الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زغلول شيعي، و كيرلس سني، هذا ما يحتاجه العراق

أحمد حسنين الحسنية

2007 / 3 / 25
ملف / الكتاب الشهري - في الذكرى الرابعة للغزو/ الاحتلال الأمريكي للعراق وانهيار النظام البعثي الدكتاتوري , العراق إلى أين؟


الفتنة التي وقع فيها العراق، و التي لا ينكرها إلا متعام عن الحقيقة المرة، أصبحت تحتم أن يأخذ مكان القيادة، لكافة الطوائف، قيادات غير عادية، ففي زمن المحن لا مكان للقيادات المتوسطة، فما بالنا بالمنخفضة المواهب و القدرات، و التي لا تملك الرؤية البعيدة، فقدراتها الضعيفة لا تتيح لها إلا النظر لما هو تحت قدميها، و ليس أبعد من ذلك.

مصر مرت بالفتنة من قبل، و تحديدا في مطلع القرن العشرين، نعم لم يصل الأمر للإقتتال، و لكن وصلت الأمور لشفا الهاوية، بفضل السياسة البريطانية التقليدية، فرق تسد، و بفضل وقوع البعض من الطرفين، المسلم و المسيحي، في الفخ البريطاني.

مصر تغلبت على الفتنة، بفضل زعامات غير تقليدية تواجد بعضها في موقع القيادة بالفعل، و البعض أخذ موقعه الذي يستحقة في تلك الظروف الحرجة.

العراق يحتاج اليوم سعد زغلول شيعي، محبوب من الشعب، بفضل شخصيته، و مواهبه، و نظرته للأمور، تلك النظرة التي تجعله يحتفظ بشيعيته، و لكن لا ينسى أبدا أن هناك شركاء في الوطن يجب أن يؤخذوا في الإعتبار بكل التقدير و الإحترام، حتى يعيش الوطن في سلام.

العراق يحتاج سعد زغلول شيعي، يعرف إنه و إن كان بمقدوره أن يحكم دون معونة أي أقليه، لأنه قادر على أن يؤمن لنفسه ولحزبه أغلبية برلمانية مريحة، تكفل له أن يحكم منفردا، و يمرر ما شاء من القوانين و التعديلات الدستورية، إلا أنه أحصف من أن يقع في هذا الخطأ الكبير، لأنه يعرف أن مصلحة الوطن، خاصة عندما يكون هناك متربصين يتصيدون الأخطاء، و يزرعون الفتن، تلزمه بأن يسترضي الجميع، بقدر الإمكان بطبيعة الحال، حتى يحفظ سفينة الوطن من الغرق، و يقطع دابر من يريد أن يحدث بها خرقا لتغرق بأهلها، ليبيع حطامها بعد ذلك.

زغلول الشيعي المطلوب، يجب أن يفعل ما فعله زغلول المصري السني الأزهري، حين شكل حكومته، و لم يتورع عن إختيار وزراء مسيحيين مصريين لشغل وزارات، تصنف في فئة الوزارت السيادية الهامة، ماداموا أكفاء لهذه المناصب، و لم يخف من أقوال المرجفين من ذوي النظرات الطائفية الضيقة، و لم يهب أن يواجه الملك أحمد فؤاد الأول، حين أنبه على هذه الترشيحات، بعد أن طالع قائمة الوزراء، موضحا للملك إنه زعيم الشعب، و إنه الأدرى بمصلحة الشعب.

العراق اليوم يحتاج مثيلا شيعيا مماثلا لزغلول المصري، لا يخاف أن يعين وزراء يحملون أسماء عمر و عثمان و أبو بكر، يمثلون طائفتهم بحق، و ليسوا من صنف الإمعات، في وزارت سيادية هامة، دون أن يكونوا بحاجة لوجود برلماني كثيف، لأن زغلول الشيعي يدرك بأن وأد الفتنة أهم من الإنفراد بالسلطة.

زغلول الشيعي المطلوب، شخص حكيم يعرف مشاعر السنة، الذين يشعرون بأن السلطة خرجت من أيديهم لأول مرة في التاريخ العراقي، على الأقل منذ العصر العثماني، لهذا فإن الجرح لديهم عميق، و خوفهم عظيم، خاصة و إنهم أقلية، و أن أخر زعيم لهم قد إرتكب الكثير من الأخطاء في حق الأغلبية، و بحق الأقليات الأخرى.
زغلول الشيعي يدرك كل هذا، لهذا فإنه سوف يسخر كافة إمكاناته، من مواهب شخصية، إلى شعبية كاسحة في الشارع العراقي، أو على الأقل الشيعي، ليجبر خاطر السنة، و يطمئن نفوسهم المضطربة، و يهدأ من روعهم، و ليخفض من أصوات المتشددين في طائفته.

في المقابل فإن السنة، يحتاجون اليوم زعيم مثل البابا كيرلس الخامس، الذي رأس الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، في فترة من أحلك الفترات في التاريخ المصري الحديث، فقد حدث في فترة ولايته لشئون الكنيسة، هوجة عرابي، و ما أعقبها من إحتلال البريطاني، و ما تبع الإحتلال من محاولات للوقيعة بين عنصري الأمة المصرية، و عاصر زيادة النفوذ الأجنبي في هذا العهد، مثلما عاصر الحرب العالمية الأولى، و ثورة 1919، و إعلان إستقلال مصر في 1922، و الدستور المصري الأول في عصر الإستقلال في 1923.

لكنه بحكمته و وطنيته، قاد سفينته بمنتهى الحنكة، لبر الأمان، فكان ذلك خيرا لطائفته و للشعب المصري ككل.

كيرلس الخامس رفض الحماية الأجنبية التي عرضها قيصر روسيا لمسيحيي مصر، بالمثل كيرلس السني يجب أن يعلن أن السنة في العراق لا يحتاجون حماية خارجية من أحد، أكان ذلك الأحد النظام المصري أو الأردني أو السعودي، و لا التغطية الإعلامية القطرية، خاصة أن كل تلك الأنظمة كانت شريكا أساسيا في الموقف الحالي.
كيرلس العراقي السني، ايضا سوف يرفض و يدين و يتصدى بالتوعية الجريئة، للأصوات المتطرفة في طائفته، و لن يقبل بأن يقع إبناء طائفته في فخ الفتنة الذي نصبته قوى خارجية إحتلالية، و لن يسمح لتلك القوى بالتسيد عبر تفرقة الصف العراقي، و سوف يحض رجال الدين في طائفته أن يذهبوا لمساجد الشيعة ليهتفوا من أجل الحرية، و الإستقلال، و من أجل وطن واحد.

كيرلس العراقي السني، سوف يحض أبناء طائفته على القبول بحقيقة أنهم أقل عددا، و أن عليهم القبول بحكم الحكومة التي تحصل على غالبية الأصوات، لأنه واثق بأن الحكومات - جميعها- سترعى جميع المواطنين على قدم المساواة، و توزع خير الوطن بالقسطاس المستقيم، و لا تهاب التصدي للمتطرفين، و دعاة العنف أيا كانت طائفتهم أو هويتهم السياسية.

كيرلس السني ليس شرطا أن يكون رجل دين، فمن الممكن أن يكون سياسيا، المهم أن يتمتع بنفس الخصائص التي تمتع بها كيرلس الخامس المصري المسيحي، و التي تمتع بها في الهند من قبل زعماء مسلمين من أمثال عبد الغفار خان و أبو الكلام آزاد، من الذين قبلوا بوضع أقلية، مادامت الأغلبية لا تجور عليهم.

فإلى أن يظهر هذا النمط من الزعماء، السياسيين و الروحيين، و يشغلوا المكان المناسب لمواهبهم الفريدة، فإن العراق سوف يظل يتخبط في دمه، لأن من قفزوا على مقاعد القيادة في كل طائفة هم دعاة التشفي و الثأر، و دعاة التكفير و عدم القبول بأقل من السلطة كاملة، سواء أكانوا يستحقونها أم لا.

المهمة ملقاة - في حقيقة الأمر - على عاتق الفرد العراقي العادي، ليكتشف بعينيه الثاقبتين من بين طوابير الساسة و رجال الدين، سعد زغلول شيعي و كيرلس سني، ليساندهم ليصلوا للسلطة، كل على رأس طائفته، و حبذا لو كانوا أكثر من سعد، و أكثر من كيرلس.

أحمد حسنين الحسنية
عضو الهيئة التأسيسية لحزب كل مصر
حزب مصري غير مسجل رسميا في الوقت الراهن للظروف القميعة الحالية في مصر









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. وصلت مروحيتان وتحطمت مروحية الرئيس الإيراني.. لماذا اتخذت مس


.. برقيات تعزية وحزن وحداد.. ردود الفعل الدولية على مصرع الرئيس




.. الرئيس الإيراني : نظام ينعيه كشهيد الخدمة الوطنية و معارضون


.. المدعي العام للمحكمة الجنائية: نعتقد أن محمد ضيف والسنوار وإ




.. إيران.. التعرف على هوية ضحايا المروحية الرئاسية المنكوبة