الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كي لا تصبح برودة الصراع الاقليمي ساخنة!

عمار السواد

2007 / 3 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


ليس جديدا على منطقة الشرق الاوسط الازمات والتحديات، فهي، على ما يبدو، قدر مستمر منذ اكتشاف النفط وتأسيس الدولة العبرية فيها. ولكن دول المنطقة لم تتمكن من الوصول الى صيغة تدفع باتجاه تشييد سقف يجلس تحته فرقاء المنطقة، فهناك غياب مستمر لقيمة الجغرافيا في وعي قادة المنطقة، متزامنا مع حضور لافت للبعدين الديني والقومي في ذلك الوعي، لذلك لم يفكر القادة باللجوء الى واقعية سياسية واجتماعية واقتصادية تفرضها هذه الجغرافية والمصائر المشتركة في اطار عقد المؤتمرات وتشكيل تجمعات الدول، طبعا مع استثناء لحالة مجلس التعاون الخليجي كونها حالة فرضتها مجموعة عوامل ما كان الجانب الديني او القومي سببا وحيدا فيها. والا فان الصيغ الاخرى هي صيغ قومية كحالة الجامعة العربية، او دينية كحالة المؤتمر الاسلامي.
وهنا يكمن الخطأ المحوري، فالمصالح المشتركة لدول المشرق العربي مع ايران وتركيا هي اكثر منها مع بلدان المغرب العربي وكذلك حال الاحتكاك المباشر والخلافات الجادة والمخاطر المترصدة. وبالمقابل فان ما لايران من مصالح ومشاكل وتحديات ومخاطر مشتركة مع الدول العربية في المنطقة اكثر منها مع دول الاتحاد السوفياتي السابق وان لتركيا اولويات في المنطقة اكثر من تلك الاولويات مع دول الاتحاد الاوربي. فليس لنا تاريخ مشترك يجمعنا بالمغرب العربي كالتاريخ الذي يجمعنا بتركيا وايران. وتجاوز كل ذلك لحسابات قومية او دينية او لمخاوف وهواجس وخلفيات ومسبقات ادى الى نمو شيئ من اللاواقعية في الخطاب والوعي القائم في المنطقة.
فالى جانب تجمعات الدول على المستويين القومي والديني واهمية طموح تركيا للالتحاق بالاتحاد الاوربي... فان المنطقة بحاجة الى طاولة مشتركة تناقش فيها المشكلات والمصالح، التحديات والاولويات، الخلافات ونقاط الاتفاق. فالمنطقة مرت بالعديد من المشكلات الخطيرة افتقرت الى حوارات مباشرة تشترك فيها دولها كلها.
طبعا يمكن تفهم ان العداء بين اسرائيل وبعض دول المنطقة يحول دون التفكير بتشكيل مثل هذا التجمع، لانه لا يمكن تأسيس تجمع للشرق الاوسط لا تكون اسرائيل طرفا فيه لانه سيفهم على انه استعداء لها، لكن هناك اكثر من صيغة يمكن تخلص تنأى بهذه الدول من ذلك الفهم.
ويبدو ان قضية العراق جاءت اخيرا لتضع دول المنطقة امام تحدي الافتقار الى حوارات جمعية ومكشوفة وصريحة، وشعرت هذه الدول بخطورة الحرب الباردة الاقليمية ، كونها اضحت في العراق ساخنة، وصار من الممكن ان تنتشر سخونتها في كل دول المنطقة. لكن هذا الشعور ما كان يمكن ان يؤدي الى فعل وتطبيق لولا المطالبة الامريكية بعقد مؤتمر اقليمي حول العراق، وهو ما حصل بالفعل في شرم الشيخ بمصر عام 2004، وتكرر في طهران وما حصل في العراق امس.
ويبدو ان قضية العراق باتت تمثل فضاء يدفع دول المنطقة الى الجلوس الجمعي الجاد الى طاولة النقاش للتحاور حولها، الا ان هذه القناعة ما زالت خجولة ومترددة. ما يدفعنا الى الحذر في التعاطي مع المؤتمر كفضاء حواري يمكن ان يقلل من خطورة استمرار الاستقطابات الايدلوجية والطائفية والسياسية الحادثة والتي يمكن ان تؤدي الى انفجار امني خطير يهدد الشرق الاوسط برمته. خصوصا ان معسكر السعودية يبدو مدفوعا باتجاه المؤتمر بالارادة الامريكية ومطالبة سنة العراق لهم بذلك وان معسكر ايران يبدو مضطرا الى الحضور في هذا المؤتمر من اجل فسح نافذة حوار جاد مع الولايات المتحدة حول العديد من الملفات، وان امريكا تتحمس للمؤتمر في سبيل ارضاء المعارضين الديمقراطيين من جهة وفي سبيل الوصول الى موضوع يغطي موضوعات اخرى يمكن ان تناقش مع ايران.
ان دول المنطقة لا يمكن ان تكتفي بالعراق او بهذا المؤتمر فقط للتحاور مع بعضها، انها بحاجة الى حوارات جادة حول اربع قضايا مصيرية في المنطقة هي قضايا العراق ولبنان وفلسطين وامن المنطقة. فالحوار العربي الايراني التركي ضروري لتجريد الصراع داخل العراق من بعده الاقليمي اولا ومن ثم بحاجة الى بذل الجهود من اجل انهاء الصراع الطائفي بشكله العنيف ثانيا، والامر نفسه تستدعيه قضية لبنان. وقضية فلسطين تحتاج الى حوارات جمعية للوصول الى صيغة مشتركة من قبل الدول ذات الاهتمام بها يتجاوز الاختلاف الرهيب في التعاطي معها كي لا تراهن الدولة العبرية على عدم وجود رؤية موحدة في اطار قمعها للفلسطينين وكي يضطر الفلسطينيون الى التعامل بواقعية مع قضيتهم العادلة. وبالنسبة لامن المنطقة فان المخاوف العربية من ايران التي تهدد جيرانها والمخاوف الايرانية من بلدان تستخدم الاساطيل الامريكية لارعابها.
ان التشاد بين معسكر السعودية ومعسكر ايران منذ الحرب العراقية الايرانية والذي تحول بشكل تدريجي الى شكل من اشكال الحرب الباردة الاقليمية، وهي حرب انشطرت لتشمل تنظيمات وقوى ومليشيات منذ عام 2001 يمكن ان تتحول، بفعل سخونة الوضع العراقي وخطورة الخلاف اللبناني ولعب اسرائيل على حبال الخلاف في المنطقة وهروب تركيا المستمر من نار المنطقة باتجاه اوربا التي تدير وجهها عن الدولة المسلمة المؤمنة بحكم الاعدام والمستندة الى دعم العسكر، يمكن ان تتحول بفعل كل ذلك الى خطر صراعات مسلحة قد تؤدي الى حرب اقليمية مسلحة لا يمكن ايقافها.
لذلك يبدو مهما جدا عدم الاستهانة بالعلاقات الجغرافية والتاريخية بين هذه الدول كونها قد تساهم في وضع لبنة اولى في طريق تفاهم عربي ايراني وعربي تركي وتركي ايراني يقلل من شدة الصراعات، ويسحب اسرائيل الى مزيد من الليونة. وليس من داع ان تكون الدول العظمى او دول العالم حاضرة في اي اجتماع معقود حول المنطقة من قبل دولها لان صراعات سادة العالم وطموحاتهم تختلف عن قلق شعوب وبلدان الشرق الاوسط وما تطمح تحقيقه.
وكان كلام وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري في المؤتمر حول امكانية مساعدة العراق على التقريب في وجهات النظر اشارة مهمة الى ان العراق يمكن ان يسبب في ايجاد صيغ تفاهم مستقبلية بين الدول الشرق اوسطية، ولكن على الساسة والقادة ادراك ذلك.
قد لا يستفيد العراق كثيرا من الحوارات الاقليمية التي جرت على ارضه لان المشكلة العراقية بنسبة اكبر مشكلة داخلية يحاول اطراف النزاع فيها اعطاءها صبغة اقليمية او دولية، الا ان اهمية الحوارات تكمن في عدم جعل العراق ساحة للصراعات الاقليمية، اضافة الى الاهمية الاقليمية العامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية