الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل منسوب الوطنية عند اليساريين العرب أقل من القوميين والاسلاميين؟

محمد سيد رصاص

2007 / 3 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


ذكَر منظر أمين عام الحزب الشيوعي العراقي في شهر تموز2003,وهو جالس في(مجلس الحكم العراقي)باجتماعه الإفتتاحي تحت رئاسة الحاكم الأميركي بول بريمر,بحواد ث مشهدية فاصلة خطَها الشيوعيون العرب,مثل قبولهم بقرار تقسيم فلسطين ثم بقيام اسرائيل واتخاذهم موقفاً مضاداً من الجيوش العربية الداخلة إلى فلسطين لمحاربة الدولة العبرية الناشئة,إلى اتخاذهم موقفاً ساكتاً عن الفرنسيين والإنكليز في أثناء حلف هؤلاء مع ستالين ضد هتلر في الحرب ومضاداً لكل من وقف من مواطنيهم ضد ذلك ,وصولاً إلى معارضة الشيوعيين الجزائريين لقيام ثورة1954 وحرب التحرير التي خيضت ضد الفرنسيين وهو مااستمروا عليه لماقبل استقلال عام1962بقليل.
لم نرى انزياحات,كهذه عن الوطنية,عند من تحول من التيار القومي العروبي أواخر الستينيات,وإنما نجد على العكس بأن تجربتي الجبهتان,الشعبية(1967)والديموقراطية(1969) الآتيتان من رحم حركة القوميين العرب إلى التيار الماركسي,قد أعطتا مثالان قويان نافسا حركة فتح على قيادة العمل الوطني الفلسطيني,كما نجد,الآن في فترة مابعد انهيار السوفييت,بأن الماركسيين العرب الآتين من الحركة القومية هم أقل اتجاهاً نحو(النزعة الأميركانية)من الشيوعيين التقليديين الذين كانوا من أتباع موسكو القدماء أومن منبوذيها الشيوعيين أوالماركسيين,حيث نجدهم إما يعودوا لحضن الحركة القومية أوإلى مزيج موفِق بين الفكر اليساري الماركسي والنزعة القومية مع حفاظ على موقف مضاد من"الخارج الامبريالي"الزاحف إلى المنطقة.
في هذا الإطار,يلاحظ بأن الكثير من الشيوعيين والماركسيين العرب(الذين لم يعطوا مثالاً على التوفيق بين الماركسية والوطنية والقومية,كما أعطى ماوتسي تونغ وهوشي مينه مثلاً,ماساهم ربما في صعود الحركة القومية العربية على خلفية مزجها بين"الاقتصادي-الاجتماعي"و"الوطني"و"القومي")يرتدون إلى ليبرالية كان جسر عبورها الأولي,منذ عام1989,هو طه حسين,الذي كان يرى شعار الخديوي اسماعيل صحيحاً:"مصر هي جزء من أوروبا",وأن أرض الكنانة بتواصلها مع باريس ولندن لاتفعل أكثر من وصل ماانقطع مع أثينا وروما منذ القرن السابع الميلادي,وهو ماعبر عنه بوضوح في كتابه"مستقبل الثقافة في مصر"(1938),الشيء الذي ترجم سياسياً من قبله بموقف موازي,للفكري-الثقافي,من خلال مهادنة وسكوت عن البريطانيين الفارضين سيطرتهم على مصر عبر رؤية ترى في دور لندن"تمديناً"لمصر وانتشالاً لها من "افريقيتها".
في هذا الصدد,يمكن القول بأن موقف الشيوعيين العرب التقليدي لم يكن في موقف التضاد الفكري مع رؤية ماركس عن دور الاستعمار البريطاني للهند,الأمر الذي لايبتعد كثيراً عن موقف طه حسين,ولكنه وضع من قبلهم في موضع المسكوت عنه,فيما نرى الآن كيف يجتمع,عند من تحوَل منهم من الماركسية إلى الليبرالية,موقف يرى في الاحتلال الأميركي للعراق أوفي تأثيرات واشنطن على الأوضاع العربية الداخلية تقدماً بالقياس إلى الأوضاع القائمة في ظل الأنظمة,مع رؤية نابذة للعروبة,ومعاداة للإسلاميين تلامس حدود العداء للإسلام,مع عودة عندهم إلى رؤية استشراقية لأوضاع العرب والمسلمين من التي انتقدها وشرَحها بالتفصيل البروفيسور إدوارد سعيد.
هنا,نرى كيف تأتي هذه المواقف بالترافق مع رؤية تفضيلية للاحتلال على الاستبدادعبر وضع ثنائية متضادة بينهما,مع نظرة ترى أن الاستبداد قد جفَف ينابيع عوامل التغيير الذاتية-المحلية: بالمقارنة,لايلاحظ وجود هذه الرؤى والنزعات عند اسلاميين تعرضوا لحجم من الإضطهاد من الأنظمة خلال العقود الثلاثة الماضية فاق ماتعرض له اليساريين بكثير,كما لانجد عند التنظيمات البعثية والناصرية العراقية,التي كانت معارضة لحكم صدام حسين,اتجاهات نزعت نحو(النزعة الأميركانية).
يطرح ذلك,كله,جملة من الأسئلة الكبرى:هل الحركة السياسية المحلية,التي تمتح من الخارج مخزونها الايديولوجي-الفكري,لايمكن أن تكون وطنية؟........أم:أن الأمر متعلق بارتباط فكري-سياسي مع مركز دولي خارجي,وليس متعلقاً بينابيع الايديولوجية المعنية,التي يمكن أن يتم تبيئتها محلياً وتلقيحها مع القضايا المحلية,إلى حدود مساهمتها في أن تكون الرافعة الذاتية,عبر الأداة التنظيمية,لعملية التحرر الوطني-القومي,كما جرى في فيتنام مثلاً؟..........ثمَ:ماعواقب الاستقالة الحالية(أوالإقالة الموضوعية )التي تحصل الآن عند اليساريين العرب من المهام الوطنية,وخاصة في العراق,حيث تترك مكافحة ومقاومة الاحتلال للإسلاميين والقوميين,مع مايصاحب ذلك من تعاونات أوأدلجات,من يساريين حا ليين(الشيوعيون العراقيون)أويساريين سابقين,لأوضاع العراق في فترة مابعد الاحتلال؟.....أي,بمعنى آخر:هل يدرك كل هؤلاء,بأنه من الممكن حصول تكرارعلى المستويين المتوسط والبعيد(عبر بوادر تلوح من الآن لبداية تعثر وفشل ,وربما هزيمة المشروع الأميركي في المنطقة)لماحصل منذ أربعينيات القرن العشرين عندما حصد القوميون العرب ,ثمَ الاسلاميون,ثمار مقارعتهم للغرب الاستعماري ولمشروع الدولة العبرية سواء على مستوى الشارع,أوعلى صعيد الحكم,فيما أصيب الليبراليون والشيوعيون العرب بعاهات مستديمة كحصيلة لوقوفهم في الضفة الأخرى؟.................








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كير ستارمر -الرجل الممل- الذي سيقود بريطانيا


.. تحليق صيادي الأعاصير داخل عين إعصار بيريل الخطير




.. ما أهمية الانتخابات الرئاسية في إيران لخلافة رئيسي؟


.. قصف إسرائيلي يستهدف مواقع لحزب الله جنوبي لبنان | #رادار




.. سلاح -التبرعات- يهدد مسيرة بايدن في السباق الرئاسي! #منصات