الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التباهي بالكهوف

سامي العامري

2007 / 3 / 17
العولمة وتطورات العالم المعاصر


في مقالةٍ لي نشرتْها صحيفةُ الوفاق من لندن عام 1995 ( وانتهزُ هذه الفرصة لأُحَيّي هيئةَ تحرير تلك الصحيفة الجميلة أينما هُم الآن فقد كانوا مثالاً للحرص والوطنية وإيصال الكلمة الهادفة حتى أصبحتْ صحيفتهم في سنواتٍ قليلةٍ ملتقىً لأصواتٍ مختلفة وأقلامٍ مرموقة ) مقالتي تلك قلتُ في سطورها الأولى :
حتى حادي العيس أصبحَ يُسَوّي أمورَهُ الحياتية عِبْرَ الهاتف النَقّال ( الهاندي ) !
والمشكلة هذه في كياني الى اليوم , وأعني بها حادي العيس التكنولوجي !
هي واحدٌ من أَقدم أَمراضي النفسية !
المشكلة هي أنَّ العرب في أغلبهم ما زالوا غير مُقْنِعين وما يُحوّلُ هذه المشكلة الى ملهاةٍ ويمنحَها دراما مُتَفَرِّدة هي أنَّ أُلي أَمرِها يُفاخرون بها فكيف تُداوي مَن يتبخترُ في شوارع العالم بوَرَمٍ خبيثٍ يسكنُ جسمَهُ ؟ لقد حوّلهُ هذا الوَرَمُ لضخامتهِ الى شخصَين !
وهو لا يعي هذه المأساة بل كما قلتُ يتباهى بها .
كتبَ لي أحد الشعراء الذين أُوِدُّهم قبل عشر سنواتٍ عن قصيدة لي كانت موزونةً بدقةٍ ما سَمِعَ بها الفراهيدي !
ولكنَّ طريقة التناول كانتْ حديثة , كتَبَ غاضباً : ( بدو وكومبيوتر ) !
والحقيقة أنَّ عبارة : بدو وكومبيوتر , هي من العبارات التي تصدق على الكثير من تفاصيل واقعنا وهو فصامٌ إنْ عمَّقتْهُ الثورةُ التكنولوجية الحديثة فقد نشرتْ في نفس الوقت كلَّ سوءاتهِ على الحبال , فالإنسان العربي اليوم هو اثنان , واحدٌ يُجاهد لئن يجِدَ له موطيءَ قدم في عالم المعرفة المُتجدّدة دائماً ويكونَ له دورٌ مؤثِّرٌ فيها
وآخرُ وهو صاحب الورم الخبيث الذي يفخر به , يجاهد لئن تكون لهُ الصدارةُ دائماً في عالم السيرك
الأوَّل صريحٌ والثاني مُخاتل
الأوَّل شجاعٌ والثاني نعامةٌ تُوُهِمُها ضخامةُ جناحيها أنها من أكبر النسور
الأوَّل مُتَعَدِّدٌ والثاني مُقْتَصِرٌ على نفسهِ
الأوَّل مُتَحَوِّلٌ والثاني كحمير الطاحونة يدور حول نفسهِ
الأوَّل يُشَيِّد بتواضع والثاني يهدُّ بغرور
الأوَّل فقيرُ الحال غنيُّ الروح والثاني غنيُّ الحال فقيرُ الروح
الأوَّل يعرف الإيمان والثاني يُشَوِّهُهُ
الأوَّل إنسانٌ والثاني لم يصلْ بَعدُ مرحلةَ القرود !
ومِن بين ما دعاني الى كتابة هذه السطور التي يكمن خلفها الأسف والسخرية والمرارة هو ما تطالعنا بهِ بعضُ الفضائيات بوقاحةٍ ونفاجةٍ وبشكلٍ شبه يوميٍّ مِن مَشاهدَ تُقَدِّمُها مخلوقاتٌ على اعتبارها من العرب وهي تتصَنَّعُ الإبتسام مُقَدِّمةً نماذج دعائية لبضائعَ غربية حديثةٍ يوحي إسلوبُ تقديم الشخص لها بأَنَّ البضاعةَ تلك مصنوعةٌ في بلَدهِ حيث أمارات الزهو والفرح على وجههِ او وجهِها .
مَن يقول لهذا الناحل المُتَيَّم : ليتَكَ تُقَدِّم بضاعةً تَوَصَّلَ الى صناعتِها بلدُكَ كالصابونةِ مثلاً .
كان البعضُ يقول من باب الثقة والتحذير أحياناً : إنَّ غداً لناظرهِ قريب . وها نحن اليوم نعيش في ( الغد ) فهل أصحابُ الأورام الخبيثة هذه ما هُم إلاّ بقايا حلمٍ مُزعج على وشك أن يتبدَّد
ام لكلِّ بحرٍ جَزْرُهُ ام ام ام ... ؟
هناك مَن يُريد يائساً التبشيرَ بمنظومةِ أفكارٍ جديدة قد لا نجانبُ الحقيقةَ إذا سمَّيناها منظومة الكهوف !








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -صانع قدور- و-بائع كمون-.. هل تساءلت يوماً عن معاني أسماء لا


.. حزب الله ينسق مع حماس وإسرائيل تتأهب -للحرب-!| #التاسعة




.. السِّنوار -مُحاصَر-؟ | #التاسعة


.. لماذا تحدى الإيرانيون خامنئي؟ | #التاسعة




.. غزة.. ماذا بعد؟ | ما جديد جولة المفاوضات بين حماس وإسرائيل ف