الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


شارع المتنبي ...وأحزان يوم الأثنين

جميل سالم

2007 / 3 / 7
الارهاب, الحرب والسلام


صباحا ستخُبر أنباء بغداد كل شوارعها ، أزقتها ، حاناتها إن بقيت بها حانات ، مقر إتحاد الأدباء ، وكل احياءها الفقيرة ، عما حلَّ بشارع الثقافة ، شارع
الكتب ، شارع المثقفين ، شارع الجمعة التي ما عادت جمعة ، شارع الصعاليك من الادباء ، شارع الكسبة الفقراء ، بائعو ( اللبلبي والباقلاء والشغلم ) شارع الطالبات اللواتي سيبدأن عامهن االجامعي ، شارع الطلاب الفقراء الذين يبحثون عن المستعمل من الكتب ، شارع نعيم الشطري وهو يرتل قصيدة الجواهري ( سلام على جاعلين الحتوف ) شارع الطيف العراقي الجميل ... صباحا ستخبر أنباء بغداد، كل العراق من أن شارع المتنبي ، أضحى خرائب ، لا يصلح حتى للقطط ، اللهم إلا اذا كانت هذه القطط بها رغبة للحوم البشر المدفونة تحت الانقاض .
كم يبدو يوم الجمعة ثقيلا ً .. لكن شارع المتنبي يمتص نصفه ، يجعلك ترحل مع كل أيام صباك وشغفك بالقراءة والكتاب ، وأنت قادم من جهة ساحة الامين حيث تمثال الرصافي ترىعلى يدك اليمنى ( مطعم الحاج علي وأولاده ) قلت مازحا ًالى أبن اختي يوم عدت الى بغداد بعد سقوط النظام من إنني شعرتُ بعراقيتي عندما تناولت ( الكًاهي بالكَيمر) في هذا المطعم ، أجابني ساخرا ً ( جا خالي بلكي تجيبون أحزاب المنطقه الخضراء تاكل يوم الجمعة الكَاهي إهنا ) .. في بداية شارع المتنبي لا تسمع غير أصوات الباعة وهي تدعوك الى أن تختار كتابين بالف دينار ، كتب ...كتب ...كتب , ليس غير هذا الكائن الورقي الجميل يدعوك الى إقتنائه ، وأنت المتعطش اليه أبدا ً، ثم تلتقي بكتب الاستنساخ وهي مرصوفة على الارض ، فتتذكر الكتاب المحاصر ، يوم كان النظام المقبور يمنع دخوله ، فيلجأ البعض من أصحاب المكتبات الى إستنساخه ، وقد تستهويك بعض الكتب التي قرأتها قبل اكثر من ربع قرن ، وانت تراها مغلفة بأكياس من النايلون ، تتصفحها ، ثم تعزف عن شرائها ، تسمعُ مفردات عراقية لم تسمع بها من قبلْ ، يتمازحون بها الباعة فيما بينهم ، تستجيب رويدا رويدا الى روح الألفة العراقية بكل كيانها الذي أفتقدته يوم غادرت بغداد ، قبل ربع قرن وأكثر ربما . تصل الى مكتبة عدنان ، ترى هناك مجموعة من المثقفين المتجمعين أمام المكتبة ، تعرف بعضهم ، والبعض الاخر ربما سمعت به ، تسلم على الجميع ، وتبدأ الاسئلة المتبادلة عن فلان وفلان ، حين يعرفون بك قادم من حياة المنفى ، يرغبون بسماع كل شئ عن الجميع ، وربما هم قد سمعوا أكثر مما تخبرهم ، ولكن هاجس الاسئلة يظل يراودهم ، ثم فجأة تشعرُ بيد وضعت على كتفك ، أنها يد الشهيد سعدون ، ( لم أرى قائدا سياسيا كان من رواد شارع المتنبي يوم الجمعة ماعدا الشهيد سعدون ) يدخل المكتبة ، وبمزاحه وطيبة روحه يبدأ مساومته على أسعار الكتب مع عدنان ، ثم يخرج برزمة كبيرة منها ، ثم يدعوك صديق للجلوس في مقهى الشابندر والتي لا تبعد أكثر من 30 مترا عن مكتبة عدنان ، ونظرا للازدحام تضطر أن تقف خارج المقهى ، تمر السويعات سريعة ، فقد حانت الساعة الثانية ظهرا ً وعلى شارع المتنبي أن يقفل
أبواب مكتباته وان يجمع بائعوا الكتب بضاعتهم ، فقد مضى نهار أخر من جمعة المتنبي ،.
اليوم الاثنين ، تفتح جهاز الكومبيوتر ، كي تقرأ كعادتك الاخبار ، يطالعك الخبر الأول حصيلة أنفجار شارع المتنـ ....وقبل ان تكمل الخبر تطلب رقما هناك ، ليس من مجيب ، تطلب رقما أخر يجيبك من انهم لازالوا يبحثون في المستشفيات ، ترى الصورة في التلفاز ، فتعرف أن مكتبة عدنان أضحت ركاما تشتعل به النيران،
مساءا يخبروك من انهم سيواصلون البحث غدا عن جثة عدنان تحت الانقاض .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا.. مظاهرة في ذكرى النكبة الفلسطينية تندد بالحرب الإسرائ


.. مسيرة تجوب شوارع العاصمة البريطانية لندن تطالب بوقف بيع الأس




.. تشييع جثمان مقاوم فلسطيني قتل في غارة إسرائيلية على مخيم جني


.. بثلاث رصاصات.. أخ يقتل شقيقته في جريمة بشعة تهز #العراق #سوش




.. الجيش الإسرائيلي: دخول أول شحنة مساعدات إنسانية عبر الرصيف ا