الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشكلة عقل وليست مسألة حجاب

راني خوري

2007 / 3 / 9
ملف 8 اذار / مارس يوم المراة العالمي2007 -حجاب المرأة بين التقاليد الأجتماعية والبيئية والموروث الديني


في يوم المرأة العالمي اختار الحوار المتمدن أن يكون عدده الخاص لهذه المناسبة "حجاب المرأة بين التقاليد الاجتماعية والبيئية والموروث الديني"، وأود أن ألفت نظر القائمين على الموقع ولهم كل الشكر، بأن كلمتي "حجاب المرأة" كان يمكن اختصارهما لغويا بكلمة "الحجاب"، وهي كافية ووافية، لأن عالمنا لم يعد يعرف حجابا آخر غير حجاب المرأة بعد أن أسقط العالم بأسره كل معايير ورموز التفرقة والقمع والأسر والجهل، لا فقط بين الرجل والمرأة بل بين عرق وعرق، دين ودين، فكر وآخر مخالف له، وبالتالي فإن الاختصار اللغوي لكلمتين بكلمة واحدة هو أقوى وأمتن لأننا نعلم أساساً عن أي حجاب نتحدث.

لم المشكلة هي مشكلة عقل وفكر؟ عندما نقول أن المسألة هي مسألة حجاب فبذلك نكون قد اختصرنا كل المسألة بطرف واحد وهو المرأة وزيها، فهو متعلق بها، فالحجاب (أو الملبس) ليس فرضا على الرجل!! بينما إذا نظرنا لها بشكلها الحقيقي وكونها مشكلة عقل وفكر، لأضفنا لها طرفها الآخر الأساسي وهو الرجل، وأصبحت المسألة بالتالي مسألة رجل وامرأة وبالتالي مسألة المجتمع ككل.

مسألة الحجاب تكمن في المقدس لدى الرجل والمرأة، وعندما نقول المقدس فإننا نتحدث عن عملية لجم العقل والفكر، إن الفكر الديني المتطرف الذي يعيشه العالم الإسلامي حوّل كل تقليد اجتماعي بال إلى فكر مقدس، وأضاف له هالته الدينية كي لا تمس الفكرة من قريب أو من بعيد. ما ساعد هذا الفكر المتطرف في النمو إنما هو الساسة والحكومات، الذين انتقلوا من فشل إلى فشل، ومن خطأ إلى خطأ، فما كان من هذه الأطراف إلا أن تلجأ للتيار الديني لإضعاف الطرف الآخر المنافس (شيوعي – اشتراكي – علماني – ديمقراطي ...إلخ) من ناحية. وللثبات في موقع السلطة من ناحية أخرى بحلف تعقده مع التيار الديني، وهو يؤمن خنوع المجتمعات وخضوعها لأن هذا هو قضاء الله، ولأن الله مع الصابرين، ولأن الله غاضب على المجتمع لابتعاد الناس عنه وعن وصاياه. فلا بد إذن للعودة إلى المقدس، وبالتالي تجميد العقل والفكر بقضايا ثانوية كالحجاب (وكم أخذ هذا الموضوع التافه من نقاش وجدل، ولو استخدم الوقت المستهلك في الحديث عنه بشيء مفيد لكنا ربما قد وصلنا إلى القمر أو إلى مجرة أخرى) والطهارة وضرورة ختان البنات وضرورة الصلاة في مواعيدها (فالله لا يعمل بتوقيت غرينيتش) وتعدد الزيجات لمنع العنوسة (وهنا أسأل، هل العنوسة حكر على النساء؟)، وبعد أن تم تحجيب الشعب وتطهيره وجب التفصيل والتدقيق في الحديث عن طبيعة الحجاب وما يجب أن لا يظهره، ودرجة تطهير الفتاة بالتشميم أم بالتجريف، وهل يحق لها تشذب حواجبها (طبعا لا) ولا يجب أن تصبغ شعرها باللون الأسود. حتى باتت حياتنا تدور في فلك واحد هو العورة التي خلقها الله منذ الأزل وأسماها المرأة، وليس في جزئها العلوي حيث العقل بل في جزئها السفلي حيث يذهب لب الذكر وعقله!!!.

لقد منحت السلطات التيار الديني الفرصة في السيطرة على عقل الإنسان منذ ولادته بالختان وبالقراءة في أذنه، وبعدها أصبح هذا التيار متواجدا في المدرسة (إن لم يكن هو المدرسة بكاملها) وبعد ذلك في الجامعة، فتحولت أماكن صنع العقل إلى أماكن غسل للأدمغة، وشحن سادية ذكورية يقابلها إضعاف وإخضاع للأنثى (وهي عملة تبدأ منذ الصغر بل من الولادة) وبالتالي نشوء راحة شبه مطلقة لأولي الأمر بأن الجيل القادم لا يحوي من يمكن أن يعكر صفو الحياة السياسية لهذه السلطات، حيث أن الشغل الشاغل لهذه الأجيال هو العورة (صوتا وصورة) وفقط العورة.

فهل المشكلة هي مشكلة زي – حجاب أو خمار أو جلباب أو....إلخ؟؟ هل هي مشكلة موروث بيئي؟ أم مؤامرة حكومات وتيارات دينية (أصحاب منفعة مشتركة) و مشكلة عقل وفكر وفهم للمقدس؟

سؤالي للرجال والنساء، عندما غير الرجل المسلم زيه من لبس بدوي مزين بعباءة وعمامة إلى بدلة وربطة عنق – كما هي حال الإخوان المسلمين – هل انتقص دينهم شيئا؟ (في الواقع أنهم ازدادوا عنفا وشرا) أو ذلك البدوي الخارج من دياره العربية إلى أوروبا، وأول ما يفعله كي يجذب نظر الفتيات إليه هو أن يرتدي بدلة وربطة عنق، فهل تغير من دينه شيء؟ لم يقبل الله أن يغير الرجل ملبسه وشكله كما يشاء دون أن يسمح بذلك للمرأة؟ والجميل ذكره أن الإخوان والبدوان هم من يفرض على المرأة زيا دينيا دون أن يشعروا بذرة خجل أو حياء!!!

عندما اختار جبران خليل جبران أن يكتب عن شخصية المخالف للمجتمع بتقاليده وموروثه، برزت له شخصية "المجنون"، فوصف سعادة الرجل الذي تخلص من ثيابه الفاخرة بعد أن سرقها لص من حمّام السوق، في البدء ركض الرجل عاريا وراء اللص لاستعادة ثيابه فصاح الناس بصوت عال "المجنون!! المجنون!!" فتنبه الرجل لعريه ولكنه في تلك اللحظة أيضا أحس بنور الشمس يداعب وجهه للمرة الأولى فاستمر يركض عاريا في الشوارع سعيدا بدفء الشمس ونورها وحرارتها التي لمست جسده (وهي تشبيه لمن خلع أفكاره العتيقة، و أصبح أكثر سعادة بحريته وعلمه ومعرته الممثلة بنور ودفء المعرفة) وبالتالي فكأني بجبران يقول أن نور العقل هو ما يجعلنا نرى التخلص من الأسمال والأفكار البالية سعادة حقيقية.

كل عام وجميع النساء بخير (محجبات وغير محجبات)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أسلحة الناتو أصبحت خردة-.. معرض روسي لـ-غنائم- حرب أوكرانيا


.. تهجير الفلسطينيين.. حلم إسرائيلي لا يتوقف وهاجس فلسطيني وعرب




.. زيارة بلينكن لإسرائيل تفشل في تغيير موقف نتنياهو حيال رفح |


.. مصدر فلسطيني يكشف.. ورقة السداسية العربية تتضمن خريطة طريق ل




.. الحوثيون يوجهون رسالة للسعودية بشأن -التباطؤ- في مسار التفاو