الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستغلال الجنسي للأطفال أو انهيار منظومة الأخلاق الاجتماعية.

أمياي عبد المجيد

2007 / 3 / 16
حقوق الاطفال والشبيبة


منذ سنوات كانت ظاهرة استغلال الأطفال للأغراض الجنسية من بين الظواهر التي لا تثير قلق المجتمع وغالبا ما كانت تعتبر حالات شخصية لا تستدعي القلق بالكيفية التي نتصورها . لكن اليوم وبعدما أصبح الاستغلال الجنسي لهذه الفئة من المجتمع ظاهرة قائمة بذاتها وذات تشعبات مختلفة في النسيج الاجتماعي أصبح من الصعب تجاهلها أو السكوت عنها . وان كان الاستغلال قد شمل مستويات أخرى ليس اقلها الاستغلال في تجارة المخدرات والحروب ، وممارسة الأعمال الشاقة.
لعل تحديد المستويات التي تفهم من خلالها هذه الظاهرة تطرح عدة تعقيدات مع أن الأمر الأساسي ينحصر في اعتقادي في جانبه الأخلاقي وهو ما يمكن أن نعبر عليه بانفصال القيمة الأخلاقية عن الممارسة عند المعتدي وفقدان الوازع الأخلاقي ما يجعله يحس بأنه يقوم بعمل اعتيادي وبمجرد أن يغلب هذا التصور على الإنسان يصبح فاقدا لجزء كبير من الشعور بالمسؤولية وبالتالي فلا اعتقد أن من يمارس الشذوذ الجنسي بصفة عامة وبشكل خاص مع الأطفال يقدر حجم المسؤولية أو بالأحرى له تنظير يقيم من خلاله النتائج المترتبة على ممارسة عمل مشين كهذا .
إن تصور الاستغلال الجنسي للأطفال على انه نتاج عرضي للمجتمع هو تعبير خطير لان في ذلك تصور بحتمية نشوء وتكون هذه الممارسات خارج التركيبة الاجتماعية ، وهو أيضا تهرب من الاعتراف بالخلل الكامن في هذا المجتمع مع أن الحقيقة تبين أن اغلب الممارسين لهذه الأعمال هم جزء من هذا المجتمع وقد يكونون يتوفرون على مراتب محترمة في التركيبة الاجتماعية، وحينها نتساءل عن مصدر التربية والتنشئة عند هذه الفئة ؟ أليست مؤسسات المجتمع بمختلف تخصصاتها ؟ فهؤلاء لم يتعلموا في مدارس أوربية أو أمريكية حتى يتعلموا كيف يتكيفوا مع مجتمعاتهم ، وبالتالي فانا اعتقد أن التستر على أخطاء المجتمع التي يقوم بها في بعض مؤسساته خاصة التعليمية هي مصدر تفاقم الأزمة ، فنحن لا نعلم التلميذ كيف يصبح مواطنا ذو قيم تحدد مسؤولياته ، وكيف يجب عليه أن يتعلم ؟و كيف يتعامل مع هذا الواقع المجتمعي قبل أن نعلمه أن يكون مهندسا أو طبيبا .....
إن غياب القيمة الأخلاقية للشيء والفعل تدفعنا دائما إلى التساؤل بخصوص تراكم هذه الظاهرة ويتكون لدينا اليقين يوما بعد أخر أن الأمر ناتج عن فهم هذه القيم حسب المنظومة الاجتماعية ولم نعد نستطيع التحكم في توجيه الأجيال المتلاحقة لسبب بسيط ، أن طاقة إعادة تأهيل المجتمع هي ضعيفة بالمقارنة مع الوتيرة التي تنتشر بها الظاهرة ، وقوة الانحلال الخلقي الذي يصاحبها ، والخطر الحقيقي يتجذر في تحول هذا المنطق إلى عادة وممارسة شبيهة بأي ممارسة عادية . بل الأخطر من ذلك انخراط مجموعة من النماذج التي ينظر إليها في العادة على أنها رموز للتنشئة، والتربية ، فكثيرة هي الحالات التي يكون أبطالها مدرسين، وأطباء ... يستغلون سلطتهم الرمزية لتحطيم الممانعة عند الطفل الذي يكون في الأصل حديث التعرف على مبادئ اتخاذ القرار ( لا أو نعم ). قد يتساءل البعض عن الحل ؟؟. بالطبع أنا أو غيري لا يملك المفاتيح السحرية ، ولكن نقول بان المجتمع المدني له دور في متابعة الحالات واستطاع في حالات عديدة التكيف بايجابية مع الأوضاع النفسية والاجتماعية للضحايا وساعدهم قانونيا أمام المحاكم ، لكن يجب التسليم بان هذه حلول جزئية لا توفر الشرط القطعي للقضاء الجذري على الظاهرة . ومن هذا التصور أعتقد أن هذه الظاهرة لا يمكن مواجهتها إلا بإعادة النظر في كيفية التنشئة والتربية ، وتفعيل مبدأ القيم الأخلاقية عند عناصر المجتمع المختلفة وهذا بالضرورة يتحقق بتحسين جودة التعليم ومناهجه التي يجب أن تتضمن شروط التربية على المواطنة .
* كاتب مغربي









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الأونروا تنشر فيديو لمحاولة إحراق مكاتبها بالقدس.. وتعلن إغل


.. د. هيثم رئيس بعثة المجلس الدولي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة




.. الأمم المتحدة: نزوح نحو 80 ألف شخص من رفح الفلسطينية منذ بدء


.. إيطاليا: هل أصبح من غير الممكن إنقاذ المهاجرين في عرض المتوس




.. تونس: -محاسبة مشروعة- أم -قمع- للجمعيات المدافعة عن المهاجري