الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حادث السفارة الأردنية!- العين الحمرا

نوري المرادي

2003 / 8 / 9
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


حادث السفارة الأردنية! (العين الحمرا)
 

د نوري المرادي

 

يوم أمس دمر إنفجار عنيف سفارة الأردن في بغداد فقتل ما لايقل عن 11 شخصا وجرح بحدود الخمسين. وكان الإنفجار عنيفا لدرجة أنه قذف سيارة إلى سطح دكان قريب. وقد وقع خلال دوام موظفي السفارة، فكانت أغلب الضحايا منهم.

وعشية الحادث تناقلت الأنباء خبر لجوء إبنتي الرئيس السابق إلى عمان، وخبر محاولة الأردن الفاشلة لإستصدار قرار من الجامعة العربية يعترف بمجلس الحكم، ويرسل قوة عربية إلى العراق لمساعدة الإحتلال. هذا ناهيك عن دون الأردن المعلوم في الغزو والتمهيد له حيث إنطلقت ثلث القوات الأمريكية الغازية من أرضه ناهيك عن إستخدام طائرات الغزاة لأجواء الأردن ومطاراته في طلعاتها على العراق.

فإن جعلنا من لجوء إبنتي الرئيس السابق إلى عمان، موقفا سياسيا ذا معنى، فسنرى بما يقوم به الأردن دورا مزدوجا مع النظام العراقي من جانب ومع عدوه المحتل من جانب آخر.

وقد تناول الزميل الأستاذ علاء اللامي موضوعة هذا الإنفجار بالتحليل الوافي وإستخلص أنه بداية لصراع بين كلبي والأردن، صراع مبني على السوابق والتي أهمها سرقة كلبي لبنك البتراء.

وكنت سأميل إلى هذا الإستنتاج الواقعي جدا، لولا أمران اولهما قاله تاريخ العلاقات العربية العربية، والثاني يقوله الشعب العراقي الآن على لسان مقاوميه وسياسييه.

فقد كان نوري السعيد وخلال عمله في الوزارة العراقية أشد المعادين لعبدالناصر وقبله فاروق، لكنه حين يقال أو يبعد مؤقتا عن الحكم يلجأ أو قلها يسافر إلى مصر. كما إن شاه إيران هو الآخر عادى ناصر ومصر جملة لكنه حين أطيح به لجأ إلى مصر التي بدأت في تلك الأيام تغلي وتنقلب على الساداتية حتى إغتيل السادات نفسه. ومشعان الجبوري، وكل عناصر النظام العرقي الفاعلة مخابراتيا وعسكريا وحزبيا، وهي في مواقعها أشد الناس عداءً لسوريا لكنها حين تهرب تلجأ إلى سوريا أولا. وعلى ناصر محمد حين كان رئيسا لليمن الديمقراطي كان أشد أعداء سلطنة عمان وحدثت عدة حروب بين البلدين، إلا أنه حين أقصي عن الحكم لجأ إلى عُمان.

ما أعنيه أن اللجوء إلى بلد بعد خسارة الحكم، ليس بالضرورة يعكس موقفا سياسيا. ومن هنا فإذا ما إستثنينا الفائدة المادية أو الرشاوي المحلوم بها، فلا موقف سياسي من الأردن في منح اللجوء، وربما المؤقت، لإبنتي الرئيس السابق.

نعم، لقد حدث أن دخلت إجارة عائلة الرئيس العراقي حلبة السياسة، حين عرض طلباني تعهدا بحمايتها لو لجأت إليه. لكنه تعهد لم يعره أحد إهتماما، فلا طلباني أهل لوعود ولا رئيس النظام الذي يعرف طلباني حق المعرفة لا يعلم أن طلباني، ما أن يستلم هذه العائلة حتى يعرضها بالمزاد العلني.

من هنا، فلست مع الرأي القائل بأن إيواء إبنتي الرئيس يمثل موقفا سياسيا. بله موقف إنساني سيفعله حتى الأمريكان.

بينما من الجانب الآخر، فالأردن لا يستطيع أصلا الخروج عن بيت الطاعة الأمريكوبريطانية، وإلا فمصير الملك طلال ماثل. والأردن لعب الدور الثاني في الخطورة بعد إمارة أل الصباح، في غزو العراق. وربما لعب الدور الأخطر على الإطلاق، حيث لعب آل الصباح علانية بينما الأردن خفاءً، هو وإسرائيل. ما بالك والحسن تبرع لأكثر من مرة أن يعمل(!)ما في وسعه إذا ما طلب منه الشعب العراقي ذلك! وحيث هو لم يستطع حماية نفسه من جور أخيه الذي خلعه، فتصريحه ليس منه وإنما ممن لقنه من الحالمين بالعصر الذهبي للهاشمية.

 والآن وحيث بدأ دور أل الصباح بالتذابل، أو حيث هم قدموا ما إستطاعوه، بدأ دور الأردن في القضية العراقية يتنامى خصوصا بعد أن إتضح أن أمريكا وجبروتها الآن على شفى الهاوية في العراق. وللأردن خبرة بالتعامل مع المقاومة الفلسطينية، والأردنيون عرب، فإن إقتتلوا مع عرب فلا خسارة. أي إلتقت أحلام الهاشميين بالعودة إلى حكم العراق مع خبرتهم في التعامل مع المنظمات الفدائية مع جوارهم إلى إسرائيل عدوة العراق رقم واحد، إلتقت كلها مع الرغبة الأمريكية التي وجهها باول داعيا الدول العرابية إلى إرسال جنودها إلى العراق ليموتوا دفاعا عن مصلحة أمريكا القومية والإقتصادية. وكانت الأردن، والكويت نوعما، أكثر الدول حماسة لتلبية هذه الرغبة، لولا وقوف مصر والسعودية وبنان وسوريا بالضد، وخصوصا في مؤتمر وزراء الخارجية الأخير، فحالت دون الإعتراف بمجلس الإمعات ودون تلبية طلب باول بإرسال قوات عربية إلى العراق. الحؤول الذي عززه دور المقاومة العراقية البطلة التي أظهرت للعالم العربي حصرا أن أمريكا ليست تلك التي يخافون.

لكن الأردن لم يفد في عضده، فصدر تصريحان عن الحكومة الأردنية يتضمنان أنها سترسل قوات (حفظ أمن) إلى العراق إذا طالب المسؤولون العراقيون بهذا. الأمر الذي يعني أن وصول القوات الأردنية ومشاركتها الجيش الأمريكي في قتال العراقيين بات نافذا، بحكم أن من تعتبره الأردن (مسؤولون عراقيون) هو مجلس الإمعات، الموافق مقدما والمتوسل إستقدام هذه القوات.

فإن كانت الأصوات التي رفضت دخول أية قوات إلى العراق وإن تحت مضلة الأمم المتحدة، إن كانت هذه الأصوات تمثل المقاومة الوطنية تمثيلا عينيا، أم تنطق بأفكارها التي ينطق بها الشعب العراقي أجمع، كلا الإحتمالين يعني أن تفجير السفارة الأردنية مدبر وقامت به المقاومة الوطنية العراقية، كتحذير لا لبس فيه لكل الدول العربية التي تريد إرسال أبنائها ليموتوا دفاعا عن مصالح أمريكا. تحذير – تفجير إختصر الجدل بكلمة واحدة وهي: ((إياكم!!))

وهكذا تفجير - تحذير مختصر مفيد، ليس بمقدور كلبي ولا أي من جماعته القيام به. لأن كلبي هذا، لو فيه خير، لما إنتزع الأمريكان أسلحة 700 فردا من جنوده ومريديه بمجرد بيان بسيط، فأدخلوهم قاعة أضجعوهم على وجوههم وربطوا أيديهم بالأسلاك. وكل هذا تم (ولا نامت أعين الجبناء) في ظرف ساعة! كما ليس بمقدور مجلس باقر حكيم القيام به وهو الذي مارى الدنيا والآخرة بفيلق بدر الذي إدعى أنه يتكون من 29 الف مقاتل وبكل الأسلحة ما عدى الطائرات، فإذا بهذ الجيش الجرار يسلم أسلحته (ولا نامت أعين الجبناء أيضا) خلال ساعات.

وحتى لو رغب كلبي أو من على شاكلته بمناكدة من قبيل تفجير سفارة، فليس لديه هذه الكمية الهائلة من المتفجرات ولا هو أصلا على دراية بالتخطيط لهكذا عمليات أو تنفيذها. وأيضا، وحتى لو إفترضنا أن هذه العملية جاءت ردا على تحالف للأردن مع النظام فآوى إبنتيه، فالصراع مع النظام أو مؤيديه ليس من شأن المتربعين بمجلس الإمعات. هؤلاء لهم التآمر فقط. أما الصراع فأوكلوه لأمريكا. بدليل أن حجتهم الأكثر ترديدا في عدائهم للمقاومة الوطنية العراقية، هي أنها ستؤدي بالنهاية إلى طرد أمريكا، ولو خرجت أمريكا فسيعود النظام.

ملخصا، إن تفجير السفارة الأردنية في بغداد، كما أراه، قامت به المقاومة العراقية بعد أن بات دخول الأردن حلبة الصراع الإمريكي العراقي ماثلا. أما أن يكون بهذا الحجم وهذه السرعة من التنفيذ، فأولى بأصحاب القرار أن يستخلصوا العبرة الوحيدة منه، وهي: إن المقاومة العراقية منظمة جيدا ومتمكنة وقادرة على الضرب بكل الوسائل وعلى عدة جبهات. بدليل: العملية التي تمت في الكرادة بالتزامن مع الإنفجار، حيث ضربت قافلة وأحرقت مدرعة للعدو وإنحسب جزء من المقاومين بينما كمن جزء آخر ليضرب النجدة الأمريكية وهكذا حدث وفي وضح النهار.

والعبرة لمن أعتبر ولقد أعذر من أنذر!

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -أمام إسرائيل خياران.. إما رفح أو الرياض- | #مراسلو_سكاي


.. استمرار الاعتصامات في جامعات أميركية.. وبايدن ينتقد الاحتجاج




.. الغارديان: داعمو إسرائيل في الغرب من ساسة وصحفيين يسهمون بنش


.. البحرين تؤكد تصنيف -سرايا الأشتر- كيانا إرهابيا




.. 6 شهداء بينهم أطفال بغارة إسرائيلية على حي الزهور شمال مدينة