الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من يوميات قرية محاصرة

اسماعيل خليل الحسن

2007 / 3 / 4
حقوق الانسان


تحاول قريتي أن تكون متميّزة بين مثيلاتها في محافظة الرقة, فهي منذ الأربعينات من القرن المنصرم توفرت على مدرسة ابتدائية و إن كانت تسميتها تدل على انتماء فئوي ( حمام التركمان), فهي ابعد القرى عن الفئوية حيث يعيش فيها أفراد منسجمون من جميع الانتماءات العشائرية, في منطقة غالبا ما تطرح المنافسة العشائرية فيها بحدة و بكل قسوة, وخصوصا حين تقبل علينا مسلسلات الانتخابات من حزبية أو حكومية أو تشريعية.
يحاول الفرد في قريتي أن يكون منتميا إلى ثقافته, و بذلك يكون انتماؤه العشائري واهيا, لولا التسخين الانتخابي لأجواء كادت أن تموت في الماضي, وهذا يطرح بحدة ضرورة تعديل قانون الانتخابات بقانون عصري يعلي من المشاعر الوطنية على نقيضها من المشاعر ما قبل الوطنية.
ترفد قريتي الناتج الوطني بإهراءات من الحبوب و القطن, رغم ما يكابده الزارع من خسارات لتآكل فائض الربح في القطاع الزراعي بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج و حيث أرهقته الديون المصرفية, كما يصيبه حظ من الفقر بسبب ارتفاع الأسعار ثم تدهسه أيضا آلية الفساد ليخرج خالي الوفاض إلا من الحسرة الشكوى.
تعيش قريتي اليوم حالة حصار, فقد سدت قوى الأمن منافذها الرئيسية فهي تدقق في الداخل و الخارج, لمطاردتها مطلوبا فر من العدالة من أفراد القرية.
لا نستطيع أن ننكر حق السلطات المحلية في إقامة الحواجز حفظا للأمن و حقها في إقامة المخافر في أي مكان تريد وخصوصا أن ضابطتها يتعاملون مع الناس بتهذيب ما دام منضبطا , ويحال كل مخالف إلى القضاء, أي أن القرية اليوم تعيش أجواء تطبيق تام للقانون وهذه حالة كنا و ما نزال نتمناها للوطن كله.
لكن وجه الاعتراض, إن كان تطبيق القانون يصبح نكاية و معاقبة! فنحن نتمناه حالة عامة لا استثناء, فالقرية أصبحت لدى السلطات المحلية عشيرة يجب أن تقدم أحد أبنائها للعدالة, في حين أن الرابطة العشائرية تكاد تموت في هذه القرية كما أسلفت, حيث تشفع الصداقة و العلاقة الشخصية, و لا تشفع القرابة العائلية و العشائرية وقد تضر أحيانا.
وبما أن موسم زراعة القطن على الأبواب, ولحاجة القرية إلى العمالة الوافدة من سائر القرى, بل و من المحافظات,فان هذه الإجراءات من شأنها أن تعرقل إتمام الموسم الصيفي, لذالك نطالب السلطات المحلية بإعادة النظر في سياستها هذه, فالعقوبات الجماعية لا سند لها في القانون و الدستور حيث لا عقوبة إلا بنص و الشرائع جميعها منذ حمورابي مرورا بالشريعة الإسلامية و القانون الوضعي في العالم وسورية أيضا كل هذه أكدت فردية العقوبة: فلا تزر وازرة وزر أخرى.
الحكمة تقتضي تعقب المطلوب وليس عقاب المجتمع, فالناس أصبحوا يشبّهون حالة الحصار هذه بحصارات أخرى تجاورنا, أبعدنا الله وإياكم عنها.. آمين








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تنامي الغضب من وجود اللاجئين السوريين في لبنان | الأخبار


.. بقيمة مليار يورو... «الأوروبي» يعتزم إبرام اتفاق مع لبنان لم




.. توطين اللاجئين السوريين في لبنان .. المال الأوروبي يتدفق | #


.. الحكومة البريطانية تلاحق طالبي اللجوء لترحيلهم إلى رواندا




.. هل كانت المثلية موجودة في الثقافات العربية؟ | ببساطة مع 3