الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حق العودة واستحالة شطبه

عماد صلاح الدين

2007 / 3 / 7
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


كاتب وباحث في مؤسسة التضامن الدولي لحقوق الإنسان- نابلس

تتحدث تقارير صحفية وتحليلات كبار الكتاب والساسة، انه يجري هذه الأيام محاولات عديدة على أكثر من مستوى إقليمي ودولي باتجاه العمل على شطب حق العودة للاجئين الفلسطينيين، الذي تم إقراره والاعتراف به من خلال العديد من القرارات الدولية، لاسيما القرار الدولي الشهير المتعلق بحق العودة رقم 194 لسنة 1949 ، ويذهب آخرون على أن هنالك سيناريو بعينه يجري الإعداد له بدقة، ليصب في نهاية المطاف باتجاه إجبار الفلسطينيين على حل يستثنى منه حق العودة ، ويدللون على ذلك أن هناك الآن تحركات إقليمية لدول محددة عربية وإسلامية تعمل في سياق إطارين عربي وإسلامي، للخروج بحل لازمات المنطقة في فلسطين ولبنان والعراق بشكل دبلوماسي، بما يحقق إنقاذ التورط الأمريكي في العراق وغيرها من مناطق الشرق الأوسط ، لتخرج أمريكا ليس بحفظ ماء الوجه ، وإنما أيضا بتحقيق أهدافها سياسيا واقتصاديا وامنيا في المنطقة، بعدما عجزت عن تحقيقها بالقوة العسكرية ، نعود إلى موضوع المقال المتعلق بمحاولات شطب حق العودة ، فقد تحدثت التقارير أن هنالك ضغوط أمريكية وإسرائيلية لشطب البند المتعلق بحق العودة في المبادرة العربية لسنة 2002 ، ولقد تجلى هذا الضغط من خلال مطالبة وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني بإخراجه" أي حق العودة " نهائيا من المبادرة ، وذلك من اجل التوصل إلى حل للقضية الفلسطينية على أساس دولتين، لكن دون حق العودة .

لاشك أن ما جاءت به هذه التقارير والتحليلات، هي في معظمها صادقة ، وبالفعل هنالك تنسيق وتعاون الآن ما بين أطراف عربية وإسرائيل تتباحث حول هذا الموضوع، وأيضا في موضوع النووي الإيراني ، ويقود هذا التنسيق عربيا الآن رئيس مجلس الأمن القومي السعودي الأمير بندر بن سلطان ، ويتجه هذا التحرك باتجاه إعادة المبادرة العربية إلى نسختها السعودية الأولى التي كانت في الأساس خالية من أية إشارة إلى حق العودة ، الملفت في التحرك العربي والإسلامي انه يضم المحور الذي تسميه أمريكا بالمعتدل ،وأعضاء هذا المحور كما هو معروف مصر والأردن والسعودية والإمارات العربية المتحدة وباكستان وتركيا واندونيسيا وماليزيا .
ويبدو انه من خلال تحركات الرباعية العربية واجتماع وزراء الدول الإسلامية الستة في باكستان، بالإضافة إلى الدولة المضيفة نفسها، يحاولون الخروج بصيغة حل تفرض على الفلسطينيين تحت مسمى الحل العربي والإسلامي للقضية الفلسطينية، والذي على الفلسطينيين أن يقبلوا به ، وهذا الحل لايخرج عن كونه دولة ذات حدود مؤقتة بدون سيادة وبدون عودة اللاجئين إلى ديارهم وممتلكاتهم التي هجروا عنها . هذا الحل مطلب أمريكي في المقام الأول في سياق إخراج المشروع الأمريكي من ورطته وفشله، والعمل على إنجاحه من خلال الدول الموالية للسياسة الأمريكية وبالتحديد العربية منها، التي تريد الحفاظ على أنظمة حكمها ،و هذا الحل الذي يراد فرضه أشار إليه العاهل الأردني الملك عبد الله، حينما قال إن أمام الفلسطينيين فرصة أخيرة للسلام ، بمعنى انه عليهم أن يقبلوا بأي حل مهما كان ، واعتقد أن هذا الحل يقوده العاهل الأردني الذي سيتوجه إلى الولايات المتحدة من اجل العمل عليه والتباحث بشأنه مع الأمريكيين ، ولكنه في كل الأحوال اشعر المصريين والسعوديين بالمشروع، الذي ينوي بحثه في أمريكا مع بوش وأركان إدارته.

نعم ، هنالك الآن تجري في المنطقة تحركات، للأسف مشبوهة، سواء على صعيد الملف الإيراني ،أو حتى على صعيد القضية الفلسطينية، فالمؤتمر الذي دعت إليه الحكومة العراقية لدول الجوار حول العراق، والذي قبلت به أمريكا من خلال وزيرة خارجيتها كونداليزا رايس ، بل ورحبت به وأبدت استعداد أمريكا للمشاركة فيه ، هذا المؤتمر سيكون على مستويين الأول إقليمي، على مستوى السفراء، والثاني إقليمي دولي على مستوى الحكومات، بالإضافة إلى مشاركة الدول الدائمة في عضوية مجلس الأمن مضافا إليها ألمانيا ، وسيكون في المستوى الثاني منه حضور لأعضاء الدول الثماني الكبار ، ما يستشف من غرض المؤتمر انه يهدف كما أشرت إلى إيجاد مخرج أمريكي من العراق ومن ثم العمل على إعادة الاستقرار والتوازن لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة وفي العراق نفسه ، بمعنى آخر محاولة إنجاح المشروع الأمريكي المتعثر حاليا ، لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل ستقبل الولايات المتحدة بالمطالب والمصالح الإيرانية والسورية ؟؟ هنالك تناقض كبير بين الطرح الأمريكي وما بين الطرح الإيراني السوري، وهو ما سيؤدي إلى فشل هذا المؤتمر ، لأنه باختصار مكرس لمصالح أمريكا وإسرائيل وأوروبا، دون إعطاء الحد الأدنى من المطالب الإيرانية والسورية ، وربما هكذا نتيجة ستدفع بمزيد من التهور الأمريكي باتجاه إشعال نار الحرب الشاملة في المنطقة .

في المدى المنظور، وحتى عقد القمة العربية في السعودية ، سيبقى الحصار ساري المفعول على الشعب الفلسطيني ، حتى في سياق وجود حكومة الوحدة الوطنية ، لأنه ومن أسف، تريد الأطراف العربية المعتدلة بنظر أمريكا ، أن توصل رسالة للشعب الفلسطيني ، انه بدون القبول بحل ذي مواصفات معينة يرضى عنه المجتمع الدولي " أمريكا وإسرائيل " فلن يكون هنالك انفراج في الأزمة وبالتالي رفع للحصار ، وهذا ليس غريبا ، فوزراء الخارجية العرب وبعد مجزرة بيت حانون مباشرة، قبل أشهر قليلة، دعوا حكوماتهم فورا لرفع الحصار عن الشعب الفلسطيني ، ولكن شيئا لم يحدث، طالما أن أمريكا وإسرائيل تقولان لا.

الطرح العربي في القمة العربية القادمة سيكون بمحاولة تعديل المبادرة سلبيا باتجاه الالتفاف على حق العودة ، ومحاولة تسويق حل للفلسطينيين لايخرج عن إطار الطرح الأمريكي والإسرائيلي بدولة ذات حدود مؤقتة ، يتم الانقضاض عليها إسرائيليا ونقض الاتفاق بشأنها كما جرى مع أوسلو وسلطة الحكم الذاتي ، بعد أن ينجح ويستقر المشروع الأمريكي في المنطقة، المفترض إقامته على توجيه ضربات تدميرية لقوى الممانعة والمقاومة في المنطقة من حزب الله إلى إيران مرورا بسوريا في سياق تقسيم للأدوار ما بين أمريكا وإسرائيل وربما بعض حلفائها من عرب وغرب . ومع هذا كله، فان هكذا طرح عربي لن يلقى القبول فلسطينيا، حتى وان عمد إلى استمرار محاصرته وتيئيسه أكثر وأكثر ، لأنه ليس هنالك باختصار في الساحة الفلسطينية على مستوى الأحزاب والفصائل، وفي السلطة نفسها حكومة ورئاسة من يجرؤ على الجهر والعلانية بقبول دولة ممسوخة منزوعة الكرامة والسيادة وبشطب حق العودة ،الذي هو حقيقة جوهر الصراع والنزاع مع إسرائيل ، وتجارب اللذين مضوا في محاولة شطب وبيع حق العودة من بعض أركان أوسلو، عمل الشعب الفلسطيني على معاقبتهم سياسيا وشعبيا ، حتى يكاد الواحد منهم بدون أي تمثيل أو مرجعية شعبية وطنية.

لذلك ،لايتعبن احد نفسه في إعداد السيناريوهات ورسم التحركات لهكذا طرح رفضه ويرفضه وسيرفضه الفلسطينيون مرارا وتكرارا ، لطالما انه لايحقق الحد الأدنى من الحقوق الوطنية المتفق والمجمع عليها وطنيا ، وان أرادوا مزيدا من الحصار والتجويع وبالتالي دفع الشعب الفلسطيني إلى اليأس و الاستسلام ، فما على الجميع وعلى رأسهم دولة الاحتلال إسرائيل إلا أن ينتظروا انتفاضة أخرى ستربك أمريكا وإسرائيل والأنظمة العربية، خاصة إذا تزامنت مع تطورات إقليمية تتعلق باشتعال فتيل الحرب في المنطقة إذا ما جرى مهاجمة إيران ومعها سوريا وحزب الله .

6- 3 - 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رهان ماكرون بحل البرلمان وانتخاب غيره أصبح على المحك بعد نتا


.. نتنياهو: سنواصل الحرب على غزة حتى هزيمة حماس بشكل كامل وإطلا




.. تساؤلات بشأن استمرار بايدن بالسباق الرئاسي بعد أداءه الضعيف


.. نتائج أولية.. الغزواني يفوز بفترة جديدة بانتخابات موريتانيا|




.. وزير الدفاع الإسرائيلي: سنواصل الحرب حتى تعجز حماس عن إعادة