الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إسرائيل حبلى بحرب!!!

علي جرادات

2007 / 3 / 10
القضية الفلسطينية


جَرَّت واشنطن (عام 1991) شامير "مِن أذنه"، ورغما عن إرادته إلى مفاوضات مؤتمر مدريد كرشوة وضريبة سياسية قدمتها واشنطن للنظام العربي الرسمي مقابل تغطيتها سياسيا، ومساندتها عسكريا على ضرب القوة العراقية، حين أقدمت الإدارة الأمريكية على استثمار مغامرة صدام الكويتية أبشع استثمار لتحقيق مآرب مصالحها الإستراتيجية وتعزيزها في المنطقة، بذريعة الحرص على سيادة واستقلال دولة الكويت.
يومها قال شامير عبارته الشهيرة "سأفاوض العرب عشرين عاما"، وأضمر تحويل المفاوضات إلى آلية أخرى مِن آليات "إدارة الصراع"، والتغطية بها على تحقيق المزيد مِن حقائق الرؤية الإسرائيلية على الأرض، والمتمثلة في رفض إخلاء الجولان، والعمل على "تبليع" الفلسطينيين صيغة "الحكم الإداري الذاتي" لسكان الضفة والقطاع، أي لمَن لم تتمكن آلة الحرب الإسرائيلية مِن إقتلاعهم، ويصعب عليها ضمهم لدولة إسرائيل لإعتبارات عدة، أهمها مفاقمة هذا الضم في حال حصوله للمعضلة الديموغرافية المُهَدِّدة لثابت الحفاظ على الطابع اليهودي لدولة إسرائيل، إضافة لإعتبار مصاعب تجاوز حقيقة أن الضفة والقطاع أراضٍ محتلة مِن منظور الإجماع الدولي. هذان الإعتباران هما ما جعلا بيغن ينتقل باكرا مِن الترجمات السياسية لصيغة "أين هو الشعب الفلسطيني"؟!!! إلى الموافقة على صيغة "الحكم الإداري الذاتي" للفلسطينيين في الضفة والقطاع خلال مفاوضاته في كامب ديفيد المصرية. وبإختصار، بين حدَّيْ سكين الرفض الإسرائيلي للإعتراف بالفلسطينيين كشعب له الحق في العودة وتقرير المصير وبناء الدولة المستقلة ذات السيادة، وعدم القدرة على إقتلاع أو ضم مَن تبقى منهم في الضفة والقطاع، وُلِدَت صيغة الحكم الإداري الذاتي، وعليها وعندها تمترس بيغن وشامير مِن بعده؛ وعلى الأرض عمل الليكود منذ استلامه للسلطة في إسرائيل عام 1977 على التمزيق العرضي للضفة الغربية بسيفِ خطة (دوبلس) الإستيطانية، بعد أن كان مزقها حزب العمل طوليا بسيفِ مشروع (آلون) الإستيطاني.
بعد عام مِن المفاوضات العبثية مع شامير، عاد حزب العمل (تشرين أول 1992) بقيادة رابين (ومساعدة أمريكية) للسلطة في إسرائيل. هنا "تلحلحت" المفاوضات، وأنتجت ما سُمي بوديعة رابين حول الجولان، وإختراق تقسيم الحل على الجبهة الفلسطينية إلى إنتقالي ونهائي (أوسلو)، وتم تنفيذ الشق الإنتقالي مع مصاعب وتعديلات وما لا يطاق مِن عمليات إعادة التفاوض على تطبيق ما يتم الاتفاق عليه، وإرجاء مقصود واستعصاء حقيقي لمفاوضات "قضايا الوضع النهائي"، وطبعا مع المضي قدما في سياسة فرض الحقائق الإسرائيلية على الأرض.
رحل رابين مقتولا، وعاد الليكود (بعد وصلة بيرس الانتقالية) للسلطة بقيادة نتنياهو الذي، وإن لم يلغِ اتفاق إعلان المباديء، وأعلن التزام حكومته به، غير أنه إختبأ خلف معزوفة "التبادلية"، ومارس قناعته العنصرية العنجهية تقول: "بالمزيد مِن الضغط يرضخ العرب"، فتوقف عن مواصلة تنفيذ بنود المرحلة الانتقالية، خلا ما أقدم عليه مِن تمزيق لمدينة الخليل عبر اتفاق جزئي سُميَ باسمها، فأنتج بسياسته بروفة (النفق) لانتفاضةٍ كانت تلوح في الأفق، وتختمر على نار استعصاء المفاوضات وتطبيقاتها عدا تردي الحالة الاقتصادية للفلسطينيين وتكاثر عمليات الاستيطان على أرضهم تكاثرا بكتيريا.
ظل الحال على هذا النحو حتى عاد حزب العمل للسلطة بقيادة باراك، وكانت المحطة الكاشفة وذات الدلالات الكبيرة في مفاوضات قمة كامب ديفيد 2000، حيث اتضح بالممارسة أن ما بين "العمل" و"الليكود" مِن خلافات لا يصل إلى مستوى الفوارق الإستراتيجية، بل التكتيكية يجسرها الاتفاق على رؤية تتردد عن إخلاء الجولان، وترفض الإعتراف بالفلسطينيين كشعب له حق تقرير مصير مستقل وسيادي في دولة خالية مِن الإستيطان بالقدس عاصمة، عدا اجماعهما وما دونهما مِن أحزاب إسرائيلية على رفض حق اللاجئين في العودة وفقا للقرار الدولي 194، بل أكثر مِن ذلك، فقد إتضح أن الحزبين متفقان (مع تمايزات) على:
الإحتفاظ بالأحواض المائية، والإبقاء على التكتلات الإستيطانية الأساسية في الضفة الغربية وضمها لإسرائيل، ورفض الإنسحاب لحدود الرابع مِن حزيران.
هنا تعقدت الأمور، وعاد الإستعصاء، وعلى كافة مسارات التفاوض إلى ما كان عليه قبل عام 1991، لا مِن الناحية السياسية فقط، بل من الناحية الميدانية (الاندحار مِن لبنان بدون اتفاق سياسي، واشتعال إنتفاضة الأقصى) أيضا. ولعبت مفاعيل السياسة الإسرائيلية الداخلية دورها، وحملت شارون إلى رأس السلطة،خاصة بعد فشل باراك في انتزاع توقيع فلسطيني على الرؤية الإسرائيلية لمعالجة "قضايا الوضع النهائي".
هنا "إنتخى" شارون (البلدوزر) المشهود له باختراق ب"الخبطات" الإستراتيجية الخارقة لمألوف السائد، وإجبار الآخرين (الأعداء والخصوم الداخليين) على اللعب في ملعبه. وكان متغير "زلزال" الحادي عشر مِن سبتمبر ضربة الحظ لشارون، فإتكأ عليها، وإختلق كذبة "لا يوجد شريك فلسطيني"، وغطى بغربالها "شمس" عدم وجود شريك إسرائيلي للتسوية السياسية، وطرح رسميا وعلنا إستراتيجية فرض الحل الإسرائيلي مِن طرف واحد، ولم يتأخر بوش عن مساندته، ليتمكن مِن إعادة احتلال الضفة واقعيا، وفكَّ الإرتباط مع غزة و"سَجَنَها" مِن طرف واحد، وبنى جدار الفصل المُتفق عليه بين "العمل" و"الليكود".
ولكن، وفي عزِّ تحفزه لاستكمال مخططه "بالانطواء" أحاديا في الضفة، وبعد أن خلق "كاديما" كأداة سياسية داخلية لتنفيذ هذا المخطط، غطس شارون في غيبوبته، فجاء أولمرت، وأعلن سير حكومته الائتلافية مع "العمل" على ذات المنوال، لكنه اصطدم، وتعرقل بعقبات:
الفشل العسكري في العدوان على لبنان، وما أعطاه هذا الفشل لسوريا مِن قدرة على "التنفس" و"التململ"، وهي الموجوعة باللعب الأمريكي الإسرائيلي في خاصرتها اللبنانية؛ والتحدي الإيراني الطموح بملفه النووي؛ والتجلي المتنامي لمصاعب السياسة الأمريكية في المنطقة عموما، وفي العراق تحديدا.
تحت ثقل هذه العقبات وما خلقته مِن أزمة إسرائيلية داخلية، ترنح أولمرت، وأعلن أن خطة "الانطواء" "لم تعد أولوية"، والسؤال:
في ضوء ما تقدم مِن إيجاز للترجمات العملية لقصة "استعداد" سائد السياسة الإسرائيلية و"رغبته" في التسوية السياسية، وفي ضوء ما أثبته ذلك، وينبيء به مِن استمرار الرفض القيادي الإسرائيلي لمغادرة عقلية محاولات فرض الحلول الأمنية بديلا للتسويات السياسية، ترى ما هي أولوية سائد السياسة الإسرائيلية؟!!!
قيل "الحرب امتداد للسياسة، ولغة عنيفة لها"، ونضيف، وتلدها في لحظة محددة ومكان معين معطيات ظرفٍ مأزوم يرفض أصحابه تغيير نهجهم السياسي الذي قاد للوقوع فيه. هنا، وإن كنا لا نستطيع التنبؤ بزمان ومكان ما ستفضي إليه "أزمة" سائد السياسة الإسرائيلية المدعومة أمريكيا مِن مغامرات عسكرية، تمليها ضرورات الخروج مما خلقته، وراكمته على مدار عقدين تقريبا (منذ عام 1991) مِن مآزق مستعصية، فإننا نرجح أن السياسة الإسرائيلية "حبلى" بحرب يشي بوقوعها غيرُ مؤشر ومؤشر، اللهم إلا إذا تمكن نهج "إدارة الأزمة" مِن تجاوزها ولو إلى حين، وهذا وارد كاحتمال، لكن لا يزكي ترجيحه ثقل ومفصلية وإستراتيجية الملفات التي تفاقم هذه الأزمة، كما لا يضعف احتمال الحرب القول بضعف قيادة أولمرت، بل يعززه، إذ معروف ومشهود تاريخ لجوء القيادات الإسرائيلية إلى شن الحروب كخيار للخروج مِن المآزق، فضلا عن ثبوت لجوئها لتفادي مخاطر مترتبات سياساتها العدوانية التوسعية بالإستباقي مِن الحروب.
ربَّ قائل، ولكن إقدام القيادة الإسرائيلية على حربٍ ينطوي على تكلفة عالية وتدمير باهظ لإسرائيل قبل غيرها، وهذا صحيح، ولكن جدير هنا التذكير بما كان يوما بين عقرب وضفدع مِن قصة تقول:
طلب عقربٌ مِن ضفدعٍ أن يحمله على ظهره لعبور ماء النهر، فرد الضفدع بإعلان خشيته مِن "لسعة" العقرب. رد العقرب: لن ألسعك، لأنني إن فعلت سأغرق معك في الماء. إقتنع الضفدع وحمل العقرب على ظهره، وراح يسبح في الماء بإطمئنان، لكنه تفاجأ بلسعات العقرب، وصاح يسأل:
لمَ فعلْتَ ذلك؟!!! ألمْ تعدني بعدم اللسع؟!!! رد العقرب: إن لم ألسعكَ فلستُ عقرباً!!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لمحة عن حياة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي


.. بالخريطة.. تعرف على طبيعة المنطقة الجغرافية التي سقطت فيها ط




.. شاهد صور مباشرة من الطائرة التركية المسيرة -أكنجي- والتي تشا


.. محاكاة محتملة لسقوط طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي في م




.. أبرز حوادث الطائرات التي قضى فيها رؤساء دول وشخصيات سياسية و