الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حول دراسة الاقتصاد السياسي والصراع الطبقي

حسقيل قوجمان

2007 / 3 / 16
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


ارسلت لي جماعة من القراء، كانت قد استشارتني سابقا في موضوع دراسة المادية الديالكتيكية وابديت لهم رأيي في ذلك في مقال سابق، رسالة جديدة جاءت بها العبارة التالية:
"نود استشارتكم بشأن الأدبيات بخصوص المحاور الأخرى و بذات في محوري الاقتصاد السياسي و الصراع الطبقي"
قرائي الاعزاء سررت جدا لانكم اتبعتم نصيحتي وقررتم دراسة المادية الديالكتيكية بكراس ستالين عن المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية وكراس ماو تسي تونغ حول التناقض. واعتقد ان من المفيد جدا ان تحاولوا دراسة الاقتصاد السياسي.
ان الادب الماركسي الى حد علمي خال من كتاب دراسي موثوق به للاقتصاد السياسي. في ايام شبابنا حين بدأنا بدراسة الاقتصاد السياسي كان هناك كتاب يبحث الاقتصاد السياسي بصورة مبسطة ويمكن اعتباره كتابا دراسيا اوليا للموضوع. كان الكتاب بقلم الكاتب السوفييتي ليون تييف وترجم الى العربية في مصر واصبح كتابا اساسيا لدراسة الاقتصاد السياسي في ايامنا. ولا ادري ان كان هذا الكتاب موجودا حاليا في الاسواق.
وقد شعر الحزب البلشفي تحت قيادة ستالين بهذا النقص الشديد في الادب الماركسي وقررت اللجنة المركزية للحزب وضع كتاب دراسي للاقتصاد السياسي يكون كتابا دراسيا للشبيبة السوفييتية وكذلك لشيوعيي العالم كله. وفعلا عينت اللجنة المركزية لجنة من خيرة علماء الاتحاد السوفييتي بكافة المواضيع لوضع مسودة لمثل هذا الكتاب. قامت هذه اللجنة بوضع مسودة للكتاب وعقد مؤتمر واسع من العلماء السوفييت في جميع الميادين لمناقشة هذه المسودة اثيرت فيه اراء مختلفة ومتناقضة احيانا في مفاهيم شتى من الاقتصاد السياسي. واحيلت المسودة ومحاضر النقاشات في المؤتمر الى ستالين لابداء رأيه فيها فكتب كراسه الشهير واخر كتاباته النظرية المعروفة "القضايا الاقتصادية للاشتراكية في الاتحاد السوفييتي" ناقش فيها الاراء المختلفة والمتعارضة في نقاشات المؤتمر وفي مسودة الكتاب واقترح تكوين لجنة متفرغة لتعديل بعض القضايا وتنقيح الناحية اللغوية في الكتاب ومنحهم مهلة سنة لانجاز المهمة ونشر الكتاب. وفعلا تم اعداد الكتاب ونشر في سنة ۱٩٥٤بعد وفاة ستالين. ولكن هذا الكتاب اقلق القيادة الخروشوفية التحريفية فسحبته من الاسواق واحرقته. واعدت نسخة منقحة منه ونشرت بعد سنتين ونشرت في بريطانيا مترجمة الى اللغة الانجليزية من قبل لورانس اند ويشارت ولكن القيادة الخروشوفية لم تتحمله حتى بعد تنقيحه فسحبته ثانية من الاسواق بكل اللغات ومن جميع البلدان واحرقته. ولم يبق لذلك الكتاب اثر سوى ترجمته الانجليزية التي اعدتها مكتبة الكونغريس الاميركي وطبعتها بالالة الطابعة وباعداد ضئيلة وزعتها على الكواد الاميركية المختصة بالشؤون السوفييتية. وتوجد نسخة من هذه الترجمة في المكتبة البريطانية. وبذلك حرم الادب الماركسي من كتاب دراسي موثوق به للاقتصاد السياسي.
ما استطيع ان انصحكم به هو دراسة الجزء الاول من الراسمال لانه اعظم بحث للاقتصاد السياسي للمرحلة الراسمالية لحد يومنا هذا. ولكن دراسته تتطلب مواضبة وصبرا ودراسة جدية مثابرة تفوق في جديتها الدراسة العلمية في الجامعات. وان استطعتم تحقيق ذلك في مجموعتكم فان ذلك يمكنكم من فهم الاقتصاد السياسي فهما عميقا ودقيقا وتحتاجون بعده الى ايجاد بعض الادبيات التي تبحث قوانين النظام الاشتراكي الاقتصادية كدراسة كراس ستالين الانف الذكر وغيره من ادبيات الحزب البلشفي.
واضافة الى كتاب الراسمال يمكنكم دراسة كتاب لينين "الامبريالية اعلى مراحل الراسمالية" لانه يبحث بطريقة فذة الاقتصاد السياسي لهذه المرحلة ويحدد قوانينها التي تختلف احيانا عن قوانين الاقتصاد السياسي لمرحلة الراسمالية التنافسية التي درسها وشرحها كارل ماركس في كتاب الراسمال.
ولكن الدراسة النظرية للاقتصاد السياسي وحدها غير كافية اذ يجب استكمالها بدراسة المجتمع الذي نعيش فيه وتمييز القضايا الاقتصادية المحيطة بنا مستفيدين من دراستنا النظرية في التطبيق العملي في نضالنا الاقتصادي في مجتمعنا. وبدون ذلك تصبح الدراسة النظرية مجرد نزوة بتي برجوازية شائعة لدى المراتب الثقافية او حب العلم من اجل العلم كما يسمونها. ان الاساس في دراسة الاقتصاد السياسي هو التطبيق العملي للنضال الاقتصادي اليومي تطبيقا علميا صحيحا.
اما ما تطلبونه اضافة الى دراسة الاقتصاد السياسي دراسة الصراع الطبقي فهذا شيء مختلف. لم اسمع ولا اعرف عن طريقة لدراسة الصراع الطبقي. فالصراع الطبقي صراع دائم نمارسه منذ طفولتنا كل يوم وفي كل حياتنا بصورة تلقائية بدون ان نعرفه. فاذا شعرنا في مدارسنا الابتدائية بوجود فرق بين ابناء الاغنياء وابناء الفقراء في ملابسهم وفي استنكاف ابناء الاغنياء من الاتصال بابناء الفقراء لان ملابسهم قديمة وتذمر ابناء الفقراء من ذلك فهذا صراع طبقي. وحين تتذمر الام لان زوجها عجز عن الحصول على ما يكفي لشراء ما يسد رمق اطفالها وتعلن تذمرها من ذلك هو صراع طبقي. واذا خرج الاب على باب الله للحصول على ما يكفي لسد رمق اطفاله ولكن عمله اليومي لم يوفر له ذلك مما يدعوه الى الغضب والتذمر وحتى الى السب او الكفر فهو صراع طبقي. واذا قارنا ولاحظنا الفرق بين قصور الاغنياء واكواخ الفقراء وعجبنا لها وتذمرنا بسببها فهذا صراع طبقي. واذا رغب الراسمالي في خفض اجور عماله رغبة منه في زيادة ارباحه وثرواته فهو صراع طبقي. والامثلة كثيرة ومتعددة يمكن ان يلاحظها الانسان كل يوم في الحياة الجارية. وهو صراع ثنائي الجانب يجري بين نقيضين متلازمين لا ينفصل احدهما عن الثاني ويعتمد تطور اي منهما على تطور النقيض الثاني هما النقيضان المكونان للمجتمع عموما، النقيض الاول هو الطبقات المالكة لوسائل الانتاج وثانيهما هو النقيض الخالي من الملكية الذي يعتمد على عمله الجسماني للحصول على رزقه ورزق اطفاله. ولكن هذا الصراع الطبقي تلقائي وغير منظم. وما نسميه صراعا طبقيا في مجتمعاتنا هو حين يتحول هذا الصراع الطبقي التلقائي الى صراع واع منظم كتشكيل نقابة للعمال تعمل على مقاومة جشع الراسمالي وعلى تحسين حياة عمال المهنة التي تمثلها. او تشكيل منظمة اجتماعية نسائية او منظمة شبيبة او اتحاد طلبة تكون لها برامجها واهدافها ونضالاتها في سبيل تحقيق هذه الاهداف. والشكل الاعلى للصراع الطبقي هو تشكيل الاحزاب الثورية التي لا تهدف الى تحسين حياة المجتمع ورفع مستواه الثقافي والاجتماعي والاقتصادي مع بقاء النظام القائم على الاستغلال وحسب بل تتعدى ذلك الى هدف الاستيلاء على السلطة والقضاء على السلطة القائمة لازالة ظلمها وتحقيق نظام افضل للمجتمع. وبلغت هذه الاحزاب قمتها حين وعت الانسانية الماركسية وتشكلت احزاب تؤمن بالماركسية وتتخذها سلاحا لها في تطوير صراعها الطبقي وتوصلت هذه الاحزاب الى ضرورة القضاء على المجتمع الطبقي وتحويله الى مجتمع لا طبقي خال من استغلال الانسان للانسان.
ان مدرسة الصراع الطبقي هي الحياة. وكل ما يستطيع المناضلون الثوريون عمله هو تحويل الصراع الطبقي التلقائي الى صراع طبقي واع ومنظم وله اهداف واضحة يعملون من اجل تحقيقها.
ارجو قرائي الاعزاء ان اكون بهذا قد اسديت لكم نصيحة مفيدة في مواصلة دراساتكم النظرية للماركسية واشارة عملية الى تطبيقها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تنتخب وأوروبا تكتم أنفاسها.. اليمين المتطرف يحلم بـ-ال


.. من تأسيسه إلى تغيير اسمه.. كيف نشأ حزب التجمع الوطني الفرنسي




.. مقابلة خاصة مع رئيس تنسيقية القوى المدنية الديمقراطية السودا


.. ارتباك في فرنسا مع انطلاق الجولة الثانية للانتخابات.. واليسا




.. شرطة نيويورك تقمع بالضرب متظاهرين داعمين لغزة