الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاهدات رائد مزمن لشارع المتنبي في بغداد المتنبي

عبد الستار نورعلي
شاعر وكاتب وناقد ومترجم

(Abdulsattar Noorali)

2007 / 3 / 17
الادب والفن


نبكي
أم نصرخُ
بأعلى الحرفْ
أم نصمدُ حتى آخر قطرةِ حرفْ ؟

فمياهُ النهرِ الأزرق من أيام هولاكو
تتدفقُ في الشارع زرقاءَ
بلون الحبرِ
وحمراءَ
بلون الدمْ .....

هذا الشارعُ يجمعُ عينيَ
وعينيكَ
وعيونَ القلمِ
ونزيفَ الحرفْ ....

هولاكو
يزحفُ مصعوقاً منْ مكمنهِ
فالمكتبة العامرة هناكَ
تبحرُ في آفاقِ الحرفْ :

صبوا الزيتَ على الحرفْ !
فكوا أغلال الصدرِ المشحونِ
بمحيطِ الأصفرِ واستلوا سيفَ النارِ المحرقةِ
كلَ بيوتِ الحرفْ!
هذا عقلُ القادمِ من قرصِ الشمسِ يسيلُ
شعاعاً وهاجاً
كي يطفئ ظلمةَ هذا الكونِ
ويملأ هذي السفنَ المبحرِةَ
في ألوانِ الطيفْ .

* * * *
هذا الشارعُ جسرٌ
بين الرأس المفتوح على البحرْ
وبين السفنِ العابرة
قاراتِ الحرفْ .
* * * *

الخيلُ المُسرجةُ
في ظلماءِ الأروقةِ السريةِ
ترفعُ أسنانَ سنابكها
لتدوسَ العينينِ وتغلقَ بابَ الأذنينِ .

الظلمة لونُ الريح الصفراءِ
تصدُ القنديلَ العالق
في رأس الرأسْ .
* * * *
ثمة أصواتٌ ترتفعُ
من بين مزامير كهوفِ الغيلانْ
تغرزُ سكينَ القلبِ المغموسِ
بسنان الحقدِ وريح الشيطانْ
تغرزها
في شجرةِ منْ يغفو ملءَ الجفن
عن شاردها
ليتوجَ أهدابَ الحرفِ
ملكاً في بستانِ العشقْ ..

ثمة أصواتٌ سوداءْ
تصطادُ صهيلَ الكلماتْ
بحزامِ من حقدٍ نافثْ ...
* * * *
لو أن حروفَ الكتبِ المشرقةِ تموتُ
لماتَ المتنبي
منذ زمان تتار قرونِ الأحقادِ القاتلةِ
ومغول العصرْ .
* * * *
يومَ ارتفعتْ أقداحُ العقلِ
باناملنا
نخبَ ديوجينوسَ وضوء القنديلْ
كي نخطو خطوتنا الأولى صوبَ حروفِ الأكوانْ ،
ويومَ استفتحنا مائدةَ علي جواد الطاهر ومهدي المخزومي
وداود سلوم وابراهيم السامرائي وأحمد مطلوب
وحسين علي محفوظ وعبد الجبار المطلبي و...و............
كان الشارعُ في استقبال الأقدامِ
والأعينِ وصدورِ الأحلامِ
يفتحُ نوافذهُ والأبوابْ
في وجهِ الشمس الكونيةِ
* * * *
مااسطاع رجالُ هولاكو وجنكيز خان
وسيوفُ الغزو وحرق الكتبِ
وأبناءُ ظلام الغاباتِ
وأولادُ الطرقاتِ
أن توقفَ شارعنا الغالي عن رحلتهِ
في أوقيانوس العالم
وآلام برومثيوس ْ.
* * * *
ذاتِ زمانٍ في لحظةِ احراق الصدرِ
بأنين الحرفْ
أوقدَ ابو حيان التوحيدي النارَ
في رأسهْ
لكن نجومَ أناملهِ بقيتُ
في حالةِ اشراقِ دائم
تبحرُ في ساحاتِ شوارعنا
حتى اليوم ....

ومغولُ الأركان الداجيةِ
لا تقدرُ أن تحرقَ فهرستَ الشمسِ
وعيونَ الحرفْ .

هذا الشارعُ مجبولٌ
منذ الأيامِ الأولى للحرفْ
أن يحملَ دفترهُ تاريخاً وسجلاً
وسطَ النار السريةِ
والتفخيخ العلنيِ وسيفِ المنعْ ،
فهو الضدُ القائمُ
الدائمُ
لتاريخِ الموتْ ....


* شارع المتنبي: يقع في بغداد فرعاً من شارع الرشيد في رأس جسر الشهداء على جانب الرصافة . وهو شارع قديم يقال أن تاريخه يمتد الى أواخر العصر العباسي وقد أكلق عليه هذا الأسم عام 1932 ، كما أطلق عليه المثقفون اسم البيت الثقافي العراقي. الشارع كله مكتبات شهيرة عامرة بصنوف الكتب والمراجع والمخطوطات، مكتبة العربية ، المثنى ، العصرية ، المعارف ، النهضة ، المتنبي ، مكتبة حسين الفلفلي الشهيرة بشراء وبيع الكتب القديمة والنادرة وغير المتوفرة ، فكم كنا نرتادها ونشتري الكتب المفقودة في السوق من صاحبها المرحوم حسين الفلفي، ثم بعده ابنه. وتقع في هذا الشارع الثقافي أيضاً المطابع التي تطبع الكتب والقرطاسية. كما تشتهر فيها مكتبات الرصيف حيث يفترش الباعة الكتب على ارصفته طوال النهار ، وكانت تقام فيه بورصة الكتاب كل جمعة حيث تعرض أشهر لكتب القيمة والمصادر النادرة.
فيه مقهى الشابندر الشهير ملتقى الأدباء والمثقفين والفنانين العراقيين. وتقع بقربه على شارع الرشيد المقاهي التي احتضنت روادها من المثقفين والأدباء وشهدت مناقشاتهم وسجالاتهم وصراعاتهم . وقد مر بهذا الشارع كبار الشعراء والأدباء والمفكرين العراقيين والعرب والغربيين أمثال الجواهري والبياتي والسياب والدكتور زكي مبارك ومحمد الفيتوري والمستشرقين لوي ماسينيون وجاك بيرك وغيرهم . ومن اشهر هذه المقاهي ، البرلمان وحسن عجمي والزهاوي.
لقد تم تفجير هذا الشارع الثقافي الذي يعد احد المعالم الأثرية الحضارية التاريخية العراقية بسيارة مفخخة يوم الاثنين الخامس من آذار 2007. مما أدى الى احتراق المكتبات العريقة التي تحوي أثمن الكتب القيمة والمخطوطات النادرة ، والى مقتل وجرح 68 من اصحابها ومرتاديها بحيث تفحمت جثث الكثير منهم .

الثلاثاء 6 آذار 2007








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما هو سرّ نجاح نوال الزغبي ؟ ??


.. -تعتبر مصدر إلهام للكثير من الأعمال-.. أفلام ينصح بها صانع ا




.. أفلام تستحق المتابعة في صباح العربية


.. ترشيحات أفلام قديمة عليك إعادة مشاهدتها




.. صانع المحتوى أحمد النشيط يرشح أفلام يجب مشاهدتها فورا