمية ، لماذا لايتم لملمة الشمل داخل الحركة الكردية في سوريا ايضا ؟ لماذا نتاثر بالسلبيات ؟ و لا نتاثر بالايجابيات ؟ لان اطراف الكردستانية توصلوا الى رؤية واضحة و صريحة ان اي خلاف بينهم لا يمكن ان يوصلهم الى بر الامان ، و ان طموحات الشعب الكردي تكمن في توحيد الصف .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القمة العربية تدعو لنشر قوات دولية في -الأراضي الفلسطينية ال


.. محكمة العدل الدولية تستمع لدفوع من جنوب إفريقيا ضد إسرائيل




.. مراسل الجزيرة: غارات إسرائيلية مستمرة تستهدف مناطق عدة في قط


.. ما رؤية الولايات المتحدة الأمريكية لوقف إطلاق النار في قطاع




.. الجيش الاسرائيلي يعلن عن مقتل ضابط برتبة رائد احتياط في غلاف