الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بلاد الموت أوطاني...

نور الدين بدران

2007 / 3 / 19
الادب والفن


قالوا:اصعدوا إلى القطار، كل منكم يضع إصبعه في ثقب من جسده،فداء للوطن.
صعد أجدادنا وخلفهم آباؤنا ووضعوا،ومثلهم صعدنا ووضعنا.
كانت إصبعي في أنفي، كذلك فعل جاري،ضحكت من أبي وجدي ونفسي،رمقني جاري بسخط ،ونقل إصبعه إلى ثقب آخر غير مرئي،تذكرت أن الدين الإسلامي يأمر بأن تخفي اليد اليمنى عطاءها عن شقيقتها اليسرى.
***
بين محطة وأخرى،كان بعض الآمرين يصعدون لتفقد الأصابع والثقوب،هذه الأمانات التاريخية،كما كانوا يدعونها،كانوا يضعون أصابعهم في ثقوب شاغرة في أجسادنا،حتى تنتهي جولة التفقد،أو ينفض الاحتفال.
كانت الاحتفالات كثيرة،بسبب المناسبات الكثيرة،كل ذلك كان في سبيل الله أو الوطن أو الشعب الكادح،وكنا نفرح من قلوبنا حين تطلع الكلمة الأخيرة من مسؤول كبير يضع إصبعه وأحيانا كفه كله في ثقب كادح.
***
كلنا فداء الوطن،نموت ليحيا.
الجزائر...القدس...تل الزعتر...وادي المكدوس...حمص....الضاحية...لا فرق..بلاد الموت أوطاني.
ثم...نموت ليحيا فلان ..أو فلان..... وليكن هنا :نموت ليحيا عماد محمد ، باعتباره ملهماً،أو ليحيا حسين عجيب باعتباره منظراً لإلهام الأول،مع علمي الأكيد أن الصديقين العزيزين،مثلنا جميعاً،مشغولا البال والأصابع والثقوب.
***
كنا نظن أن القطار يعبر كالسهم في جسد الزمن.
كنا نرى كل محطة تزغرد أعلى فأعلى،كلما كان نصيبها من النزيف أوفر،حيث لكل نصيب اسم ملائم.
هنالك نكبة وهناك نكسة وهنا هزيمة،والاجتياح غير الاحتلال،والضربة غير الرسالة أو الإنذار،وما كان يريده العدو أكثر بكثير مما أنجز...إلخ.
***
جاع من جاع، عطش من عطش، اغتصب من اغتصب، القطار ماض ينهب رمال الصحراء،أوهي التي تنهبه.
من رفع عقيرته، اختفى معها وأصابعه العشرون،لا تكفي لسد ثقوب جسده الذي صار كالغربال.
***
الأصابع في الثقوب المتكاثرة، المكتسب منها فاق الطبيعي.
المحطات لم تنتهِ، بدأت قائمة جديدة من الأسماء النقيض،كما يغير تجار الألبسة تشكيلات الفصول.
البارحة أنظمة وطنية تقدمية، اليوم هذه ممانعة،تلك مقاومة،هنا صمود وهناك التتويج النهائي..... انتصار.
ماذا يخبئ الغد إذا نجح المتبجحون بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع؟؟
أنا مع صندوق الاقتراع وصندوق توفير البريد وصندوق الدنيا، وهذا توضيح ضروري خاصة لهواة التصيد.
***
في التفاصيل والشروح كثير من الشياطين، على سبيل المثال : حين يبقى من يخبّر ،يعتبر هذا أحد آيات الظفر.
فاللغة كغيرها استبيحت، ولمَ لا؟ ليست أغلى من الأرض والدم والمال والعرض.
فالحادثة عينها برسم الأعداء أو الغرباء أو حتى المختلف من أبناء الجلدة الواحة،هي جريمة مروعة وحماقة مذهلة، ولكنها برسم أهل البيت أو المصفق لهم،هي حكمة وصك مضمون إلى الجنة،ودفاع (حتى لو كان قلب هجوم) عن الكرامة والوثبة وبقية الدوري من المحيط الأطلسي إلى الخليج العربي - الفارسي.
***
القطار مستمر بالصفير،متوقف عن المسير، في أرض أو سماء خارج الزمان.
المحطات متكاثرة كالفطر.
لم يبق دماء،لم يبق ماء في الوجه.
الأصابع تكلست في ثقوب تكلست هي الأخرى.
الروم أهل البيت، الفرس لهم الصدر،نحن كرماء ومضيافون،ننام على العتبة،نذبح أبناءنا قرى للضيوف،الذين بين ساعة وأخرى يمكن أن يشتبكوا بالنار والحديد،فوق رؤوسنا،وبالطبع بكل سخاء ندفع الفاتورة.
وما يهمنا؟ بحر نفط والحمد لله،مئات الملايين من الأضاحي،لعله أحد الحلول لنزع فتيل القنبلة السكانية.
وبعد كل انتصار أو كارثة(لم يعد فرق) العبارة جاهزة،الحمد لله هيك ولا غير هيك،والله لو نعرف هيك ما عملنا هيك، بس المكتوب على الجبين حتشوفو العين...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأردن يتراجع 6 مراتب في اختبار إتقان اللغة الإنكليزية للعام


.. نابر سعودية وخليجية وعربية كرمت الأمير الشاعر بدر بن عبد الم




.. الكويت.. فيلم -شهر زي العسل- يتسبب بجدل واسع • فرانس 24


.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً




.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع