الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوطن العربي والحاجة الى الديمقراطية

عبد العزيز السلامي

2007 / 3 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


اتسائل دائما لماذا نحن العرب يسوء حالنا يوما عن يوم وعلى جميع ا لأصعدة ؟ فلا ديمقراطية بمفهوم التداول على سلطة مرسخة ومعززة تعزيزا مؤسساتيا,ولا وضعنا الاقتصادي والصناعي والعمراني والسياسي.. مطمئن و يبشر بالخير, ولا أمراض ومعضلات اجتماعية نحت نحو التقلص والانكماش...كل الازمات تتفاقم وتشتد حدتها وتسير لا محالة في اتجاه النفق المسدود .ويعلم الله حجم الكوارث السياسية والاجتماعية المحدقة بالعديد من الدول العربية شعوبا وحكاما إذا لم يفكر الجميع وبشكل عميق في استراتيجية ناجعة تضع قطيعة مع التاريخ السياسي الاستبدادي للعديد من الأنظمة العربية التي جثمت على صدور شعوبها لعدة سنين وحولت بلدانها إلى مستنقعات آسنة ومحاضن للفساد بجميع ألوانه .

إن الديمقراطية حسب قاموس الانظمة العربية إن صح التعبير هي الاستمرار في السلطة بالمفهوم الصوفي للكلمة وتوريتها واستعباد الشعوب وإذلالهم وإفقارهم وتجهيلهم حتي يصبحوا أداة طيعة في ايادي سماسرة الاستبداد السياسي بمنظريهم ومفكريهم , ليفعلوا ما يحلوا لهم و يعلنو اعن النتائج ( في الانتخابات مثلا) التي ترضيهم وتطمئنهم وتضمن لهم الاستمرار الأبدي في دواليب السلطة فيحكمون حتى يصبحوا من حيث لا يشعرون في ضيافة القبر والمآل المنتظر. .للاسف الشديد لم نسمع ببلداننا العربية عن انتخابات نزيهة بالمفهوم الشمولي للكلمة الذي يتيح التعاطي مع قواعد الديمفراطية شكلا ومضمونا لا الاكتفاء بالقشرة و تسطيح المفاهيم , .و في الحقيقة إ نها ماساة ذبح الديمقراطية بدولنا العربية, الحكام يحكمون لعشرات السنين ويصنعون لهم احزابا عريضة تستقطب العديد من الانتهازيين والنفعيين واصحاب الاموال الذين يستفيدون من التهرب الضريبي ومن امتيازات الدولة ويحتكرون المشاريع المدرة لأرباح خيالية , ويتحول الحزب الحاكم إلى أقوى حزب في البلد, يحصد أغلبية المقاعد البرلمانية ويستفرد بتسيير البلاد ويستحوذ على كل شيء .. ويستمر الوضع على حاله حتى ينتقل الحاكم إلى دار البقاء , ويبكي الشعب على فراق الزعيم ويخرجون في مظاهرات عارمة على ايقاع عويل النساء و صراخ الرجال ...وترفع شعارات التزكية والاستمرار لنفس النهج و السياسة وإن اختلفت الوجوه.وهكذا تستمر الحياة العربية على نفس الايقاع ...وتنتصر العواطف على المنطق الديمقراطي ولا حياة لمن تنادي.

في اعتقادي إن من بين ملامح تعطيل اسس الثقافة الديمقراطية ببلداننا العربية هو تفشي الامراض الاجتماعية من قبيل الرشوى والغش والمحسوبية والزبونية والفساد الاداري وتهميش الطاقات والكفاءات وعدم الأخذ بأسباب التقدم والإقلاع الحضاري وكبث الحريات وعدم القبول بالرأي الآخر والتنكيل بالمعارضين الذين يضطر منهم الكثير إلى الفرار بجلدهم إلى الغرب الذي يحترم قواعد الديمقراطية وحقوق الانسان و لا يصادرالحريات العامة ..وان كان ذلك بشكل نسبي حيث هناك الكثير ما يمكن قوله على مستوى السياسة الخارجية .. أعود إلى سياق الموضوع فأقول تتمة لما سبق أن من كتب عليه النضال من الداخل فقد يسلط عليه سيف مقليدس يأتي في عدة صور كقانون الطوارىء مثلا , فيرمى به في غياهب السجون عن طريق القضاء العسكري . دون موجب حق. وهنا السؤال :لماذا أصبح المواطن العربي رخيصا إلى هذه الدرجة ؟حيث يتم إذلاله بمثل هذه الطرق اللاإنسانية التي تحط من كرامة الانسان العربي ...أما ثالثة الأثافي فهي حينما يتم التعسف على اطر عليا وكفاءات متميزة بدول عربية هي في حاجة ماسة إلى عطاءها وخدماتها ...

أما المفارقة العجيبةفهي أننا لم نسمع بالدول الديمقراطية خصوصا بالغرب عن معارضين مسالمين او سلميين فروا من امريكا او من فرنسااو المانيا ..بسبب أفكارههم وخلفياتهم الثقافية ..ولجأِوا لمعارضة نظامهم السياسي من خارج بلدانهم , بالطبع لا يحدث هذا لأن فضاء الحرية رحب وكل مقومات الدولة الديمقراطية الحديثة متوفرة ومرتكزة على اركان صلبة .أما إحدى دولنا العربية على سبيل المثال لا الحصر فقد ضاق صدرها بالمعارضة واختارت نهجا بوليسيا استئصاليا معروفا, فكل من اختلف معها يوضع في غياهب السجون ويتعرض لجميع انواع التعذيب أو يفر من بلده خلسة إن استطاع إلى ذلك سبيلا ....ليكمل مشواره التضالي عن طريق القنوات الفضائية ومواقع الانترنيت والكتابة في الصحف ..
لا يمكن أن ننكر أن الدول الديمقراطية التي تكرم الانسان وتبادله بالاحترام وتقدر خلفياته الفكرية دون إقصاء وتهميش, من البديهي أن لا تحدث بها تلك الكوارث الانسانية لأنها بكل بساطة تنعم بالديمقراطية الداخلية وتحترم حقوق الانسان في الداخل وتفرز ثقافتها الديمقراطية نخبا سياسية من اختيار شعوبها تتداول على السلطة بشكل منطقي موضوعي و تنعم بقضاء مستقل , لا تلتصق بالكراسي لعقود من الزمن كما هو الشان لبعض الحكام الذين أصبحوا يوهمون شعوبهم المذعنة قسرا بأنه لا يوجد بديلا لهم وانهم أصبحوا من الساسة الكبار الدوليين الذين تمرسوا على الحكم ولعدة سنين ..ولم تعد تلد امراة مثيلا لهم. .إنها في نظري أنانية وامتهان للفكر الانساني الذي يتطور يوما عن يوم ويروم التجديد في كل الميادين والمجالات. والمرض القبيح الذي أصبح ينهش في الجسد السياسي لبعض الانظمة العربية هو إقصاء شريحة عريضة من المجتمع كانها نزلت من المريخ , حيث ترفض رفضا باثا الاحزاب ذات المرجعية الاسلامية من الثيار الاسلامي المعتدل تحت ذريعة عدم قبول أحزاب على اساس ديني رغم ان أدبيات الاسلاميين توضح بجلاء أنها لا تحتكر الاسلام ولا تتحدث باسمه وانه فقط يرتكز مشروعها المجتمعي على المرجعية الإسلامية ,ورغم هوان العديد من الدول الغربية يتواجد بمشهدها السياسي أحزاب مسيحية تقوم بدورها في إطار الشرعية السياسية وتمارس قناعاتها الفكرية بكل حرية في الاطار الفضاء الديمقراطي.

و يبقى من حقنا ان نتسائل :ماذا حققت تلك الحكومات اللاديمقراطية للبلاد والعباد ؟ الجواب في اعتقادي لا شيء, سوى التخلف في السياسة, فمواقفها امام الساسة الغرب لا اعتبار لها , والتخلف في المجال الاقتصادي إذ ما زالت جل الدول العربية تكبس على انفاسها الديون ,والتخلف في الصناعة والتجارة حيث أصبح العرب قاعدة شعبية لاستهلاك منتوجات الغرب المتقدم ..وعلى المستوى الاجتماعي ضعفت قيم المواطنة وحب الوطن بسبب انعدام تكافؤ الفرص وعدم استقلالية القضاء وتفشي ظواهر اجتماعية خطيرة تم التطرق لها سلفا ..

نلاحظ في الدول الديمقراطية أنه إذاتبث أن مسؤولا رفيع المستوى استغل منصبه او حامت حوله شكوكا في التسيير أو كانت نتائج تدبيره لمهمته لا ترقى إلى المستوى المطلوب يزهد في هذه المسؤولية مستقيلا ..و يتركها حفاظا على ماء وجهه وعلى مصلحة البلاد والعباد .
ولا بد ان نشير في ختام هذا المقال أنه حينما استدلنا بالديمقراطية الغربية وببعض الدول ,كان هدفنا ليس تلميع صورها والاقتداء الاعمى بمنهجها الديمقراطي فامريكا مثلا دولة مستبدة على المستوى العلاقات الخارجية وتمارس إرهاب الدولة في العراق وافغانستان وتدعم الصهاينة بدون شروط ..لكن الرؤساء الذين توالوا على الحكم ينتخبون بشكل ديمقراطي ولا يوجد رئيس واحد استمر في الحكم أكثر من عشرين سنة كما هو شان بعض الرؤساء العرب ,رغم ان الغرب ينتعش على النهج اللاديمقراطي للدول العربية او الدول النامية وهذا الوضع يريحه ويخدم مصالحه ويتناسب مع أجندته التي يتناوب عليها رؤساء منتخبون بشكل ديمقراطي ,على العموم يمكن القول ان هذه الدول قامت بتنفيذ اهدافها وفق تصورات وإن كانت وبالا على الامة العربية والاسلامية , اما الدول العربية التي نسجت ديمقراطية على مقاسها فما حققت لشعوبها إلا الذل والهوان والانبطاح ومعضلات اجتماعية تتوافق مع تمثلها لديمقراطية أفرغت من محتواها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المجلس الحربي الإسرائيلي يوافق على الاستمرار نحو عملية رفح


.. هل سيقبل نتنياهو وقف إطلاق النار




.. مكتب نتنياهو: مجلس الحرب قرر بالإجماع استمرار عملية رفح بهدف


.. حماس توافق على الاتفاق.. المقترح يتضمن وقفا لإطلاق النار خلا




.. خليل الحية: الوسطاء قالوا إن الرئيس الأمريكي يلتزم التزاما و