الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا احد يحل مشكلة العراق ... غير زعيم شيعي معتدل ومقبول من السنة

ابراهيم الداقوقي

2007 / 3 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


يعتقد احد الخبراء البريطانيين في لندن " أن أكبر مشكلات العراق لها أسباب داخلية‏,‏ وإن كان ثمة تأثير خارجي من دول جوار‏,‏ إلا أن هذا التأثير لا يمثل العامل الأساسي ، للمشكلة " . ثم أوضح قائلا " أن أعمال العنف الأخطر ناجمة عن الصراع بين الشيعة والسنة‏ في العراق " .‏ لاسيما وإن تعقيدات الوضع في العراق‏,‏ واحتمالات امتداد مخاطرها لمنطقة الشرق الأوسط ، هي التي اضطرت جميع الاطراف المعنية بالمشكلة العراقية لعقد المؤتمر الدولي يوم الجمعة ( 9مارس الماضي ) من اجل احتواء تلك المخاطر‏,‏ وصولا إلي المصالحة الوطنية العراقية باعتبارها المدخل الأساسي للاستقرار السياسي‏ في المنطقة .
ورغم عدم توصل المؤتمرين الى نتائج ملموسة لحل الازمة العراقية ، الا ان اتفاقهم على عقد مؤتمر ثان لوزراء خارجية الدول المشاركة ، يعد الخطوة الاولى في مسيرة الالف ميل من الطرق والمنعرجات المتشابكة للمشكلة . ومن هنا فان فشل المؤتمر في اتخاذ – او التوصل الى – خطوات ملموسة لحل المشكلة ، او وضع اطارعمل اللجنة الوزارية القادمة – عدا تاكيدهم على ضرورة القضاء على الارهاب – يعد فشلا ذريعا لحكومة المالكي من جهة ، ومن جهة اخرى نصرا للقوى السياسية غير الطائفية والعلمانية – الديموقراطية في البلاد ، التي تظافر حدثان رئيسيان في شد ازرها ، هما :
اولا – انسحاب كتلة حزب الفضيلة من كتلة الائتلاف العراقي الموحد , نتيجة " سياسة المحاصصات الخاطئة – التي تمارسها الكتل الائتلافية السياسية الحاكمة - وعبرنا عن رفضنا لهذه السياسات بالانسحاب من الحكومة , لذا فاننا في حزب الفضيلة الاسلامي نرى ان الخطوة الاولى على طريق انقاذ العراق من أزمته الخانقه هذه تبدأ من تفكيك هذه الكتل وعدم فسح المجال امام تشكيل كتل على اساس طائفي او عرقي لانه ادى الى تخندق الشعب العراقي وانقسامه على نفسه , وأن تشكل الكتل على اساس المشاريع الوطنية التي تجعل مصلحة العراق والعراقيين ، هي المعيار وتتسامى على المصالح الفئوية والحزبية والشخصية وفي ضوء هذا المشروع الوطني تعلن كتلة الفضيلة البرلمانية المكونة من ( 15 ) عضو عن انسحابها من كتلة الائتلاف العراقي الموحد وانها ستعمل في البرلمان ككتلة منفردة في انتظار توفر القناعات الكاملة لدى الاحزاب والكيانات السياسية لاطلاق مشروع وطني يقوم على اساس وحدة العراق وسيادته واحترام المباديء التي يؤمن بها شعبه وضمان الحياة الحرة الكريمة للعراقيين ".
ثانيا – اجتماع السفير الامريكي خليل زاده برفقة الدكتور اياد علاوي ، رئيس كتلة التوافق الوطني ، مع السيد مسعود البرزاني – رئيس كتلة التحالف الكردستاني – في اربيل خلال الاسبوع الماضي " لبحث عقد المؤتمر الدولي حول العراق ببغداد ولبحث تطورات الاوضاع العراقية " .
فاذا كان هذان الحدثان ، اعتياديين في الانظمة الديموقراطية – والعراق يسير نحو حفر نمطه الديموقراطي بالابرة النافذة – فان لهما دلالات سياسية كبيرة ، واشارة جادة الى المخاض السياسي العسير لولادة تلك الديموقراطية ، لاسيما بعد الصراعات الدامية بين الاطراف المؤتلفة في كل كتلة من الكتل السياسية الحاكمة : بين الصدر وزعماء الائتلاف الشيعي ، والمظاهرات الدامية بين قطبي الائتلاف الكردي رغم الاتحاد الظاهري بين الحزبيين الكرديين الرئيسيين في الاقليم ، وانشقاق معظم زعماء عشائر الانبار وتكريت والموصل عن الارهابيين التكفيريين ، وانشقاق حزب البعث – الحاكم سابقا في العراق – الي شطرين لا يعترف احدهما بالاخر . اضافة الى مساندة ( القوى الديموقراطية الاسلامية والعلمانية ) لخطوة حزب الفضيلة بالانسحاب من الحكومة " لأننا نرى أن إنقاذ العراق من أزمته لا يتم إلا عبر تأكيد أولوية الهوية الوطنية لتكون فوق الاعتبارات الطائفية والعرقية والحزبية، ومركزية المشروع الديمقراطي، بعيدا عن ازدواجية الرافضين للديمقراطية في العمق، والمتحينين الفرص بالمشروع للانقضاض عليه، وهذا لا يتم إلا عبر إعادة النظر في تبني الإيديولوجيات الشمولية، لاسيما تلك التي تستغل الدين للمزايدة به " . و تواقيع عشرات المثقفين العراقيين المعروفين في الداخل والخارج على مذكرة ستوجه للسادة : رؤساء الجمهورية والحكومة والبرلمان للمطالبة بـ ( سن قانون لتحريم وانهاء المحاصصة الطائفية والتسلط الحزبي رسميا في الوزرات والمؤسسات العراقية ) تحقيقا للهوية الوطنية العراقية وضمانا للحق والعدل في اختيار الكفاءات – وما اكثرهم – في إشغال وظائف الدولة .
ولعل من اكبر اخطاء الاحتلال الامريكي القاتلة – ويا لكثرتها – لاكثر من ثلاثة الاف جندي امريكي ، هو اقصاء السنة من الحكم والغاء القوات المسلحة العراقية ، باعتبارها اعوان الدكتاتور صدام حسين – رغم ان اكثريتهم كانوا من الشيعة – بالاعتماد على افكار فرسان الرهان الامريكي الثلاث : احمد الجلبي والحكيم وعلاوي . فاذا كان الدكتور اياد علاوي ، اول رئيس للوزراء بعد سقوط النظام الدكتاتوري ، قد فشل في تنفيذ مشروعه العلماني – الديموقراطي خلال حكمه في العراق ، بسسب تعنت السفير الامريكي بريمر – ملك العراق غير المتوج الحاكم بامره – برأيه في اجراء المحاصصة الطائفية والعنصرية في الحكم وعدم منحه السلطات الكافية للدكتور علاوي ، لتنفيذ ذلك المشروع ، قد ادى الى مضاعفات سياسية واقتصادية واجتماعية : الفلتان الامني وانتشار المافيات والمليشيات وتفشي الرشاوي والسرقات ونهب اموال الدولة وتعاون بقايا النظام الدكتاتوري المنتفع من نظام صدام الفاشي مع التكفيريين لتشكيل عصابات الارهاب والاغتصاب والقتل على الهوية ، وصولا الى تخريب البنى التحتية للدولة .... بل والغاء الدولة نفسها ، لكي تتحكم مليشيات الاحزاب السياسية بالبلاد والعباد . ومن هنا فان الدكتور العلاوي لا يزال المرشح الاقوى لرئاسة الوزارة القابلة ، لانه لا يزال موئل ثقة الامريكيين ومقبول من الشيعة المعتدلين والاكراد السنة .
واليوم يقف الرئيس المالكي على مفترق الطرق – بعد ان اصبح مع ائتلافه جزءا من المشكلة العراقية – لانه لم يستطع خلال السنتين الماضيتين تنفيذ أي وعد من وعوده للعراقيين ، بل اصبحت فترة حكمه وبالا على الشعب العراقي بكل اطيافه السياسية والقومية والدينية ، والى قتل واغتيال وهجرة خيرة العقول العراقية – حوالى اربعة ملايين عراقي – واعادة العراق والعراقيين الى عهود الظلام والاستبداد الفكري والسياسي . ولذلك فقد آن له الرحيل – لاسيما وقد قاربت مهلة الرئيس بوش الممنوحة له على الانتهاء – فمن يستطيع ان يملأ الفراغ السياسي الهائل في العراق ؟
اننا نعتقد ، من خلال استقراء المستجدات السياسية المحلية والاقليمية والدولية ، والنشاط السياسي المحموم في دول جوار العراق ..... ان المنطقة مقبلة على مرحلة حرجة وجديدة : فاما اتفاق اطراف النزاع في العراق والمنطقة على حل مشاكلهم بشجاعة وتسامح ، او ان طوفان نوح الذي بدأ بالعراق سيجرف الجميع . وهنا يقف المرء – وسط هذا الطوفان – ليبحث عن ذلك المنقذ الشجاع والمتسامح ؟ فمن سيكون .... يا ترى ؟
انه بلا شك احد المثقفين المعتدلين والعلمانيين ، من اخواننا الشيعة – وهم الاكثرية الذين لهم حق الحكم – بالاحتكام الى صناديق الاقتراع باسم الديموقراطية وليس باسم الدين او المذهب او القومية ، وبالاستقواء بالشعب العراقي الابي وليس بالقوى الاجنبية او الاسلامية او العربية ، ذات المصالح المختلفة والنوايا الشريرة المبيته للعراق والعراقيين.... بالاعتماد على مشروع المصالحة الوطنية في تسامح وود واخلاص – دون استثناء احد – غير المجرمين الذين اوغلوا في دماء العراقيين ، بعد ان تم – ويتمّ - ادانتهم باسم الشعب العراقي ، عن طريق المحاكم العراقية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسام زملط لشبكتنا عن هجوم رفح: نتنياهو تعلّم أن بإمكانه تجاو


.. من غزة إلى رفح إلى دير البلح.. نازحون ينصبون خيامهم الممزقة




.. -الحمدلله عالسلامة-.. مواساة لمراسل الجزيرة أنس الشريف بعد ق


.. حرب غزة.. استقالة المسؤول عن رسم الشؤون الاستراتيجية في مجلس




.. دكتور كويتي يحكي عن منشورات للاحتلال يهدد عبرها بتوسيع العدو