الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لتكن انتفاضة القامشلي تحولا تاريخيا ومراجعة حقيقية

أدهم ميران

2007 / 3 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


السقف الزمني لشهر آذار علامة تاريخية فارقة في حياة الكرد السوريين وتحول مهم في مصير كثير ممن يعيش على ارض كردستان المترامية في اربع بلدان، وانتفاضة القامشلي واحدة من الاحداث الفارقة والمهمة التي حولت مسار نضال الشعب الكردي في سوريا الى واقع فعلي ذا ارادة حية احترمه العالم اجمع, وكانت التحول التاريخي المهم لتخوض الأحزاب الكردية السورية غمار معترك سياسي متشابك مع نفسها اولا ومن ثم مع النظام الحاكم في سوريا. باعتقادي ان المعترك الأول هو الأخطر والأهم، لما تنتهجه بعض الأحزاب الكردية السورية ازاء هذه الانتفاضة، فلا زال البعض منها لا يجرؤ ان يسميها بالانتفاضة، ويصر على وصفها بالأحداث المؤلمة او احداث شغب الملاعب في القامشلي، غير مكترث لدماء الآلاف من ابناء الشعب الكردي الذين حملوا ارثا مثقلا باستحقاقات كرد سوريا ليعلنوه على الملأ بكل شجاعة جرأة فاقت أهداف ومطالب هذه الاحزاب. قد تتفق جميع الاحزاب الكردية السورية في تمجيد هذه الانتفاضة واستذكار ايامها والقاء الخطب السياسية الحماسية في مناسبة وغير مناسبة لاستقطاب الجماهير من حولها وعمل دعاية نضالية للحزب لا تكلف سوى تعب اعداد الخطبة. ولكنها حقيقة تختلف مع مضمون الانتفاضة قلبا وقالبا، وهذا استخفاف حقيقي بمعاناة الكرد واللعب بمشاعرهم الوطنية، من اجل تحقيق امتيازات دعائية ومادية لهذا الحزب او ذاك، وصدق من قال بأن بعض الأحزاب الكردية السورية قد تحولت الى دكاكين سياسية تتاجر بالشعارات وشغلها الشاغل هو التنافس فيما بينها او التعالي والغرور على بعضه البعض لصلة احدها بمنظمة او بلد ما دون صلة الآخر بها، أو التنافس بين اعضائها حول مركز حزبي معين لأغراض مادية بحتة، لسنا بصدد تفصيلها.
ان هذا الواقع المتفشي بين الاحزاب الكردية السورية أو من يصف اوضاعها بأنها تسير من سيء الى أسوأ، لم يمنع من وجود حزب كردي سوري يعالج هذه السلبيات وينتج مناضلين اكفاء يأخذون على عاتقهم النهوض بالقضية المصيرية لكرد سوريا، وليضع تطلعات الكرد وطموحهم على الطريق الصائب بما يمتلكه من اخلاص للشعب الكردي المظلوم ولما يمتلك من قراءة صحيحة لاستحقاقاته المشروعة، كما نادت بها انتفاضة القامشلي وهو أن لا تراجع عن الحقوق القومية المشروعة في اطار وطن سوري مشترك، ومساواة تامة في الحقوق والواجبات.
وفي كل الأحوال لا يمكن لبعض هذه الاحزاب التغاضي او انكار فاعلية انتفاضة القامشلي في مسار الحركة الكردية، ويريدون تسميتها عنوة بالأحداث او الشغب. فهذه الأحزاب لم يتجرأ الكثير منها قبل الانتفاضة ان يعلن عن مطالبه واهدافه في حقوق المواطنة والمساواة او غيرها من المطالب إلا بشكل خجول، بل كانت بعض الاحزاب غير معروفة لضبابية افكارها واهدافها ومحاولاتها التوفيقية بين ان تكون حزبا معارضا او حزبا لا يخرج عن اطار السيادة للنظام الحاكم، فأضاعت مضامين نضالية مهمة من اجندتها تنازلا امام مكاسبها المادية العرضية، او خوفا من الخروج من شرنقة الوهم والاستئثار بالنظرة العروبية وتفوق الفرد العروبي، قد يكون بعضها قد تخلص من هذا الوهم، ولكن الجذور العميقة التي ضربت في وقت مبكر في اوصالها، جعلت مهمة اقتلاعها بالكامل عسيرة، فترى بأن خطابها الحزبي لا يزال مضمخا ومفتونا بالكائن العروبي. قد يكون هذا الرأي حكما قاسيا على هذه الاحزاب من هذا المنطلق، ولكن الوقائع هي التي دونت هذه القسوة، وعلينا قبولها بسلبياتها وايجابياتها. واعتقد ان الوقت لا زال سانحا لتصحيح التوجه النضالي، وسد الثغرات التي حسبت عليهم في وقت من الاوقات.
من هنا على الاحزاب الكردية السورية ان تنظر الى انتفاضة القامشلي، كرمز لإرادة الشعب الكردي و كحد تاريخي فاصل يميز في عملها بين الأهداف والمطالب المتماهية مع ارادة النظام السوري قبل الانتفاضة، وبين المطالب الحقيقية التي نادى بها الشعب الكردي وينادي بها بعد الانتفاضة.
لذا فإننا في هذا الوقت الحساس لسنا بحاجة الى خطاب كردي موحد فحسب، بل الى عمل موحد ونبيل تتسامى فيه الاحزاب الكردية السورية عن الأنانية والفردية والمصالح الشخصية وتقاذف الشتائم والمزايدات الوطنية او التشكيك بوطنية فلان وعلان لغرض التشهير أو الحط من سمعة الآخر لخلافات شخصية وقعت بين اثنين في يوم من الأيام. وعليها ان تضع مراجعات دقيقة لتاريخها النضالي بكل سلبياته وايجابياته، ووضع اجندة نضالية مشتركة قادرة على احتواء الأزمات ومعالجة الأخطاء السابقة، دون نسيان المضامين الحقيقية للانتفاضة، وإلا فإن هذه الأحزاب سوف لن تمثل إلا نفسها، وخطاباتها وأعمالها لن تفسر إلا في اطار المنافسة مع بعضها البعض سياسيا كان او ماديا وهذا سيكون بالتالي وبالا على تطلعات الشعب الكردي السوري.
اذن فلتكن هناك مراجعة حقيقية تتناسب والتحول التاريخي في مسار النضال الكردي في سوريا، وليكن الخطاب الكردي الجديد مختلفا هذه المرة ولتدرك الحركة الكردية في سوريا بأن ليس امامها سوى هذا الخطاب، اذا ما كانت حقيقة تقدر وتثمن دماء الشهداء في انتفاضة القامشلي.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Ynewsarab19E


.. وسط توتر بين موسكو وواشنطن.. قوات روسية وأميركية في قاعدة وا




.. أنفاق الحوثي تتوسع .. وتهديدات الجماعة تصل إلى البحر المتوسط


.. نشرة إيجاز - جماعة أنصار الله تعلن بدء مرحلة رابعة من التصعي




.. وقفة طلابية بجامعة صفاقس في تونس تندد بجرائم الاحتلال على غز