الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استعارة المفاهيم : الارهاب نموذجا .

أمياي عبد المجيد

2007 / 3 / 11
مواضيع وابحاث سياسية


قد يتساءل البعض للوهلة الأولى عن ماهية استخدام الاستعارة لفهم بعض الظواهر التي يمر بها العالم ، فالإرهاب مثلا هو أكثر المفاهيم تعرضا للاستعارة بمعناها التضليلي ، ومن خلال ذلك نتوصل بمجرد اختلاف أنساق الاستعارة ، أن الإرهاب كظاهرة ليست هي المشكلة ، بل كيف يمكن لاستعارة هذا المفهوم من تمرير مجموعة من الأجندة القادرة على التحقق على أرض الواقع ، والمحكومة أصلا بالتبلور بطريقة غير قانونية ، دون التشويش على المفهوم الأصلي المتمثل في البشاعة ، والقتل عند عامة الناس .
عندما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية ما أسمته " بالحرب على الإرهاب " وضعت جميع التدابير اللازمة من أجل تحقيق أهدافها، ليس أقلها استعطاف الشعب الأمريكي لحثه على الانخراط في هذه الحرب ، التي سيدخلونها مع " مجهول " .و قد يعتقد الكثيرون أن الولايات المتحدة الأمريكية في تلك الفترة كانت حقا تريد القضاء على الإرهاب، وتعتقل أو تقتل مدبري التفجيرات التي استهدفت البرجين ، لكن الحقيقة غير ذلك فبمجرد أن نعرف أن هذه القوة أعلنت " حربا " بحالها ندرك أن الأمر فيه سيطرة وهناك دول بحالها ستتضرر ، فكيف يمكن لقوة عالمية منظمة وذات جيوش نظامية أن تواجه عصابات متناثرة ومشتتة في كل بقاع العالم وتسمي ذلك بالحرب ،فهل هناك دولة في العالم اسمها " إرهاب "؟!
إن الحرب التي تقودها اليوم الولايات المتحدة لا يمكن حصرها في جانبها المبرر كإعادة الاعتبار لهيبتها ، ولا يجب أن ننخدع بهذا المفهوم الذي أدركنا أنه مفهوم مزيف كزيف إدعاءاتها عندما قال مسئولوها أن صدام يمول ويأوي الإرهابيين من شأنهم أن يعيدوا هجوما أخر على أمريكا .
وفي الحقيقة تظهر لنا هذه السياسة بمثابة الترفع على مكمن العداء وتمثيل شر رجل واحد في امة بكاملها ويذهب جورج لايكوف في شرح هذا التركيز على اختزال دور الدولة في رجل واحد بما حدث خلال حرب الخليج مثلا عندما تدخلت الولايات المتحدة على أنها تحارب رجل واحد يسمى صدام الذي اتهم بالإرهاب وبالتالي فأمة صدام إرهابية !
بنفس الحرص والتطلع استطاعت الولايات المتحدة أن تشن حربين إضافيتين بدعوى محاربة الإرهاب، وغزت أفغانستان معتبرة طالبان هي كل أفغانستان بإطلاق عبارة من قبيل " دولة طالبان " لا أفغانستان مع أن عدد كبير من الأفغان كانوا يعارضون أسلوب طالبان . إلى أن تم الترويج والتوظيف الغير مسبوق لهذا الأسلوب " الاستعاري " في الحرب الأخيرة على العراق حيث استعملت عدة أنساق على عدة مستويات استطاعت من خلالها ضمان حلفاء ميدانيين باستعارة مفهوم (التأثير)، و(الخطر) الذي يشكله نظام صدام على دول الخليج التي فتحت قواعدها للقوات الأمريكية .
تكريس استعارة الخطر المستمر .
نحن لا ندرك ماذا يعني أن تنفق الولايات المتحدة ملايين من الدولارات لدعم قواتها في بلدان تدعي أنها تحارب فيها الإرهاب ، ولكن ندرك تماما أنها لكي تبقى في هذه الدول ، وتحقق الاستمرارية لضمان أهداف معينة يجب أن تستمر في توظيف أسلوب المساعدة بمنهج استعاري يؤكد لنا الرغبة في السيطرة على جانب مهم من إرادة هذه الدول نفسها ، بخدعة أنها دول فتية لا تستطيع مقاومة خطر كهذا(الإرهاب)، فكونها فتية لا يعني أنها حديثة الوجود أو أن أغلب مواطنيها صغار بل المعنى الاستعاري أنها عاجزة على الأمن لمواطنيها ، ومصالح الدول الأجنبية فتسارعت هذه القوى" البالغة" أو القادرة على تحمل المسؤولية لتحقيق هذا الأمر الذي تنظر إليه هذه القوى من زاوية حماية المصالح ومساعدة البلدان الصديقة أو الدول التي تؤمن بالحرب على الإرهاب ..
هناك دول كانت بالفعل في حاجة إلى مساعدات لإخماد أعمال العنف بداخلها ، ولكن ما لا يعرفه الكثيرون أن الجزء الكبير من الدول التي أعلنت الحرب على الإرهاب لم تكن مستهدفة بأعمال تخريبية إلا بعد انضمامها إلى المعسكر المعادي لهذه الجماعات .و من خلال تبيان الاستراتيجية التي " يحارب بها الإرهاب" التي أثبتت لحد الساعة أنها استراتيجية فاشلة بدليل تصاعد وتيرة الأعمال الإرهابية ، نتوصل إلى قناعة أن القوى العظمى لتضمن سيطرتها لعقود مقبلة يجب أن تكرس مفهوم الاستعارة وتقيده بنظرة الاستشعار المستمر للخطر الدائم .
* كاتب مغربي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحقيق لصحيفة إسرائيلية بشأن الفشل الاستخباراتي يوم السابع من


.. حريق ناجم عن سقوط صاروخ على مستوطنة شلومي بالجليل الغربي




.. قناة إسرائيلية: هناك فجوات في مفاوضات صفقة التبادل وعملية رف


.. AA + COVER.mp4




.. -يفضل انتصار حماس-..أعضاء بالكونغرس الأميركي يهاجمون الرئيس