الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نخبة العرب ومثقفيهم والعقل الجمعي العراقي

أبراهيم القريشي

2003 / 8 / 5
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


عراقيات من ذاك الصوب

نخبة العرب ومثقفيهم والعقل الجمعي العراقي

رؤية للفتنة التي أشعلها صدام حسين
 بين العراقيين و أخوانهم العرب

يتنامى في الأفق الآن على المسرح العراقي تيار " اللاعرب "  ويصب بأتجاه ضد كل ماهو عربي، وخطورة هذا التيار تكمن في أنه يتسارع بأتجاه التغلغل في العقل الجمعي العراقي ليصبح حزمة تيارات على المسرح السياسي العراقي وقد يحصل أن يتطور تباعا ليصبح طريقة تفكير جمعية، ومن الخبرة الشخصية ومما يتناهى الى سمعي من هنا وهناك أستطيع التأكيد بأن قاعدته سوف تكون واسعة للغاية أذا لم يتم تدارك الأمر من قبل النخبة العربية ومثقفيها، وأعني النخبة المسؤولة لا القاعدة التي دأبت على الهدم والرقص على أكوام الضحايا دون أن يهتز ضميرها وهي ترى طروحاتها تهدم أكثر مما تبني، وتزرع الفتن أكثر مما تبلسم الجروح.

دأب الكثير من المثقفين العرب على الوقوف الى جانب أحد طرفي المعادلة متى ما تعلق الوضع بالشأن العراقي ضنا منهم؛ ولأسباب متنوعة أخرى؛ أن الطرف هذا هو صاحب الحقيقة وهو الأجدر بالتمثيل، مع أن كثير منهم كان يعي الحقيقة المتعلقة بطبيعة ماكان يدور في العراق، لكن مع ذلك آثر الا أن يناصر طرفا ضد آخر من باب مادي وطائفي وأيماني بالخطاب السياسي وأسباب أخرى كثيرة، ومن هنا تقاطعت المصالح والتوجهات مابين العراقيين والعرب. أثبتت الأحداث وبشكل قاطع أن الغالبية العظمى من الشعب العراقي كانت تكره صدام كرها شديدا، مع ذلك اصر الكثير من المثقفين العرب على الترويج لصدام ولطريقته في أدارة العراق وبالتالي فقدوا؛ أو أستفزوا؛ على أقل تقدير، الغالبية العظمى من الشعب العراقي، ومع أن الكثير من مثقفي العرب آثر الصمت بعد فضائح صدام ومقابره الجماعية، ألا أن نسبة لابأس بها مازالت تتعاطى نفس الطريقة ذاتها عندما يدلوا بدلوهم بشأن العراق!!!! وبرغم أن الذي حصل ويحصل للعراقيين الآن يستدعي؛ من باب أخلاقي وديني وقومي وأنساني؛ كلمة تعاطف، رفض البرلمانيون العرب مجرد أدانة بسيطة للمقابر الجماعية تقدم بها وفد الكويت كبادرة تعاطف مع الشعب العراقي!!!!

كيف نطلب من العراقي بعد اليوم أن يتعاطف مع قضايا العرب وكان جل العرب بالأمس يهللون لجلادهم وهو يذبح بهم ويدفنهم مجاميع ومجاميع في مقابر جماعية ماكانت لتكتشف لولا أن أطاح الأميركان بالنظام مع أن العراقي كان يعلم بها لأنه كان وقودها؟؟!!
وكيف نطلب من العراقي أن يبادر لقضايا العرب ولم يبادر هؤلاء الى نصرة العراقيين وعلى العكس أرسلوا مرتزقة تدافع عن صدام؟؟!!!

أن تطرف العنف لدى صدام بشأن العراقيين مع تطرف بعض مثقفي العرب في تجميل أداءه خلق بالمقابل تطرف مضاد لدى العراقيين كان من تبعاته الآنية أن تطرف العراقيين حتى في عدم الممانعة في هوية منقذهم بحيث أرتضت الغالبية العظمى من العراقيين أن يحتل (أو يحرر) بلدهم على أن يبقوا تحت حكم صدام الرهيب، وكان من تبعاته أيضا أنك بدأت تسمع أقاويل عند العراقيين بشأن قضايا عربية قومية ماكن المرء ليسمعها من قبل يصب معظمها على التنصل من قضايا العرب، وكان من تبعاتها أيضا أنه بينما أنشغل بعض المرتزقة العرب في مواجهةالأميركان أيام حكم صدام الأخيرة، جاءهم وابل من الرصاص  من الخلف من قبل بعض العراقيين الغاضبين على حكم صدام حسب رواية أحد المرتزقة العرب في جريدة الشرق الأوسط. وأذا كانت هذه الحالة الأخير بمثابة بارومتر حساس جدا على مدى تدهور نظرة العراقيين الى الكثير من العرب وقضاياهم، فعلى النخبة العربية أن تدرس هذه الحالة دراسة موضوعية بعيدة عن التشنج وعليهم أن يتسلحوا بأعلى درجات الشجاعة في مصارحة النفس والآخر في تشخيص السبب الرئيسي ثم أدانته، الأمر الذي سوف ينتزع، وبلا أدنى شك، تراكمات المرارة في قلوب العراقيين أزاء أخوانهم العرب، وأذا طلبوني الأستشارة كعراقي مدمن على تتبع سايكولوجية العراقي، فلسوف أشير على أخواني العرب بضرورة الأسراع في أدانة المقابر الجماعية لأنها شكلت في وجدان العراقيين ثلما لأنسانيتهم وظلما لانظير له يستحقون معه كلمة تعاطف تصبح بمثابة جواز مرور الى قلوبهم، وأشير عليهم أيضا أن يحترموا خيارات العراقيين وأن يبتعدوا عن التدخل في شؤونهم الداخلية، أذ ليس من المعقول أن يفتي أحدهم من العرب بمقاتلة الأميركان مثلا في وقت ترى الأغلبية الساحقة من الشعب العراقي غير هذا، وليس معقولا أيضا أن يصبح بلدا كله خائنا ألا رئيسه وحفنة من أتباعه حسب تعبير أحد الأخوة العرب.

أن مشكلة بعض الأخوة العرب هو أنه يحشر أنفه في حيث يفترض فيه التريث والسؤال والتمحيص ثم الحكم، لذا ليس غريبا أن تأتي طروحات كثير منهم فيما يتعلق بالشأن العراقي ليس قاصرة فحسب، بل ومستفزة أقصى غايات الأستفزاز للعراقيين، وأذا كان كل من عدي وقصي شهيدا من وجهة نظر أحد رجال الدين اللبنانيين برغم سجلهم في أنتهاكات حقوق الأنسان الفظيعة بحق العراقيين والعراقيات، ألا أنه في العراق ينظر اليهم والى موتهم بغير هذا، ويكفي أن يعرف المرء بأن مجرد الفرح بموتهم في العراق قد كلف العراقيين 32 قتيلا وحوالي 70 جريحا من شدة الفرح والتزاحم، ومن هنا يتحتم على المرء ألا يسارع بالأدلاء بمثل هكذ طروحات.

هناك أمثلة كثيرة على التفاوت بين مايفكر به العربي بشأن العراق وبين واقع العراق والعراقي، وأن الذي يتصور أن العراق هو مجرد بغداد وأنبار وتكريت وفلوجة  سيقع في مطب كبير سوف يستدعيه لاحقا الأستدراك بكل تأكيد، هذا أذا كان موضوعيا، أما المنحاز فلا نتوقع منه الأستدراك أو وخزة الضمير، فعلى الحذر( بكسر الذال) من النخبة العربية ألا يتسرع في رمي دلوه في موضوعة العراق فقد تكون الماء عكرة من حيث تخيلها حلو زلال، وقد تأتي تبعاتها بما لايرتجى.

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. النائب أنور الفكر: مشكلتنا مع فهد اليوسف أنه «يستخدم» القانو


.. غزة : أي دور للمثقفين والنجوم؟ • فرانس 24 / FRANCE 24




.. مذيعة CNN تواجه بايدن: صور الأطفال في غزة مروعة وتكسر القلب.


.. تغيير العقيدة النووية الإيرانية.. هل تمهد إيران للإعلان الكب




.. المستشفى الإماراتي ينفذ عشرات العمليات الجراحية المعقدة رغم