الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اي تحالف يتطلع اليه شعبنا ؟

جاسم الحلفي

2007 / 3 / 5
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية


تنطلق بين فترة واخرى، دعوات لتشكيل تحالف سياسي، وبناء جبهة وطنية، مرة باسم (القوى المعتدلة)، ومرة اخرى باسم (القوى الديمقراطية والليبرالية والوسطية). وتنبع تلك الدعوات من الحرص على العملية السياسية الجارية. ويرى اصحاب هذه الدعوات الطيبة ان تجاوز الاختلالات التي يعاني منها الوضع السياسي الراهن في بلادنا لا يمكن ان يتم إلا عبر حشد الطاقات وتركيز الجهود وتحمل المسؤوليات، بعد ان فشلت التحالفات الطائفية في تحقيق الامن والاستقرار والاعمار، وساهمت في خلق أوضاع خطيرة تنذر بالشؤم، بعد ان استشرت الطائفية وبرز خطابها الإنقسامي الذي يركز على الهوية الطائفية، متجاهلا الهوية الوطنية العراقية، التي تجمع كل ابناء الشعب العراقي في وحدة وطنية حقيقية. وتفاقم الصراع الطائفي، واستخدمت فيه كل الاساليب في محاولة لإزاحة الخصوم وتهميشهم وابعادهم.
وبسبب ذلك تشتد الحاجة اليوم الى بناء تحالف يقوم على اساس وطني، يدعو الى اقامة سلطة القانون واحترام حقوق الانسان، ويؤكد على الهوية العراقية، ويقف ضد الارهاب، وينبذ العنف، ويدعو الى حل الميليشيات، وبناء مؤسسات الدولة على اسس الكفاءة والنزاهة بعيدا عن المحاصصة الطائفية البغيضة.
لذا فأن قيام التحالف الوطني المنشود، لن يتأتى عبر طرح الفكرة ذاتها فقط، مهما كانت تلك الفكرة صحيحة، بل عبر اطلاق مبادرة ملموسة، يجري الاعداد الصحيح لها بعيدا عن التسرع والارتجال والتصريحات الصحفية المقتضبة. لقد بينت تجارب عديدة انه لا يكفي اطلاق فكرة نبيلة فقط، حتى يتلقفها ويستجيب إليها الاخرون ويمضون اليها مسرعين، بل انها تحتاج الى دراسة مستفيضة، تطرح من خلالها كل القضايا بمسؤولية ودقة وشفافية، وتبحث من خلالها متطلبات التحالف المنشود، وتصاغ مفردات برنامج العمل، وتتحدد اليات التحرك. ولا بد من التاكيد، في هذا الصدد، على اهمية العمل الدؤوب والمتواصل والمثابر، لوضع تصورات لبناء هذا التحالف، تأخذ بالحسبان جملة من المشتركات، واختيار اليات عمل واضحة، وتوفير المستلزمات الكفيلة بمشاركة الجميع في مناقشة وتداول مختلف الافكار والاراء لانجاز المهمة بنجاح.
والتجربة تقول ان التحالفات لا تتحقق في اجتماعات القادة وحدهم، على اهمية ذلك، بل عبر مشاركة الناس، الذين هم، في نهاية المطاف، اصحاب المصلحة الحقيقية في ذلك. فالبرنامج المراد تطبيقه يوضع للجماهير ومن اجلها، وان مطالب الامن والامان والاستقرار واهمية الحصول على المكاسب الاجتماعية والاقتصادية المنشودة والوصول الى الخدمات الاساسية، هي اهداف ملموسة تسعى الناس اليها، وتجتمع حولها وتكافح من اجلها. بالتالي لا يمكن تصور قيام تحالفات ناجحة من دون اسناد ودعم جماهيريين.
وحتى لا يكون التحالف رقما جديدا يضاف الى ما هو موجود، لا بد من بحث امكانيات كل حزب او طرف، والتعرف على استعداده كي يكون شريكا حقيقيا في التحالف وليس رقما وحسب. ومن اجل الحرص على مشاركة الاخرين في التحالف، ينبغي جعل الشريك يشعر بالمشاركة في صناعة القرار، ويتعرف على جدية الشركاء وحرصهم على العمل المشترك، بعيدا عن التهميش والاستحواذ الذي لا يستقيم مع الدعوة الى الديمقرطية.
واستنادا الى تجربة التحالفات التي تتيح استخلاص جملة من الدروس. من بينها، بل من اهمها، أنه لا ديمقراطية حقيقية بدون ديمقراطيين حقيقيين، يثق الناس بهم، ويعلقون عليهم امالهم، لا يتخلون عن الناس، ولا يديرون الوجه عن البرنامج المتفق عيه، يمتازون بالصدقية، والحرص على العمل واستمراره. ومن هنا تاتي ضرورة ترسيخ التقاليد الديمقراطية في العلاقات بين المتحالفين، باعتماد مبادىء الحوار، واحترام الرأي الاخر. كما لا بد من التأكيد على العمل الجماعي وعدم السماح، تحت اية ظروف ومبررات، ببروز وهيمنة نزعات التفرد في قيادة التحالف فهذا يشكل مقتله.
من المؤكد أن حجم القوى المعتدلة والمناهضة للحلول والخيارات الطائفية كبير، كما ان دور الوسط الديمقراطي والوطني واعد، ولكن هذا لا ياتي طواعية بل لا بد من انتزاعه من خلال النضال المثابر وعبر المزيد من العمل والفعالية وطول النفس. فالطريق نحو وحدة هذه القوى لن يتحقق بـ " ضربة حظ " بل من خلال ارتقاء الجميع الى مستوى التحديات الكبرى التي تواجه بلادنا في هذه اللحظة المتوترة، والتوصل الى توافقات حول برنامج وطني ديمقراطي، يشكل انجازه خطوة مهمة على طريق انهاء التواجد الاجنبي وبناء عراق ديمقراطي فيدرالي موحد.
يقول الشاعر العربي الكبير ادونيس:
كن القا
وابتكر قصيدة جديدة وامض
زد سعة الارضٍ









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. احتمالات فوز اليمين المتطرف تقلق سكان أحياء المهاجرين المهمش


.. استطلاعات الرأي ترجّح فوز اليمين المتطرف في الانتخابات التشر




.. الفرنسيون يصوّتون في انتخابات تشريعية تاريخية وسط توقعات بفو


.. زعيم التجمع الوطني بارديلا يدلي بصوته: هل يتحقق حلم اليمين ا




.. 3 تيارات تتنافس على الفوز بالانتخابات الفرنسية.. واليسار يتم