الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حزب الفضيلة والخطوة الاستباقية !

سهر العامري

2007 / 3 / 13
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تشكل الخطوة التي أقدم عليها حزب الفضيلة في خروج اللاعودة من الائتلاف الشيعي في العراق حدثا بارزا لا يمكن أن يتجاهله أي مراقب يلاحق جريان العملية السياسية في العراق ، أو ينكر تأثيره على كتلة ذاك الائتلاف ، وعلى الكتل الأخرى داخل البرلمان في العراق سلبا كان هذا التأثير أم كان إيجابا ، وقد يمتد هذا التأثير الى عموم الحالة السياسية في العراق ، وذلك في حالة انبثاق اصطفاف جديد داخل ذلك البرلمان ، مثلما يمتد هذا التأثير الى الشارع الشيعي في الانتخابات القادم .
المعلوم إن لحزب الفضيلة خمسة عشر عضوا في البرلمان ، وهو بذلك يأتي بالمرتبة الخامسة بعد الكتلة العراقية ، ولكنه ظل خارج الحكومة التي تشكلت برئاسة نوري المالكي بعد أن أرغم مرشحه ، الدكتور نديم الجابري ، لذات المنصب من قبل السفير الإيراني في بغداد على سحب ترشيحه ، وإلا سيكون مصيره قتلا على يد فرق الموت الإيرانية التي تجوب شوارع المدن العراقية ، ولم يكن هذا مبالغة أو سرا ، فقد أذاع ذلك الدكتور الجابري نفسه لبعض من وسائل الإعلام وقتها ، وكان ذلك خلال الحمى الإعلامية التي أطلقت لها العنان دوائر المخابرات الإيرانية العاملة في العراق ، متهمة الجابري بعلاقاته السابقة مع حزب البعث ، وهي التهمة التي تحاول تلك الدوائر الصاقها بأي عراقي شيعي يحاول الخروج من ربقة نفوذ النظام القائم في إيران اليوم ، وهي ذات النغمة التي بدأت تذاع من جديد بعد خروج اللاعودة للحزب المذكور .
ويبدو أن حزب الفضيلة ، وبعد منع الجابري من الترشيح لمنصبة رئاسة وزراء حكومة الاحتلال الرابعة ، قرر عدم المشاركة في تلك الحكومة حتى بوزير واحد ، معلنا أنه سيدعم حكومة المالكي من داخل البرلمان ، ورغم أن الفضلاء كانوا ينادون مسبقا ببرنامج عمل وطني بعيدا عن المحاصصات العرقية والطائفية إلا إنهم كحزب لا بد أن يطمحوا بوضع أقدامهم على موطئ في الجهاز التنفيذي ( الحكومة ) التي قامت على الضد من تطلعاتهم ، ولهذا كانوا هم يتحينون الفرصة المناسبة التي يتركون بها الائتلاف الشيعي الذي تتحكم به آليات يعترضون عليها هم ، تلك الآليات التي فقد عن طريقها التيار الصدري الكثير من مؤيديه بعد أن سخرته إيران في العمل من أجل تحقيق أهدافها في العراق ، تماما مثلما صعدت على أكتافه أحزاب شيعية أخرى ، وهذا مما مهد الى غيابه السريع والمفاجئ ، وبجيشه وزعيمه اللذين صارا مطاردين يلاحقهما القتل والتشرد والسجون ، هذا الغياب المفاجئ الذي لا يدانيه بسرعته إلا سرعة تلاشي المحاكم الإسلامية وجيوشها في جمهورية الصومال الإسلامية ! وكان سبب هذه الغيبة هو الورطة التي ورطت فيها إيران مقتدى وجيشه بقتال مع الأمريكان أولا ، ثم بقتال مع السنة من أهل العراق ، ولكنها ، أي إيران ، أبقت بعض الفصائل الشيعية بعيدة عن هذه الورطة بهذا القدر أو ذاك ، وباستثناء شرطة صولاغ التي حاولت أن ترمي بمسؤولية ما اقترفت من جرائم ضد العراقيين ، شيعة وسنة ، على الحكومة ، وليس على منظمة بدر التي ينحدر منها أغلب عناصر أجهزة الشرطة التي تشكلت في عهد الأمريكان الذين سرعان ما انقلبوا على صولاغ وشرطته ، فبدلا من أن يكون هو وزيرا للداخلية صار وزيرا للمالية ، وبدلا من أن تكون شرطته شرطة وطنية صارت فرق موت اضطرت القوات الأمريكية التي دربتها الى طرد الآلف منها ، ووضع البعض الآخر في السجون الأمريكية بالعراق فيما بعد .
وعلى هذا يبدو أن حزب الفضيلة ، وبعد المصير الذي آل إليه مقتدى الصدر وجيشه ، صار يدرك أن التجربة السياسية القائمة على العرقية والطائفية لا يمكن لها البقاء طويلا في العراق ، وذلك بعد أن بدأ الشعب العراقي يضيق ذرعا بهذه التجربة التي كلفته غاليا على مدى سنوات أربع عجاف لم يحصد فيها أبناء هذا الشعب غير الفاقة والحرمان والجوع والموت والتشرد في بلدان المعمورة ، ويدرك أن دور مرجعية السستاني التي نفخت أمريكا صورتها قبيل وبعيد الاحتلال صارت تفقد بريقها شيئا فشيئا ، ولم يعد بإمكانها المحافظة على الائتلاف الشيعي بعد أن تبين للجميع سقوط نهج المحاصصة الطائفية والعرقية في الحكم الذي منحته تلك المرجعية كل بركاتها .
وصار هذا الحزب يدرك كذلك أن النفوذ الإيراني في العراق بدأ ينحسر بعد أن شن جند بوش حملتهم المستمرة على عملاء إيران من العراقيين والإيرانيين ، ففر من فر منهم ، وقتل من قتل ، وسجن من سجن ، وبذلك تهيأت الفرصة المناسبة لقيادة هذا الحزب لتعلن على رأس الأشهاد خروجها الأبدي على حد تعبير الدكتور نديم الجابري من الائتلاف الشيعي.
والحزب بخروج هذا يستبق الآخرين في الخلاص من تبعات المأساة التي يعيشها العراق ، تلك المأساة التي سيكون أعضاء الائتلاف الشيعي مسؤولين عنها مسؤولية مباشرة ، لكونهم قادة حكومة لم تحقق شيئا ملموسا للناس في العراق ، وعلى كل الأصعدة .
وهو ، أي حزب الفضيلة ، بهذا الخروج يتطلع نحو قيام شكل آخر من الحكم في العراق يبتعد عن النفوذ الإيراني الذي هيمن على الائتلاف ذاك ، وعن طريق أحزاب شيعية فيه ، تعلق مصيرها على إيران ونظامها ، ولهذا الدافع أو ذاك . كما أنه يسعى الى أن يسبق الآخرين نحو الانتخابات القادمة وجماهير التيار الصدري التي توزعت الآن على أحزاب أخرى من قبيل حزب الولاء الإسلامي ، مثلما يريد أن يسبق الآخرين في إثبات وجود أقوى في مدن الجنوب الشيعي ، تلك المدن التي تريد منها إيران أن تكون إمارة تحكمها عن طريق عبد العزيز الحكيم ومجلسه الأعلى ، وتحت غطاء من فدرالية طائفية تكون النجف عاصمة لها ، بدلا من البصرة التي تعد أحدى المدن العراقية الثلاث الكبرى .
وعلى أية حالة تظل هذه الخطوة في نزوعها الوطني ، وبعدها عن الطائفية ، مؤشرا على نهاية تجربة المحاصصات الطائفية والعرقية التي حلت بالعراق وأهله بحلول الدبابة الأمريكية فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ctمقتل فلسطينيين في قصف جوي إسرائيلي استهدف منزلا وسط رفح


.. المستشفى الميداني الإماراتي في رفح ينظم حملة جديدة للتبرع با




.. تصاعد وتيرة المواجهات بين إسرائيل وحزب الله وسلسلة غارات على


.. أكسيوس: الرئيس الأميركي يحمل -يحيى السنوار- مسؤولية فشل المف




.. الجزيرة ترصد وصول أول قافلة شاحنات إلى الرصيف البحري بشمال ق