الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الراقصة والشيخ والشاعر !

ابراهيم جابر ابراهيم

2007 / 3 / 7
العولمة وتطورات العالم المعاصر


تتجاور القيم والقيم النقيضة في المجتمع العربي على نحو مدهش ؛ وأتذكر في هذا السياق حادثة طريفة حين اختارت ( النيوزويك العربية ) الشخصيات الثلاثة والأربعين المؤثرة في الوطن العربي فكان في المقدمة : نانسي عجرم مع عمرو خالد وتجاور كلاهما مع محمود درويش !
وبغض النظر ، الآن ، عن موضوعية الاستقراء ، أو بواعثه غير العلمية ، إلا أن النتائج لم تكن صادمة أبدا ، بل ويجب أن تكون متوقعة ، فالقراءة البسيطة والسريعة لأية مجموعة عشوائية من المواطنين العرب ، كأن نأخذ ركاب باص عمومي صغير ، أو رواد كفتيريا جامعية ، هي مقدمات واضحة لهكذا نتائج ؛ حيث ( يتقابل ) الحجاب مع الشورت ، والمتدين مع العلماني ، و" السبع المنجيات " مع قصيدة النثر ، والملفق مع العالم !
وقتها كان تكريم مجتمع بدوي محافظ ، في عاصمة عربية ، لـ ( فنانة ) مثل عجرم على انها ( من الذين ساهموا في تغيير مسار جيل بكامله) ، ثم تكريم داعية الدين النشط ، على نفس المنصة ، عصيّا على العقل و من الصعب تفهمه ، الا لجهة الفصام الذي تعيشه الثقافات الناشئة او تلك التي ما زالت تتشكل ، وفي الأثناء تتخبط في طريقها للمدينية .
وكما هو واضح ، تشير العبارة ، التي سوغت التكريم ، الى سخطٍ وحنقٍ بالغين ، من مسار تلك الأجيال السابقة والتي لم تتداركها ( عبقرية عجرم ) !!
ويبدو العالم العربي الآن كما أوروبا قبل انفجار ( الثورة الصناعية ) مع فارق بسيط ... أن لا ثورة صناعية ولا غيرها في الأفق العربي المنظور !
أما ( التعايش ) بين القيم المهددة بالأفول والقيم المنبعثة للتو فهو ادعاء هش لا يملك من الصلابة ما يكفيه للصمود أمام أي امتحان ، ذلك أن فكرة التعايش السلمي بين القيم تتحقق بالضرورة بعد اصطخابها وفورانها ، وبعد انتاجها أيضا لسلة قيم ثالثة ، وسيطة ، يتضافر الموروث مع المقترح الحداثي ، ليصوغانها ، معاً .
ما أعنيه هنا، بالضبط ، هو أن لا قيم حقيقية تتشكل بمعزل عن تاريخها وجغرافياها القومية ، وعن الصياغة الجينية لأفرادها ، كما أن لا قيم حقيقية بوسعها أن تبقى جامدة أمام علائقيتها مع العالم المتسارع واقتراحاته ( العملانية ) ، لكن هذا للأسف ما يحدث ، الآن ، في البنية العربية ، من شرخ أفقي حاد ، في طرائق الحياة والتفكير .
وقد تم ، على نحو متعجل ، اختراع تسميات ملطفة ، تحفظ ماء الوجه لطرفي التجاذب ، فسمي أتباع القيم الكلاسيكية بـ ( الرومانسيين ) ودعي المنقادون لثقافة وقيم الصناعات الحديثة بـ ( العقلانيين والعمليين ) ، حيث يتعامل الطرفان تجاه بعضهما بنوع من الرثاء والإشفاق !
ولا تبدو الحياة مشوقة ، في كلا المربعين ، لكنها أكثر إنسانية ، من وجهة نظري في الأقل ، حين تتخفف من جفاف (العملانية ) وتلوذ قليلا بوجدانها وأخلاقياتها ، كما أنها أكثر قسوة حين تتسابق الى تحويل الكائنات الى جمع من ( الروبوتات ) الخالية من أحاسيس الضعف ، والحب ، والخطأ !
هنا ، في المجتمع العربي ، يبدو أننا نمر في حقبة خطيرة وشائكة ، هي مرحلة ما قبل انتاج سلة القيم الثالثة ، وهي مرحلة تجعل النموذجين يتقابلان يوميا في طريقهما الى المختبر ، ويتبادلان نظرات حادة.
وما دام الحلم ( وهو أجمل ما نصر على الاحتفاظ به من لوازم رومانسيتنا ) مباحا ، حتى الآن ، فلنحلم بأن يخرجا من باب المختبر متصالحين ؛ فلا تناقض بأن نرسل على ( الإيميل ) وصفة قروية لعلاج المعدة بالشيح !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سجال إيراني تركي.. من عثر على حطام طائرة رئيسي؟? | #سوشال_سك


.. السعودية وإسرائيل.. تطبيع يصطدم برفض نتنياهو لحل الدولتين وو




.. هل تفتح إيران صفحة جديدة في علاقاتها الخارجية؟ | #غرفة_الأخب


.. غزيون للجنائية الدولية: إن ذهب السنوار وهنية فلن تتوقف الأجي




.. 8 شهداء خلال اقتحام قوات الاحتلال مدينة ومخيم جنين والجيش يش