الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من أجل رؤية موضوعية لأحداث الساحة العراقية

موفق الرفاعي
كاتب وصحفي

(Mowaaffaq Alrefaei)

2007 / 3 / 15
مواضيع وابحاث سياسية


يخطئ من يظن أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الآن الطرف الأضعف في الصراع الدائر في منطقة الشرق الأوسط نتيجة لما تتعرض له قواتها يوميا في العراق، وما تتعرض له إدارتها من ضغوطات داخلية بسبب ذلك.
كما يخطئ من يراهن على الديموقراطيين في الانتخابات المقبلة أن ينهجوا سياسة تختلف تماما وسياسة الجمهوريين الآن، بسبب تعرض هذه السياسة للنقد من قبلهم.
للولايات المتحدة الأمريكية خطط إستراتيجية لا يمكن لأيٍ من الحزبين اللذين يتداولان السلطة فيها أن يفرط بها، ذلك أنها من وضع مؤسسات الدولة الراسخة التي تأخذ بالاعتبار مصلحة القوى المهيمنة ومصلحة الشعب الأمريكي عامة.
الولايات المتحدة الأمريكية لديها مشروعها الكبير،مشروعها الاستراتيجي، وهو وسيلتها لأن يكون القرن الواحد والعشرون قرنا أميركياً خالصا - كما صرح بذلك جورج بوش الأب في العام تسعين من القرن الماضي على هامش غزو النظام العراقي السابق للكويت- ولأسباب تتعلق بالجلبة التي أثارتها قعقعة السلاح الثقيل الذي كان ينقل إلى المنطقة استعدادا لـ((إعادة العراق إلى ما قبل عصر الصناعة)) لم يستمع الكثيرون أو لم ينتبهوا إلى هذا التصريح الخطير الذي أسس لمرحلة ما سمي بحرب تحرير الكويت.
أي أن مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي روّجت له الإدارة الأمريكية هو ليس هدفا في حد ذاته، بقدر ما هو وسيلة لتحقيق إستراتيجيتها الكونية في السيطرة على الاقتصاد العالمي عن طريق الاستحواذ على نفط العالم الذي يوجد في منطقة الخليج العربي والشرق الأوسط باعتباره أضخم احتياطي نفطي في العالم وبالتالي التحكم في الاقتصاد العالمي ودرجات النمو الاقتصادي في بلدانه.
جاءت تلك الاستراتيجية التي خطط لها وأقرت - منذ الرئيس الأسبق رونالد ريغن - وينفذها الآن المحافظون الجدد لتبديد مخاوف الشركات الأمريكية عابرة القومية بعد ارتفاع وتائر النمو الاقتصادي في كل من ألمانيا واليابان وارتفاع قيمة عملتيهما- الين الياباني والمارك الألماني - بالنسبة للدولار الأمريكي، والخشية من صعود الدول الأوربية ضمن الاتحاد الأوربي، وأيضا ما باتت تجسده الصين وبقية النمور الآسيوية من تهديد للهيمنة السلعية الأميركية في العالم، ودخول الصين واليابان منافسين قويين في السلع المصدرة إلى دول العالم والتي غزت حتى أسواق الولايات المتحدة الأمريكية ذاتها.
فإنشاء منطقة أو محمية للنفط من مجموع الدول المنتجة والمصدرة له على وفق المواصفات الأمريكية في منطقة الشرق الأوسط سوف يتيح للولايات المتحدة السيطرة على نفط الخليج العربي باعتباره اكبر احتياطي نفطي في العالم والتحكم في كميات الإنتاج والتسويق وطرق النقل وبالتالي التحكم حتى في الأسعار.
إذن فان الولايات المتحدة الأمريكية، ولتنفيذ إستراتيجيتها الكونية هذه، ستبقى في المنطقة، لكن ليس بالضرورة على شكل وجود عسكري مسلح، إنما بأشكال لا تحرج حكام دول المنطقة وتكون أكثر قبولا من شعوبها.
إن بناء طوق من القلاع العسكرية(قواعد) حول العراق وعلى أطراف دول المنطقة، إضافة إلى إنشاء ودعم أنظمة حكم مكبلة ليس بإمكانها تجاهل الإرادة الأمريكية، وليس لها القدرة على عدم تنفيذها بوساطة سن تشريعات من أمثال قانون الاستثمار الأجنبي وقانون استثمار النفط والغاز، كل هذا وغيره يجعل من البقاء الأمريكي شبه الدائم في المنطقة أمرا واقعا حتى لو انسحبت القوات الأمريكية من الشوارع منكفئة نحو قواعدها البعيدة والحصينة على أطراف الصحراء، أو حتى عودتها إلى أراضيها وقواعدها الثابتة وبوارجها في أعالي المحيطات.
الإدارة الأمريكية ستبقى في المنطقة إلى أمد قد يطول من اجل تأمين إمدادات الطاقة والتحكم فيها أيضا للحد من منافسة الدول المرشحة لمديات من النمو الاقتصادي تثير قلق الامبريالية الأمريكية .
في هذا الشأن فان مشروع قانون استثمار النفط والغاز المثير للجدل يصب في هذا الاتجاه،كما هو الحال في ما تسعى إليه الآن الإدارة الأمريكية من إسناد أمر إدارة الوضع العراقي إلى كوتا دولية تشارك فيها بعض دول الجوار العراقي وبعض الدول العربية ذات التأثير في الساحة العراقية والتي من الممكن أن تتأثر سلبا من استمرار تداعيات الوضع العراقي .
ومعه أيضا ما يطرح الآن في الساحة السياسية العراقية وبدفع من الإدارة الأمريكية أيضا من إعادة النظر في كل شيء بدءا من إلغاء أو تعديل قانون اجتثاث البعث وليس انتهاء بإعادة قادة الجيش العراقي المنحل، وقد سبق ذلك إعادة الكثير من ضباط الأجهزة الأمنية والمخابراتية ذوي الخبرة في هذا المجال،وذلك من اجل توسيع رقعة الشراكة السياسية لتضم الجميع للقضاء أو التخفيف من حدة العنف الذي يعصف بكل شيء.
إن ما يقلق الإدارة الأمريكية هو فشل مشروعها الكبير،ولهذا فهي على استعداد لأن تفعل المستحيل من اجل استدراك ما وقعت فيه من أخطاء وتصحيحها،ليس من اجل العراق والعراقيين،ولكن من اجل إنجاح مشروعها الذي يقف وتقف هي أيضا معه على حافة الهاوية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سوليفان في السعودية اليوم وفي إسرائيل غدا.. هل اقتربت الصفقة


.. مستشار الأمن القومي الأميركي يزور السعودية




.. حلمي النمنم: جماعة حسن البنا انتهت إلى الأبد| #حديث_العرب


.. بدء تسيير سفن مساعدات من قبرص إلى غزة بعد انطلاق الجسر الأمي




.. السعودية وإسرائيل.. نتنياهو يعرقل مسار التطبيع بسبب رفضه حل