الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


انعطافة أولى كمداراة لنظرتك المشجّعة

ياسر اسكيف

2007 / 3 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


سأعتبر نفسي مدعوّا ً إلى جلسة حوار .
ما أسعدني وأنا أوجّه الدعوة لنفسي !
وكي يكون حوارا ً مجديا ً , أي حوار لا يقصد الوصول إلى نتائج , كمسوّغ لوجوده , وجدتني أستدرج أدوات الحوار وعناصره إلى جلستي والتي هي , كما يعرف المحاورن الأشاوس , أصدقائي , كأس يتهيأ للإمامة ببياض ِ محتواه الفاتن , ووهمي الذي يمسك بطرف الحوار قبالتي , وهواء يكفي لملء الحيّز الفاصل بيننا . ووجدتني , على عادة كل داخل إلى تجربة , أجرّب ما توفر من عدّة , فأجدني لا أفعل شيئا ً سوى شدّ قبضتي , والتطويح بذراعي في الهواء .
ما أسعدني وأنا أفترض بأنك ِ دعوتني إلى حوار . ما أسعدني وأنا أتهيأ لجرعة الألم التي يقتضيها أنني سأحاور مجرّدا ً من كلّ الأدوات التي يستخدمها المحاورون الأشاوس , وحانثا ً بقسَمِهم .

* - انعطافة أولى كمداراة لنظرتك ِ المشجّعة :

أظننا أشرار أكثر مما ينبغي
وأن كلماتنا
لا تحتاج لكلّ تلك المعاطف ,
وأفكارنا
لكلّ هذه الأسرّة .

* - بمثابة اعتذار من أصابعك ِ التي بدأت بالارتعاش :

لاعبون َ مَهَرَة فيما يخصّ رمادا ً عزيزا ً .
عرّابو غصّات ٍ
ندعوها الأمل َ .
ومنافقون َ كثيرا ً
بخصوص ِ موتنا .
نحبّ الطقس َ العاصف َ
ونخجل من هرير ِ أعضائنا !
نهتف للتسكع ِ ,
وبقماش سراويلنا ,
نغلق’ كوى الهمس .
لاعبون مَهَرَة
في انتظار ِ النتائج ِ ,
ومبتدؤن سفلة في تعريف ِ
القبلة .

* - في معرض الأشغال اليدوية حيث اندسّت ( وفاء ) ولوحاتها في الجانب الذي لا يراه الداخل إلى قبو فندق ( بلازا) إلا عند خروجه :

عينان ناعستان
وشفتان تمطران وردا ً .
لا أظنها تكفي
كي ترفّ أجنحة الدهشة ِ
في هواء ِ الصالة ِ ,
ويتعثّر الخارج’ مسرعا ً
بهمسات ِ اللون .
لا أظنها تكفي
ليعرّش القلق’
على الجدار المثقل ِ باللوحات .

خطّ صغير .
رقيق في توضعه ِ على عجل ٍ .
خطأ فرشاة ٍ
في اصطدامها المؤثر ,
عن غير قصد ٍ ,
بانتحال ٍ للكمال .
خطّ صغير ,
بالكاد تمكن ملاحظته’ ,
أثر لابتسامة ٍ ,
أو طرف ٍ قصي لدمعة ٍ ,
ربّما نتفة من ارتعاشة ٍ ,
أحدثها خطّ آخر ,
مدروس ومعتنى به ,
يمكنها إغراق اللوحة ِ
في متاهة ِ الندى .
وهناك
حيث ما من نافذة ٍ إلى لون ٍ
ما من باب ٍ إلى أمان ٍ
تتجاور العناصر’
تمور’ ,
تتراقص’ ,
تتجاور’ ,
تتداخل ’ ,
تعوي ,
تتعاضض’ ,
وكما يفترض’ بغريزة ٍ ضاجّة ٍ
ينسحب الفراغ .

* - عودة إلى ما كنا قد بدأناه . أقصد أنني قد أنسحب في أية لحظة :

ما هو الوطن ؟ !
كان السؤال الذي طرحته في الثانية صباحا ً على صديقك ِ الوطني الذي أجاب : ما بك . هل حدث شيء ؟ !
من حق صديقك أن يكون السؤال هو جوابه . فالوطن الذي كان ليموت من أجله ِ ينتهي بانتهاء الدوام الرسمي . أي في الثالثة بعد الظهر. والوطن الذي تفتقدينه في الثانية صباحا ً , وتهتفين لأصدقائك ِ بحثا ً عنه , هو ما يعنيه الوطن فعلا ً . الآمان .
سريرك ومنضدتك ِ . ومثلك ِ لا يطرح ذات السؤال في العاشرة صباحا ً , أو الواحدة ظهرا ً . لأنه ببساطة يكون مزدحما ً بالأسئلة التي تنتهي إلى سؤال واحد : ما هو الذي ليس الوطن ؟ !
نعم . الوطن مفهوم بديهي كالكثير من المفاهيم التي توهمنا بأن كثرة ترددانا لها أعطاها صفة البديهية التي لا تحتاج في قبولها إلى برهان . ولكننا سرعان ما نكتشف بأن الأمر أشد تعقيدا ً من ذلك بكثير مجرّد أن نسائل تلك المفاهيم .
غير أن لمكان عيشنا , كي لا أقول بلدنا أو دولتنا أو .. الخ , خصوصية لا يعيش تحت ضغطها وعسفها وهمجيتها أولئك الذين يعيشون في أماكن أخرى . والسبب هو التمايز والانفصال بين مفهومي الدولة والوطن . ففي فرنسا على سبيل المثال لا تنقص حقوق المواطن الذي ينتمي إلى الحزب الاشتراكي في حال فوز الحزب الديغولي بالسلطة كما لا تزيد حقوق المنتمي إلى هذا الأخير. أي أن السلطة السياسية لا تحتكر لنفسها وطنا ً . بينما في بلد ك( سوريا ) فقد تم احتكار الوطن كملكية حصرية للبعثيين طيلة أربعين عاما ً ويزيد حتى بات من هو غير بعثي يعيش بشعور المعتقل الدائم .
صغيرتي لا تعتبري أن هذا قليل في صياغة مفهوم الوطن كما استقرّ في تكويننا النفسي . فهذا الحيّز الذي ندعوه , تجاوزا ً , وطننا ليس لنا فيه أي حقّ .
يقول البعض : وطني حيث أكون . نعم لكن مساحة الاختيار غير المحدودة في الكون هنا أو هناك هي ما تعطي مثل هذا القول صوابه . وبالتالي ليس وطني أبدا ً المكان الذي أوجد فيه قسرا ً ولا أمتلك أية قدرة على استبداله .
ويقول البعض : وطني حيث أصيب رزقي . وهذا ليس انتماء اختياري بكل تأكيد .

إن ما يغيب عن أذهان الكثيرين في سؤالهم عن معنى الوطن هو معنى المواطنة أولا ً . أي سيادة القانون كشرط أولي ولازم , ومن ثم ممارسته على قاعدة التساوي في الحقوق والواجبات بالنسبة لجميع البشر الذين يحكمهم . في هذه الحالة فقط سيوجد من يشعر بأنه مواطن وسيتولد شعور جديد لديه يخصّ الوطن . شعور لن يدركه أبدا ً ولن يستطيع حتى تخيّله ما دام يعيش في حيّز جغرافي محكوم بقوانين وأخلاق السبي .
وأخيرا ً . كم أننا بحاجة إلى السعي من أجل أن يكون لنا وطنا ً .

جبلة – 9 - 3 – 2007









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رئيس كولومبيا يعلن قطع العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل ويعتب


.. -أفريكا إنتليجنس-: صفقة مرتقبة تحصل بموجبها إيران على اليورا




.. ما التكتيكات التي تستخدمها فصائل المقاومة عند استهداف مواقع


.. بمناسبة عيد العمال.. مظاهرات في باريس تندد بما وصفوها حرب ال




.. الدكتور المصري حسام موافي يثير الجدل بقبلة على يد محمد أبو ا